الهوية العمانية المعاصرة
تُدُوِلَ «التنوع الثقافي» بوصفه من المصطلحات المركبة الحديثة الوافدة على الثقافة واللغة العربية، لمفهوم ينبني على مبدأ قبول الاختلافات داخل إطار مجتمعي واحد، وقد يتسع ليشمل إطارًا أمميًّا أوسع، فهو يحرر الشعوب من الانكفاء والانطواء على الذات أو الوقوع تحت ألفة الشبيه المؤتلف، ويؤسس لعقلية جديدة لدى أفراد المجتمع الواحد ترى في الاختلاف طاقة خلاقة لإبداعات متوالية تسعى إلى توسيع دائرة الاختيارات أمام المتلقي الحديث للثقافة الذي يحرص على استهلاك المنتوج الفكري أو الثقافي لشعب ما أو جمهور محدد، فهو مطلب من مطالب أساسية لتنمية مستدامة قادمة في المجتمع المدني الحديث.
تم تداوله -أي التنوع الثقافي- في سنوات قليلة مضت في إطار أروقة الأمم المتحدة، وبالأخص لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، وجرى تعريفه بأنه: «تعدد الوسائل التي تجد فيها تعبيرها عن ذاتها ثقافاتُ المجموعات الاجتماعية والمجتمعات»(ماتلار، 2008).
ويقصد بوسائل التعبير في المفهوم السابق كيفية «بيان المضامين» والأنماط الممثلة لها، في حين يقصد بثقافة المجموعات الاجتماعية في تصور الأمم المتحدة: «مجمل السمات المميزة، الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التي يتصف بها مجتمع أو مجموعة اجتماعية وعلى أنها تشمل إلى جانب الفنون والآداب، طرائق الحياة، وأساليب العيش معًا، ونظم القيم، والتقاليد، والمعتقدات» (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، 2011).
وتشمل المجموعات الاجتماعية -بغض النظر عن العدد والكم- الأكثريات والأقليات في إقليم محدد أو مسطح جغرافي معين، تقسم حسب الانتماء إلى العرق أو الدين أو المنطقة.
من ثمّة، يستدعي الحديث عن التنوع الثقافي في مجتمع ما المظاهر التقليدية له، كاللغات واللهجات والدين والعادات والتقاليد والموروثات الفكرية والمادية عمومًا، وعادة ما تكون قيمة التنوع قيمة إيجابية في ضوء الاتجاهات الاجتماعية المعاصرة التي ترى فيه غنى وثراءً يحقق مكتسبات عدة.
والقراءة الأفقية للمعطيات الثقافية التي يتميز بها المجتمع العماني تشير بما لا يثير الشك إلى أنه مجتمع متنوع ثقافيًّا، وهذا التنوع سمحت به الظروف الاجتماعية والسياسية والجغرافية التي منحت هذا المجتمع سمة الانفتاح على حضارات دول مجاورة واستقبال لغات مختلفة.
عمان بين التّراث والثّقافة
إنّ الحديث عن العلاقة بين التراث بوصفه «مظهرا من مظاهر الإبداع الجماعي للأمة خلال تاريخها الطويل»(التويجري، 2011) من جهة، والثقافة المعاصرة بوصفها مجمل السمات المميزة للإنسان حين انتمائه للمجتمع في زمن محدد من جهة أخرى، يوحي أو يصرح بهذه الجدلية الواضحة بين المكتسب القديم(التراث)، والمكتسب الحديث (الثقافة المعاصرة)، وقد تشي هذه الجدلية بأن ثمة صراعًا بين قديم وجديد في أول الأمر، لكنها مع التحقق والتبصر تتكشف عن علاقة تتسم بالحيوية والنفعية ولاسيما في المجتمع العماني، فالثقافة المعاصرة في سلطنة عمان لم تقم على القطيعة مع تراث أجدادنا، ولم تنجح الحركات أو التيارات الحداثية الثورية أو اليسارية التي انتشرت في العالم في مطلع القرن المنصرم في التأثير على رسم صورة سلبية للتراث أو في التأثير على نظرة المجتمع العمانية اتجاه تراثه.
فالمكون التراثي أصيل في الثقافة العمانية ويستفاد منه في تنمية هذه الثقافة وإكسابها صفة الأصالة والانتماء وتحديد معالم الهوية، كما أنّ الثقافة الرسمية المعاصرة في ضوء تخطيط واعٍ من قبل مؤسسات الدولة تسعى إلى إحياء هذا التراث واستثماره كخبرات متراكمة منذ قديم، ولهذا المكون التراثي تجليات عديدة نستطيع سبرها من خلال المظاهر التالية:
فالبحث في المكون التراثي في الثقافة المعاصرة؛ يدفعنا دفعا نحو الحديث عن اللغة التي تمثل الجسر الواصل بين الطرفين، فالواقع اللغوي في المجتمع العماني يشير إلى أن ثمة مجموعة من اللغات تمثل «تقاليد ثقافية»(جوزيف، 2007، ص:46)، وليست نظامًا من العلامات والرموز في الذاكرة الجمعية المشتركة فحسب، يأتي على رأس هذه اللغات، العربية اللغة الرسمية المعتمدة للدولة؛ فالمجتمع العماني يعد جزءًا من نسيج ثقافي أكبر هو المحيط العربي، بالإضافة إليها توجد اللغة الكمزارية واللغة السواحيلية، واللغات التي تنتمي إلى فرع العربية الجنوبية أو القحطانية: كالمهرية والجبالية والشحرية. وكلها كما نلاحظ لها علاقة ووشائج وصلة قرابة مع العربية الفصحى.
وتوجد -أيضًا- لهجات شفهيّة تمثل الأقاليم المختلفة في سلطنة عمان ، توصف بأنها تنوعات لأصل لغوي واحد هي العربية وعلاقتها بالفصحى أقرب إلى الازدواج اللغوي، وغالبا ما تحمل هذه اللهجات سمات صوتية وصرفية ونحوية تميز الأقاليم بسلطنة عمان لهجيًّا، وفي إطار اللغة الرسمية أي العربية المعاصرة بسلطنة عمان هنالك مستويات لغوية تعكس الواقع التعليمي والثقافي للمتحدثين بها، ويحقق هذا المستوى اللغوي التواصل الفكري والاجتماعي بينهم، فالعربية الفصيحة المعاصرة (ع.ف.م) هي اللغة التي يتحدثُ بها الآن في الإعلام والمحاضرات والسياسة والثقافة والقانون وتكتب بها المراسيم السلطانيّة والمعاهدات..إلخ أو ما يسمى بـ«خطاب الرسميات» (الفارسي، 2017).
وتنقسم العربية المعاصرة في مجتمعنا العماني اليوم إلى مستويات، فيندرج ضمن هذه المستويات اللغوية: الفصحى الكلاسيكية، والعربية الفصيحة المعاصرة، وعامية المتنورين، وعامية الأميين، ولغة المغتربين، فهي على المستوى التاريخيّ مرت بمراحل، أما على المستوى الاجتماعيّ فقد انقسمت إلى المستويات الاجتماعية السابقة، واللغة»العربية الفصيحة المعاصرة»: هي «لغة مكتوبة، ذات خصائص أسلوبية معيّنة، تتصل مع الفصحى الكلاسيكيّة في كثير من خصائصها، وتتواصل مع عصرها في خصائص أخرى» (عبدالكريم،2011)، وهي اللغة التي تعتمدها حكومة سلطنة عمان لغة رسمية في المحافل الوطنية والدولية.
فما يمثل التراث في المضمون اللغوي أو الإطار اللغوي هو الفصحى التراثية في حين يمثل الثقافة المعاصرة اللغة العربية الفصيحة المعاصرة التي تعد امتدادًا للفصحى الكلاسيكية؛ لكنها تعرضت لجملة من التطورات والتحديثات بحيث جعلتها قادرة على مواكبة عصرنا هذا.
وحين نسرد بعض «التقاليد الثقافية» التي جاءت إلينا مع التراث فهي كثير، منها ظاهرة «مناشدة العلوم والأخبار» في المجتمع العماني، فهي من جهة تقاليد ثقافية تراثية أشار إليها الرحالة الأوروبيون في زياراتهم للبلاد العمانية، وقد وصفها بعضهم بأنها «الاستجواب الرسمي»(توماس، 1984)، حيث كان يراد من خلال سؤال الإنسان عن العلوم، معرفة الأخبار وتناقل المعلومات عن جديد الحوادث في مكان ما، وبعد حين وصلت إلينا هذه المناشدة كما هي لكن الغرض منها اختلف، حيث يراد من هذا التقليد اللغوي/ الاجتماعي في الوقت الحالي، إظهار الود وتبادل الثقة بين الطرفين وافتتاح الحديث.
ومن هذه «التقاليد الثقافية» أيضًا، طريقة العمانيين في إطلاق الأسماء على الأبناء، فالباحث في «قائمة» الأسماء العمانية يجد أن أغلب الأسماء مصدرها التراث الديني أوالتراث العماني.
فما عبّد أو حمّد من الأسماء مصدرها التراث الديني، كعبدالله- وهو الأشهر من جنسه في المجتمع العماني-وعبدالرحمن وعبدالرحيم، ومحمد ومحمود وأحمد وحَمَدَ، وعلى أسماء الرسل: كإبراهيم وإسماعيل ويوسف، أو على أسماء الصحابة ولاسيما الخلفاء الراشدين: كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، هذا ما يتعلق بأسماء الرجال، أما أسماء الإناث، فكثير منها على أسماء بنات الرسول -صلى الله عليه وسلم- كفاطمة ورقية وزينب، أو زوجاته، كخديجة وعائشة وحفصة، كما نجد اسم «مريم» منتشرًا لكونه من الأسماء التي تتعلق بشخصية نسائية رفع ذكرها ومجدها القرآن الكريم.
وبعض هذه الأسماء أقرب إلى البيئة العمانية أو ألصق بها وتعد من الأسماء التقليدية في المجتمع العماني، كسالم وحَمَد وحُميد وراشد، وعند الإناث: ثنية وصالحة وسالمة وشيخة.
وإذا قررنا أن نقارن بين قائمتي الأسماء قبل سنة 1970 وبعدها، لوجدنا أن كثيرًا من الأسماء قبل ذلك ما زالت شائعة إلى يومنا بسبب ارتباط هذه الأسماء بأحد أفراد العائلة السابقين تقديرًا لهم وحفظًا لامتداد العائلة وترابطًا لوثيقة النسب.
تحدثنا في هذا المبحث عن المكون التراثي في الثقافة العمانية المعاصرة من خلال ثلاثة مظاهر أو تقاليد: اللغة، والتحية، والأسماء، ونراها تجلو جانبًا من العلاقة «الجدلية» بين: التراث والثقافة العمانية المعاصرة.
التّغيّر الاجتماعي والثّقافة العُمانيّة
يعرف التغير الاجتماعي في أدبيات علوم الاجتماع بأنه: «تحول يحدث في النظم والأنساق والأجهزة الاجتماعية، سواء كان ذلك في البناء أو الوظيفة خلال فترة زمنية محددة»(استيتية، 2010)، وفي ظل الاستقرار السياسي والاجتماعي والتعليم والطفرة النفطية التي حدثت للمجتمع العماني منذ سبعينيات القرن المنصرم(عوامل تغيّر داخلية)، ودخول رأس المال الاجتماعي والثقافي الأجنبي والانفتاح على الآخر وبناء الدولة وفق أنماط معاصرة(عوامل تغيّر خارجية)، شهد هذا المجتمع جملة من التغيرات التي توصف بأنها تحديثات شملت بنية المجتمع ووظائف الأفراد.
بدأ يظهر أثر هذا التغير الاجتماعي على الثقافة العمانية، في شقين: المادي: كالتعليم والصحة والعمران والملابس والطعام والاتصال والنقل، والشق اللامادي: كطبيعة الأسرة وإعادة الوعي بالقبيلة بوصفها مكونا بنيويّا في إطار مجتمع مدني، وقيم العمل والإنتاج والاستهلاك والانفتاح على الآخر والوعي بالأنا.
ففي الجانب التعليمي، تم إنشاء جملة من المدارس في ربوع عمان المختلفة، وأصبح التعليم إلزاميا للأطفال، مما أدى إلى ارتفاع الحصيلة المعرفية لدى أفراد المجتمع في علوم شتى، وبالتالي تغيرت نظرة هؤلاء إلى مفهوم الحياة، بوصفها نشاطًا منظمًا يحقق الرفاه من جانب، ويحقق المفهوم الديني للإنسان بوصفه خليفة الله في الأرض من جانب آخر، فاستمرت مستويات الأمية في التلاشي بعدما كانت هي الأكثر انتشارًا وأصبح دور العلم واضحًا في تنظيم المظاهر المعيشية للناس.
أما الجانب الصحي، فقد حظي باهتمام متزايد، وأسست بسلطنة عمان دور رعاية صحية (مستشفيات ومراكز صحية) أسهمت في الوقاية والعلاج من أمراض متفشية ومستوطنة أرهقت الإنسان العماني طويلاً، وفي ظل ارتفاع مستوى الرعاية ارتفع معه معدل الأعمار، ففي عام 2016 –على سبيل المثال- ارتفع معدل الأعمار المتوقع للمواليد العمانيين إلى 76.9 سنة.(المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، 2016)، ويعنى هذا المؤشر بالنتائج الفعلية للخدمات الصحية على السكان لذلك يعد أحد المقاييس الصحية الأكثر شمولية.
وفي العمران، شهدت سلطنة عمان هجرة وانتقالاً من الأرياف والقرى إلى المدن والحواضر، بسبب توفر مكتسبات العصر الحديث في هذه المدن، من خدمات تعليمية وصحية وتوفر الوظائف وارتفاع المداخيل والأجور فيها أكثر من القرى، هذه الهجرة توصف بأنها هجرة مؤقتة، حيث تعود الناس بين فترة وأخرى إلى العائلة الكبيرة ولرعاية مصالحها في هذه الأرياف من مزارع وأملاك ومنافع أخرى.
كما فضلت الناس العيش في منازل مبنية وفق تصاميم هندسية جديدة تراعي مستلزمات البناء الحديث: كالمتانة والأمان والخصوصية، وتوفر الخدمات الأساسية: كالكهرباء، والماء، وأجهزة الاتصال، هذه المباني تتشكل مادتها من الخراسانة والصلب في شكل (فيلا) مقفلة على نفسها، في حين كانت المنازل العمانية التقليدية في شكل (البيت العربي) المبني من الطين والحجارة، ويتوفر هذا البيت على فناء (حوش) في وسطه، ينفتح على السماء.
أما الملابس، فهي الأخرى شهدت تغييرات لكنها طفيفة ترتبط بطريقة (التفصيل ونوع القماش أو المادة المكونة منها)، فما زالت الدشداشة العمانية البيضاء والمصر هي اللباس الرسمي في العمل والمناسبات الاجتماعية والمحافل الخارجية، وكذلك اللباس عند المرأة أدخلت عليه بعض التصاميم الحديثة التي تلتزم بالشكل العام، كالعباءة السوداء والزي المحتشم، لكنها تغيّرت في طريقة تشكيل هذا اللباس.
وفي ظل ارتفاع معدلات التعليم بين أفراد المجتمع العماني، أصبحت هنالك تغيرات فكرية واجتماعية عديدة، مست الأسرة العمانية فقد تغيرت البنية الاجتماعية لها من العائلة الكبيرة التي تتكون من مجموعة الأسر الصغيرة في البيت الكبير(بيت السركال)، الذي يجمع الجد والجدة والأبناء والأحفاد، وانتقلت هذه الأسرة العمانية لتتكون من أسرة واحدة(نواة واحدة) مع مرور الوقت بسبب ارتفاع المداخيل، وعمل المرأة مع الرجل، والانتقال إلى المدينة الذي أسهم بشكل كبير في تغيير البنية الديموغرافية للأسرة، رغم هذا التغيير في بنية الأسرة إلا أن نسبة المواليد ما زالت مرتفعة نوعا ما.
ونتج عن ارتفاع معدلات التحصيل العلمي إدراك لقيمة الوقت والإنجاز، كما اتجه الإنسان إلى الأعمال الفكرية والفنية والإدارية، وهجر شيئًا فشيئًا الأعمال اليدوية البسيطة، وصاحب هذا الوعي بقيم الإنتاج ارتفاع مستوى الاستهلاك لديه، وأصبح التسوق ليس لغرض توفير الضروريات أو حتى الكماليات بل أصبح جزءًا من ممارسة سلوكية أشبه بالترفيه.
وقد ولدت الطفرة النفطية التي حدثت بالخليج وسلطنة عمان نهضة عمرانية واسعة مما أدى إلى استقدام قوى عاملة وافدة أغلبها من شبه القارة الهندية حيث شكلت 45% (المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، 2018)، من سكان سلطنة عمان، وهو ما شجع على القبول بالآخر والتعايش معه، والقبول بالتأثير المتبادل بين الطرفين السكان والقوى العاملة الوافدة، حتى تشكل لدينا مستوى لغوي جديد أو هجين بين العربية ولهجاتها وبين اللغات الهندية، يراد عادة من هذا الوسيط اللغوي الجديد إنجاز الأعمال اليومية أو لكي تكون لغة للتجارة والسوق.
وقد ترسخ مفهوم المجتمع المدني نظريًّا في البيئة العمانية، وظهرت له مظاهر تطبيقية على أرض الواقع-لعل ذلك بسبب تشجيع السلطة- من مظاهره: الجمعيات النسائية والاتحادات العمالية واللجان والأندية الثقافية والرياضية، وتعد جمعية المرأة العمانية أبرز ممثل لمؤسسات المجتمع المدني بالسلطنة، فلا تكاد تخلو مدينة بالسلطنة من فرع من فروع الجمعية.
هذا الوعي بالمجتمع المدني، جذب الناس للدخول في تكتلات مؤسسية تؤمن بالعيش المشترك وقبول الاختلاف وتؤمن بمبدأ الاختيار والانتقاء، هذا الوعي الجديد لدى العامّة، صرفهم عن الانتماءات القديمة القبيلية أو المذهبية أو الإقليمية التقليدية، فدور القبيلة-على سبيل المثال- في الوقت الحالي تلاشى شيئًا فشيئًا، ولا يعني ذلك انقطاع الصلة بها بل إن دورها اقتصر على العلاقات العائلية والمناسبات الاجتماعية.
لقد تطرقنا في هذا المبحث إلى التغير الاجتماعي وأثره على الثقافة المعاصرة في شقيّها المادي واللامادي، ونحن - حين نناقش هذا الأمر- ننظر إلى التغير الاجتماعي كجزء من التغير الثقافي أو مظهرا من مظاهره، فـلا بد أن تتغير الثقافات في ضوء المعطيات الاجتماعية المعاصرة، وبالتالي لا بد أن «تتغير الطريقة التي نرتب حياتنا بها» (تراسك، 2013، ص: 47). وقد عرضنا -فيما تقدم- للتنوع الثقافي في السلطنة من خلال زاويتين: زاوية جدلية التراث/الثقافة المعاصرة، وزاوية جدلية التقليد/الحداثة، وقد طرحنا سؤال الهوية ونحن نناقش الأفكار الواحدة تلو الأخرى، ونستطيع أن نقول من خلالها: إن مصطلح «التنوع الثقافي» رغم حداثته على المستوى المعجمي في الثقافة العربية أو العالمية حتى، إذا أسقط على البيئة العمانية، فسيجد أرضًا خصبةً، ولن نجد كثير صعوبة في قبوله على الصعيد الفكري أو الاجتماعي، فالشخصية العمانية شخصية منفتحة، تظهر الإجلال والتقدير للتراث والأصالة وترى فيه صفحات نجاح وترقٍ، كما تنفتح على الاختيارات الثقافية الواسعة التي تقدمها لها التجارب العالمية المتنوعة في العيش المشترك.
المراجع:
*استيتية، دلال ملحس.(2010). التغير الاجتماعي والثقافي.(ط2) .عمان: دار وائل.
*تراسك، ر.ل.(2013). هل تتغير اللغات؟ ترجمة: محمد مازن جلال.(ط1) الرياض: جامعة الملك سعود.
*التويجري، عبدالعزيز بن عثمان.(2011). التراث والهوية.(د.ط). الرباط: منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة.
*جوزيف، جون.(2007). اللغة والهوية، ترجمة عبدالنور خراقي.(ط1). الكويت: عالم المعرفة.
*توماس، برترام.(1984). البلاد السعيد.ترجمة: محمد أمين عبدالله.(د.ط) سلطنة عمان: وزارة التراث القومي والثقافة.
*عبد الكريم، جمعان عطية.(2011). العربية الفصيحة المعاصرة(ل.ف.م) محاولة لمقاربة المصطلح والمفهوم، العدد:61، الرباط: مجلة اللسان العربي.
*الفارسي، علي بن حمد.(2017). الأساليب التحليليّة في اللغة العربية الفصيحة المعاصرة.(ط1).بيروت: دار الانتشار.
*ماتلار، أرمان(2008). التنوع الثقافي والعولمة، تعريب خليل أحمد خليل.(ط1).لبنان: دار الفارابي.
*المركز الوطني للإحصاء والمعلومات.(2017). سلطنة عمان: www.ncsi.gov.om
*منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة(اليونسكو). (2011) أصداء التنوع الثقافي: طريق نحو تحقيق التنمية.(د.ط).فرنسا: اليونسكو.
