ثقافة

ندوة تسبر الحضور في الصورة والنصوص والخطابات وكتابات الرحالة

21 أكتوبر 2025
"المرأة العمانية في المصادر الأجنبية"
21 أكتوبر 2025

تغطية – بشاير السليمية

تصوير – هدى البحرية

أقامت وزارة الثقافة والرياضة والشباب ممثلة بالمنتدى الأدبي وتزامنا مع الاحتفالات بيوم المرأة العمانية ندوة سلطت الضوء على "المرأة العمانية في المصادر الأجنبية". وقدمت الندوة التي رعتها المكرمة الدكتورة عهود بنت سعيد البلوشية عضو مجلس الدولة بفندق انترستي الخوير بحوثا علمية لأكاديميات وباحثات في المصادر الأجنبية، وأوراقا علمية وضحت صورة المرأة العمانية وقدمت قراءات تحليلية من خلال الرحّالة المستشرقين والكتاب الأجانب.

وفي كلمة لوزارة الثقافة والرياضة والشباب، أكدت فاطمة الحوسنية – مديرة دائرة الموسوعة العمانية- على أهمية البحث في الكتابات والرؤى والتصورات والتفاصيل التي حملتها المصادر الأجنبية حول المرأة العمانية التي شكلت عبر العصور عنصرا أصيلا في الهوية الوطنية، ومكونا أساسيا في مسيرة البناء والتنمية. مشيرة إلى أهمية الندوة التي تسعى إلى استكشاف صورة المرأة العُمانية في كتابات الرحالة والمستشرقين والمؤرخين.

وأضافت: "انطلاقا من الاستراتيجية الثقافية لوزارة الثقافة والرياضة والشباب التي وضعت ضمن أهدافها تعزيز الإنتاجِ الثقافِي ودعم الدراسات والبحوث المعززة للإبداعِ والتطوير تسعى الوزارة لتنظيم العديد من الندوات والجلسات الحوارية العلميةِ، بهدف تقديم قراءات موضوعية عما قدمته الحضارة العمانية والعمانيون عبر التاريخِ، واليوم تأتي هذه الندوة التي تشارك فيها باحثات جليلات يقدمن العديد من الأطروحات العلمية، لتسلط الضوء على إسهامات المرأة العمانية ودورها المحوري في التنمية على مر العصور."

وشملت الندوة التي أدارتها المكرمة الدكتورة عائشة الدرمكية أربع أوراق عمل، كانت الأولى ورقة بحثية قدمها صاحبة السمو علياء بنت برغش آل سعيد بعنوان "صورة المرأة العُمانية في الخطاب الغربي: بين الفضول والاحترام"، حاولت فيها الإجابة على سؤال: كيف صور الخطاب الغربي المرأة العمانية في مؤلفات المستشرقين؟ وهل عبرت هذه الصورة عن فضول استكشافي أو احترام ضمني لدورها الاجتماعي؟، وهدفت الورقة إلى تحليل تمثيلات المرأة العمانية، ورصد ملامح الفضول الثقافي، واستكشاف جوانب الاحترام والإعجاب، ومقارنة الصورة في الكتابات الغربية، وتحليل الخلفيات الثقافية والفكرية للخطاب الغربي، والمساهمة في إثراء الدراسات النسائية العمانية.

وسلطت الورقة الثانية الضوء على "المرأة العمانية في النصوص المدونة باللغة الإنجليزية " وقدمتها الدكتورة آسية بنت ناصر بن سيف البوعلي، محاولة إلقاء الضوء على ورود المرأة العُمانية في النصوص المدونة باللغة الإنجليزية، إلى جانب الأبحاث الأكاديمية والرسائل الجامعية والكتب والمجلات والصحف والمواقع الإلكترونية والنقاشات المكتوبة، والتي تناولت المرأة العٌمانية باللغة الإنجليزية. ساعية إلى تسليط الضوء على نماذج محددة من النساء العُمانيات، في محاولة للكشف عن كيفية ورودهن في تلك النصوص، وتحليل الدوافع والأهداف الكامنة وراء هذا الورود، من أجل الخروج بمجموعة من النتائج. و اعتمد البحث في تقديم نماذج بعينها من النساء العُمانيات على معايير بعينها هي: المعيار التاريخي ، ومعيار الأعمال الأدبية ، ومعيار الريادة ، ومعيار التميز المهني. وكشف البحث عن ريادة المرأة العُمانية تاريخيا وأدبيا ومهنيا، مبرزا أسماءً نسائية أسهمت في صناعة الوعي والنهضة مثل فاطمة السقطرية وسعاد اللمكي وزكية اللمكي وراوية البوسعيدية. كما أوضح حضور المرأة العُمانية في الأدب العربي والإنجليزي، وتجليات صوتها السردي في التعبير عن التحولات الاجتماعية والنفسية والثقافية، مؤكدا أن دعم الدولة ومؤسساتها عزّز من هذه المكانة.

وناقشت الورقة الورقة الثالثة"صورة المرأة العُمانية في كتابات الرحَّالة الغربيين خلال القرن 19م : ولستد أنموذجا" قدمتها الدكتورة أحلام بنت حمود بن مبارك الجهورية، والتي هدفت إلى تقديم قراءة تحليلية حول صورة المرأة العمانية في كتابات الرحالة الغربيين خلال القرن التاسع عشر الميلادي عموما وكتابات الرحالة الإنجليزي ويلستد على وجه الخصوص، كما سعت الورقة إلى إبراز وتوثيق جانب من حياة المرأة في عمان لم تسجله كتب التاريخ المحلي. وحاولت الورقة الإجابة على سؤال ماهية وشكل حضور المرأة العمانية في كتابات ويلستد على اعتبار أن رحلته في عمان تعد الأشمل قي القرن التاسع عشر الميلادي حيث التقى بشخصيات عديدة من نساء عمان، موثقا ذلك في كتاب "رحلات في الجزيرة العربية: عمان ونقب الهجر"، وبحثت الجهورية الموضوع من خلال محورين أساسيين: الأول أسباب ودوافع رحلة ويلستد إلى عمان والثاني صورة المرأة العمانية في رحلاته.

وتناولت الورقة الأخيرة "أنماط المرأة العمانية وتمثلاتها في الخطاب الاستشراقي: (عمان المجهولة) نموذجا" قدمتها الدكتورة هاجر عبدالرحمن حراثي. مسلطة الضوء على صورة المرأة العمانية وتمثلاتها في هذه المصادر الأجنبية. وسعى بحثها إلى الحفر في الصورة التي رسمها الخطاب الاستشراقي للمرأة العمانية بقصد تفكيكها وتعريتها والوقوف على ما ارتبط بها من نمطية وتمثلات وذلك في سياق ثقافي معين ارتبط بعمان في منتصف القرن العشرين. واختار البحث عينة لكتابات المستشرقين، كتاب "عمان المجهولة" للمستشرق وعالم الآثار الأمريكي وينديل فيليبس Wendell Phillips، وافترض البحث أن صورة المرأة العمانية كما تجلت في كتاب "عمان المجهولة" لم تكن انعكاسا لواقع المرأة في عمان بقدر ما هي بناء ثقافي متحيز تم توظيفه لأغراض إيديولوجية استشراقية جسدت العمانية تجسيدا لا يختلف عما قُدمت به نساء الشرق جميعا بوصفهن ضعيفات مستهدفات مستغلات. وهذا ما خلص إليه البحث حيث أن هذه التمثلات لم تكن بريئة أو فنية محضة، بل كانت أداة ثقافية فعالة في ترسيخ دونية "الشرق" وتخلفه، وتفوق "الغرب" وحضارته، مما مهد الطريق عقلياً وثقافياً للمشروع الاستعماري فهذه الأنماط حسب حراثي تستجيب بشكل كبير إلى ملامح المرأة الشرقية المهيمنة على المتخيل الجماعي والساكنة في أعماق المستشرق بوصها الأنموذج Archetype الذي تحوم حوله التصورات والتمثلات الاجتماعية لا سيما وان هذه الأنماط تكرر الصور النمطية عن دونية المرأة العربية وجهللها وغرابتها.

وأقيم على هامش الندوة معرض صور استعرض المرأة العمانية في ذاكرة المصادر الأجنبية، جاء كمشاركة وتنظيم من النادي الثقافي وقد أشرفت على إعداد الصور واختيارها الدكتورة هدى بنت عبدالرحمن باحثة وكاتبة في التاريخ العماني، وضم المعرض عشرين لوحة فنية تنوعت بين صور فتوغرافية ورسومات مثلت انطباعات الرحالة والمصورين والزائرين الذين زاروا عمان عبر تاريخها، فكانت المرأة العمانية حاضرة في تلك اللوحات والصور كأيقونة فنية عبرت عن حياة الإنسان العماني الاجتماعية، وأحداثه اليومية، حيث لفتت المرأة العمانية انتباه هؤلاء الرحالة والأجانب بما تميزت به من حشمة وتمسك بالزي العماني والعادات والتقاليد، وكانت بحق كما ظهرت في تلك اللوحات مثالا يحتذى به في القدرة على التأقلم مع البيئة المحيطة وتحدى البيئة مهما كانت .

ومرورا بفترات تاريخية متعاقبة ووصولا إلى بداية عصر النهضة العمانية، عادت أقدم صورة فيه إلى عام 1833م، ومن الصور الهامة والنادرة تلك التي تعود بالذاكرة في التاريخ العماني إلى الفترة الممتدة من عام 1900-1910م وهي عبارة عن بطاقات بريدية قديمة ونادرة توشحت بصور نساء عمانيات يرتدين الزي التقليدي والبرقع، إضافة إلى صور نادرة تركها سفراء بريطانيا وفرنسا، وصور وجدت على غلاف مجلة الجزيرة العربية المنسية التابعة للإرسالية الأمريكية العربية، وأخرى تركها علماء الأنثروبولوجيا الذين زاروا عمان في مطلع السبعينيات.