No Image
ثقافة

حلة البحث عن الكنز المدفون.. سيرة ذاتية لا تنسى

22 مايو 2024
22 مايو 2024

سنوات قضاها الكاتب في رحلة البحث عن المفقود متحليا بالعزيمة والصبر اللذَين لم يفارقاه رغم وعورة الطريق. من حكايته نستمد القوة والإرادة في طلب المعالي، فليس هناك أي مستحيل حين تسبق أعمالَنا نيتُنا الصادقة، وهذا ما سنتعرف عليه من خلال قراءتنا لكتاب الكاتب المبدع خلفان بن ناصر الرواحي (محطات لا تنسى) الصادر عن مكتبة الجيل الواعد.

حملت الصفحات الأولى نبذة عن حياة الكاتب ابن الريف خلفان بن ناصر بن سعيد الرواحي المولود في ولاية سمائل وكان لطفولته نصيب من السرد الوافر حيث قضى بداياتها في مسقط رأسه وادي بني رواحة وكان له فيه الكثير من الذكريات الجميلة.

من خلال التعمق بين أروقة الصفحات ستجد سيرة مفعمة بالجمال مصاغة بلغة سهلة سلسة تنزل على المتلقي منزل القبول ويثير لديه الفضول في اكتشاف تفاصيل ما في الكتاب. عند قراءتي وعلى أثر ما شدتني الكلمات تمنيت من الكاتب لو أنهُ أطال أكثر ولم أكد أختم الصفحة الأخيرة حتى تولدت عندي القناعة بجدارة أسلوب الكاتب وصياغته في سرد التفاصيل إلا أنني وددت لو أنه استخدم ضمير المتكلم بدلا من الغائب لتكون الكلمات رنانة حين تنطق بالانا، ولكنها أوصلت المغزى الذي كان يصبو إليه الكاتب.

خلفان ابن الريف اجتهد وصبر وعاش مراحل الجلد وسهر الليالي وكافح حتى نال أسمى ما كان ينتظره.

ومن بين كلماته تنبثق لنا أجمل العبارات التحفيزية التي سطرها لنا لكي تنمي وتغير ويظهر تأثيرها ولتكون دليلا في نفوس من خانتهم شجاعتهم وأوهمتهم نفوسهم بالرسوب عند أول سقوط كما أن النجاح لا يأتي إلا بالإصرار والعزيمة.

تطرق ابن الريف لذكر بداية تعلمه في مدارس القرآن الكريم، حيث كانت في تلك الحقبة لا توجد المدارس التقليدية الأكاديمية، وكانت العلوم حينها تقتصر على القاعدة البغدادية المعروفة التي يكتفي فيها الطالب بحفظ بعض السور من جزء عم، كما ذكر ابن الريف الظروف الصعبة كطريقة التعليم القديمة التي استخدمها مثل الكتابة على كتف الجمال أو الاأقار بعد أن يتم تجفيفها.

تدرج الكاتب في سرده بعدها ليخبرنا أنه أكمل التعليم في مدارس الخيام بأعمدتها الخشبية التي شيدت في ثمانينيات القرن الماضي، وكانت وسيلة النقل متعبة جدا، على الطالب أن يسير في الأماكن الوعرة والدروب الطويلة طلبا للعلم وحين يسدل الليل خيوطه تراه يقرأ مستخدما القنديل المعروف (بالسراج) الذي يعمل بوقود الكيروسين.

من الواجب أن تذكر سيرة هذا الكاتب الذي تحمل مرارة الأيام لكي يسعى لتحقيق أحلامه، فقد كان كالجندي المجهول بشخصيته القوية من خلال ما قرأت له من إصدارات وشعرت بأنني أتقمص شخصيته عندما يبهرني أي موقف مدهش من سرده.

بعد أن أنهيت قراءة هذا الكتاب الشيق الجميل سألت نفسي عن سبب عدم رواجه على نطاق واسع واستغربت لعدم انتشار كتابات هذا الكاتب العظيم وهو الشاعر والفصيح والمهندس والرجل الريفي الذي يبهرنا بتشبيهاته الخيالية التي يكتبها بأسلوب قل نظيره وأعجبني منه أيضا ما كتبه في آخر إحدى قصائده بعد أن أحيل إلى التقاعد: أمضيت عمري فيه بكل كرامة 26 من السنوات، سأظل أحيا مُفعما متفائلا، أعطي منشرح النفس بكل ثبات، الكتاب معجم ومرجع لسبل الحياة القديمة في الزمن الماضي، ودليل محفز لتحقيق الأهداف ويظهر ذلك من أولى الصفحات حتى آخرها ضمن محطات لا تنسى، ومن خلال قراءتنا سنتوقف مع بعض العثرات والمصاعب التي استرسل ابن الريف بالسرد عنها وعن خبرته في اجتيازها والتغلب عليها مؤكدا لنا على العزم والإرادة في سبيل النجاح.

* محمد الزعابي كاتب عماني