No Image
ثقافة

في التحرير والتقنيب: أدبيا وزراعيا وسياسيا ووجوديا

10 أبريل 2024
10 أبريل 2024

ما زلت أذكر تلك الساعة حين "قنّبت" كأنني أحرر نصا، وحين حررت كأنني أقنب!

هي قصة اللغة ربما، والأرض والشجر. لعلها قصة الإنسان.

لم أسعد كثيرا لاستبدال المعلم التقنيب بالتقليم، ذلك أن التقنيب أقرب للحميمية، فكم نطق الوالد تلك اللفظة، في حين لم ينطق الأخرى مرة؛ لكنني سأسعد أخيرا بأن وصف الفلاحين لتقليم العنب بالتقنيب هو وصف صحيح؛ فقد عدت للمعجم بعد هذا السنوات لأقرأ: قَنَبَ العنبَ: قَطَعَ عنه ما يُؤذي حَمْله.

ترى ما الفرق بينهما: التقنيب والتقليم!

سنقرأ: "يكون التقليم بإزالة أجزاء من الشجرة في وقت محدد من السنة لتحقيق أغراض خاصة بالتقليم. يبدأ تقليم الأشجار المثمرة عادة بعد دخول النبات مرحلة طور السكون مباشرة، ويمكن الاستمرار بعملية التقليم حتى بداية فصل الربيع".

أما ذلك الطفل فالفتى، فله أن يصف ما يرى: يقصّ والدي "طلوق" العنب تاركا جزءا صغيرا منها، وأحيانا يقص الفروع السوداء المغطاة بقشرة يسهل نزعها، للكننا نهينا عن نزعها.

حين كانت أختنا الكبرى نعمة، الحاجّة فيما بعد، حارسة الكروم كما تم وصفها، تصطحبنا "للم القنابة"، كانت "الحبايل" ملأى بالطلوق الطويلة، والتي كان تنظيف الأرض منها يستغرق وقتا؛ وبالطبع كنا نضجّ من كثرة "الطلوق" وسرعان ما كان يتسلل إلينا الملل؛ فما يكون منها إلا "تحميسنا"، فمرة تطلب أن نجمع لها حزما، فنفعل وسرعان ما نملّ، فتتحول الى طلب آخر، أن انقلوا ما أجمع وارموا في الشلال. كذلك كان لها أماكن محددة تضع "الطلوق المقصوصة بعد التقنيب لتتخلص منها في الموسم القادم من خلال حرقها حيث تكون قد جفت تماما وانكمشت. (سأتعب فيما بعد مع الأولاد الذين اصطحبتهم ليلموا معي الطلوق، والذي اكتشفت أنهم تخلصوا من الطلوق في أقرب مكان خارج تراب الحبلة.

و"طلوق" طبعا جمع "طُلق"، وهو غصن الدالية، أي شجرة العنب، أو الكرمة.

وكنت خلال ذلك أنظر لوالدي نظرة عظيمة، كونه من يقوم بالتقنيب كعملية فنية مهمة، تاركا لنا فقط مهمة إزالة الطلوق من الأرض، غير مكتف بتمني التقنيب، بل وسرقة المقصّ، الذي كان والدي شديد الحرص عليه، حيث ورثنا هذا الحرص فيما بعد، وممارسة تقنيب طلق من الطلوق حتى ولو كان مقصوصا! وكم كنت سعيدا بذلك الفعل، لكن سيمر بعد ذلك زمن، أصير زاهدا بذلك، بعد أن يكون قد تعمّق لدي ما كنت أشعر به من تعب الوالد خلال التقنيب، أو عندما يعود ليلا مانحا يده لوالدتي لتدهنها بالزيت.

بقينا على ذلك الحال، حتى منحنا مرة فرصة تقنيب شجر البرقوق، الذي لا يحتاج مهارة التقليم مثل العنب، أو هكذا كنا نظن. استمتعت مع أخي سعيد الذي يكبرني بعامين، وأظنني مرة فعلت ما أحب من تقنيب، حين ذهبنا مرة لالتقاط "طلوق"، للزراعة، حيث رحنا نقص الطلوق.

مرّت سنوات، حيث سافرت إلى مصر للدراسة، فكان موسم التقنيب بعيدا، إلى أن تخرجت، ووقتها كان أخي سعيد قد صار محترفا في التقنيب، بعد أن تشرّب من والدي الخبرة، لطول معايشته له، ولمبادرته هو في التقنيب لشجرنا وأشجار الآخرين.

لكنني أذكر جيدا ذلك النهار من شباط، في التسعينيات، حين حملت المقصّ، متجها الى "التعميرة"، حيث اخترت المنطقة العلوية، التي يسهل تقنيبها، لأن طلوق جزء من أشجارها ليست كثيفة، ربما بسبب التراب الأقل سمكا، وربما بسبب التعرض للرياح، والتي كان الوالد يتسامح معنا في "قنابتها". بادرت وقنبت علنا، ورآني والدي الذي كان في أوائل الثمانينيات. وأذكر أنني قنبت عدة حبايل بسرعة، ولم أكن أحمل منشارا، ووقتها كنت أهمس لنفسي، سيمرّ أخي سعيد، ويعمل مراجعة لما قنبت. وحين ذكرت ذلك أمام أحد كبار السنّ ضحك، لأنه يعرف والدي جيدا، ويعرف أنه سيمر ليرى ما قصصت بسرعة. والحقيقة أنني قنبت بشكل جيد، لكن كانت هناك زيادات كان يجب التخلص منها. وصرت هكذا بعد أن تم الاعتراف بتقنيبي على مضض أراقب والدي رحمه الله، وأخي سعيد، وابن اختي محمد، وخالي محمد، وآخرين، وتعلمت منهم جميعا، وما زلت أتعلم طبعا.

وهكذا صارت فترة تقنيبي تزيد، وبقي أخي سعيد دوما يعطيني ملاحظات، منها تنظيف الشجر من الطلوق المقصوصة، وكذلك قص الطلوق من أماكن محددة، قريبة من البراعم، كذلك تنظيف الشجرة من أية زوائد.

في صيف عام 1995، رشحني الكاتب عزت الغزاوي لأعمل محررا في جريدة الحياة الجديدة، التي كان يرأس تحريرها الكاتب حافظ البرغوثي، فدخلت وسلمت، فدفع إلي الأستاذ حافظ بعدة أوراق مطبوعة، طالبا مني قراءتها، فقرأتها، وعندما عاد لا أدري هل سألني، لكنني قلت له، هذه الكتابات مطبوعة، لكن فيها أخطاء، فابتسم، وأشار لي أن أجلس على طاولة طويلة هي طاولة التحرير، لم أكن أعرف بالطبع أنها كذلك. ربما كان يفكر بتشغيلي في قسم التدقيق اللغوي، ولا أدري لم اختارني للعمل في التحرير، ربما بسبب حديث المرحوم عزت الغزاوي عني ككاتب، حيث كانت تباشير كتاباتي النقدية تنشر في مجلة كنعان وجريدة القدس.

جلست، وكان بجانبي الزميل والصديق الجميل أمجد عرار، فوضع أمامي مواد مكتوبة بخط اليد، وقال "حرر"! فما كان مني إلا أن قمت بمحاكاته، مستفيدا من دراستي للغة العربية.

كانت صيفا، كنت أذهب الساعة الثانية بعد الظهر، وأظل حتى التاسعة، حتى يقول لي الأستاذ حافظ البرغوثي بحنان "بأمان الله"، أي بإمكاني المغادرة.

مبكرا قلت للأستاذ حافظ، بأنني لم أدرس الصحافة، وإنني مجرد خريج لغة عربية، فقال لي وهل زملاؤك هؤلاء قد درسوا، اجلس هنا على الطاولة وتعلم.

جميل كانت هذه النصيحة. جلست وتعلمت من عدد من الزملاء الأكبر سنا، والذين سبق لهم العمل في التحرير، فصرت أتعلم منهم، عن طريق تجميع عدة أسئلة من واقع ما أحرر، كذلك تعلمت من لغة وكالات الأنباء العالمية مثل رويترز ووكالة الأنباء الفرنسية والأسوشييتد برس، كذلك وكالة الأنباء الفلسطينية وفا ووكالة قدس برس. وهذه لم تكن تحتاج للكثير من التحرير بالطبع لأنها أصلا تم تحريرها عل يد محترفين.

لم يمر سو أقل من شهر، حتى كلفني الأستاذ حافظ بملف الثقافة، لأصير المحرر الثقافي الرسمي، بعد أن كنت أحرر مواد ثقافية ضمن ما أحرر.

بعد استلام مهامي كمحرر ثقافي، بدأت مرحلة جديدة من حياتي. وربما سيكون بوسعي الكتابة عنها في نص خاص، لأن عملي بالملف الثقافي منحني أمرين: الكتابة وسهولة النشر، حيث صار قلمي يظهر للمجتمع الثقافي بشكل خاص في الضفة الغربية وقطاع غزة.

إن استمراري بالقراءة والكتابة، وتشجيع رئيس التحرير حافظ البرغوثي لي، صقل مهاراتي التحريرية، حتى غدوت داخل الصحيفة من أفضل المحررين، بكل ما يعني التحرير من مهارة وصلاحيات، منها حق النشر أو عدمه. وقد كنت "حنونا" فأنشر للأقلام المختلفة، لكن بعد تحرير جديد.

ثم لأستمر في عملي كمحرر في المجلات والنشرات، ثم لأدمج التحرير والتدقيق اللغوي، خارج الصحف، وصولا الى مهارة التحرير الأدبي للنصوص الأدبية من روايات وقصص ودواوين شعر وغيره من أبحاث ودراسات ورسائل جامعية.

في شباط كل عام، كان تلتقي المهارتان معا، عن وعي، بعد أن كانتا تلتقيان في اللاوعي، حيث أنه عندما عملت بالتحرير، صرت أستشعر المقاربة بينهما، دون التعمق، كذلك الحال في حينما كنت أقنب، لم يكن تحرير النصوص بعيدا عني. بل صرت أروح منحى آخر في مجال نقل هذا الوعي الى مجال الحكم والإدارة، فصرت أعبر ن ذلك بكلمات: بدنا تقنيب. كذلك صرت أقارن بين الأداء المتواضع للموظفين، والسياسيين، قائلا: يلزمنا ليس حراثة فقط، بل يلزمنا "قلابة"، أي تقليب التربة حتى تعود لها الخصوبة.

وهكذا سار الخطان معا: الزراعيّ والثقافي، خصوصا التقنيب الذي صرت أحترفه، كذلك التحرير اللغوي والصحفي والأدبي، والذي صار جزءا من كتاباتي، حيث أن مهارة التحرير صقلت نصوصي الكتابية. كذلك كان للكتابة، خصوصا مجال النقد الذي ركزت فيه، أثر على عملي كمحرر.

في التقنيب تعلمت أن 5 طلوق أفضل من 10، لأن الثمر سيسكون أفضل والشجرة أكثر حضورا وقوة واخضرارا، وتعلمت أن تكثيف النص أفضل كثيرا من الإطالة، بحيث صرت في التحرير أقصّ كلمات وسطورا وفقرات، وبل صفحات أحيانا؛ لأنه ذلك يعدّ تشتيتا وإطالة غير محمودة، بل وصلت أحيانا الى إعادة كتابة بعض النصوص مرتكزا على أفكار النصّ.

وصف نفسي مرة بالمحرر السيئ، فأزلت دهشة المستمع غير المصدق قائلا، بأنني لا أجيز أي نص غير مكتمل، وهذا قد يعرضكم للجدل مع من يكتبون.

وطنيا وإنسانيا، كان لترددي على الأرض أثر مهم على حياتي ككاتب ومثقف، خصوصا في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي. لكن ما عمّق الكتابة أكثر، وعلاقتها بالأرض هو ما مرّ ويمر على فلسطين عام 1967 من تحولات عميقة، لها علاقة بما صاحب إقامة السلطة الوطنية من تغييرات اقتصادية، ولما كنت قد اطلعت من قبل على التحولات في المجتمع المصري، من خلال قراءة الروايات ومشاهدة الأفلام، والعيش هناك أربع سنوات أيام الدراسة الجامعية، فقد كنت أستشرف ما سوف يكون هنا على الأرض من تغييرات في حياتنا، فلسنا استثناء، لكن تعقدت الأمور أن التحولات في المجتمع الفلسطيني تحدث خلال استمرار الاحتلال الإسرائيلي، وهنا صرت ألوذ بالأرض بل وأوثق علاقتي بها، فقضية فلسطين هي قضية أرض.

صرت وأنا أقنب الشجر، أرى أمامي عالم الإدارة والحكم، فتعمق لدي بأننا نحتاج الى تحرير وتقنيب معا!

كان جميلا بل ملهما لي أن أكون مزارعا وكاتبا، بل وعاشقا، حيث انتقلت الأرض ملامس وروائح الى الورق؛ فأن تكون هنا كاتبا تتردد على الأرض مزارعا يعني الكثير من النقد الثقافي والسياسي، لكن في ظل الاحتفاظ دوما بالأمل.

في شباط كل عام، حين أذهب الى تقليم الأشجار لا أدري هل أكون هناك مقنبا أم محررا أم كاتبا، اختلط الأمر عليّ.

كذلك حين أمارس عملي محررا، كنت أهمس لنفسي بأن هذا النص يحتاج لتقنيب جيد حتى يعيش.

وما بين التقنيب والتحرير، وجدت نفسي إنسانا يميل الى اكتمال الأمور بعيدا عن الزوائد، والعمل ليستمر الشجر بالعطاء والنصوص كذلك.

لذلك حينما لا أنصح كاتبا بعدم النشر الا بعد تحرير جيد لمادته، فإنما أصدقه النصيحة، تماما لأن الشجر غير المقنب سيضعف بعد عام وسيجف بعد أعوام.

ولا أنسى بالطبع عملي كمدرب كتابة، (ومدرب تقنيب على مدى محدود طبعا)، حيث انني أدرب على الكتابة والكتابة الإبداعية، فالكتابة أيضا بحد ذاتها عملية تقنيب وتحرير. ولا أنسى عملي معلما للغة العربية.

ربما نتأثر عاطفيا وفكريا بعمق أيضا بما نعمل، حيث توفر لنا هدوء التقنيب للتفكير بالحياة، بما هو أبعد من الإدارة الحكم، كذلك نتعلم من التحرير أساليب الناس من خلال لغتهم.

هل انتهت القصة؟ القصص؟

لا تسألني، ولا أسال نفسي، هي الحياة التي تعلمنا إن كنا مزارعين التقنيب، وتعلمنا التحرير، تعلمنا الصمت أكثر من الكلام، تعلمنا التفكير أكثر من النطق. تعلمنا ألا نكثر من العلاقات، تعلمنا أن نركز، وننجح مع عدد قليل من البشر. تعلمنا أن نكثف كلماتنا، وتعلمنا أن نعي تماما مضمون ما نفكر به، فإن فهمنا فعلا فسيسهل التعبير بأقل قدر من الكلمات.

تحرير اللغة والشجر..

تقنيب الشجر واللغة..

هو اشتباك وجودي مع الحياة، لكن يكون بمحبة وشوق ووعي، على من نثبته أو نزيله.

الآن أتذكر تلك الطفولة وأنا متشوقا للتقنيب، وأتذكر دوما كتابة مواضيع الإنشاء، وبدايات الكتابة، فكم كان سيكون أكثر احترافا لو وجدنا من يعلمنا إزالة الزوائد، والتعبير من الداخل.

هل أعود إلى تلك الأيام، في الماضي، أم أذهب نحو المستقبل، خاصة في ظل اهتماماتي كتربوي في تعليم اللغة العربية بعيدا عن التكلف في التعبير، أو زيادة ما لا يلزم.

هل بقي شيء؟

يصف القرويون الناس الذين ليس من ورائهم فائدة ب "القنابة"، ربما في الوصف بعض القسوة، لكن فيه بلاغة ما، أنهم مثل الطلوق المقصوصة التي تمت إزالتها.

مع الوقت والتقدم بالعمر نصير أكثر صراحة، الى درجة التنفير ربما، وهكذا نكتشف أن في العمر سنوات وبشر وكتب والكثير من الأشياء مثل "القنابة"، وربما يصرح شاعر أو أديب أن يرى مثلا أن أهم أعماله هي كذا وكذا.

كل وعينه، ومنطلقه. سيأتي إلي سياسيّ يوما يطلب مني اختصار تقرير، فاختصرته الى خمس صفحات، فطلب الاختصار أيضا، فجعلت الخمس صفحات ثلاثا، فلم يرض، فقال بصراحة أريدها فقط صفحة واحدة، فابتسمت وقلت له إذن هي لصانع القرار، فابتسم مؤكدا: نريد زبدة النقاشات في أقل عدد من الكلمات، ففعلت.

تعلمت من حافظ البرغوثي التحرير الصحفي من عدة لقاءات لا يتجاوز اللقاء دقائق، كما تعلمت من مروان كنفاني، شقيق غسان كنفاني التحرير السياسي من خلال لقاء واحد، ومن خليل محشي حين كنت محررا لمسيرة التربية، ومن دكتور موسى خوري أستاذ الأدب من خلال مراجعته لأحد كتبي قبل النشر، وهدى الشوا كاتبة أدب الأطفال، وعبد الحكيم أبو جاموس الشاعر، ومن دكتور عمر أبو الحمص، في تحرير المناهج من خلال تجليات كل فكرة عبارة، ومن دكتور صلاح ياسين كذلك حينما كان يشجعني ويثق بتحريري، ومن أمي حين كانت تنصحني بالاختصار.

ولعل تعلم مهارات التحرير مرتبط بتعلم الكتابة نفسها، فهي موهبة واهتمام وعلم ومهارة، وسيصعب تعداد أسماء من تأثرت بهم وبهن في حياتي كقارئ وكاتب وناقد وإنسان.

علمني التحرير الاستماع الجيد، أي الإصغاء بعمق لمن يتحدث، وهذا ساعدني كثيرا في تغطية الندوات وإدارتها، كما علمني التحرير القراءة الجادة النافعة.

في التحرير والتدقيق اللغوي، تعلمت من كل من علمني في المدارس ومنهم معلمي اللغة العربية الأساتذة رفيق مرار وجمعة بدر وعبد الرحمن منصور وأحمد الحاج ومحمد زهران، وكذلك الجامعة في مصر..، وفي صالات التحرير، ومن كل الزملاء الذين عملت معهم، وأخص دكتور عمر مسلم والأستاذ أحمد الخطيب في المناهج.

وهكذا فقصتي هي قصة كاتب ولغوي محرر ومدقق، وقصة مزارع يحترف التقنيب، وقصة إنسان يتعلم من الكتب والحياة ومن الطبيعة، فما زلت أتعلم كل يوم.

وهكذا مهما عشت سأمضي، تاركا أشجاري داعيا لها بأن تنال رعاية الأياد والقلوب المحبة، وتاركا كتبي ومقالاتي، التي أتمنى أن أنشرها بعد تحريرها، ليستفيد منها المهتمون في مجال كتاباتي في الأدب والفن والحياة.

تمنيت لو قضيت وقتا أكثر في المناهج المدرسية لأشارك في تأليف نصوص جذابة وواضحة لطلبتنا في فلسطين والبلاد العربية، لأحررها من منظور علمنتها الحقيقية، باتجاه جعلها مواد حية تعيش، لا مجرد نصوص إنشائية، واختيار نصوص تفتح العقل والعقل، تزرع المشاعر الطيبة في نفوس الناشئة.

وأخيرا، أحمد الله الذي منحني هذه القدرة، هو من منحني صفة التعلم من كل شيء عبر القراءة في الكتب والدنيا التي أرها حروفا وطلوق عنب!

هناك في جبال غرب القدس، تجدني حاملا مقصا ومنشارا، أنظر تجاه الغرب حيث ساحل فلسطين السليب، يافا وأخواتها، فكم من "تقنيب" في حياتنا نحتاج حتى نبقى هن ونعود الى هناك!