1420800
1420800
تقارير

السلطان قابوس أولى اهتماما كبيرا بالأمن الغذائي

19 يناير 2020
19 يناير 2020

مشروع المليون نخلة يفتح آفاقا جديدة للاستثمار الزراعي -

تقرير- شمسة الريامية -

في عام 2009 أعلن جلالة السلطان الراحل قابوس بن سعيد بن تيمور - طيب الله ثراه- عن مشروع زراعة المليون نخلة وذلك لتحقيق الامن الغذائي بالسلطنة، إذ تعد التمور من اهم عناصر الغذاء اليومي في كل بيت عماني، ويعد مشروع زراعة المليون نخلة من المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية العالية التي ترفد قطاع الزراعة بمقومات واعدة وتفتح آفاقا جديدة للاستثمار الزراعي، حيث يتيح هذا المشروع إنتاج 96 ألف طن من التمور عالية الجودة، بالإضافة الى ما يصاحب هذا الانتاج من صناعات اخرى كالتغليف والتعبئة وغيرها.

وكان الإعلان عن هذا المشروع انعكاسا لاهتمام السلطان الراحل مشاريع الأمن الغذائي في السلطنة، وفي هذا الإطار جاءت الخطط الخمسية المتوالية لتعمل على ترجمة هذا التوجه السامي. وتشير الإحصائيات الرسمية الى تحقيق نمو جيد في قطاع الزراعة والثروة السمكية بنسبة 4.1% خلال النصف الأول من العام الماضي بمساهمة تصل إلى 330 مليون ريال في الناتج المحلي الإجمالي، كما بلغت مساهمة القطاع في الناتج المحلي 667 مليون ريال خلال عام 2018. ومن المتوقع ان يواصل النمو في ظل الاهتمام الكبير بدعم القطاع من خلال خطط التنمية ومبادرات برنامج تنفيذ والرؤية المستقبلية عمان 2040.

وبحسب توجيهاته ، طيب الله ثراه ، تمّ إنشاء 11 مزرعة ضمن مشروع المليون نخلة تضم 600 ألف نخلة على مساحة 17 فدانا، في محافظات الداخلية، وشمال الشرقية، وجنوب الشرقية، والبريمي، والظاهرة، وفي محافظة ظفار، وذلك لتوفر الأراضي والمياه. فضلا عن زراعة أصناف مختلفة من شجرة النخيل كالفرض التي تقدر بحوالي 800 ألف نخلة، والخلاص 80 ألف نخلة، وبونارنجة 40 ألف نخلة، والمجدول 40 ألف نخلة، والفحول 40 ألف فحل.

وقامت إدارة مشروع زراعة المليون نخلة في البداية باعتماد الأسس العلمية لاختيار الأراضي الزراعية منها خصوبة الأرض، وتوفر مصادر مياه مستدامة للري، إذ مر كل ذلك بمراحل مختلفة ودراسات عديدة ، ومسوحات أولية وتفصيلية، لتحديد صلاحية الأراضي وخصوبتها، وتحديد برامج مناسبة للري. وقد استخدم المشروع التقنيات الحديثة في كافة زراعة النخيل، إذ تم إنتاج فسائل خضرية، ونسيجية عن طريق تطبيق التلقيح الآلي، كما تم استخدام آلات زراعية حديثة في مرحلة التسميد، والتنظيف، والتقليم، وإزالة الأشواك الجافة، والتحدير وغيرها وذلك للحصول على أحجام كبيرة من التمور، فضلا عن مرحلة الحصاد التي تمت بالطرق اليدوية وحديثة عن طريق هز الثمار ووضعها في صناديق، وصولا لمرحلة ما بعد الحصاد التي استخدم فيها احدث أجهزة التعقيم والتجفيف وغسيل التمور.

كما قامت إدارة المشروع بعمل ربط إلكتروني لكافة مزارع مشروع زراعة المليون نخلة لتحقيق إدارة إلكترونية بطريقة متكاملة بالنسبة للمزارع البعيدة بحيث يتم إدارتها من مركز تحكم موحد، يراقب أنظمة الري ويحدد المخاطر المختلفة، ويجمع البيانات ويحللها حتى يتم اتخاذ قرارات سريعة بشأن أي طارئ، فضلا عن تقليل الجهد، والوقت، والكلفة في إدارتها.

وفي عام 2017 تم تأسيس شركة « تنمية نخيل عمان» وذلك بالتعاون مع الشركة العُمانية لتنمية الاستثمارات الوطنية «تنمية» لتكون بمثابة الكيان الاستثماري لمشروع زراعة المليون نخلة. إذ تم توقيع مذكرة تفاهم بين ديوان البلاط السلطاني، ممثلاً في المديرية العامة لمشروع زراعة المليون نخلة، والشركة العمانية لتنمية الاستثمارات الوطنية «تنمية» ومركز الابتكار الصناعي ليساهم هذا التعاون المشترك في التنويع الاقتصادي للسلطنة وتحقيق الأمن الغذائي، وتستثمر في المنتجات المستخلصة من التمور ذات الجودة العالية والمنافسة في الأسواق العالمية كالعصائر الطبيعية، ومشروبات الطاقة، ومشروبات الصحية، ومشروبات الأطفال، وحلوى التمر، وزبدة التمر، فضلا عن المنتجات الناتجة من مخلفات النخيل مثل الفحم الطبيعي، وألواح خشب النخيل والأعلاف والأسمدة وغيرها.

ويسعى هذا المشروع إلى إيجاد قطاع متطور لتصنيع التمور باستخدام أفضل التقنيات الحديثة في الإنتاج، فضلا عن تطوير الحرف التقليدية للمنتجات المستخرجة من أشجار النخيل بطابع عصري مع الاحتفاظ بالهوية العمانية في هذا الجانب، وتعزيز القدرات الاقتصادية للزراعة العمانية بوجه عام، وتشجيع التصنيع الغذائي. كما يهدف المشروع إلى إبراز دور القطاع الخاص في المجالات الإنتاجية والتصنيعية بما في ذلك إدراج منتجات جديدة إلى قائمة التصنيع العمانية، والمنافسة في الأسواق المحلية والعالمية بأعلى مستويات المواصفات، ومقاييس الجودة، وإحلال الواردات لتحقيق الاكتفاء الذاتي بنسبة عالية مع تحقيق فوائض تلبي الاحتياجات التصنيعية والتصديرية.

استراتيجية التنمية الزراعية 2040

ولضمان النمو المستمر لقطاع الزراعة، تم بدء تنفيذ استراتيجية التنمية الزراعية والتي مرت بأربع مراحل، أولى تلك المراحل هي تكوين لجان متخصصة للإشراف على إعداد الاستراتيجية، ومن أهمها اللجنة الرئيسية للإعداد الاستراتيجية لتكون برئاسة وزير الزراعة والثروة السمكية وعضوية مختصين من الوزارة وممثلين لبعض الجهات الحكومية، إضافة إلى الفريق الوطني الذي يتكون من كوادر متخصصة من داخل وخارج الوزارة.

كما تم في المرحلة الأولى من مشروع الاستراتيجية إعداد الوثائق من الناحية الفنية والمالية والقانونية والإدارية وذلك لإنجاز استراتيجية قابلة للتطبيق وتساهم بالنهوض بالقطاع النباتي والحيواني بصورة كاملة، وتحقق الأهداف الموضوعة لغاية عام 2040.

أما المرحلة الثانية فتتمثل في الاطلاع على كافة المراجع والتقارير المتعلقة بالقطاع الزراعي والحيواني، ثم إجراء تحليل وتقييم نوعي، وتحديد مواطن القوة والضعف والتحديات التي تواجه القطاعات لضمان حدوث تطور نوعي لكل قطاع رئيسي وثانوي. فضلا عن تنظيم حلقات عمل لجميع المستفيدين ذوي العلاقة بالقطاع الزراعي «الشركاء» ، ووضع الحلول المناسبة، والخطط العملية، والبرامج لمعالجة التحديات الرئيسية التي تواجه القطاع الزراعي في السلطنة.

والمرحلة الثالثة يتم فيها صياغة الاستراتيجية لمدة ستة أشهر وذلك بعد اعتماد تحليل وتقييم القطاع الزراعي، بالإضافة إلى إقامة حلقات عمل للمستفيدين من القطاع، بحيث يتم وضوع الأولويات والنتائج والفئات المستهدفة، وتقديم المسودة الأولية للاستراتيجية واعتمادها.

أما المرحلة الرابعة وهي الأخيرة فيتم وضع البرنامج الاستثماري والخطة التنفيذية ويتم فيها اقامة حلقة عمل للمستفيدين من القطاع، تختص بكيفية تحديد الأولويات والبرنامج الاستثماري للمشاريع والتي تغطي كمرحلة أولى الفترة الزمنية من 2016م وحتى 2020م ، واعتماد البرنامج الاستثماري والمشاريع بشكلها النهائي.

وتعد الاستراتيجية الزراعية 2040 إطارا مرجعيا للنهوض بالقطاع الزراعي، وتقوم على عدد من الأسس منها تطوير إدارة الموارد المائية، والالتزام بالأمن الغذائي المستدام، ورفع نسب الاكتفاء الذاتي للسلع الغذائية الأساسية، وزيادة معدل النمو السنوي للقطاع الزراعي، ورفع نسبة مساهمته في إجمالي الناتج المحلي، واستيعاب وتوظيف عمالة جديدة، وتحسين واستقرار المجتمع الريفي العماني من النواحي الاجتماعية والاقتصادية.

مزون للألبان

وسعت الحكومة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الالبان واللحوم الحمراء والبيضاء من خلال إقامة شركات في هذه القطاعات الحيوية. حيث هدفت شركة مزون للألبان إلى تعزيز الاكتفاء الذاتي في مجال منتجات الالبان بالسلطنة، وتحسين الاستهلاك الفردي من الحليب، وتحفيز التصنيع الغذائي مع أنظمة عالية الجودة، فضلا عن توفير فرص عمل للمواطنين.

وتعد مزون للألبان أكبر مشروع متكامل لألبان برأسمال يبلغ 100 مليون ريال، وقد تأسست الشركة في يناير 2015، ولكن حجر الأساس في الموقع تم وضعه في أكتوبر 2017. ويصل إنتاج الشركة حاليا إلى مليون لتر من الحليب السائل يوميا، التي يصنع منه بعض مشتقات الحليب مثل الزبادي، واللبن، والأيس كريم، والجبن، والعصائر، إذ يتم توفيرها لكل المستهلكين بدول مجلس التعاون الخليجي.

وتضم المزرعة التابعة لشركة مزون للألبان حوالي 3.500 بقرة من سلالة هولستين التي تنتج 30 لترا من الحليب الطازج يوميا، وتسعى إلى زيادة قدرتها الاستيعابية بحلول 2026 لتصل إلى 25.000 بقرة.

وتقوم شركة مزون للألبان بالاهتمام بالأبقار من خلال توفير أجهزة تبريد البقر المتطورة التي تتحكم بدرجات الحرارة الداخلية، فضلا عن توفير بعض المرافق الأخرى لضمان عدم تعرض القطيع للضغط، كما يتم إيواء جميع الحيوانات على طبقات رملية وعرضها على الاختصاصيين البيطريين على مدار الساعة. كما تعمل أجهزة الإرسال أو الاستقبال المثبتة حول رقابها على مراقبة أنماط الطعام، والنوم للتأكد من توفير الراحة للقطيع في جميع الأوقات.

وتقع شركة مزون للألبان في ولاية السنينة بمحافظة البريمي التي تتميز بانخفاض معدلات الرطوبة، ووجود الكثبان الرملية في تلك المنطقة التي توفر طبقات ناعمة للأبقار، فضلا عن وجودها في مكان استراتيجي بالقرب من الأسواق المحلية والخليجية.

البشائر للحوم

ومن المشاريع الأخرى التي هدفت إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاع اللحوم الحمراء بالسلطنة هو مشروع البشائر للحوم الذي أنشأ بتكلفة استثمارية بلغت 37 مليون ريال. ويهدف المشروع إلى استيراد المواشي الحية من مختلف الدول مثل أثيوبيا، والصومال، والسودان ودول أخرى تتوفر بها الثروة الحيوانية والعمل على تسمينها وبيع لحومها، بعلامة تجارية ذات جودة عالية. إضافة إلى ضمان تحقيق الامن الغذائي في السلطنة وتوفير أغذية سليمة وخاصة في قطاع اللحوم الحمراء، وجعل المشروع المصدر الموثوق لتسمين الماشية في السوق المحلي واحلال الواردات من اللحوم الحمراء، وتوفير فرص عمل للمواطنين.

وتعد شركة البشائر للحوم أول مشروع متكامل لإنتاج اللحوم الحمراء في السلطنة، والأكبر في المنطقة، حيث تم تأسيسها للمساهمة في منظومة الأمن الغذائي، وضمان سلامة الأغذية، وتعزيز الاكتفاء الذاتي في مجال اللحوم الحمراء في السلطنة.

ويقع المشروع في ولاية ثمريت بمحافظة ظفار، حيث يضم مزارع ، وحظائر تربية وتسمين ،ومسلخ متطور، ومصنع مجهز بأحدث التقنيات لتصنيع اللحوم ومنتجاتها، لتقديم لحوم حلال صحية وطازجة طيبة الطعم، وبجودة عالية مذبوحة طبقا للشريعة الإسلامية ، وتتبع أعلى معايير السلامة الغذائية والنظافة وضبط الجودة.

النماء للدواجن

يعد مشروع النماء للدواجن من أهم المشاريع التي ساهمت في تحقيق متطلبات الأمن الغذائي في السلطنة من اللحوم البيضاء بنسبة تصل إلى 80 % في الأعوام المقبلة وذلك بتكلفة استثمارية بلغت 100 مليون ريال.

ويلبي مشروع النماء للدواجن احتياجات السوق المحلية من اللحوم البيضاء عبر انتاج حوالي 60 ألف طن سنويا من اللحوم البيضاء ذات الجودة العالية والمتوافقة مع الشريعة الإسلامية. كما يستخدم المشروع التقنيات الحديثة في مجال صناعة الدواجن في المصانع والمزارع والفقاسات، حيث تقدر طاقته الإنتاجية 200 ألف طائر في اليوم، قابلة للزيادة إلى 500 ألف طائر، إضافة إلى 240 عنبرا لتربية الدجاج موزعة على 20 وحدة إنتاجية قابلة للتوسعة، ويضم كذلك مفرخات آلية بطاقة 70 مليون بيضة قابلة لزيادة الإنتاج 100 مليون بيضة في السنة لتوفير احتياجات المشروع من الصيصان.

ويقع المشروع في ولاية عبري بمحافظة الظاهرة وذلك نتيجة لما تتميز به الولاية من مقومات تسهم في إنجاح المشروع، ومنها البعد عن الأحياء السكانية والمدنية بشكل عام، فضلا عن أهمية توزيع المشروعات في مختلف محافظات السلطنة، والتي تسهم بدورها في تنميتها، وتوفير فرص العمل لأبنائها، وتحقيق القيمة المحلية المضافة من خلال إشراك المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة والمتوسطة في هذه المشاريع، عبر إسناد بعض المهام والمسؤوليات لها.