ثقافة

أحمد القرملاوي: أستمتع في رمضان بصوت الشيخ محمد عمران ومدائحه الأسطورية

28 مارس 2024
28 مارس 2024

يتذكَّر الكاتب المصري أحمد القرملاوي شذرات رمضانية تعود للنصف الأول من ثمانينيات القرن الماضي، كان بالكاد في سن الخامسة؛ ولذلك فإن ما تبقى في ذاكرته ووجدانه مجرد مشاهد متفرقة، مثل شغف أخته الكُبرى بفوازير نيللي وترديدها للأغنيات وتقليدها للرقصات، والتجمع العائلي الضخم في الأسبوع الأخير لإعداد «الكحك»، وانضمامه مع الصغار لصُنَّاع «الكحك» وتنافسهم على «المنقاش» حتى ينقشوا وجه الكعكة بمهارة تستحسنها العمَّات والخالات والجدات.

ما المختلف بين رمضان الطفولة ورمضان الكهولة؟ أسأله فيجيب: «الذكريات البعيدة لم تستمر طويلًا، فقد انتقلتُ مع أسرتي إلى الكويت قبل أن أبلغ الخامسة، ومع تراجُع شهر رمضان إلى الوراء ابتعَد عن الإجازة الصيفية وصار يحِلُّ أثناء الفصل الدراسي، ولك أن تتخيَّل رمضان في الكويت في بدايات الصيف بالمقارنة برمضان القاهرة العامر باللَّعِب والمباهج العائلية والتلفزيونية. أتذكَّر منه الإفطار على اللبن الرايب والتمر قبل صلاة المغرب في المسجد، والتي كانت طقسًا ضروريًّا لا يمكن التملُّص منه، ثم صلاة التراويح التي تمتد لإحدى وعشرين ركعة بمفارقاتها والمشاغبات التي كنا نقترفها أثناء الصلاة كي لا نُصاب بالملل».

ويضيف: «أما رمضان الكهولة فشهر الإنجاز بالنسبة لي، فاليوم الروتيني المتكرر الذي يميز أيام رمضان عن سائر أيام العام يمنحني الفرصة لتنظيم الوقت فوق ما تسمح به سائر الشهور، خاصةً وأنني مُقِلٌّ جدًّا في مشاهدة التلفزيون، لذلك أجد متسعًا من الوقت لعمل أغلب ما أريد».

هل يتغير نظام قراءتك في رمضان؟ وهل هناك كتب معينة تستعيد قراءتها؟ أسأله فيقول: «لا يتغير إلا بدرجة طفيفة، فعادةً ما أقرأ أثناء الليل قبل الخلود إلى النوم، وفي رمضان أجد متسعًا من الوقت للقراءة والكتابة أطول من المعتاد، حيث أفرغ من جميع الطقوس والارتباطات في نحو التاسعة مساءً ولا أخلد للنوم قبل الواحدة صباحًا، فأحصل على ساعتين بحد أدنى لقراءاتي الحرة. والحقيقة أني لا أستعيد قراءة الكتب إلا فيما ندر - وأقول هذا بكل أسف - فأنا متأخر طوال الوقت عن جدول القراءة المأمول، وقائمة الكتب التي أرغب في مطالعتها تنمو باستمرار وتأكل الوقت بنهم شديد، ويبدو أنني سأظل في هذا الماراثون إلى الأبد».

يعتبر القرملاوي رمضان شهر الإنجاز بالنسبة له، ينتظره من العام للعام حتى ينجز ما يستعصي عليه إنجازه في سائر الشهور، وذلك بسبب الروتين اليومي المنتظم فيه، الروتين الذي يساعده على الكتابة بصفة يومية. أحيانًا يكتب قبل الإفطار لو عاد من عمله أبكر نسبيًّا، وغالبًا بعد صلاة التراويح مع كوب الشاي الأول أو الثاني والإضاءة الخافتة، والبطن الذي تخلص نسبيًّا من تُخمَة ما بعد الإفطار، والسكون الذي يُجيد صُنعَه في أجواء الغرفة.

يتحدث القرملاوي عن طقوسه لرمضان: «هي طقوس بسيطة لا تزيد عن صلاة التراويح في غرفة أبي وبصحبته، والاستمتاع أكثر من المعتاد بصوت الشيخ محمد عمران ومدائحه الأسطورية، والتلذذ بصوت عبد الوهاب لتسلية الصيام، والاجتماع مع الأسرة حول مائدة الطعام، فرمضان هو الشهر الوحيد في العام الذي نجتمع فيه كاملي العدد بصفة يومية حول مائدة الطعام، بل وأجد أبنائي يسكبون لي الماء البارد والتمر هندي ويناولونني حبات التمر حتى أكسر صيامي، فأشعر أن الدنيا بخير وأن العالم قد كَفَّ مؤقتًا عن ممارسة الجنون».

ولد القرملاوي، في القاهرة عام 1978. وصدرت له حتى الآن خمس روايات هي روايته «أمطار صيفية» التي حازت على جائزة الشيخ زايد للكتاب عن فئة المؤلف الشاب عام 2018، وروايته «نداء أخير للركاب» التي نالت جائزة أفضل رواية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في عام 2019، كما صدرت له «التدوينة الأخيرة»، و«دستينو»، و«ورثة آل الشيخ» التي حصلت على جائزة كتارا للرواية العربية، 2021.

وقد نشر مجموعته القصصية الأولى «أول عباس» في عام 2013، ثم مجموعته الثانية «قميص لتغليف الهدايا» عام 2021.