1441437
1441437
تقارير

فرق تطوعية تحرس الخبز في الخرطوم لمحاربة الفساد

20 فبراير 2020
20 فبراير 2020

السودان - رويترز: بينما يعجن عمال المخابز الطحين ويضعون الصواني داخل الأفران محملة بأقراص مستديرة من عجين الخبز في العاصمة السودانية الخرطوم، تقوم مجموعة من المتطوعين الذين يرتدون سترات صفراء بمهام الحراسة.

ويهدف المتطوعون الذين أطلقوا على أنفسهم حراس الثورة التي أطاحت بالرئيس عمر حسن البشير إلى التصدي لتهريب الطحين (الدقيق) والخبز المدعمين اللذين من المفترض أن يصلا إلى أيدي المواطنين الذين يرزحون تحت وطأة أزمة اقتصادية طاحنة.

وكان الخبز رمزا للثورة، إذ أشعلت محاولة لرفع أسعار الخبز فتيل أول احتجاجات كبيرة في مدينة عطبرة.

لكن لا يزال يتم سحب الدقيق والوقود وإعادة طرحهما في السوق السوداء مما يسهم في نقص أضعف الروح المعنوية بعد مرور ستة أشهر من فترة انتقالية مدتها 39 شهرا فيما تقف حكومة مدنية ضعيفة في حالة عجز عن رد الفعل.

وقال الطالب مهند بابكر وهو يحرس أحد المخابز في ضاحية أركويت بالعاصمة «نحن دورنا في المخابز كلجان مقاومة يقتصر على الرقابة.. نحن نراقب الأشياء التي تدخل المخبز وتخرج من المخبز.. الدقيق قبل أن يكون خبزا وبعد أن يكون خبزا وعدد الخبز الذي يخرج من المخبز ولأي جهة يذهب وفي أي زمن ولماذا».

وذكر بابكر أن المتطوعين أحبطوا بالفعل عمليات تهريب للقمح أو الخبز من المخابز في أركويت. وفي إحدى الحالات عرض أكثر من ألفي رغيف للبيع بثلاثة أمثال سعرها خارج الخرطوم. وتلقى الجناة تحذيرا من الشرطة.

وقال متطوع ثان إن الخبز يباع في بعض الأحيان للمطاعم بزيادة قدرها 20 في المائة.

وعلى مدى الأسبوعين المنصرمين، قام المتطوعون بإدخال بيانات شحنات الدقيق ومواعيد إغلاق المخابز وعمليات التهريب على تطبيق هاتفي في المرحلة التجريبية في أركويت.

ويأملون أن يوسعوا نطاق أنشطتهم لتشمل المطاحن وشبكات التوزيع وأن يساعدهم التطبيق في الكشف عن الأماكن التي تحدث فيها عمليات التهريب وتحويل مسارات الإمدادات. وأعرب محمد نمر (31 عاما) وهو مهندس البرمجيات الذي صمم التطبيق عن اعتقاده بأن أزمة الوقود والخبز ستُحل عندما تتوفر البيانات الصحيحة.

وقال «التطبيق ببساطة يتيح للجان المقاومة أن ترفع تقارير عن المخابز من حولها في الحي.. تقرير عن استلام المواد.. تقرير عن المخبز المغلق.. تقرير عن حالات التهريب.. كل التقارير تصب في قاعدة بيانات واحدة من كل لجان المقاومة من كل السودان.. البيانات عندما تتوفر في منطقة واحدة تتيح لمتخذي القرار اتخاذ القرار الصحيح ومعرفة المشكلة».

ويتم اختيار المتطوعين الذين يعملون بالتناوب من «لجان مقاومة» مرتبطة بالحركة التي حشدت المظاهرات في الشوارع لشهور قبل تنحية البشير في أبريل وبعدها.

في الوقت الذي أدت فيه أزمة الإمدادات الأخيرة لطوابير طويلة على مدى الأسابيع القليلة الماضية من أجل الحصول على الوقود والخبز، انتشر المتطوعون في المخابز في الخرطوم وخارجها.

وشكر وزير التجارة والصناعة مدني عباس مدني، المسؤول عن وضع سياسة الخبز وأحد الشخصيات البارزة في الحركة المناهضة للبشير، لجان المقاومة علنا على عملها، ونشر صورا على تويتر للمتطوعين ظهر أحدهم فيها وهو نائم على أكياس (أجولة) الدقيق. كما قالت الوزارة واللجان إنهما ستحاولان توحيد جهودهما.

وعدلت الحكومة عن قرار رفع أسعار الخبز، لكن مدني أعلن الأسبوع الماضي أنه سيتم زيادة عدد المخابز التجارية التي يمكن فيها بيع الخبز بسعر أعلى بدءا من أبريل، وأن حجم رغيف الخبز المدعم بالكامل والذي يباع بجنيه سوداني (سنتين أمريكيين بالسعر الرسمي أو سنت أمريكي واحد في السوق الموازية) سينخفض من 70 جراما إلى ما بين 42 و48 جراما. وأثارت التلميحات بإمكانية رفع الدعم غضب البعض لكن الآراء منقسمة.

وقال رجل يدعى صلاح (55 عاما) بينما كان يشتري أرغفة الخبز من أركويت «في رأيي الشخصي لو الحكومة رفعت الدعم أفضل من أن يأتي العهد البائد». من جهة أخرى الأمم المتحدة: الأطراف المتحاربة في جنوب السودان «جوّعت عمداً» السكان

من جهة أخرى ذكر تحقيق أجرته الأمم المتحدة امس ان قوات حكومة جنوب السودان وغيرها من الجماعات المسلحة «جوَّعت عمدا» السكان من خلال منع دخول المساعدات وتشريد السكان.

وفي تقرير يأتي قبل يومين من المهلة النهائية الاخيرة لتشكيل حكومة وحدة، حققت اللجنة المؤلفة من ثلاثة أعضاء في الانتهاكات التي وقعت بين تاريخ توقيع اتفاق السلام في سبتمبر 2018 و ديسمبر 2019.

ووجهت اللجنة اتهامات شديدة ل»النخبة الضارية غير الخاضعة لأية محاسبة» ولمعاناة السكان بعد ست سنوات من النزاع.

وقال التقرير «اليوم في جنوب السودان، يتم تجويع المدنيين عمدا، ومراقبتهم وإسكاتهم بشكل منهجي، واعتقالهم واحتجازهم بشكل تعسفي وحرمانهم من الإجراءات القضائية العادلة». وفيما أعلن رئيس جنوب السودان سلفا كير وخصمه رياك مشار في جوبا أنهما اتفقا على تشكيل حكومة السبت، انتقد التقرير العملية التي شهدت تأخيرات وخلافات، وقال إنها «تفتقر إلى الإرادة السياسية».

وأضاف التقرير إن «النخب السياسية لا تزال غير مدركة لمعاناة ملايين المدنيين التي تقول تلك النخب إنها تقاتل من أجلها».

ووجد المحققون أن تجنيد الأطفال المستمر من جانب القوات الحكومية والجماعات المتمردة، والنزاعات المحلية الدامية التي خلفت مئات القتلى، والعنف الجنسي، وسرقة الأموال العامة استمرت دون أن تعيقها عملية السلام الأخيرة.

وأضاف التقرير أن «اللجنة تلحظ بقلق بالغ أنه خلافا للعوامل التي تسبب بها المناخ، فإن القوات الحكومية والجماعات المسلحة اتبعت سياسات مسؤولة عن تجويع السكان في واو (حاضرة ولاية بحر الغزال) وولاية الوحدة».

وتابع أن «منع دخول المساعدات الانسانية وعمليات النزوح التي تسببت بها التكتيكات غير القانونية فاقمت المجاعة في أنحاء مختلفة من البلاد وحرمت مئات آلاف المدنيين من الاحتياجات المهمة بما فيها الوصول إلى الغذاء».

وخلال الفترة التي أجرت فيها اللجنة تحقيقها، واجه نحو 6,35 مليون شخص أي 54% من السكان، الجوع الشديد.

واندلع النزاع في جنوب السودان في ديسمبر 2013 بعد خلاف بين كير ونائبه السابق وخصمه اللدود مشار.

وأدى النزاع إلى مقتل نحو 380 ألف شخص وأجبر أربعة ملايين على الفرار من ديارهم.

واتفاق السلام الذي تم التوصل إليه في سبتمبر 2018 هو أحدث مسعى لإنهاء النزاع ودفع الرجلين إلى حكم البلاد سوية، وهي التجربة التي أدت مرتين في السابق إلى كارثة.

ولا تزال هناك العديد من القضايا الشائكة بين الطرفين من بينها حدود الولايات والترتيبات الأمنية، قبل المهلة النهائية التي تم تأجيلها مرتين. وقال التقرير انه حتى لو تم تشكيل حكومة وحدة، فإن تحديات هائلة لا تزال تواجه البلاد التي حصلت على استقلالها في 2011.

وأضاف أنه في أنحاء البلاد فقد أدت نزاعات إتنية بعيدة عن عملية السلام، إلى مقتل 531 شخصا في الفترة بين ‏فبراير ومايو 2019 لوحده، ويستمر القتال اليوم ضد معاقل للجماعات المتمردة في ولاية الاستوائية.

وأشار التقرير إلى أن الفساد أدى إلى سرقة موارد ثمينة للدولة.

وأوضح «لقد أدى الفساد إلى إثراء العديد من المسؤولين على حساب ملايين المدنيين الجوعى». وقال إنه وجد أن ملايين الدولارات من أموال الضرائب تم تحويلها واختفت.

وتواصل الحكومة والقوات المسلحة تجنيد الأطفال خلال الفترة التي قامت اللجة بمراجعتها، حيث يعتقد أنه تم تجنيد 19 ألف طفل.

وإضافة إلى ذلك فقد تخلف نحو 2,2 مليون طفل عن الذهاب إلى المدرسة كما أن 30% من المدارس لا تزال مغلقة.