No Image
روضة الصائم

رفيدة الأسلمية.. أول ممرضة عرفها التاريخ

11 أبريل 2022
ومضات.. لصحابيات جليلات
11 أبريل 2022

نساء فتح التاريخ لهن الأبواب فشيّد بأخلاقهن بنيانا، التزمن بتعاليم الإسلام منذ بداياته.. فتركن أثرا لا يمكن طمسه، ربت المرأة شجعانا.. ودافعت عن الدين.. فبنت أوطانا، وجاهدت بالمال.. وعالجت الأبطال.. وشاركت في النزال، وحفظت مكانتها وتعلمت وتفقهت وكانت منارا للأجيال..

تصاحبنا في كل يوم من أيام شهر رمضان المبارك صحابية من النساء اللاتي عاصرن النبي صلى الله عليه وسلم وشهدن الإسلام في بداياته، وتركن بصمتهن في من حولهن وأسهمن في رفع راية الإسلام..

نتوقف اليوم عند أول ممرضة وجراحة عربية عُرفت منذ صدر الإسلام، وتعد أول ممرضة في التاريخ، وهي رفيدة بنت سعد الأنصارية الأسلمية، تنتسب إلى قبيلة أسلم، ولِدت في المدينة المنورة، وتعلمت من والدها الطب، فقد عُرف بأنه طبيب، وقيل راهبا يعمل في الطب الشعبي، وكانت تساعده في التمريض وتعلمت منه أسرار المهنة وورثتها، وقامت بها من حيث التطبيب والجراحة.

وعُرف عنها مهنتها في التمريض، فكانت تعالج المرضى في السلم والحرب، ويمكن أن تعد مستشفى متكاملا في عصرها في المدينة المنورة، وقد درّبت العديد من النساء على هذه المهنة، وخاصة للاستفادة منها أيام الحروب.

لم تذكر المصادر تاريخ ولادتها أو وفاتها، ولكنها أدركت الإسلام وقد شهدت حياة الجاهلية قبل الهجرة النبوية.

إسلامها

بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، أسلمت رفيدة وبايعت النبي عليه الصلاة والسلام، وكانت من أوائل أهل المدينة دخولا في الإسلام، وقد خدمت الإسلام كثيرا منذ بداياته، وشاركت في الحروب والمعارك.

أثرها

عُرف عن رفيدة بأنها طبيبة وممرضة، وكانت لها سمعة حسنة في مجال الطب، حتى أنها شاركت في الغزوات، وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينصب لها خيمة لمداواة الجرحى، وفي غزوة الخندق أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ سعد بن معاذ إلى خيمتها التي كان يتفقدها النبي ليطمئن على حال الصحابي الجليل، كما شهدت رضي الله عنها غزوة خيبر، وغيرها من الحروب، وتشير المصادر إلى أن خيمة رفيدة هي المستشفى الميداني الأول في عصر الإسلام، حيث لم تعمل لوحدها، وإنما كوّنت فريقا من النساء يعملن معها، وقد درّبتهن لخدمة المجاهدين، ولمداواة الجرحى، ولم يقتصر عملها على التطبيب، بل كانت تخفف عن المسلمين مخاوفهم وترفع معنوياتهم واعتنت بالجانب النفسي الذي يقابل الصحة البدنية في الأهمية، كما كانت تنصحهم حول الطقس وأفضل الأوقات للمواجهة والتعامل مع الأنواء.

وكان اعتمادها على الأعشاب والأدوية التي ورثتها من المهنة، بالإضافة إلى رعايتها للمرضى والسهر على راحتهم ومداواتهم.

سيرتها

اختلفت المصادر حول أول طبيبة وممرضة في التاريخ، وتشير المصادر الغربية إلى أن فلورنس نايتينجيل هي رائدة التمريض الحديث، ولكن المؤكد في المصادر العربية والإسلامية أن رفيدة هي أول طبيبة وممرضة في التاريخ، حيث كانت تمارس التمريض والجراحة في المعارك في عام 620 ميلاديا، أي قبل ألف ومئتي سنة من فلورنس نايتينجيل، وأنها هي المؤسِّسة الحقيقية للتمريض في العالم.

وخصّص النبي محمد صلى الله عليه وسلم حصة من غنائم الحرب لها تقديرا لتمريضها وعملها الطبي الاستثنائي، وكان نصيبها يعادل حصة جندي من المجاهدين المشاركين في القتال.

صفاتها

عُرف عنها كرمها وسخاؤها، وحيث إنها كانت من بيت ثري، نذرت مالها خدمة للإسلام بأن جهزت خيمتها التي أمر الرسول بنصبها في المسجد النبوي الشريف بكل متطلبات التمريض من دواء وأعشاب وأدوات، وكانت تنقل هذا المستشفى أثناء الحروب باستخدام الجمال.

وكانت تساعد الفقراء والمحتاجين، ودرّبت عددا من الصحابيات اللاتي برعن في الطب والتمريض، ومنهن عائشة بنت أبي بكر، وسبعة صحابيات احترفن المهنة.

وأطلق عليها لقب (الفدائية) نظرا لدخولها أرض المعارك لحمل المصابين ونقلهم إلى خيمتها.