ثقافة

احتفاء برواد الشعر العربي في جلسة صدح فيها صوت القصائد

20 مارس 2023
20 مارس 2023

«عمان»: احتفى مهرجان الثقافة العمانية مساء اليوم بعدد من رواد الشعر العربي، في جلسة استعرضت تجارب ريادية في الشعر العربي المعاصر تضمنت ثلاثة من الشعراء، وهم الشاعرة العراقية الراحلة نازك الملائكة، والشاعر القطري الراحل علي بن سعود آل ثاني، والشاعر التونسي آدم فتحي.

وجاء الاحتفاء بتلك التجارب تزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي للشعر الذي يصادف 21 من مارس من كل عام، وليس هناك أفضل من الحديث عن تجارب ثرية في الشعر العربي احتفاء به في يومه السنوي.

تجربة نازك الملائكة..

قدم الدكتور مبارك الجابري ورقته التي حملت عنوان «نازك الملائكة.. الشعر كتابة وشعرا»، استعرض خلالها تجربة الشعر لدى «نازك الملائكة» مع بعض الومضات من حياتها المرتبطة بالشعر، قال الجابري: «الشعر عند نازك هو ممارسة قبل القول، تطبقه في نظرتها للحياة تطبيقا عاما»، وتحدث الدكتور مبارك حول التنظير الذي هو النص المؤسس لشعر التفعيلة، مستعرضا النص الشعري الأول الذي كتبته نازك، وهي تخرج من الشكل الشعري العمودي، حين كان مرض الكوليرا منتشرا في جمهورية مصر العربية، والإصابات تتصاعد يوما بعد يوم، لتكتب نازك شعرا أو كما قالت تدفق الشعر دون الاكتراث بالشكل الشعري.

وقال الجابري: «آمنت نازك الملائكة بالشعر بعيدا عن الجانب التنظيري، الذي اتجهت له لاحقا، واستعرض الجابري في ورقته البحث العلمي المحكم حول نص «ثلاث مرات لأمي»، الذي كان على شكل 3 أجزاء، الأول «أغنية للحزن»، والثاني «مقدم الحزن»، والثالث «الزهرة السوداء»، ووصفه الجابري بأنه نص غني بالدلالات، ويختلف عن كل ما عهدناه من الشعر في الرثاء العربي.

وتطرق الجابري في حديثه حول جانب آخر للمهتم بشعر نازك هو التفكير (الجانب الفكري)، وقال: «في التفكير كانت ذا منزع شعري، بعيدا عما نتوقع في جانب الكتابة الفكرية، وتظهر النزعة القومية في كل كتاباتها».

وقال الجابري عن نازك الملائكة: «كان موقفها قوميا لقصيدة النثر، من خروج قصيدة النثر عن الأوزان، وتقول عن المثقفين «لعلي أصبحت أشعر بالخوف والنفور من هؤلاء المثقفين لمجرد أني أفتقد لدى الكثير منهم حرارة البساطة العربية ودفء الإيمان».

وخلص الجابري في نهاية حديثه إلى معالم مهمة في تجربة نازك وهي: كتابة شعر التفعيلة، التنظير لشعر التفعيلة في كتابها قضايا الشعر المعاصر، الكتابة النقدية: (قضايا الشعر المعاصر، وسيكولوجية الشعر، والصومعة والشرفة الحمراء)، والإخلاص للقومية والعروبة، والدعوة إلى تحرر المرأة العربية. وقال الجابري في ختام ورقته: «لقراءة شعر نازك الملائكة سيكون لدينا منطلقان (العروبة والرومانسية)».

حياة «آل ثاني» الشعرية ..

وقدم الشاعر حسن المطروشي ورقة بعنوان «علي بن سعود آل ثاني: حياة في الشعر والثقافة»، حيث استعرض فيها تعريفا بالشاعر الذي قد يكون كثير من الجمهور العربي لا يعرفه ولا يعرف تجربته الشعرية، تطرق فيها لطفولة الشاعر القطري بداية بتعليمه ومسيرته العلمية التي نشرت عبر حوار أجري للشاعر في «زهرة الخليج» مع الإعلامية الراحلة ثريا نافع. واستعرض المطروشي في ورقته إصدارات الشاعر الراحل التي كانت 6 إصدارات، 5 دواوين منها صدرت في عام 1994م.

وحول المدرسة الشعرية التي ينتمي لها شعر «آل ثاني»، قال المطروشي نقلا عن الشعراء في قطر ممن تربطه صداقة ومعرفة كبيرة بالشاعر الراحل: «هو شاعر كلاسيكي أصيل بمسحة رومانسية معاصرة وروح شعرية متجددة».

وفي حوار مع الشاعر الراحل علي آل ثاني -استعرضه المطروشي- متحدثا عن الشعر الحديث: «الشعر الحديث فيه جمال النثر وفيه رهافة الحس، ولكنه خلي من العروض، ولو تمسك بالعروض لأصبح شعرا».

وقال المطروشي: «المرأة في شعر الشيخ علي آل ثاني نظرة رومانسية بحتة وحالمة وغير واقعية بعيدة عن الواقع وعندما سئل قال لا توجد امرأة في حياتي تغزلت بها»، وحول ديوانه الأول «في غدير الذكريات» قال المطروشي: تلحظ في هذا الديوان استنهاضا للوطن وقصائد قومية وإنسانية عامة، وكان يعبر بها بروحه التلقائية». مستعرضا عددا من قصائده الشعرية للجمهور.

إيقاع الأغنية في شعر آدم فتحي ..

وجاءت الورقة الأخيرة بعنوان «آدم فتحي: بين إيقاع القصيدة وإيقاع الأغنية» قدمها الشاعر عبدالرزاق الربيعي، في احتفاء بشاعر ما زال حيا ولكن كما قال الربيعي هو شاعر طاله الكثير من التجاهل، وهو أحد معارف الشاعر عبدالرزاق الربيعي وكان يلتقي به عندما يزور العراق.

وقال الربيعي عن الشاعر آدم فتحي: «عرف بالتزامه بالقضايا الوطنية والقومية، والشاعر الملتزم يدفع الثمن غاليا، وقد حورب في فترة من الفترات ولكنه لم يتوقف عن الكتابة والنشر (في الترجمة)، وخطورته كونه يعد شاعر أغنية وهذا لأن شاعر الأغنية صوته يصل لأبعد مكان، وهذا ما ضيق الخناق عليه، في حين أن اسمه ظل مشعا».

واستعرض الربيعي التجربة الشعرية لآدم فتحي التي بدأت منذ إصداره الأول في 1982م، وترجماته العديدة التي هي من الفرنسية للعربية.

وقال الربيعي في ورقته: «شعراء الراية هم المنخرطون بالأيديولوجيا وذهبوا بالأيديولوجية بعيدا، ولكن الشاعر آدم فتحي ليس شاعر راية وإنما شاعر متاهة، ولكنه لم ينفصل عن الواقع وما يوجهه الإنسان في حياته اليومية، وانتشرت له قصيدة «نشيد الدم» ارتبطت بثورة الخبز وهو ظرف اقتصادي مرت به تونس في عام ١٩٨٦».

وأوضح الشاعر عبدالرزاق بأن الشكل الشعري الذي يكتب فيه آدم فتحي جعله يشكل ثنائيا مع الفنان لطفي بو شناق، ورغم التحولات ظل فتحي بعلاقته الوثيقة بالشعر، كما أن له اشتغالات إعلامية.

ومن قصائد آدم فتحي التي قرأها الربيعي في الجلسة:

الفرح في الكأس

الكأس في اليد

وهو من سنين يبحث عن فمه

وختم الربيعي حديثه عن آدم فتحي بقوله: «لو قرأنا شعر آدم فتحي للاحظنا حرصه على الإيقاع، ربما هذا التشابك جعله يمضي في طريق كتابة شعر الأغنية وينجح فيها».

تجدر الإشارة إلى أن مهرجان الثقافة العماني يختتم فعالياته مساء اليوم.