No Image
ثقافة

«حلاق إشبيلية».. حكاية الحب السعيدة بقالب كوميدي ينضح بالغناء والمرح

30 سبتمبر 2023
افتتح به موسم دار الأوبرا السلطانية 2023 - 2024
30 سبتمبر 2023

أسماء عمانية عديدة تشارك في الغناء الأوبرالي والتمثيل ضمن المجاميع -

انطلق موسم دار الأوبرا السلطانية 2023 - 2024 مساء أمس بالعرض الفني «أوبرا حلاق إشبيلية» الذي استمر ليومين قدم خلالها للجمهور واحدة من روائع الفن الكلاسيكي من تأليف الموسيقي «جواكينو روسيني» الذي عاش خلال الفترة من 1792 إلى 1868 ميلاديا، ونص الكاتب «سيزار ستيربيني» المتوفى في 1831 ميلاديا.

جسدت أوبرا حلاق أشبيلية - التي عرضت أول مرة في عام 1816 ميلاديا في روما- حكاية الحب السعيدة بقالب كوميدي خفيف على المتلقي وذي نهاية سعيدة يستسلم فيها الكل للحب والسعادة وإطلاق البهجة، حيث جرت الأحداث في إشبيلية، وكان صانع الحبكة فيها حلاق المدينة المحبوب من الجميع «فيجارو» الذي يحاور نفسه مبتهجا بما هو فيه من وضع اجتماعي جعله يتعامل مع الجميع دون استثناء، فهو حلاق الأطفال والكبار، النساء والرجال، هو خبير التجميل الذي لا يمر عليه يوم في إجازة، إلا أنه سعيد ومنتشٍ لما هو فيه، فالجميع يحبه ويحتاجه.

يقع صديق «فيجارو» الأمير «ألمافيفا» في حب فتاة تدعى «روزينا» تعيش في منزل كبير وضخم للدكتور «بارتولو» الذي يمتلك الخدم والحشم والحراس، ويعمل عنده مدرس الموسيقى الذي يقوم بتعليم «روزينا» الغناء والعزف.

يحاول الكونت «ألمافيفا» لفت انتباه روزينا من خلال مخاطبتها بالغناء، وينجح في ذلك، ومن خلال الشرفة تسمعه وهو يغني خارج البيت، فتبعث له بالرسائل من دون أن يشعر بها الدكتور «بارتولو» الذي يحبها ويرغب بالزواج منها رغم عمره الكبير.

فيحاول الكونت أن يجد طريقة لدخول بيت الدكتور من خلال خطة وضعها له الحلاق «فيجارو» الذي يمكنه دخول البيت وبيوت أخرى، فهو حلاق المدينة يقصده الكثير في محله، ويذهب هو كذلك لأصحاب الوجاهة إلى منزلهم ومقرات عملهم ليقوم بالحلاقة، فيضع خطة محبكة بشكل دقيقة ليساعد الكونت على دخول البيت والاقتراب من محبوبته «روزينا» التي تبادله المشاعر وتريد أن يكون لها زوجا تعيش معه في سعادة بدلا من حياتها الأشبه بالسجن في منزل الدكتور.

يتنكر الكونت بشخصية جندي عادي يدعى «ليندورو» الذي يُزوِّرُ رسالة مفادها أن الجيش أرسله لمنزل الدكتور ليعيش فيه فترة بأمر حكومي، ولكن الدكتور يرفض ذلك الادعاء مستندا إلى قرار يعفيه من إيواء الجنود، فيحتدم الصراع بينهما حتى تتدخل الشرطة بدخول قائد وأفراد لفك هذا الجدال، تحاول الشرطة اعتقال الجندي قبل أن تعرف شخصيته الحقيقية وتوجه له التحايا العسكرية وسط ذهول الدكتور «بارتولو» والجميع، وتستمر أحداث العمل الأوبرالي وتتشعب في أحداث وحوارات ثانوية تغلب عليها طابع الكوميديا والطرافة، فالخادمة تتذمر من يوميات الدكتور المليئة بالأوامر والصراخ، ومعلم الموسيقى الذي يبدأ شكه بـ «فيجارو» يحبك خطة للإيقاع به وتشويه سمعته، وغيرها من الأحاديث الثانوية المصاحبة لمحور الحكاية الأصلية.

يخطط «فيجارو» والكونت لإقناع «روزينا» بالهرب معهما من بيت الدكتور، وقبل أن يحين موعد الهرب، يكتشف الدكتور كل الحكاية، ليخبر «روزينا» بحقيقة معشوقها الجندي «ليندورو» الذي يخونها ويحاول إغواءها مع صديقه الحلاق «فيجارو» ليسلمها إلى الكونت «ألمافيفا»، هنا تسود لحظة من الإحباط، «روزينا» التي أحبت هذا الجندي حبا شديدا، وبادلته الغناء والرسائل واستمعت لكل كلمة من أغانيه بروحها الهائم به، تَسْوَد الدنيا في وجهها وتشعر بألم كبير، لتخبر الدكتور بكل الحكاية وخطة الهروب من المنزل التي تستعد لها، وفي لحظة انتقام من معشوقها تقرر الزواج من الدكتور في أقرب فرصة، ولكنها في الوقت ذاته تريد مواجهة حبيبها الجندي في اللحظة الموعودة، لحظة خطة الهرب.

في اللحظة الحاسمة، يدخل كل من الكونت و«فيجارو» غرفة «روزينا» التي واجهتهما بأنها اكتشفت كل شيء، وأنها لن تهرب معهما، ولن تكون فريسة للكونت «ألمافيفا»، فيكشف الجندي عن شخصيته الحقيقية، فهو «ألمافيفا» بنفسه وقد تنكر بهذه الشخصية لينفذ خطته وينال محبوبته الذي يسرد لها الوعود بأنها ستعيش أجمل حياة معه في حرية مطلقة، بدلا من عيشها الأشبه بالسجن في منزل الدكتور.

وانتهت حكاية العشق نهاية سعيدة، واجتمع الكل بابتهاج في عرس جمع المحبوبين، وغنوا جميعا أغنية الانتصار لصالح الحب والعشق.

الموسيقى

صاحب العرض الأوبرالي جوقة موسيقية عريقة، من قيادة المايسترو «أنطوني فولياني»، الذي يشغل منصب القائد الموسيقي الزائر في دار الأوبرا الألمانية منذ عام 2017، وقدم خلال مسيرته الفنية الكثير من الأعمال الفنية اللامعة التي جعلته يعتلي أهم المسارح وأعرقها في العالم، وقاد كذلك أهم فرق الأوركسترا، وقاد في هذا العرض الأوبرالي مجموعة موسيقية كبيرة من «أوركسترا راي الوطنية السيمفونية للإذاعة والتلفزيون» بمختلف الآلات والأدوات الفنية، حيث انطلق العمل بالموسيقى التمهيدية الكلاسيكية بعد أن رحب المايسترو بالجمهور.

وتعد «أوركسترا راي الوطنية السيمفونية للإذاعة والتلفزيون» واحدة من أعرق الفرق عالميا، وقد انطلقت فعليا في عام 1994، وقدمت خلال مسيرتها الكثير من الأعمال وشاركت في العديد من الأعمال الأوبرالية كفرقة مصاحبة.

مشاركة عمانية

ما يميز العمل الأوبرالي أنه يتفرد بالحوارات الغنائية، وتلعب فيها الشخصيات الرئيسية أدوارا صعبة إذ يجب أن تمتلك طبقات صوت عالية ومتقنة، فلا بد أن يرافق ذلك العمل كورال فني يغني كذلك بصوت أوبرالي، فإضافة إلى الكورال الغنائي «كورال انترميتز»، كان للصوت العماني حضور لافت في العمل، وأبرزت هذه المشاركة أصوات عمانية قوية في قالب أوبرالي كلاسيكي، حيث شارك كل من الفنانين العمانيين إبراهيم الحوسني والقائد العبري وعاهد البدري ونايف الحوسني وسهيل البريكي بهذا العمل من خلال حناجرهم القوية وصوتهم الجهوري القادر على مسايرة فنانين متمرسين وأصحاب خبرة عالية في مجال الغناء الأوبرالي، مشكلين «فريق الإنشاد الأوبرالي العماني».

وإلى جانب الشباب العمانيين المشاركين في الكورال، شاركت أسماء عمانية أخرى في التمثيل بهذا العمل، وذلك ضمن المجاميع، وهم ريما السعيدية، وأنفال المعولية، ومنى النوبية، وسعود اليحيائي، وخالد الريامي، وجميعهم من دار الأوبرا السلطانية.

إمكانيات هائلة

تمتلك دار الأوبرا السلطانية إمكانيات هائلة فيما يتعلق بقدرة المسرح الاستيعابية، سواء في العمق أو الارتفاع، وحتى في الآليات المتوفرة، حيث تم استثمار كل تلك الأدوات في بناء مشهد سينوغرافي مبهر جذب الأنظار وصنع نوعا من الذهول لدى الجمهور، فانتقالات اللوحات الفنية تكون خلال ثوانٍ، بل حتى تبديل الديكورات الضخمة والشاهقة لا تتجاوز دقيقة واحدة، إضافة إلى مناظر تصنع المشهد النهاري، ومرور الضوء من نوافذ الديكور في صنع لمشهد إشراق الشمس، وصناعة مشاهد اليوم الماطر مستعملين بذلك الماء الحقيقي وإضاءات تصنع البرق، كل تلك العوامل ساعدت في صناعة لوحات فنية أسرت المتلقين وشدت انتباههم منذ اللوحة الأولى وحتى اللوحة الختامية في عمل استغرق قرابة 3 ساعات تخللتها استراحة لمدة 20 دقيقة.

جدير بالذكر أن دار الأوبرا السلطانية لديها جدول فني حافل خلال شهر أكتوبر الحالي، بداية من حفل لـ «أوركسترا راي الوطنية السيمفونية للإذاعة والتلفزيون وكورال انترميزو» غدا الأحد، وفي يومي 11 و 12 أكتوبر حفل «إيجور بوتمان وفرقة سداسي راندي بريكر»، وفي 17 من أكتوبر ستنظم الدار حفل يوم المرأة العمانية بمشاركة الفنانة ماجدة الرومي، وفي اليوم التالي تقدم الفنانة ماجدة الرومي ليلة غنائية، وفي 23 من أكتوبر تقيم الأوبرا فعالية «موسيقى الآلة».