No Image
روضة الصائم

أنهيت حفظ القرآن كاملا في الصف الحادي عشر

13 أبريل 2022
محمد الحراصي: صعوبات البدايات كانت تتمثل في حفظ الجديد أو الاعتناء بالمحفوظ السابق
13 أبريل 2022

القرآن يكسبك ملكة في الحفظ والفهم ويعينك على التحصيل الدراسي

حفظة القرآن هم أهل الله وخاصته، اختارهم الله من بين الخلق لكي تكون صدورهم أوعية لكلامه العزيز، بفضله وتوفيقه، فتلك بركة أسبغها الله على حيواتهم، نالوها ثمرة لجهدهم في تدارس القرآن وحفظه، فبذلوا أوقاتهم رغبة منهم في الحصول على هذا الوسام الرباني، فنالوا ما كانوا يرجون، فكيف بدأت رحلتهم في الطريق المبين؟ ومَن أعانهم على سلوكه؟ وما العقبات التي ذلّلها الله لهم لاجتياز هذا الدرب؟ وما قصص الشغف التي رافقتهم في هذا الطريق القويم؟ وما آمالهم وطموحاتهم المستقبلية؟ كل ذلك وغيره نستعرضه في هذا الحوار مع الحافظ لكتاب الله «محمد بن حارث الحراصي»

متى بدأت رحلتك في حفظ كتاب الله؟ وهل شجعتك العائلة على ذلك أم أن هناك رغبة شخصية لديك؟ حدثنا عن قصة حفظك بالتفصيل؟

بدأت رحلتي في حفظ كتاب الله منذ الطفولة، فقد كان أبي رحمه الله يحفظنا قصار الصور من خلال التلقين، وبعد ذلك التحقنا بمدرسة الاستقامة لحفظ القرآن الكريم في مدينة الخوض، فقد كنا نذهب إلى المدرسة النظامية صباحا، ونعود في الساعة الواحدة ظهرا، وفي الساعة 3 ونصف عصرا نذهب بالحافلة إلى مدرسة تحفيظ القرآن حتى المغرب، وفي هذه المدرسة حفظت 6 أجزاء منذ الصف الأول إلى الصف السادس الابتدائي، بمعدل جزء في السنة، وكان الحفظ على مهل من خلال التلقين.

وبعد الصف السادس انتقلنا إلى ولاية بركاء، وتولدت رغبة ذاتية لحفظ القرآن الكريم، فبدأت بحفظ القرآن الكريم بنفسي، واشتركت في مسابقة المدارس في حفظ القرآن الكريم حيث كان مقررا حفظ سورتي الإسراء والكهف، وسور متفرقة مثل سورة مريم وسورة طه، وسورة البقرة.

وفي تلك الفترة لم تكن عندي خطة لحفظ القرآن كاملا، ولكن عندما وجدت نفسي حافظا لعشرة أجزاء، وهي ثلث المصحف، فانبلجت في ذهني فكرة حفظ القرآن الكريم كاملا، فقلت في نفسي بما أنني حفظت الثلث فما المانع من حفظه كاملا.

وبدأت في وضع خطة لحفظ القرآن الكريم كاملا وكنت حينها في الصف التاسع في المرحلة الإعدادية، وقد أنهيت حفظ القرآن كاملا في الصف الحادي عشر، وهذا الأمر استغرق سنتين تقريبا، فقد كنت أحفظ جزءا في كل شهر، وكان وقت الحفظ هو بعد صلاة العصر لمدة ساعة، وبعد صلاة الفجر حتى الشروق، وهو وقت الحفظ ووقت المراجعة.

هل شغلك حفظ القرآن الكريم عن التحصيل الدراسي أو مزاولة أعمالك والتزاماتك؟ وكيف ذلك؟

القرآن لم يشغلني عن التحصيل الدراسي بالعكس، فقد كنت من المتفوقين في المدرسة، وهذا التفوق نابع من فضل الله عليَّ أولا، وكذلك بفضل اعتنائي بالقرآن الكريم حفظا ومدارسة، فالقرآن الكريم يجعل الشخص الذي يعتني به متوقد الذكاء، وكل العلوم تفتح له.

ما هي الصعوبات والتحديات التي واجهتك في مسيرة حفظك للكتاب العزيز؟

من الصعوبات التي واجهتها هي الموافقة بين الحفظ والمراجعة، هل أحفظ الجديد أو أعتني بالمحفوظ السابق، ولكن في النهاية اهتديت إلى أن أضع وقتا للحفظ ووقتا للمراجعة، فالاستعجال في الحفظ دون المراجعة، تجد أن المحفوظ السابق الذي حفظته من فترة بدأ يغيب عن الذاكرة، فكنت أراجع كل يوم ربع جزء من المحفوظ، كما كنت أحفظ حفظا جديدا يوميا.

من خلال تجربتك الذاتية، كيف تجسدت البركة التي يتركها القرآن في حياة من يحفظه؟

والقرآن الكريم ببركته يوسع موهبة الحفظ والفهم، فكنت معظم السنوات كنت الأول على الفصل، فالقرآن يكسبك ملكة في الحفظ والفهم.

هل تغيير القناعات حول قدرات الراغبين في حفظ كتاب الله من الممكن أن تجعل عملية الحفظ أسرع؟

أكيد بلا شك، فالكثير من الناس يعتقد أن حفظ القرآن صعب، فلا بد أن يقتنع المقبل على حفظ كتاب الله أنه يسير، فأنا في البداية كنت أرى حفظ الجزء شيء كبير، إلى أن وصلت إلى الصف الثامن، فكنت أقلب المصحف، وأقول في نفسي أن الجزء هو مجرد 20 صفحة، فقلت في نفسي أن هذه الصفحة لا تحتاج إلى نصف ساعة يوما حتى تحفظها، ففي عشرين يوما يتم حفظ الجزء، ثم في العشرة أيام المتبقية من الشهر يراجع فيها الجزء كامل، فكل ما حفظت أكثر من كتاب الله يزداد تعلقك به حفظا ومراجعة وقراءة.

يعاني البعض من سرعة نسيانه لما حفظه من القرآن الكريم، ما هي الطرق الحديثة التي طبقتموها والتي تعين على رسوخ الحفظ وعدم النسيان؟

التكرار هو علاج النسيان، فبعد حفظ مقرر الحفظ عليه أن يكرره كثيرا، وإذا استطاع أن يكرره 50 مرة فذلك خير، فكلما كان الجهد أكبر أثناء الحفظ كلما كان رسوخ الحفظ في الذاكرة أقوى، أما الذي يحفظ بسرعة ولا يكرر، كان حفظه إلى النسيان أقرب، فالحفظ السريع يتم حفظه في الذاكرة قصيرة المدى، وهي الذاكرة المؤقتة، فربما يظن الحافظ أنه قد حفظ بعد تكراره لـ 5 مرات، وبعدها ينتقل إلى حفظ آخر، فعندما يأتي في يوم آخر يجد أنه قد نسي ما حفظه، فالتكرار هو سر الحفظ المتين، فحفظ الإنسان صفحة في ساعة وكررها 50 مرة لا يمكن أن نقارن حفظه بشخص آخر بذل عشر دقائق في حفظ الصفحة.

ما الآية التي تتردد في ذهنك دائما؟ تجد نفسك تتلفظ بها دون أن تشعر؟

سورة الشرح هي من السور المحببة إلى قلبي، وتتردد بعض الآيات في الذاكرة حسب ظروف الإنسان، فالحافظ كثير القراءة للقرآن وبذلك تجده متجسدا في حياته، فإذا مر بحالات يأس يأتي بآيات الرحمة، وإذا مر بضيق تتردد في ذهنه آيات التفريج، فتوارد الآيات في الذهن حسب الحالات التي يمر بها.

أمام هذا الكم الهائل من الملهيات ووسائل الترفيه واللعب.. ما هي الطرق والأساليب التي ترونها تساعد في ربط الناشئة بالقرآن الكريم؟

أرى أن الناشئة يتبعون آباءهم ويقومون بتقليدهم، فإذا كان الأولاد يرون أباهم مشغولا بالهاتف يشتغلون بالهاتف، وإذا كانوا يرونه دائما ممسكا بالكتاب أو بكتاب الله تبارك وتعالى يقرأ منه، ويحثهم عليه فسوف يقومون بتقليده.

كما ينبغي تحفيز الأطفال بالهدايا والجوائز، بعد أن تغرس فيها أن الحفظ هو لذات القرآن وليس لأجل الجائزة فقط، فالجائزة هي وسيلة وليست الهدف.

ما هي المسابقات القرآنية التي شاركت فيها؟ وهل تجد أن هذه المسابقات حافز للحفظ ولتجويد الحفظ؟

الحمد لله اشتركت في الكثير من المسابقات ابتداء من مسابقات المدرسة التي كانت حول مقررات الإسراء والكهف، وسورة البقرة ـ كما ذكرت سابقا ـ وكانت معينة فبعض مقررات الحفظ لم أكن قد بدأت بها، ولكن عندما أسمع عن مسابقة أشترك فيها لأجل أن أبدأ في الحفظ الجديد المقرر في المسابقة، فكانت معينة لي في حفظ السور الجديدة.

وكانت هناك مسابقات تقام في الاعتكاف، فقد اعتدت الاعتكاف منذ المرحلة الإعدادية، وكان الأساتذة في المعتكف يهتمون بالناشئة المعتكفين، فيعملون مسابقات سريعة في العشر الأواخر من رمضان، فيكون الإعلان عنها قبل التسميع بأربعة أيام، ويكون المقرر ما يقارب الجزء، فهي مسابقات الحفظ السريع.

ومن ضمن المسابقات التي شاركت فيها هي المسابقات المقامة في دول مجلس التعاون وهي مسابقات شبابية في القرآن والسنة، وكنت أمثل سلطنة عمان فيها أثناء المرحلة الثانوية.

ومن أهم المسابقات التي شاركت فيها هي مسابقة السلطان قابوس لحفظ القرآن الكريم فقد اشتركت فيها منذ الصغر، في مستوى الجزأين عم،و تبارك، ثم بمستوى 3 أجزاء، وبعدها في مستوى 5 أجزاء، وقد حصلت فيها ولله الحمد على مراكز متقدمة، وبعدها شاركت في مستوى 6 أجزاء وحصلت على المركز الثالث، وشاركت في مستوى 12 جزءا، وحصلت على المركز الثاني، وكذلك المركز الثاني في 18 جزءا، وفي مستوى 24 جزءا حصدت المركز الأول على مستوى سلطنة عمان ومنها رشحت لمسابقات دولية، مثل مسابقة الملك عبدالعزيز في مكة المكرمة، وشاركت في جائزة دبي الدولية وفي جائزة تونس.

والمسابقات بلا شك تعين الحافظ على تثبيت حفظه وتشجعه، فيكون عنده هدف وموعد لفكرة أنه سيكون ملتزما بالخطة، وضابطا لحفظه.