ثقافة

معركة الأسماء : بحث جامعي فلسطيني فريد من نوعه

05 نوفمبر 2025
05 نوفمبر 2025

عن مركز (مدى الكرمل) المركز العربي للدراسات الاجتماعية والتطبيقية في مدينة حيفا الفلسطينية المحتلة عام 48، صدر مترجما للعربية من العبرية قبل أسابيع كتاب (في حضرة الأسماء) للباحث والمثقف د. عامر دهامشة، وأصله رسالة دكتوراة جامعية، ومترجم العمل هو الكاتب الروائي علاء حليحل الذي أحب ترجماته من العبرية إلى العربية، وألاحقها في المكتبات، تعطيني ترجمته إحساسا بأنها ليست ترجمة عن لغة أخرى بل كتابة أولى بالعربية، يأتي هذا كما أرى من ثقافته الواسعة وتمكنه من اللغة العربية، كقارئ وأديب، علاء عبّر عن متعته في ترجمة العمل، وهنا أستنتج أنه لا يترجم كتابا لا يستمتع به، بمعنى أنه لا يعمل في الترجمة بصفتها وظيفة أو سببًا للعيش فقط، (وهذا حقه بالطبع) بل بحثا في الأساس عن متعة التحويل والصنع والإبداع.

يتناول هذا الكتاب موضوعا مهما نادرا ما تقترب منه الدراسات والأبحاث الفلسطينية ولا أظن أن أحدا تناوله من قبل بهذا الزخم وهذه التفاصيل وهذا الصدق، والجهد البحثي واضح.

بعد احتلال فلسطين، بذلت الصهيونية جهدا خارقا؛ لتغيير معالم المدن والقرى شكلًا وأسماءً ومعمارًا، الهدف كان محو كل ما يمت إلى العرب بصلة وكل ما يشي برائحة عربية هنا أو هناك، أو يرمز لماضي شعب آخر عنيد لا يريد أن يذهب، ينقل الباحث الفلسطيني عن المؤرخ الإسرائيلي ميرون بنفستي: "إن ما حدث على أرض الواقع منذ الاستيطان اليهودي في أواخر القرن التاسع عشر يناقض الماضي الفلسطيني تماما بأسمائه وبصمته المكانية وهويته العربية، إذ نلمس محوًا لغويًا، من خلال استبدال آلاف الأسماء والأماكن الفلسطينية الأصلانية، ويشير هذا البحث أن لجان التسميات الإسرائيلية قامت بحذف الأسماء العربية من خلال ترجمتها وعبرنتها وإعادة إحياء بعضها الآخر التوراتي ومنحها دلالات جديدة، لم تكن فعلة لغوية فحسب، بل هدفت لتلائم الذاكرة الجمعية والسردية الإسرائيلية، ولتحول المشهد التوراتي المكتوب إلى مشهد ملموس، وتنسجم مع مشروع إحياء اللغة العبرية، كلغة قومية متجاهلة سردية السكان الأصلانيين، وموروثهم الحضاري".

الكتاب الصادر ب 244 صفحة من القطع الكبير، هو قراءة نقدية وأدبية (كما سماها الباحث) في أسماء البلدات والمعالم الطبيعية، العربية الفلسطينية، حتى سنة 1948 وما بعدها. وتكتب الدكتورة المشرفة على البحث (جاليت حزان) في مقدمة الكتاب: "كتاب الدكتور عامر عن الأسماء والأمكنة والبلدات والمواقع الطبيعية في شمال البلاد كما تنعكس وتفهم من خلال قصص الرواة والراويات الناطقين بالعربية، هو رسالة حب، مفصلة علمية ومؤثرة للبلاد، لمناظرها الطبيعية ولسكانها، إنه كتاب بحثي رائد على الصعيدين المحلي والعالمي".

الكتاب مقسم إلى فصول: دراسة الأسماء الفلسطينية بين النظرية والأيدلوجيا وقصص أسماء البلدان العربية وسردية أسماء المعالم الطبيعية والتمايز بين أسماء البلدات وأسماء المعالم الطبيعية والأسماء العربية من العروبة إلى العبرنة.

شكرا دكتور عامر على بحث مهم وثوري سيضاف إلى مكتبة المقاومة بالحقيقة وبالتاريخ وبالوثيقة.

المؤلف في سطور

الدكتور عامر دهامشة

من سكان «قرية كفر كنا» في فلسطين الداخل 1948 يرأس قسم اللغة العبرية في الكلية الأكاديمية للتربية في حيفا وهو باحث زميل في قسم الأدب المقارن في جامعة حيفا.

Image