No Image
رأي عُمان

جائزة السلطان قابوس.. وتكريم الثقافة والمثقفين

12 نوفمبر 2025
12 نوفمبر 2025

في شهر نوفمبر من كل عام تترقب الأوساط الثقافية والفنية والأدبية إعلان أسماء الفائزين في جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب بعد سنوات من ترسيخ مكانتها باعتبارها واحدة من أهم الجوائز الثقافية في العالم العربي، ومن بين أكبر الجوائز من حيث القيمة المادية. ورسخت الجائزة مكانتها خلال عقد ونصف من الزمن إلى حد أصبحت فيه علامة بارزة من علامات المناسبات الثقافية في العالم العربي.

وأمس أعلن أسماء الفائزين في الدورة الثانية عشرة من الجائزة والتي كانت تقديرية لعموم العرب حيث فاز بالجائزة في مجال المؤسسات الثقافية الخاصة (فرع الثقافة)، منتدى أصيلة، وفي مجال النحت (فرع الفنون) النحات المصري عصام محمد سيد درويش. وفي مجال السيرة الذاتية (فرع الآداب)، فازت الكاتبة والناقدة اللبنانية يمنى العيد.

وتتميز جائزة السلطان قابوس بأنها تجمع بين مجالات ثلاثة هي الثقافة والفنون والآداب، كما أن دورانها بين المبدعين العمانيين وبين المبدعين العرب في الجائزة التقديرية أعطاها بعدا عربيا تجاوز الجانب المحلي. وساهمت الجائزة التي تعتبر تكريما من عُمان بكل تاريخها وحضارتها للمبدعين العرب في مختلف المجالات كما أن ارتباطها بشخصية السلطان قابوس، طيب الله ثراه، أعطاها قيمة إضافية على مر السنوات الماضية.

ورغم الجدل الكبير الذي يدور حول الجوائز الأدبية في العالم العربي إلا أن جائزة السلطان قابوس ما زالت تحظى بتقدير كبير نظرا لبعدها عن التوظيف الاستهلاكي للجوائز، سواء الاستهلاك التسويقي أو القطري أو حتى الجندري.

وتؤكد الجائزة على أهمية تكريم الإبداع والمبدعين في المجالات الثقافية في إشارة لا تخفى إلى أن الحياة لا تستقيم فقط عند الاهتمام بالعلوم والتكنولوجيا ولكن عبر الاهتمام كذلك بالعلوم الإنسانية التي لا يمكن أن تتجاوزها الحياة ومتطلباتها مهما بدا أن التوجهات تميل دائما ناحية العلوم التقنية والعلوم البحتة.

على هذا الأساس تبدو الجائزة أكثر من احتفال سنوي؛ إنها طريقة لتنظيم المشهد الثقافي وإعادة ضبط بوصلته. وتفتح الجائزة الباب للنقاش كل عام بعد إعلان النتائج، ليس حول أسماء الفائزين ولكن حول الموضوعات التي يتم التنافس حولها، فهي لا شك تكشف عن توجهات ثقافية عربية لها حضورها ولها مكانتها ولها مبدعوها.

ولا يتوقف اهتمام الجائزة بالمبدعين بإعلان النتائج والتكريم ولكن يمتد إلى إعادة طباعة الأعمال الفائزة، سواء كان عملا واحدا أو المجموعة الكاملة للفائزين كما في الجائزة التقديرية، الأمر الذي معه تتحول الجائزة إلى مشروع ثقافي متكامل.

تدرك عُمان وهي تدعم المبدعين وتكرمهم عبر الجائزة أن المجتمعات لا يمكن أن تتقدم في معزل عن ثقافتها وفنونها وآدابها وأن تكريم المبدعين جزء أساسي من بناء المجتمع وتقويته. ولذلك ستبقى الجائزة علامة مشرقة من علامات عُمان المهتمة بالثقافة والمثقفين والمهتمة بصلابة مجتمعها وببناء عقد اجتماعي بين المثقف والمجتمع والدفع بهذه العلاقة نحو الأمام.