ثقافة

"الكتاب والأدباء" تبحر في دهاليز العمارة التقليدية في ظفار

29 يوليو 2021
الحافة أنموذجا
29 يوليو 2021

تغطية - بشاير السليمية -

لأن الطراز المعماري في ظفار من جماليات العمارة العمانية العربية الإسلامية الغنية بالزخارف والتشكيلات المعمارية ذات الطراز التراثي التي بقيت حتى الآن محافظة على النمط العربي الإسلامي الذي يعكس البيئة والثقافة. سلطت جمعية الكتاب والأدباء "فرع ظفار" الضوء على العمارة التقليدية في ظفار "الحافة أنموذجا" حيث حاور الكاتب عماد الشنفري الدكتورة نعيمة بنكاري من تونس، وهي أستاذ مساعد في قسم الهندسة المعمارية في جامعة السلطان قابوس باحثة ومختصة في الفن المعماري عضو استشاري في المجلس الدولي للمعالم والمواقع التاريخية وهي منظمة استشارية تتبع اليونسكو وحاصلة على الدكتوراه في التخطيط الحضري تخصص مدن ومجتمعات.

وأشارت الدكتورة في البدء أن هذه الورقة نتيجة لأهم زياراتها لصلالة والحافة، وكل المنازل التي تمكنت من توثيقها معماريا وتقنيا وتوثيق التراث المادي عن طريق محاورة البنائين وكبار السن أصحاب الخلفية عن المنطقة.

العمارة والمستوطنات التقليدية في ظفار

وأشارت الدكتورة بنكاري أنه عند الحديث عن العمارة والمستوطنات التقليدية في ظفار فإننا نتكلم عن تاريخ كبير، فتاريخيا تعتبر صلالة مستوطنة البليد في العصور الوسطى وأن مصطلح صلالة يطلق على أكبر مجموعة من المستوطنات في سهل ظفار، وتتكون من عدد من الأحياء المفصولة ببساتين نخيل جوز الهند والبابايا والموز والمزارع مملوكة للقطاع الخاص وتعمل بالتوازي مع الساحل كمصدر رزق للسكان، مشيرة إلى أن هذه الأحياء السكنية انتشرت من الجنوب امتدادا للشمال على التوالي ابتداءً بالحصن ثم الحافة وصلالة الشرقية والغربية والوسطى وعوقد الشرقية والغربية، وتأتي الدهاليز الساحلية التي ابتدأت في السبعينات من القرن الماضي. وحسب بنكاري فإن التطور العمراني المتواصل هو من ربط المناطق ببعضها البعض لتصبح منطقة صلالة المعروفة حاليا الجاذبة للسياح بطبيعتها ومناخها المعتدل وكذلك لإمكانياتها التراثية من مجمعات سكنية تراثية ومناطق مصنفة عالميا مثل البليد.

الخصائص الفنية والتقنية للعمارة المحلية الظفارية

قالت الدكتورة نعيمة إن التوثيق عن هذه العمارة قليل جدا، وأكدت على وجوب توسيع مثل هذه العلميات التوثيقية للحفاظ على مثل هذا التراث، فحسب تعبيرها هناك عدد كبير من المنازل قد اندثر، وأن بقاء جزء قليل منها قائما ما يزال قادرا على الإدلال بهذه العمارة التي تمثل نوعا مميزا لنوع من أنواع العمارة العمانية، والتي تأثرت بتقاليد البناء في اليمن المجاور، إضافة إلى ابتكارات محلية سهلها توفر المواد والظروف المناخية وكيفية تعامل البناء الظفاري مع مقومات الطبيعة والمناخ خصوصا مع وجود البحر وجلبه لرياح باردة تلطف الجو.

وتلفت بنكاري إلى اختلاف العمارة الظفارية في خصائصها المعمارية والزخرفية عن شمال عمان الذي بات أكثر وضوحا في اللغة المعمارية للواجهات، مضيفة: "أنا شخصيا مبهورة بمفردة النافذة الظفارية".

وأشارت إلى أن من خصائص العمارة الظفارية بصفة عامة والحافة بصفة خاصة اتجاه المنازل نحو الجنوب، وهو اتجاه فريد من نوعه، حيث إنه في معظم شمال خط الاستواء وفي المناطق الحارة في هذه الجهة، يكون الاتجاه الجنوبي أحر الاتجاهات، وعبرت عن اندهاشها بسؤال: "لماذا بيوت الحافة تتجه بفتحات كبيرة نحو الجنوب؟" ووجدت فيما بعد أنها الحل الوحيد لتلطيف الجو داخل البيوت عن طريق جلب الهواء البارد من المسطح المائي من الجنوب، وأن المنطقة الشمالية هي المنطقة التي لم تجد فيها فتحات، وإنما كانت فيها الملحقات وليس الفضاءات الهامة في البيت، وذلك حسب تعبيرها لرد الجبل للحرارة من الجهة الشمالية، بالتالي تفادي دخول الحرارة للبيت. وتشير إلى أن هذا ليس فقط في البيوت ولكن أيضا في الشارع والممرات داخل المستوطنة، وقالت: "حيث نجد الممرات المقابلة للمسطح المائي نجدها مظللة وضيقة لتسهيل شفط الهواء البارد إلى قلب المستوطنات لتتمتع البيوت الأبعد عن المسطح بالهواء البارد".

اللغة المعمارية والزخرفة

تقول الدكتورة بنكاري أنه من ناحية اللغة المعمارية للواجهات في العمارة الظفارية بصفة عامة وواجهة الحافة بصفة خاصة هي واجهة حداثية، حيث لا يوجد الإكثار من الزخرفة والتفاصيل التي لا وظيفة لها، كل الزخارف ذات وظيفة، ولها تقسيم ذو دور مهم للتهوية والتحكم من قبل السكان في الضوء والهواء الداخل. وأشارت إلى أن هذه العمارة الفريدة تثبت أن أصولها إسلامية بحتة حيث إن العمارة الإسلامية فائقة الزرخفة والجمال ووراء كل زخرف ليس الجمال وحسب لكن الوظيفة البنيوية أو التبريد أو دخول الضوء.

وتناولت الدكتورة بنكاري خلال عرضها هذا واجهة البيت وموقعه في النسيج العمراني، كما تطرقت إلى الحديث عن تصميم الواجهات في الحافة، ومواد البناء. والتصميم العمراني في الحافة ومكوناته وحدوده، وأهم المباني في الحافة كالمساجد والبيوت، إضافة إلى مكونات عمارة البيوت في الحافة منها الفراغات الداخلية المتمثلة في النوافذ والفتحات والواجهات والمفردات الجمالية