المتحف الوطني يفتتح معرض "ملامح من الماضي القريب في عمان"
افتتح بالمتحف الوطني معرض "ملامح من الماضي القريب في عمان" للمصور البروفيسور يوجين هاربر جونسون، مدير منظمة الحوار اللامنطوق، تحت رعاية معالي السيد سعود بن هلال البوسعيدي محافظ مسقط، وبحضور عدد من أصحاب السعادة والمسؤولين والمهتمين بالشأن الثقافي والفني.
يأتي المعرض توثيقا بصريا وإنسانيا للحياة العمانية قبل عام 1970م، من خلال عدسة البروفيسور جونسون الذي نجح في التقاط ملامح زمن كانت تسوده البساطة والصبر والحكمة، حيث تبرز الصور المعروضة وجوه رجال ونساء من مختلف مناطق سلطنة عمان، تحكي ملامحهم قصص التحدي والكرامة التي رافقت بناء العماني في فترة ما قبل النهضة المباركة.
ويستند المعرض مادته من مشروع كتابي ضخم من مجلدين أنجز بتكليف من مكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية، وجرى اعتماده من قبل السلطان قابوس بن سعيد آل سعيد (طيب الله ثراه). جاء المشروع إدراكا لضرورة حفظ ذاكرة أولئك الذين عاشوا وشاركوا في تشكيل ملامح عمان قبل عام 1970، قبل أن تطوى صفحاتهم دون أن تروى للأجيال القادمة.
وفي كلمته خلال حفل الافتتاح، أشار البروفيسور يوجين هاربر جونسون إلى أن فكرة المعرض ولدت من رغبة عميقة في حفظ أصوات وذكريات كبار السن في عمان، أولئك الذين عايشوا السنوات التأسيسية للبلاد قبل انطلاق نهضتها الحديثة عام 1970. وأكد أن الصور الفوتوغرافية وحدها لا تكفي، إذ تبقى حيوات الناس صامتة ما لم ترو قصصهم. ومن خلال مزج كل صورة برواية شفوية توثق سيرة صاحبها، يسعى المعرض إلى تكريم الإنسان العماني ليس فقط في مظهره، بل في تجربته الحياتية بكل ما تحمله من صبر وكرامة.
وبين جونسون أن فكرة المشروع انبثقت من لحظة وعي عميقة، تساءل فيها: كيف يمكن للأجيال الجديدة أن تدرك حجم التحول الذي شهدته عمان إن لم تعرف من أين بدأت الرحلة؟ وروى قصة مؤثرة لأم لم تجد ما تقدمه لأطفالها من طعام، فكانت تغلي الحجارة في قدر لتوهمهم بأن اللحم قاس ويحتاج وقتا لينضج، كي يخلدوا إلى النوم جائعين دون شعور باليأس. وقال إن مثل هذه الحكايات تجسد القوة الصامتة والكرامة العميقة التي كونت الروح العمانية.
وعبر في كلمته عن أمله في أن يشكل المعرض جسرا بين الأجيال، يتيح للشباب العماني أن يرى في وجوه أسلافه الصبر والإنسانية اللذين مهدا لتحول الوطن وبنائه.
من جهتها أوضحت ميراسول ديلفين جونسون، نائبة مدير منظمة الحوار اللامنطوق، عن فخرها وامتنانها كونها شريكة وشاهدة على مسيرة الصور الممتدة لأكثر من اثني عشر عاما. مشيدة بالشخصيات التي صاغت هذا المشروع، مؤكدة أنه هدية للأجيال القادمة، وتحية لذاكرة وروح الإنسان العماني.
وتحدثت عن الليالي الطويلة التي قضتها في مراجعة الصور والروايات، وعن الارتباط الإنساني العميق الذي نشأ بين زوجها وكل من التقطت له صورة، إذ كان يصغي أولا قبل أن يلتقط الكاميرا، لتكون كل صورة مرآة لحياة كاملة.
وتعد القصص المرافقة للصور في هذا المعرض مختصرات للسير الشفوية الأصلية الواردة في السلسلة الكتابية، تكشف عن كيفية تصدي المجتمعات العمانية للتحديات بذكاء وصبر، وعن الكرامة التي طبعت وجوه الرجال والنساء في القرى والبلدات من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، مشكلة أرشيفا حيا للذاكرة الوطنية.
