455455555
455455555
رأي عُمان

مسارات آمنة نحو المستقبل

05 ديسمبر 2021
05 ديسمبر 2021

على مدى خمسة عقود مضت اكتسبت العلاقات السياسية بين سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية ثقة كبيرة ومتبادلة بين البلدين الشقيقين، عززها الفهم العميق من كل دولة لجوهر سياسة الدولة الأخرى، ودفع بها نحو الأمام الاحترام المتبادل بين الدولتين العريقتين في المنطقة والالتزام الدائم بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخر واحترام توجهاته وتطلعاته. وتعرف المملكة العربية السعودية المكانة التاريخية التي تتمتع بها سلطنة عمان وجذورها التاريخية في المنطقة ودورها الدولي في نشر ثقافة السلام والوئام بين الجميع، كما تعرف سلطنة عمان مركزية المملكة العربية السعودية في قلب العالم الإسلامي ومكانتها المرموقة في السياق العالمي وثقلها الاقتصادي وأدوارها التي لا تنسى في جميع الدول العربية.

وعلى هذه المبادئ الأساسية ظلت العلاقات العمانية السعودية قوية ومتينة على الدوام لا تتزعزع رغم كل التغيرات التي أحاطت بالمنطقة منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى اليوم. وكانت القيادة السياسية في كلا البلدين تحرص على ألا تتأثر العلاقة بينهما بأي مؤثرات داخلية أو خارجية، وأمام كل تحدٍ تمر به المنطقة تجد القيادتان مبررات جديدة لترسيخ العلاقة وديمومتها أكثر وأكثر. وإذا كانت العلاقات السياسية بين البلدين بهذه القوة فإن العلاقات الاجتماعية بينهما أكثر قوة وترابطا وتداخلا، وأكثر وضوحا لمتتبع تلك العلاقات ومتأملها. وبقيت تلك الروابط أحد أكبر الدوافع نحو تعزيز العلاقات السياسية بعلاقات وشراكات اقتصادية تعود بالنفع على الجميع. ووجدت الدولتان الشقيقتان في رؤيتيهما المستقبليتين: «عمان 2040» و«السعودية 2030» الكثير من خطوط التلاقي والكثير من الطموحات المشتركة والسعي نحو مستقبل أكثر إشراقا وأكثر ازدهارا بعيدا عن الاعتماد على مصدر واحد للدخل يتمثل في النفط ولكن عبر البحث عن مصادر أكثر ديمومة وقوة.

ومنذ الزيارة التاريخية التي قام بها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم-حفظه الله- للمملكة العربية السعودية في يوليو الماضي وطموح البلدين لا يتوقف من أجل تعزيز فرص الاستثمار في مشروعات نوعية تحقق الرؤى المستقبلية للبلدين وتفتح للاقتصاد آفاقا جديدة.

وتأتي الزيارة التي يبدأها اليوم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة العربية السعودية للسلطنة استكمالا لتلك الطموحات وتعزيزا لمساراتها التي ينظر لها الشعبان الشقيقان بالكثير من التفاؤل عبر مرجعية فهم تاريخية العلاقات بين البلدين.

وإذا كان الاقتصاد هو القوة الأبرز في عالم اليوم والغد فإن بناء شراكات اقتصادية ضخمة بين سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية من شأنه أن يعزز قوتهما في المنطقة ويديم الرخاء والاستقرار من أجل مستقبل أكثر إشراقا. وتملك السلطنة والمملكة القدرة على صناعة ذلك الغد الذي يحلم به الشعبان الشقيقان ويعكس العلاقات التاريخية بين البلدين وما يتمتع به كل بلد من عراقة ومكانة مرموقة في المشهد العالمي.

ولأجل كل ذلك فليس غريبا أن نقرأ كل هذه الفرحة لأي تعزيز جديد يضاف إلى رصيد العلاقات بين البلدين. والفهم الدقيق والعميق يفتح، دائما، مسارات المستقبل الآمن.