روضة الصائم

إبراهيم البوسعيدي: البركة تعم حافظ القرآن الكريم ما دام متصلا بمحفوظه الشريف

27 أبريل 2022
حوار مع أهل القرآن
27 أبريل 2022

كان أبي حريصا على أن أحفظ بإتقان ولا يسمح لي بالخطأ -

بدأت الحفظ في الصف الثالث وأتممته كاملا في الصف العاشر -

حفظة القرآن هم أهل الله وخاصته، اختارهم الله من بين الخلق لكي تكون صدورهم أوعية لكلامه العزيز، بفضله وتوفيقه، فتلك بركة أسبغها الله على حيواتهم، نالوها ثمرة لجهدهم في تدارس القرآن وحفظه، فبذلوا أوقاتهم رغبة منهم في حصولهم على هذا الوسام الرباني، فنالوا ما كانوا يرجون، كيف بدأت رحلتهم في الطريق المبين؟ ومَن أعانهم على سلوكه؟ وما العقبات التي ذللها الله لهم لاجتيازهم هذا الدرب؟ وقصص الشغف التي رافقتهم في هذا الطريق القويم؟ وما آمالهم وطموحاتهم المستقبلية التي يطمحون إلى تحقيقها، كل ذلك وغيره نستعرضه في هذا الحوار مع الحافظ لكتاب الله «إبراهيم بن عيسى البوسعيدي».

بدأت رحلة إبراهيم البوسعيدي مع حفظ كتاب الله منذ نعومة أظفاره، في الصف الثالث ابتدائي عندما كان عمره 9 سنوات وذلك على يد والده في قرية الأخضر بنيابة سمد الشأن، حيث كان والده حريصا على حفظ ابنه للقرآن الكريم، وكان يعلمه من خلال التلقين آية آية، ومن بعدها يراجع له الآيات التي لقنه إياها مترابطة، وقد استمر معه على هذا الحال إلى أن ألحقه بمدرسة لحفظ القران الكريم، وكذلك عند مجموعة من الحفظة والموجهين إلى أن أتمَّ حفظ كتاب الله كاملا في الصف العاشر، وقد كان والداه يرغبان ويحببان له حفظ القرآن الكريم، كما أنهما يعظمان القرآن الكريم وحفظته في نفس إبراهيم، لكي يزداد رغبة وتحفيزا في إتمام الحفظ.

ما هي الصعوبات والتحديات التي واجهتك في مسيرة حفظك للكتاب العزيز؟

حفظ القرآن الكريم ليس صعبا فالذي يريد حفظه عليه أن يتعامل به أو أن يذكر الله به، لا يمكن أن تنسب الصعوبة إلى القرآن الكريم، لكن يبقى أن الإنسان ضعيف بطبعه، ولكن التحدي هو أنه كيف يرفع الإنسان نفسه ليصل إلى هذه المنزلة، فأنا في طفولتي كنت أحب اللعب مثل بقية الأطفال، وكان وقت حفظ القرآن الكريم يأخذ وقت العصر الذي هو وقت اللعب، وكان هذا الأمر يمثل صراعا مع نفسي، واستمررت على هذا الأمر لمدة 3 سنوات، ولكن كان والداي وأساتذتي يحفزونني من خلال قولهم أن هذا الأمر الذي تراه محزنا الآن سيكون عند إتمامه مفرحا، وهذا فعلا ما وجدته فعلا.

من خلال تجربتك الذاتية، كيف تجسدت البركة التي يتركها القرآن في حياة من يحفظه؟

البركة تعم حافظ القرآن ما دام متصلا بمحفوظه الشريف وهو كتاب الله تعالى، والبركة تتجسد على صورة توفيق، بحيث يوفق الله تعالى الحافظ لما يصلح حاله، ويكسبه كل أمر يحقق له النفع، ويجنبه كل أمر يلحق به الضرر، وهذا أمر مشهود، فالحافظ أحيانا قد يريد شيئا إلا أن الله تعالى يصرفه عن هذا الشيء لأن فيه ضررا له.

وأوضح البوسعيدي أن القرآن الكريم يجعل أصحابه متفوقين، وذلك ظاهر جلي أن حفظة القرآن وخاصة الذين حفظوه منذ الصغر، فإنه يجعلهم متفوقين في جميع مراحلهم الدراسية، لما له من تأثير في إكسابهم مزيدا من الفهم والإدراك والحفظ.

هل تغيير القناعات حول قدرات الراغبين في حفظ كتاب الله من الممكن أن تجعل عملية الحفظ أسرع؟

الله تعالى يقول: «وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ» فالقرآن يسير على من يسره الله تعالى عليه، فالذي يريد أن يتعرض لبركة القرآن عليه أن يتسبب، وأن يبدي لربه صدق نيته، وحقيقة رغبته والله تعالى لم يعدمه الخير، وسيجد هذا الأمر في إبان حفظه فكلما حفظ أكثر ازداد حفظه وقويت ذاكرته، واستطاع التقدم في حفظه، فالسر هو في إدمان الحفظ، قد يكون بعض الطلاب أسرع في الحفظ من الآخرين، إلا أن كل طالب يستطيع أن يحفظ وسيتطور بمجرد حفظه والتزامه بالحفظ، وإن كان يحفظ كل يوم شيئا قليلا.

** يعاني البعض من سرعة نسيانه لما حفظه من القرآن الكريم، ما هي الطرق الحديثة التي طبقتموها والتي تعين على رسوخ الحفظ وعدم النسيان؟

النسيان يعرض على الإنسان مهما كان، إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المقلة إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت» فكثرة النسيان علاجه أمران، الأمر الأول أن يكون الحفظ الأول حفظا متقنا فلا يبني الحافظ حفظه على أساس غير متين، بل عليه أن يمتن الإنسان وعليه أن يتعهده بكثرة المراجعة، وبذلك لن ينسى كثيرا. وإطالة الجلسات في المراجعة يجعل النسيان أبعد عن الذهن.

ما أجمل قصة حصلت لك أثناء مسيرتك مع حفظ كتاب الله؟ احكها لنا؟

من أبرز القصص أن الوالد الكريم كان حريصا على أن أحفظ بإتقان، وكنت مؤمنا بهذا الأمر، ولكن عندما كبرت قليلا وذهبت إلى مدرسة لتعليم القرآن كان الأستاذ يسمح لنا بأن نخطئ، فسألته متعجبا، لماذا تسمح لنا أن نخطئ والأصل أن لا تسمح لنا بذلك، فكان هذا الأمر من حرص الوالد لإتقاننا في الحفظ.

ما الآية التي تتردد في ذهنك دائما؟ تجد نفسك تتلفظ بها دون أن تشعر؟

الآية التي تتردد في ذهني دائما هي قوله تعالى: «وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ»

أمام هذا الكم الهائل من الملهيات ووسائل الترفيه واللعب.. ما هي الطرق والأساليب الحديثة التي تتبعونها في ربط الناشئة بالقرآن الكريم؟

الناشئة يقتدون بآبائهم فأول حل هو أن يكون الأب مهتما بحفظ القرآن الكريم ومشغولا بتلاوته، وعليه أن يعظم القرآن الكريم في نفوس أبنائه، ثم كذلك عليه أن يوازن بين التحفيظ واللعب، فلا يحرم ابنه من اللعب، وكذلك لا يتيح له المجال دون أي قيد، وذلك أن الابن يشاهد زملاءه في المجتمع يلعبون ونحو ذلك، ويحب أن يكون مثلهم، ومن الصعوبة بمكان أن يعيش الابن منعزلا، ولكنه في المقابل، لا يترك الأمر بدون ضوابط، وتوازن، فعلى الوالد أن يحدد أوقاتا للحفظ ويجعله هو الأساس فإن تحقق الحفظ حصل الطالب على مبتغاه، والعكس، وعليه أن ينبهه على أن كثرة الحفظ هو النافع، لكي لا ينشأ الطلاب على حب الحفظ وأن اللعب دون ذلك.

لا بأس أن يتاح للطالب بعض من التقنيات الحديثة ولكن وفق ضوابط، وأن يكون الأمر متزنا بأن يعطى هذا الأمر مقابل حفظه لقدر معين من المقرر اليومي، وينبغي أن يوازن ولي الأمر أو المرشد بين جانب الترفيه والتسلية وبين الحفظ والدراسة، وذلك حتى لا ينفر الطفل.

ما هي المسابقات القرآنية التي شاركت فيها؟ وهل تجد هذه المسابقات حافزا للحفظ ولتجويد الحفظ؟

نعم المسابقات كانت حافزا للحفظ والمراجعة، فقد كنت أشترك في المسابقات قبل إتمام الحفظ، وكذلك اشتركت في مسابقات بعد إتمامي الحفظ، فقد اشتركت في مسابقات على الصعيد المحلي على مستوى وزارة التربية والتعاليم وعلى مستوى السلطنة، وشاركت أيضا في المسابقات الدولية.

كيف يستعد الحفاظ للمشاركة في المسابقات الدولية لحفظ القرآن الكريم؟ وما القراءات التي تجيدها؟

الاستعداد للمسابقات الدولية لا تختلف كثيرا عن الاستعداد للمسابقات المحلية، فالطالب يجب أن يضع في ذهنه أنه يراجع حفظه كل يوم مهما تقلبت الظروف في الحياة، فهو يكون مستعدا للمشاركة في كل المحافل أما بالنسبة للقراءات القرآنية فأنا أجيد قراءة واحدة وهي قراءة الإمام عاصم براوييه حفص وشعبة.

ما هي المشاريع المستقبلية التي تطمحون إلى تحقيقها والتي تخص كتاب الله؟

ما يهمني كثيرا هو نشر تعليم القرآن، وأن أؤسس مدارس في كافة ربوع السلطنة لربط الناشئة بالقرآن، لجعلهم يرتوون من معين هذا الكتاب العزيز، وأن تتقوى نفوسهم به، وأن يستمسكوا به في خضم هذه الحياة.