No Image
تحقيقات

المحطة المركزية ببرج الصحوة.. مخططات في الأدراج ومواطنون تحت الشمس!

24 يونيو 2023
24 يونيو 2023

مشاريع "أسياد" وبلدية مسقط لتطوير المحطة المتكاملة.. ومسارات الطرق لم تتحقق -

نقص خدمات وعشوائية مرور ومعاناة يومية للمسافرين وسائقي "الأجرة" -

بقدر أهمية موقع برج الصحوة كمحطة مركزية بمحافظة مسقط، تنتصب علامة استفهام كبرى حول صمت الجهات المعنية عن مشاريع تطوير المنطقة التي أعلن عنها منذ سنوات وفي أكثر من مناسبة، والمواطن لا يزال ينظر وينتظر بأمنيات واسعة أن تتحول هذه المنطقة إلى ميناء بري أو محطة مركزية متكاملة ومتطورة للنقل البري ومريحة للمسافرين.. ويرافق هذه الأمنية تساؤل قديم متجدد حول أهمية تطوير دوار برج الصحوة!

يرى متابعون أن تطوير دوار وموقع برج الصحوة إلى محطة متكاملة يفرض نفسه في وقتنا الحاضر أكثر من أي وقت مضى، حيث من المنتظر أن يتم الانتهاء من توسعة طريق الرسيل ـ بدبد بأربع حارات، وتوسعة طريق مسقط السريع وتحسين المداخل والمخارج المؤدية إليه، ومع البدء في هذه المشاريع والانتهاء منها يكون تطوير موقع برج الصحوة بموقعه الحالي أو إيجاد موقع آخر يؤدي مهمة هذا الدوار كنقطة التقاء بحاجة إلى اهتمام أكبر ودراسة لإيجاد محطة متكاملة، تلبي احتياجات النقل البري وفق معايير تتوافق مع تزايد الطلب والحاجة للنقل البري بين محافظات سلطنة عمان وولاياتها المترامية الأطراف.

منذ عام 1982م الذي تم فيه افتتاح برج الصحوة، لم يشهد الموقع التطوير المنشود الذي يتواكب من متطلبات النهوض بتطوير قطاع النقل البري، عبر إيجاد محطة متكاملة أسوة بغيرها من المواقع الحيوية التي تكتسب أبعادا اجتماعية واقتصادية وتجارية، تلبي متطلبات المرحلة برؤية عصرية تنقل الواقع الحالي لدوار برج الصحوة إلى مستوى الطموحات في تطوير منظومة النقل، عبر إقامة محطة متكاملة تواكب الأهمية الاستراتيجية للموقع.

ولم تصل اللمسات التطويرية المتواضعة التي تتم بين فترة وأخرى إلى مستوى الطموح الذي يأمله المجتمع في هذا الموقع الحيوي، حيث لا تزال عملية التنقل بدائية ووقوف سيارات الأجرة بشكل عشوائي في تنزيل وتحميل الركاب، والانتظار تحت أشعة الشمس وعلى قارعة الطريق، أثناء تحميل وتنزيل الركاب، إضافة إلى الزحمة المرورية التي تحصل من خلال عبور الأشخاص مشيا على ضفتي الطريق، ونقل الركاب عبر حافلات شركات النقل، إذ لا يزال المشهد بحاجة إلى محطة متكاملة تلبي متطلبات المرحلة الحالية والمستقبلية.

وبالعودة إلى خطط الجهات المعنية لتطوير موقع برج الصحوة، نجد بأن مجموعة أسياد أعلنت في عام 2019م عن طرح مناقصة لتطوير محطة برج الصحوة كمحطة نقل عام متكاملة وبمقاييس عالمية وعلى مساحة 42 ألف متر مربع، وذلك بالشراكة مع القطاع الخاص! إلا أن هذا المشروع لم ير النور، على الرغم من نشر تفاصيله ورسم توضيحي لما يتضمنه من مرافق.

وفي عام 2022 أعلنت بلدية مسقط، عن مشروع لتحسين انسيابية المسارات التي تربط دوار برج الصحوة وتقاطعات طرق الموالح بولاية السيب، وهذا المشروع أيضا لم ير النور حتى اليوم.

وأجرت "عمان" اتصالات مع وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، على مدى 4 أسابيع ونيف للحديث عن مشاريع تطوير موقع برج الصحوة، وأسباب تأخرها، إلا أن الوزارة لم ترد حتى اللحظة.

محطة متكاملة

عدد من الخبراء والمهتمين في مجال التخطيط والنقل البري، أكدوا لـ "عمان" أهمية تطوير المنطقة بإقامة محطة مركزية للنقل البري، حيث قال حمد بن سالم العلوي خبير جدول في تخطيط حوادث المرور: إن التطوير الذي أجري على الدوار لا يكفي لحل مشكلة الازدحام والحاجة إلى محطة متكاملة؛ لأن هناك حركة مرورية متنامية في الموقع، فبداية هناك حركة قريبة تقصد معسكر المرتفعة والمرافق التي تتبعها، وجامعة السلطان قابوس، ومنطقة الموالح، ومجمع الرسيل الصناعي، وواحة المعرفة التي تمثل عقل عُمان الاصطناعي، ومنطقة الخوض، وإذا نظرنا إلى المدى الأبعد، فإن هذا الطريق يأخذ الحركة إلى الشارع السريع مسقط الباطنة، ثم إلى محافظات الداخلية، والظاهرة، والشرقية شمالها وجنوبها، ومحافظتي الوسطى وظفار، ثم إلى السعودية واليمن، لذلك تبين لنا أهمية وخطورة برج الصحوة في توزيع الحركة، عليه فإنه من الضروري أن تكون النظرة إلى هذا الدوار، بواقعية حقيقية، وليست نظرة هامشية، فعندما تتوقف الحركة تماماً ويختنق الناس في الزحمة المرورية، نبدأ التفكير في الحلول، وهذا حال واقع اليوم مع مسار برج الصحوة.

وبيّن العلوي أن تحقيق ذلك يتطلب من الجهات المسؤولة، أن تبدأ في البحث عن أنجع السبل في حل المعضلة الكبرى التي يعيشها هذا التقاطع اليوم، فمن السهل جداً الآن، أن نجعل الطريق يستمر بالنفق الذي يمر تحت شارع السلطان قابوس حتى يتجاوز برج الصحوة، وذلك مع التوسعة المناسبة التي تخدم مدى أبعد من خمس سنوات قادمة، وبما يتناسب مع التوسعة التي تجري في طريق الجفنين حالياً، وكذلك الحال بالنسبة للطريق القادم من الداخلية باتجاه شارع السلطان قابوس، وهذه المنطقة سهلة، وممكن عملها بالمعدات العادية، لأنه ليس بها جبال أو صخور، وهناك طرق ممكن تعليقها حول برج الصحوة.

وأوضح أن برج الصحوة يمثل نقطة التقاء المسارات في كل الاتجاهات، وتحيط به حديقة زاهية وجميلة ولكن غير مستثمرة، وهناك مسارات من تحت الأرض توصل إلى البرج للأشخاص، فلماذا لا تحول الحدائق ومنطقة البرج إلى منتجع سياحي، وأن يزود البرج بمطعم سياحي في الأعلى ومطاعم ومقهى في محيطه، ويستغل موقعه الاستراتيجي لإنشاء إطلالات في كل الاتجاهات.

كما اقترح العلوي إنشاء بنايات صغيرة في إطار المحطة تخصص للمحلات ومكاتب للشركات.

مفترق طرق

وأكد الخبير راشد بن سعيد بن خلف الغيثـــــــــــي نائب رئيس لجنة النقل والقطاع اللوجستي بغرفة تجارة وصناعة عمان على أهمية إنشاء محطة مواصلات متكاملة في منطقة برج الصحوة وربطها بكافة محافظات سلطنة عمان؛ لكون موقع المحطة يمثل مفترق طرق بين المحافظات، بحيث تقوم المحطة المتكاملة بتوفير كافة أنواع الوسائل والخدمات والنقل في مكان واحد والمكونة من "سيارات الأجرة وحافلات النقل الجماعي ومترو المدينة ومكاتب نقل البضائع والأمتعة الخفيفة".

وقال الغيثي: محطات المواصلات العامة جزء مهم من أجزاء البنى الأساسية للمدن والعواصم، ولها أبعاد اقتصادية وتنموية وسياحية، ولا تخلوا أي مدينة عصرية من هذه المرافق التي تعد شريانا حيويا في منظومة النقل بالمدن المتقدمة، ويعد تطوير قطاع المواصلات العامة إحدى توجهات رؤية عمان 2040 في بناء منظومة نقل تخدم الاقتصاد المحلي.

وأشار الغيثي إلى أن دول العالم سبقتنا بسنوات عدة في إنشاء محطات المواصلات المتكاملة، ويعد النقل أحد أكثر الأجزاء حيوية في المجتمع، بحيث يحتاجه الناس إلى التحرك والتنقل للعمل والدراسة وقضاء الاحتياجات اليومية، لذا تزداد أهميته بشكل كبير مع نمو حركة المجتمع بشكل دائم، موضحا بأن محطات المواصلات المتكاملة، تتيح لأفراد المجتمع استخدام بدائل وخيارات متعددة للتنقل، وذلك ينعكس إيجاباً على خفض الازدحام المروري في الطرقات وتقليل الانبعاثات الكربونية وتخفيف مصاريف وأعباء التنقل على أفراد المجتمع، وكذلك يسهم في خفض نسبة الحوادث على الطرقات، وتخفيف الأعباء المالية على الحكومة.

وأكد الغيثي أن محطات المواصلات المتكاملة، تعد شريانا اقتصاديا بحيث توفر العديد من فرص العمل، في مجال الخدمات المقدمة لأفراد المجتمع في أروقة المحطة مثل المطاعم ومحلات التسوق وغيرها من الخدمات.

مشهد متكرر

تمر السنوات.. ويبقى المشهد على ضفتي دوار برج الصحوة تغلب عليه العشوائية. وسط درجات حرارة تجاوزت الـ 45 درجة مئوية، تتعالى أصوات سائقي سيارات الأجرة: نزوى نزوى.. صور، عبري عبري.. صحار، فيما ينتظر المسافرون وسائقو الأجرة تحت لهيب الشمس، في انتظار قد يستمر لساعات!

مسعود بن عيد السلطي (سائق سيارة أجرة منذ 30 عاما) كان ينتظر دوره لتحميل الركاب باتجاه محافظة جنوب الشرقية قال: هذا وضع الموقع، عشوائي بدون تنظيم.

وأضاف: تقف هنا جميع المركبات: سيارات الأجرة والسيارات الخاصة وحتى الشاحنات والحافلات، وفي بعض الأحيان لا يجد أصحاب سيارات الأجرة مواقف شاغرة ما يعرضهم للمخالفات المرورية.

وأكد السلطي على أن وضع دوار برج الصحوة يحتاج إلى تنظيم من خلال إيجاد محطة متكاملة وراقية ومجهزة بمواقف محددة لسيارات الأجرة وغيرها من الإجراءات التنظيمية.

وأكد عامر بن ناصر الداودي حاجة موقع برج الصحوة إلى غرف انتظار مكيفة ودورات مياه وقال: يفتقر موقع برج الصحوة لأبسط المرافق، لا توجد دورات مياه كافية ولا غرف للانتظار، نقف تحت أشعة الشمس والحر كما يقف المسافرون.

واجهة البلد

وقال جاسم بن حمد المعمري: منذ أن بدأت في ممارسة عملي سائق سيارة أجرة أقف بمحطة برج الصحوة بشكل يومي متنقلا بين مسقط وصحار، وخلال السنوات الماضية لم ألمس أي تطوير لدوار برج الصحوة.

وأكد المعمري على أن دوار برج الصحوة واجهة للبلد ولا يختلف عن المطار، فهذا الموقع عبارة عن محطة يلتقي فيها المسافرون القادمون من مختلف البلدان متوجهين إلى محافظات سلطنة عمان ولا بد من أن تكون هذه الواجهة حضارية ومتطورة.

وأضاف على الرغم من الحرارة وعدم وجود مرافق مريحة لنا نحن سائقي سيارات الأجرة إلا أننا قد نتحمل ذلك ولكن كيف للمسافرين من نساء وأطفال أن يتحملوا عدم وجود دورات مياه أو الانتظار تحت أشعة الشمس لساعات طويلة؟

وأشار المعمري إلى أن بعض المسافرين قد يكونون من أصحاب الأمراض المزمنة وعدم وجود مرافق مريحة تلبي حاجياتهم قد تعرضهم للخطر. وناشد المعمري بضرورة تطوير دوار برج الصحوة وإيجاد آلية تنظيم لحركة النقل في هذه المحطة وفق قوانين تضمن حقوق الجميع وتوفر الراحة للمسافر وصاحب سيارة الأجرة، وأيضا، حافلات النقل الكبيرة.

وقال محمد بن أحمد الفزاري، سائق سيارة أجرة منذ 9 سنوات: تحصل مواقف صعبة للمرضى بسبب عدم وجود مرافق للمسافرين، وهذه العشوائية لا تعكس المشهد الحضاري المأمول لمحافظة مسقط.

ومع صدى الصوت التي يبقى عالقا في الذهن وأنت تغادر منطقة دوار برج الصحوة "نزوى نزوى، عبري، صحار" يكبر السؤال في ذهنك متى يصل صوت هؤلاء ومطالبهم، أو متى تنفذ الجهات المعنية ما ألزمت به نفسها من مشاريع تطويرية.. أو لماذا لا ترد على الصحف التي حملت السؤال على عاتقها وتابعت المشهد ورصدته منذ سنوات طويلة؟!! ورغم حجم السؤال إلا أن الأمل ما زال كبيرا في أن تكون لحظة بدء العمل قريبة جدا.

Image