روضة الصائم

ذبيان الجابري: بعد مرحلة استعمال الأواني الفخارية للتبريد استخدمنا الثلاجات التي تعمل بالغاز

12 أبريل 2022
ذكريات الشهر الفضيل
12 أبريل 2022

يتم إطلاق أعيرة نارية من البنادق التقليدية بعد رؤية الهلال

عبري: سعد الشندودي

«لقد بدأت صيام شهر رمضان المبارك بفضل من الله وتوفيقه وأنا في مرحلة مبكرة من عمري وحسب ما أذكر أنه كان في فصل الصيف»

بهذه العبارات ابتدأ ذبيان بن صالح الجابري من ولاية عبري حديثه عن أول رمضان صامه حيث حكى لنا كيف كان الأهالي يتحرون رؤية هلال شهر رمضان في السابق والمكان الذي يتجمعون فيه لرؤية الهلال وكيفية قضاء أيام وليالي رمضان المبارك في السابق والأعمال التي يقومون بها خلال الشهر الفضيل والمواقف الصعبة التي مرت عليهم وهم صائمون بالإضافة إلى العديد من الأسئلة التي تدور حول المظاهر الاجتماعية التي كانت موجودة في السابق وأصبحت قليلة في العصر الحالي.

وأضاف الجابري: كانت مدة الصيام طويلة مع ما يتميز به فصل الصيف من ارتفاع في درجة الحرارة، وحقيقة كنا نشعر بشيء من التعب بسبب العطش الشديد وأيضا لم تكن في تلك الفترة وسائل الراحة المتوفرة حاليا من كهرباء وأجهزة تكييف وغيرها ولكن بالرغم من ذلك التعب والمشقة إلا أننا كنا نشعر بمتعة وروحانية صيام الشهر الفضيل وخاصة عندما يحضر موعد الإفطار.

التحري المباشر

ويضيف قائلا: إنه في الزمن الماضي لم تكن الوسائل الحالية المتنوعة المستخدمة في تحري رؤية الهلال متوفرة فكان الناس يتحرون الهلال بالتحري المباشر عن طريق الرؤية البصرية فقط فكان الناس يجتمعون في مكان له مواصفات معينة تساعد على وضوح رؤية الهلال مثلا في مكان مرتفع وكان هذا المكان يتم الرصد منه في كل سنة يأتي فيها شهر رمضان، فحسب ما أذكر أن الحي الذي كنا نسكن فيه كانت توجد تلة يجتمع فيها سكان الحي لتحري هلال شهر رمضان ومتى ما تم مشاهدة الهلال يتم الإعلان عن هذا الحدث المبارك عن طريق إطلاق أعيرة نارية من البنادق التقليدية التي كانت يمتلكها الناس في بيوتهم وذلك تعبيرًا عن فرحتهم بقدوم شهر رمضان المبارك وإخطار الآخرين بدخول شهر رمضان لكي يصبح الناس في اليوم التالي صائمين اليوم الأول من شهر رمضان.

وأوضح الجابري أنه «لم يصادف أننا رأينا هلال شوال وكنا صائمين في يوم العيد ولم يحدث في الحي الذي نسكن فيه، ولكن حسب ما سمعت من آبائنا وكبار السن أنه كان يحدث هذا بين القرى المتقاربة بسبب عدم وجود وسائل التواصل حيث كان يعتمد الأهالي في نقل الأخبار على الأفراد فقط، ويعتمد الناس على رؤية الهلال في قراهم على رؤيتهم الخاصة، ولكن بعد ذلك توفرت بعض الوسائل مثل المذياع الذي كان ينقل خبر رؤية الهلال».

قضاء نهار رمضان

وعن كيفية قضائهم لنهار رمضان في السابق يقول: لقد كنا في السابق نقضي نهار شهر رمضان في إنجاز الأعمال التي تتعلق بالأسرة والتي يطلبها منا آباؤنا بالإضافة إلى أداء الصلوات المفروضة في المسجد وتلاوة القرآن الكريم بعد الانتهاء من أداء الصلاة ومساعدة الأسرة في تجهيز مائدة الطعام قبل الموعد المحدد للإفطار.

وبيَّن أن الوجبة الرئيسية التي كان الناس يحرصون على توفرها للإفطار في السابق كانت تتمثل في التمر والماء واللبن فهذه كانت أصناف رئيسية يحرص الناس على تناولها بعد سماع أذان المغرب ثم بعد الصلاة يعودون لمنازلهم لإكمال الإفطار وكانت من ضمن الوجبات المشهورة والشائعة على مائدة الإفطار الأرز والهريس والشوربة وأما وقت السحور فكانت الوجبة الرئيسة الأرز والتمر والماء.

وأكمل قائلا: إن الأعمال التي كنا نقوم بها في السابق خلال شهر رمضان وبما أننا كنا نعيش في القرية فكانت أغلب الأعمال تتعلق بالزراعة ومساعدة الأسرة في بعض الأعمال المنزلية مع قضاء بعض الوقت في تلاوة القرآن الكريم وأداء الصلوات المفروضة في المسجد مع سكان الحي.

المواقف الصعبة

وعن المواقف الصعبة التي مرت عليهم في شهر رمضان يقول: إن صيام شهر رمضان المبارك في العهود السابقة لا يخلو من مواقف صعبة وذلك بسبب الظروف التي كانت تحيط بالناس في ذلك الوقت من قلة الإمكانيات وعدم توفر وسائل التبريد والكهرباء، ومما أذكره أنه من شدة العطش بسبب طول يوم الصيام وشدة الحرارة أننا نصل في نهاية اليوم إلى تعب شديد فكنا نقوم ببعض الممارسات فمثلا نذهب إلى أحواض المياه التي يطلق عليها باللغة العامية (اللجل) فنبلل أجسامنا وأقدامنا فترة طويلة بالماء محاولة منا في التغلب على شدة العطش حتى يحين موعد الإفطار.

ويضيف قائلا: إن الأطعمة التي كان الناس يأكلونها في شهر رمضان في السابق يحصلون عليها من مزارعهم الخاصة وبعض الأغذية يتم شراؤها من الأسواق كالتمور وبعض الحبوب كالقمح، وتقوم النساء بتجهيز الأطعمة ويشترك الرجال في بعض الأمور متى ما دعت الحاجة لذلك.

استخدام الأواني الفخارية

وأشار إلى أن الناس في السابق كانوا يحصلون على المياه من الآبار والأودية التي كانت تتدفق بالمياه العذبة النظيفة وكانت النساء تذهب إلى مكان محدد في الوادي وتجلب المياه التي يحتاجها أفراد المنزل للشرب والطهي ويتم وضع تلك المياه في أوانٍ فخارية تسمى الجحلة التي تساعد على تبريد الماء وخاصة وقت الصيف فكانت هذه الوسيلة الشائعة لتبريد الماء لدى جميع الناس، وبعد فترة من الزمن تم الاستفادة من بعض الثلاجات التي كانت تعمل بالغاز حيث كانت الكهرباء غير متوفرة بالشكل الكافي.

وعن مدى توفر الساعات لمعرفة أوقات الإفطار والسحور في السابق يقول: إن الساعات كانت متوفرة لدى عدد قليل من الناس وخاصة بعض الأهالي الذين سافروا خارج البلاد لطلب الرزق، ولكن كان الاعتماد الأكثر في معرفة وقت الإفطار على الأذان الذي يرفع في المساجد وملاحظة وقت غروب الشمس، وأما وقت السحور فكان يوجد في بعض الأماكن شخص ينبه الناس لموعد السحور والذي يطلق عليه المسحراتي وكان يطوف الطرقات ليخبر الناس بوقت السحور.

التواصل الاجتماعي

وتوجد خلال شهر رمضان المبارك مظاهر اجتماعية وترابط بين الناس وتواصلهم المستمر شبه اليومي وخاصة بعد الإفطار لتناول القهوة في بيوت الجيران، وفي الوقت الحالي أصبحت اللقاءات بين أفراد الحي الواحد قليلة جدًا وقد تكون أسبوعية وهذا قد يعزى لظروف الناس في كل مرحلة فقد يكون الناس في الفترة الماضية لديهم وقت فراغ كبير يساعدهم على التجمع وزيارة الأهل والأقارب، وأيضا كانت هناك مظاهر اجتماعية أخرى قد تكون قليلة في الوقت الحالي عما كانت عليه سابقا كتجمع سكان الحي لتحري رؤية هلال شهر رمضان المبارك وأصبح حاليا الاعتماد كثيرا على الوسائل الإعلامية في تحري رؤية هلال رمضان المبارك.

ويكمل قائلًا: لقد كانت النساء في السابق يقمن بعملية تجهيز ملابس العيد للرجال والأطفال وخياطتها لاستخدامها يوم العيد ولكن بعد ذلك أصبح الاعتماد على شراء الملابس من الأسواق وخاصة بعد انتشار ما يسمى بالخياطين الذين يحيكون الملابس لمن يرغب.

ويختتم الجابري حديثه بقوله: إن مظاهر العيد في السابق كانت كثيرة ومن أهمها كان الناس يستعدون لأول أيام العيد بوقت كاف من تجهيز الملابس والأطعمة والذبائح والمشاكيك والخصفة التي يضعون فيها لحم الشواء وبعد قدوم العيد في أول أيامه وفي الصباح بالتحديد يتزاور الناس للتهنئة ويقوم الكبار بتقديم العيدية للأطفال وكذلك الحلوى ثم يذهبون بعد ذلك لأداء صلاة العيد وبعد الصلاة يقام سوق لبيع بعض الألعاب والأشياء التي يحبها الأطفال مع قيام بعض الأفراد بالأهازيج فرحا بمقدم العيد السعيد.