No Image
ثقافة

الروائية نجية عبير.. غياب بطعم الحضور!

04 ديسمبر 2023
04 ديسمبر 2023

الجزائر - العُمانية: ما زالت الروائيّة الجزائرية، نجية عبير، (1948/2005)، منذ صدور ترجمة روايتها «باب القنطرة» (دار ميم للنشر/ 2023) من اللُّغة الفرنسية إلى اللُّغة العربيّة، تُثير الإعجاب لدى جمهور القرّاء، حتى لدى عدد من الروائيّين الجزائريين الذين لم يكتشفوها إلا بعد رحيلها بسنوات. ولعلّ أبرز ما صدر عن بعض هؤلاء، بعد اكتشافهم العوالم السرديّة المثيرة لدى نجية عبير، ما كتبه الروائيّ الحبيب السايح، إذ قال: «منذ أعوام، لم أعد أكتبُ عمّا أقرأه من روايات؛ ولكنّ «باب القنطرة»، للكاتبة نجية عبير، نشبتني؛ فهي ليست سردًا سِيَريًّا فحسب، إنّها رواية أعتبرُها إحدى درر النصوص الروائيّة الجزائرية المعاصرة، نقلتها من الفرنسية إلى العربية الأستاذة آسيا علي موسى بلغة عالية الاكتمال وبروح سخية الدفق. وأنا أقرأُ، لم يبرحني الشعور بأنّ المترجمة هي الكاتبة ذاتها؛ ذلك لِما تبعثه فيك روح التماهي بينهما، حدَّ أن تُنسيك سلاسةُ السّرد أنّ هناك «خيانة» جميلة، رائقة وآسرة. أنا لا أعرف الكاتبة نجية عبير، ولا سبق لي أن قرأتُ لها، لكن أن تقرأ «باب القنطرة»، فيُدهشك سردُها - أجلْ يدهشك - فأنت تتساءل أين كان هذا النصُّ (مخبَّأ أو مُغَيَّبًا)، وكيف فاتتك قراءته؟». وأضاف صاحب رواية (أنا وحاييم)، مؤكّدًا: «قد لا يعني لك كثيرًا أن تعرف الكاتبة لأنّ هناك ما ينوبُ عنها: نصُّها، وتلك كانت حالي معها. رواية «باب القنطرة» تلغّمُ، إلى درجة التفجير، «ذاكرة الجسد»، وهي لها عينان راصدتان عمّا غفل عنه «الزلزال»، وهي أنيقة أناقةَ «رصيف الأزهار لم يعد يجيب»..هل يعرف سكان قسنطينة، وجامعتها، وصحافتها «باب القنطرة»، التي تُقدّم طوبوغرافيا مشهديّة لمدينة خالبة؟ وما الذي يعرفه القارئ الجزائري -لا سيما المتخصّص والمهتمّ- عن الجزائر من خلال سِيَر خرّيجات دار المعلّمين والمدرسة العليا للأساتذة، ما بين 1963 و1968؟»، ويخلصُ الحبيب السايح إلى أنّ «رواية «باب القنطرة»، يتمنّى أيُّ كاتب جزائريّ أن يكتبها».

ويُشيرُ الروائيُّ الحبيب السايح، عبر هذا التعليق، إلى أنّ صاحبة «باب القنطرة» استطاعت أن تُقدّم مدينة قسنطينة، وهي مسقط رأسها، بطريقة مختلفة عن عدد من الروائيّين الذين كتبوا عن مدينة الجسور المعلّقة، وذكر منهم أحلام مستغانمي التي تناولت هذه المدينة في روايتها «ذاكرة الجسد»، والطاهر وطار في روايته «الزلزال»، إضافة إلى مالك حداد عبر روايته «رصيف الأزهار لم يعد يُجيب». ومع أنّ الحبيب السايح أثار في شهادته عددًا من الأسئلة التي يتعلّق بعضُها بأسباب بقاء هذه الروائيّة حبيسة الظلّ، إلا أنّ بعض النقّاد، الجزائريّين والأجانب، الذين تناولوا سيرة نجية عبير يرجعون تخلُّف هذه الروائيّة عن «مواكب الشهرة» إلى البروز المتأخّر لأعمالها الإبداعيّة؛ فهي لم تخرج إلى الجمهور إلا عام 2002؛ أي قبل ثلاث سنوات فقط من رحيلها، ولكنّها ظهرت بنصوص إبداعيّة متكاملة البنيان والأركان، وكانت تُصدرُ كلّ عام رواية، بدأتها برواية بعنوان «قسنطينة»، ثمّ «باب القنطرة»، قبل أن تختمها برواية «ألباتروس»؛ وهي ثلاثية صدرت باللُّغة الفرنسية، وتميّزت برؤاها السياسية والاجتماعيّة العميقة، عبّرت عن الثقافة العالية للروائيّة نجية عبير، وهي خلاصة قراءاتها باللُّغتين الفرنسية والإنجليزية، وتمرُّسها في فنون متنوّعة مثل الرسم، والعزف على البيانو، وتجربتها الثريّة كواحدة من أوائل خرّيجات مدرسة المعلّمات في الجزائر المستقلّة.