الإعلام العماني.. صورة عُمان الناصعة والمشرقة
18 نوفمبر 2025
18 نوفمبر 2025
لا يكتمل أي حديث عن عُمان دون الحديث عن إعلامها، فالإعلام العماني أهم مرآة يمكن أن تُرى من خلاله عُمان، أن يُرى اقتصادها وتنميتها وحركة العمران فيها وموانئها ومؤسساتها الثقافية والمدنية.. لكن الأهم من ذلك رؤية الجوانب المعنوية بشكل عميق جدا؛ فعن طريق الخطاب الإعلامي العماني يمكن أن يقرأ المتابع قيم المجتمع، وسياسة الدولة، وتوجهات الخطاب السياسي تجاه الكثير من قضايا المنطقة والعالم وأن تفهم عمق الشخصية العمانية وكيف تفكر.
لقد ساهم الإعلام العماني مساهمة كبيرة خلال العقود الماضية في بناء شخصية المواطن العماني: ثقافته واتزانه وتكريس قيمه وهويته واعتزازه بأرضه وثقافته وانتمائه العربي. كما ساهم الإعلام العماني في بناء الصورة الذهنية عن عُمان وشعبها وقيمها ومبادئها في العالم أجمع.. وكان دور الإعلام كبيرا جدا في تحويل القيم السياسية العمانية تجاه الآخر إلى واقع ملموس. واستطاع خلال العقود الخمسة الماضية السير فوق خيط رفيع جدا وتَمثل الحياد العماني خير تمثيل إلى حد تماهى فيه الإعلاميون والدبلوماسيون في خطاب واحد.
ورغم الأحداث الكثيرة والعاصفة التي مرت بالمنطقة إلا أن الإعلام العماني استطاع أن يدير المشهد بكفاءة عالية دون خروج عن الخط السياسي. وما كان هذا الأمر ليتحقق بكل هذه الدقة دون فهم ووعي من المشتغلين أو القائمين على المؤسسات الإعلامية بجوهر السياسة العمانية وأهدافها العليا.
وإذا كانت عُمان محط ثناء العالم على ما تتمتع به من اتزان في خطابها وهدوء واستقرار في مجتمعها وفي علاقتها بالآخر ومن نقاء قيم وأخلاق ومبادئ العمانيين فإن للإعلام العماني الدور الأكبر والأساسي في كل ذلك، فخطابه لم يكن في يوم من الأيام خطاب تفريق أو خطاب كراهية أو عنصرية أو مذهبية أو اصطفاف أو استقطاب رغم المحيط المشتعل والمتخم بالاستقطابات، وكان على الدوام يقدم النموذج الأمثل ويعمل على تكريسه.. وكان وما زال يتمثل القيم العليا للدولة وسياستها الحكيمة.
ومن بين أهم الرهانات التي عمل عليها الإعلام العماني رهان تكريس الهوية الوطنية وبنى على الدوام سردية متماسكة عن التاريخ والموروث والقيم ولم يتورط أبدا في بناء خطاب مشوه أو مزور وكان يبني وعيا أثبت مع الوقت أهميته وصلابته.
ومن بين النجاحات الكبيرة التي حققها الإعلام العماني في لحظة مفصلية من تاريخ عُمان هو قدرته على بناء جسر ناظم بين عهدين، عهد السلطان قابوس بن سعيد، طيب الله ثراه، وبين عهد السلطان هيثم بن طارق، حفظه الله ورعاه، دون أي التباس أو خلل رغم حساسية المرحلة وما صاحبها من تحولات على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي.
وهذه أهم المعايير التي لا بد من استحضارها عند محاولة تقييم الإعلام العماني بوصفه إعلاما وطنيا يهدف في المقام الأول إلى بناء وعي وتكريس قيم وهوية.
وأمام الإعلام العماني استحقاقات كبيرة جدا في المرحلة القادمة، فالوعي مستهدف، وكذلك الهويات الوطنية والقيم كما لم تستهدف من قبل. والعالم مقبل على مرحلة ستفرض فيها هُويات بالقوة وتهدم القيم وتضرب مواطن القوة والصلابة خاصة في منطقة الشرق الأوسط. ويحتاج الإعلام حتى يقوم بدوره الحضاري هذه المرة إلى مزيد من الدعم والتمكين واعتباره من القطاعات الأساسية التي تستحق الدعم الكامل مثله مثل التعليم والصحة.
والإعلام العماني كان على الدوام الصورة المشرقة لعُمان، لتاريخها وحاضرها، ولهدوئها وحكمتها ولاتزانها وعمقها. كان كذلك وسيبقى حتى لو أصبحت التحديات أكبر وأكثر شراسة مما كانت عليه.
