ثقافة

جائزة «حمد للترجمة» تواصل استقبال الترشيحات لدورتها التاسعة

31 مايو 2023
تستهدف لغتين رئيستين بالإضافة إلى ثلاث لغات فرعية
31 مايو 2023

تغلق جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي باب الترشح والترشيح لدورتها التاسعة 2023 في آخر شهر يوليو المقبل، التي اختير لها كل من اللغات البلغارية والسندية والصومالية كلغات فرعية (إلى جانب اللغتين الرئيستين الإنجليزية والإسبانية) ضمن فئة جوائز الإنجاز لدورة 2023، لتحفيز جهود الترجمة من اللغة العربية وإليها في الدول الناطقة بهذه اللغات، وتشجيع استمرارية المثاقفة بين مجتمعات هذه الدول والمجتمعات العربية بالعموم.

وأكدت الدكتورة حنان الفياض، المستشارة الإعلامية لجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي أن قيمة الجائزة تنبع من كونها تعدّ أكبر جائزة للترجمة من اللغة العربية وإليها على المستوى العالمي، وتؤدي الجائزة دورها في تعزيز التفاهم الدولي والتبادل الثقافي انطلاقا من فكرة ألا سيادة للغةٍ على أخرى فيها، ومن أن الترجمة من أي لغة إلى أخرى فعلٌ معرفيّ يعظم القواسم والبناء على المشترك الإنساني، لهذا اتبعت الجائزة نهج تدوير اللغات الرئيسة والفرعية في فئاتها كل سنة، لتشمل طيفا أوسع من اللغات في مشارق الأرض ومغاربها، ولتفتح الأبواب التي من شأنها أن تزيل الالتباسات ومواقف سوء الفهم بين الشعوب والحضارات.

وتضيف الفياض أن تأثير الجائزة التي تقام دورتها التاسعة في هذا العام يتسع من خلال اعتمادها مبدأ المرونة الكفيلة بتحقيق الاستجابة للأهداف المُراد تحقيقها، إذ تشجِّع الترجمةَ من اللغة العربية وإليها بأكثر من لغة، معتمدةً لغةً عالمية كل عام إلى جانب الإنجليزية ضمن فئة «الكتب المفردة»؛ فاختيرت «التركية» في الدورة الأولى، و«الإسبانية» في الدورة الثانية، و«الفرنسية» في الدورة الثالثة، و«الألمانية» في الدورة الرابعة، و«الروسية» في الدورة الخامسة، و«الفارسية» في الدورة السادسة، و«الصينية» في الدورة السابعة، و«التركية» مجددا في الدورة الثامنة، و«الإسبانية» مجددا في الدورة التاسعة (2023).

ولأن استمرارية التأثير مرتبطة برفد هذه المبادرة الخلّاقة بالأفكار التطويرية استنادا إلى التجربة وعمليات التقييم لما مضى والتخطيط لما هو آتٍ، اتسعت دائرة الجائزة في عام 2017، فأضيفت لها فئة «جائزة الإنجاز» للترجمة من اللغتين الرئيستين وإليهما، وكذلك للترجمة من وإلى خمس لغات فرعية يتم اختيارها كلّ عام، واستمر ذلك حتى الدورة الثامنة، وفي الدورة التاسعة أعيد توزيع الجوائز ضمن فئتين: الأولى: فئة «الكتب المفردة» المترجمة من العربية إلى الإنجليزية وبالعكس، ومن العربية إلى الإسبانية وبالعكس، وهي تختص بالترجمات الفردية. والفئة الثانية: هي فئة الإنجاز التي تشمل اللغتين الرئيسيتين إضافة إلى اللغات الفرعية الثلاث (البلغارية، والسندية، والصومالية)، وتختص بتكريم الجهود -طويلة الأمد- المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة، إذ تُمنح الجائزة بناء على مجموعة أعمال تم إنجازها في مجال الترجمة من العربية أو إليها وأسهمت في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.

وحول تحفيز جهود الترجمة من اللغة العربية، وإليها تقول المستشارة الإعلامية للجائزة: بعد مسيرة تسع سنوات حافلة بالإنجاز، يمكن القول إن الجائزة أدّت دورا كبيرا في إطار الدور المرسوم لها بدعم حركة الترجمة في الوطن العربي، وفي الدول التي اختيرت لغاتها ضمن فئات الجائزة على مدار دوراتها السابقة، ونحن نلمس الدور الذي تؤديه الجائزة من خلال الاهتمام الذي تبديه الأوساط الثقافية والمعاهد العلمية والأكاديمية بها، إذ إن الجائزة تحقق صدى طيبا كل عام حينما نفتح باب التواصل مع تلك الأوساط والمعاهد في مختلف أنحاء العالم، فنجد الإقبال الجاد لمعرفة حيثيات الجائزة والرغبة الأكيدة بالمشاركة والمسارعة في إنجاز مترجماتهم ودفعها لدُور النشر قبل إغلاق باب الترشح والترشيح. وبالتوازي، هناك إقبال متزايد على اقتناء الكتب المترجمة الفائزة واعتمادها في التدريس والبحث العلمي، فضلا عن الحرص المتزايد من طرف المهتمين على متابعة الجائزة في كل موسم، وارتفاع عدد الراغبين بالمشاركة فيها، وازدياد اهتمام دور النشر بترشيح الأعمال المناسبة لها. وهذا يعني أن الأوساط الثقافية والمعاهد العلمية أصبحت تدرك أكثر فأكثر أهمية التقدم للجائزة معنويا وماديا، وما يترتب على ذلك من نشر الكتب الفائزة وتسويقها بصورة جيدة، وربما تُقدِّم الأعداد المتزايدة للترشح للجائزة من دورة إلى أخرى تصوُّرا عن الأثر الذي تحققه الجائزة وعن تزايد الاهتمام بها، ولا يغيب عن البال ما تقوم به الجائزة من تحفيز الطلبة على الالتحاق ببرامج الترجمة عبر الأقسام والكليات المتوفرة في الجامعات والمعاهد، وهو ما يحقق إحدى غايات الجائزة التي ترى في الترجمة بابا للتفاهم الإنساني المنشود.

وحول معايير تقييم الترجمات واختيار الفائزين تقول الفياض: تُمنح الجوائز تبعا لتوصيات لجان تحكيم دولية مستقلة، ووفق معايير تحكيم دقيقة، تشمل قيمة العمل المترجم في الثقافة المترجم منها وإليها، ودقة الترجمة، وبلاغة الأسلوب وسلامة اللغة، وتسير عملية التحكيم هذه وفق شروط منهجية وعلمية صارمة، حيث تتكوَّن لجان التحكيم من أكاديميين متخصصين في مجال الترجمة في اللغات المختارة كل موسم، ومن تخصصات متنوعة حسب نوع الترجمة المحكّمة، حيث يمر كل كتاب مترجم على مجموعة من المحكّمين، فيتم تدقيق ومراجعة الترجمة، ومدى التزامها بالمعايير العلمية، وتبلغ القيمة الإجمالية للجائزة مليوني دولار أمريكي، تتوزع على فئتين: جوائز ترجمة الكتب المفردة في اللغتين الرئيستين، وجوائز الإنجاز في اللغتين الرئيسيتين واللغات الفرعية الثلاث.

وحول آلية اختيار اللغات الرئيسية والفرعية التي تشملها الجائزة تقول المستشارة الإعلامية للجائزة: تخضع عملية اختيار اللغات في كل عام لمسح بحثي عن مستوى الترجمة بين اللغة العربية واللغة/ اللغات المختارة، وتنوع مجالاتها، وأهمية الكتب المترجمة من العربية أو إليها. والهدف الرئيس للجائزة هو دفع حركة الترجمة بين اللغة العربية واللغات الأخرى، كما يهيئ اختيار اللغات الفرعية للجائزة الاطلاع عن قرب على حجم الترجمات المتبادلة بين الثقافة العربية وثقافات اللغات المختارة.

وحول التحديات التي تواجهها الجائزة في تشجيع الترجمة من اللغة العربية وإليها؟ تقول الدكتورة حنان الفياض: كلّ تحدٍّ هو فرصةٌ لا نتردد في أن ننتهزها لتحقيق الأهداف الكبيرة والنبيلة لهذه الجائزة التي نعتز أنها أصبحت في صدارة الجوائز العالمية في مجال الترجمة، ومن التحديات التي نواجهها في كل دورة، الوصول إلى الشريحة المعنية بالجائزة في الأوساط البحثية والأكاديمية، ودُور النشر والجمعيات والهيئات والمؤسسات ذات الصلة، وهو ما نخطط له كل دورة من خلال ما نسمّيه «الموسم الثقافي» المصاحب لتلك الدورة، ويشمل الموسم زيارات وجولات ثقافية تقوم بها فرق الجائزة في بلدان اللغات المختارة، تتضمن لقاءات تعريفية بالجائزة، وأهدافها وغاياتها وفئاتها وآلية التقدُّم لها وقيمتها المالية، وكذلك التعرُّف على واقع الترجمة من العربية إلى اللغة الأخرى، ومن تلك اللغة إلى العربية، وتاريخ حركة الترجمة، وأبرز الجهود التي تم تحقيقها خلال مسيرتها، وأبرز الجهات والأفراد الذين اشتغلوا في هذا المضمار. وإذا تعذّر القيام بجولة ميدانية، لأسباب موضوعية تتعلق بالتوقيت أو الوضع الداخلي في بلد ما مثلا، يستعاض عنها بلقاءات عن بعد (افتراضية) لأداء المهمة المطلوبة قبل إغلاق باب الترشح، لحثّ الراغبين -مؤسسات وأفرادا- على الترشح والترشيح، حيث قام الفريق الإعلامي للجائزة في هذه الدورة بزيارة جمهورية بلغاريا، إذ اختيرت البلغارية إحدى اللغات الفرعية الثلاث، وقام فريق تسيير الجائزة بزيارة كل من إسبانيا والمكسيك في ضوء اختيار الإسبانية اللغةَ الرئيسة الثانية. ويشهد شهر يونيو المقبل عقد ندوة عن بُعد بمشاركة مترجمين وممثلين لمؤسسات معنية بالترجمة من الصومالية إلى العربية وبالعكس، وجولة ميدانية لباكستان، في حال سمحت الظروف الموضوعية بذلك، لمواصلة التعريف بالجائزة والحث على التقدم لها، والإجابة عن استفسارات المعنيين هناك في هذا المضمار. وعموما، تواصل إدارة الجائزة عملها على مدار الساعة لتقييم التجربة وتطويرها بما يكفل تحقيق الأهداف المرجوة.

وحول الخطط المستقبلية للجائزة، وكيف ترى إدارة الجائزة مستقبل الترجمة تقول الدكتورة حنان الفياض، المستشارة الإعلامية لجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي: إن الجائزة تحرص على الاحتفاء بحركة الترجمة بين اللغة العربية وأكبر عدد ممكن من اللغات العالمية الحية، ومن هذا المنطلق ستواصل الجائزة جهودها لتوسيع نطاق اللغات المختارة كل موسم، وبهذه الطريقة يمكن لأبناء الثقافة العربية معرفة الصلات المعرفية بين ثقافتهم وثقافات العالم المختلفة، كما أن في ذلك رسالة إشادة واهتمام من العرب إلى كل رواد هذه الصلة المعرفية في ثقافات العالم المختلفة.

وعن مستقبل الترجمة تقول: الأمل كبير في أن تكون الجائزة قد أسهمت في لفت الأنظار، ومن خلال خبرة الجائزة في السنوات التسع الماضية يبدو أن مستقبل الترجمة يدعو إلى التفاؤل، كما أن حركة الترجمة بين العربية وغيرها قد تزايدت بصورة ملحوظة عن العقود الماضية، وستبقى الترجمة هي منطقة الأمان التي تلتقي فيها كافة شعوب العالم.

تجدر الإشارة إلى أن جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي انطلقت في عام 2015 واستهدفت تكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعوب العالم ومد جسور التواصل بين الأمم، إلى جانب مكافأة التميز في هذا المجال، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع، والتعددية، والانفتاح، وتشجيع الأفراد ودُور النشر والمؤسسات الثقافية العربية والعالمية على الاهتمام بالترجمة والتعريب والحرص على التميز والإبداع فيهما، والإسهام في رفع مستوى الترجمة والتعريب على أسس الجودة والدقة والقيمة المعرفية والفكرية، وإغناء المكتبة العربية بأعمال مهمة من ثقافات العالم وآدابه وفنونه وعلومه، وإثراء التراث العالمي بإبداعات الثقافة العربية والإسلامية، وتقدير مَن يسهمون في نشر ثقافة السلام وإشاعة التفاهم الدولي، أفرادا ومؤسسات، كما تهدف الجائزة إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية، وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب.