565656
565656
روضة الصائم

أيمن العبري: رأيت الرسول في المنام وقال لي: «أثبت يا أيمن فإنك على الحق المبين»

09 أبريل 2022
09 أبريل 2022

حفظة القرآن هم أهل الله وخاصته، اختارهم الله من بين الخلق لكي تكون صدورهم أوعية لكلامه العزيز، بفضله وتوفيقه، فتلك بركة أسبغها الله على حيواتهم، نالوها ثمرة لجهدهم في تدارس القرآن وحفظه، فبذلوا أوقاتهم رغبة منهم في حصولهم على هذا الوسام الرباني، فنالوا ما كانوا يرجون، فكيف بدأت رحلتهم في الطريق المبين؟ ومَن أعانهم على سلوكه؟ وما العقبات التي ذلّلها الله لهم لاجتياز هذا الدرب؟ وما قصص الشغف التي رافقتهم في هذا الطريق القويم؟ وما آمالهم وطموحاتهم المستقبلية، كل ذلك وغيره نستعرضه في هذا الحوار مع الحافظ لكتاب الله «أيمن بن غانم العبري».

* * متى بدأت رحلتك مع حفظ كتاب الله؟ وهل شجعتك العائلة على ذلك أم أنه كانت هنالك رغبة شخصية لديك؟ حدّثنا عن قصة حفظك بالتفصيل؟

* بدأت رحلتي مع كتاب الله تعالى بعد المرحلة الثانوية وقبل العمل كإمام مسجد، والمكان الذي أحفظ فيه هو المسجد، فقد كنت أقرأ قراءة نظرية للمصحف الكريم في كل يوم من 3 إلى 4 أجزاء ثم بعد ذلك بفضل الله تعالى بدأت بحفظ الكتاب العزيز، ولكن هذا الحفظ كان متقطعا بمعنى أنني كنت أحفظ من مواضع مختلفة من المصحف، من أوله ومنتصفه ومن آخر المصحف، ولكن بعد ذلك التحقت بدورة أبي فيصل البيماني لحفظ كتاب الله العزيز في سنة 2009م، وبفضل الله تعالى كنت أول من أنهى حفظ الكتاب العزيز من جميع المشاركين في الدورة.

وكانت العائلة تشجعني كثيرا على الحفظ، وكان الفضل الأول والأخير لأمي -رحمها الله- فقد كانت تشجعني كثيرا على حفظ كتاب الله، وتساندني بدعائها.

** هل شغلك حفظ القرآن الكريم عن التحصيل الدراسي أو مزاولة أعمالك والتزاماتك؟ وكيف ذلك؟

* القرآن الكريم بركة على الإنسان في حياته، وإذا زاحم القرآن الكريم مزاحم، نجد أن البركة نزلت على ذلك المزاحم سواء كان دراسة أو عملا، وفي حقيقة الأمر القرآن لم يشغلني عن التحصيل العلمي أو مزاولة أعمالي الخاصة، فقد قمت بتنظيم وقتي، وقد خصصت أوقاتا للحفظ وهي قبل الفجر وبعده، ثم أجعلُ أوقاتا أخرى للمراجعة.

** ما هي الصعوبات والتحديات التي واجهتك في مسيرة حفظك للكتاب العزيز؟

* توجد تحديات كثيرة، ولكن بفضل الله تعالى تغلبت عليها، ومنها أن البيئة المحيطة بي لا يوجد بها حفظة لكتاب الله العزيز، كما أن هنالك أشخاصا يحاولون تثبيط عزيمتك في الحفظ، فيقولون لك إن في ذلك صعوبة، وإنه يحتاج إلى وقت كبير للمراجعة والتعهد، وإن من نسي القرآن حشر أجذم، فكنت أسمع هذه الرسائل السلبية التي تحاول أن تثنيك عن الحفظ، ولكن بفضل الله استطعت تجاوز تلك التحديات وحفظ كتاب الله كاملا.

** من خلال تجربتك الذاتية، كيف تجسدت البركة التي يتركها القرآن في حياة مَن يحفظه؟

* البركة التي تركها القرآن الكريم في حياتي هي بركة كبيرة، فأذكر أني بعدما أتممت حفظ كتاب الله، حلّت البركة عليّ، فقد تحسنت حالتي المادية، وزادت علاقتي مع أهلي، وزاد احترام الناس لي، وأصبحت مقدرا في المجتمع، فالله تعالى يقول في كتابه العزيز: «كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُواْ ءَايَاتِهِا وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ الْأَلْبَابِ».

** هل تغيير القناعات حول قدرات الراغبين في حفظ كتاب الله من الممكن أن تجعل عملية الحفظ أسرع؟

* تغيير القناعات حول قدرة الراغبين في حفظ القرآن الكريم تيسّر لهم موضوع الحفظ، فالله تعالى يقول: «وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ» فمن تفاسير هذه الآية أن القرآن ميسر للحفظ، والإنسان إذا ما بدأ في هذا المشروع القرآني وكان صادقا مع الله تعالى فسيوفقه الله لإتمام حفظ كتابه.

** يعاني البعض من سرعة نسيان ما حفظه من القرآن الكريم، ما هي الطرق الحديثة التي طبقتموها والتي تعين على رسوخ الحفظ وعدم النسيان؟

* يجب أن يجعل الحافظ لنفسه وردا يوميا للمراجعة، وأن يتخذ له معينا سواءً كان من أصدقائه أو من أهله حتى يراجعوا له يوميا، فأنا أراجع مع أحد الأصدقاء وقد أتممنا مراجعة 15 ختمة، وفي رمضان نراجع ختمتين، في كل يوم جزأين، إضافة إلى مراجعتي الخاصة، ومن الطرق أن يقرأ الإنسان المحفوظ في الصلاة، فيقرؤه في الفرائض إن كان إماما، أو في السنن والنوافل، يبدأ من أول المصحف إلى آخره، ومن طرق التثبيت أيضا هي كتابة المحفوظ، كما يقال: «قيدوا العلم بالكتابة»، فكتابة المحفوظ تزيد رسوخه في الذاكرة.

وأنا كثيرا ما أراجع المصحف سواء كان ذلك في سيارتي أو في البيت أو المسجد أو حتى في أوقات الرياضة، ففي أغلب أوقاتي أراجع الكتاب العزيز.

** ما أجمل قصة حصلت لك أثناء مسيرتك مع حفظ كتاب الله؟ احكِها لنا؟

* من أجمل القصص التي حصلت لي بعد حفظ كتاب الله تعالى، أنني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلـم في المنام وقال لي: «أثبت يا أيمن فإنك على الحق المبين»، وكانت رؤيا عظيمة، وبشرى من النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام، وأن في ذلك خيرا لي ولأهلي.

وعندما أنهيت الحفظ كنت في المسجد وكانت الساعة الثامنة صباحا وكانت الدموع تنهمر من عيني، وذهبت لأبشر زوجتي، واتصلت بأمي وبشرتها بإتمام الحفظ فغمرت السعادة والفرحة عائلتنا.

** ما الطرق والأساليب التي تتبعونها في ربط الناشئة بالقرآن الكريم؟

* الطريقة التي أتّبعها يوميا، هو عمل حلقة قرآنية بعد صلاة الظهر، فنقرأ أنا والأولاد نصف جزء يوميا، وقد أنهينا حتى الآن 5 ختمات، وهذا يعين الناشئة على التمسك بكتاب الله العزيز، وذلك من خلال مشاركتهم في تلاوته وحفظه، كما أننا نقوم بتعزيز الأطفال في الجانب المادي كإعطائهم جائزة بعد حفظهم لبعض السور، فهذه الطرق تعين على ربط الناشئة بالقرآن الكريم.

** ما هي المسابقات القرآنية التي شاركت فيها؟ وهل تجد أن هذه المسابقات حافز للحفظ ولتجويد الحفظ؟

* شاركت في مسابقة السلطان قابوس لحفظ كتاب الله، لعدة سنوات وقد حصلت على مجموعة من المراكز، منها المركز الثاني على مستوى سلطنة عمان في حفظ 24 جزءا، وشاركت في مسابقة خريف صلالة لحفظ القرآن الكريم وحصلت على المركز الثالث، وكذلك شاركت في مسابقات داخلية في صحار وبهلا وحصلت على المركز الأول.

وقد مثلت سلطنة عمان خارجيا في مسابقة ماليزيا العالمية لحفظ القرآن الكريم، وكذلك مثلت سلطنة عمان في مسابقة الملك محمد السادس في المغرب لحفظ الكتاب العزيز، وكان من الممكن أن أشارك في مسابقة قرآنية عالمية في جمهورية روسيا، ولكن بسبب ظروف جائحة كورونا اعتذرت عن المشاركة.

وهذه المسابقات تجعل الحافظ يقوم بتركيز الحفظ وإتقانه وتعلم العلوم القرآنية الأخرى كالتجويد.

** كيف يستعد الحفاظ للمشاركة في المسابقات الدولية لحفظ القرآن الكريم؟

* المشاركة في المسابقات الدولية تحتاج إلى استعداد خاص، فإذا كان الحافظ في غير المسابقة يراجع 3 أجزاء يوميا، فعليه أن يراجع 6 أجزاء أو 8 أجزاء يوميا، لأنه سوف يتسابق مع متسابقين على مستوى دولي، وهذا يحتاج إلى جهد مضاعف وإلى استعداد خاص.

** ما هي المشروعات المستقبلية التي تطمحون إلى تحقيقها والتي تخص كتاب الله؟

* نطمح إلى إقامة مركز في الولاية لتعليم القرآن الكريم تجويدا وحفظا وتلاوة، وهذا المركز يتضمن تعليم القراءات العشر، وهي قراءات متواترة عن الرسول صلى الله عليه وسلـم، ونحن نقرأ برواية حفص عن عاصم، ونأمل تعليم هذه القراءات العشر كاملة، والله تعالى الموفق.