قياس وتقييم أداء الموظف العام بين الجدارة والإجادة والأثر «3»
05 ديسمبر 2025
عادل بن محاد المعشني
05 ديسمبر 2025
بعد أن مررنا بتجارب النظامين (جدارة، إجادة)، ولمسنا آثارهما، وظهرت لنا إيجابيات النظامين وسلبياتهما والتي ذكرتُها في الأجزاء السابقة من هذا المقال؛ صرنا بحاجة للتغيير، فالحل ببساطة يعتمد على تبني إيجابيات كل نظام وإعادة تشكيل وتغيير سياسات وإجراءات وشروط وأحكام ومعايير منظومة إجادة الحالية، واستبدالها بمنظومة جديدة مكونة من عناصر وأسس بناءة حقيقية، تحقق العدالة والنزاهة والشفافية والدقة، وتكفل الظروف والحقوق الاجتماعية والمعيشية للموظف.
وما أقترحه يتمثل في الآتي: أولًا: تفعيل منظومة جديدة، ولنفترض بأن اسمها «منظومة أثر»، بحيث تتكون المنظومة الجديدة من عنصرين رئيسين هما: الأقدمية 20% والكفاءة 80%.
1- عنصر الأقدمية: بحيث يشكل 20% من نسبة الجدارة الإجمالية، واقتراح إعادة تبني وتفعيل هذا المعيار المستخدم سابقا يعود لأسباب وعوامل اجتماعية معيشية للموظف ولضمان حصوله على الترقيات في الوظيفة، ولو تأخر حصوله عليها مدة من الزمن، واعتماد هذه النسبة كنسبة ثابتة ومضمونة تكفل حق الموظف، ويتم احتسابها بعد اعتماد نتيجة التقييم النهائي لكفاءة الموظف نهاية العام، وإعادة إدخال نسبة الأقدمية فيها، ثم عرض النسبة الختامية.
2- عنصر الكفاءة: ويشكل 80% من نسبة الجدارة، وهو جوهر وأساس المنظومة هنا ويشمل جميع عناصرها وأدواتها.
ثانيا: إجراءات عمل «منظومة أثر» وشروطها:
1-تقسيم فترات التقييم في السنة إلى أربع فترات زمنية، تتم خلالها آلية تسجيل واعتماد المهام والإنجازات الفردية، تحسب من بداية كل سنة حتى نهايتها، وتسمى كل فترة بالربع السنوي، وتتمثل أهداف اعتماد هذا التقسيم الرباعي بدلا من طريقة النصف السنوي المعتمد حاليا في الآتي:
أ- توسيع دائرة التقييم بتفاصيل أكبر وأكثر دقة عبر زيادة معطيات وبيانات المدخلات والمعلومات والعمليات المتعلقة بها مرورا بكل مراحلها ومحطاتها الزمنية المحددة والموثقة بصورة كاملة في النظام.
ب-تطوير منظومة قياس الأداء من خلال دراسة ومراجعة وتحليل أرقام المؤشرات والبيانات والنتائج، واعتماد خطط وبرامج وآليات حديثة بديلة ومبتكرة بناء على إحصاءات ومطابقات ناتجة عن تلك المراجعات والدراسات.
ج- تحديد مواطن الخلل والقصور بدقة ومعرفة أبرز التحديات التي تواجه الفرد أو المؤسسة وأسبابها ونتائجها وموقعها الزمني ومقارنتها مع الفترات الزمنية الأخرى.
د- إيجاد مساحات زمنية جديدة وإتاحة فرص جديدة لكل موظف لإضافة إنجازات أخرى جديدة، أو لتحقيق أهداف إضافية، في حالة إتمامه أهدافه الرئيسية السنوية العامة قبل انتهاء السنة خلال الفترات الزمنية الأربع.
2- وضع أهداف إلزامية محددة وبنسب محددة لكل من:
أ- الوحدات بنسبة لا تتجاوز 10%، وتتعلق بالالتزام بمواعيد العمل والانضباط والسلوك الوظيفي، بحيث تحدد كل وحدة حكومية تلك الالتزامات على موظفيها واعتمادها ضمن هذه الأهداف.
ب- على كل مسؤول تطبيق آلية التقييم العكسي من قبل موظفيه، بدءا من رئيس القسم إلى المدير العام، حيث تتم هذه العملية عبر قيام المسؤول بوضع هدف أو أهداف معينة خاصة بالعلاقة بينه وبين موظفيه بنسبة لا تزيد في كل الأحوال على 10% من مجموع الأهداف الخاصة به، ثم يقوم موظفوه بتقييم تلك الأهداف، والتي لا تظهر للمسؤول، لضمان تقييم الأهداف بصورة عادلة ونزيهة، وتظهر فقط لمسؤول مسؤولهم المباشر، والذي يمتلك سلطة قرار الموافقة عليها واعتمادها كليا أو جزئيا بنسبة لا تزيد على 60%، بسبب معرفته بالوقائع ومصلحة وظروف العمل، ونوع وطبيعة تلك الأهداف، ثم يقوم بتقييم نتائج تلك الأهداف، واعتمادها، فتتم هذه العملية سرية دون أن تظهر فيها أسماء المرؤوسين، فتقوم بجمع نسب تقييم الموظفين إذا كان عددهم اثنين فأكثر وتقسيمها على عددهم.
3- مرونة التقييم وعرض نتائج التقييم مباشرة، من خلال عرض نتائج تقييم كل ربع سنوي خلال مدة قصيرة لا تزيد على سبعة أيام، لمراجعتها من قبل الموظف ومسؤوله المباشر، ثم اعتمادها من الطرفين، بحيث يمكن تعديلها في المدة الزمنية اللاحقة للفترة التي تم فيها تقييم أهداف معينة، والتي لم تحقق نتائجها إلا في تلك الفترات اللاحقة.
وختامًا، فكل ما سبق ذكره من حلول وأمثلة وإجراءات وشروط، هي مجرد مقترحات قابلة للنقد، يمكن الأخذ بها أو العكس، بحسب ما يراه أهل الاختصاص وأصحاب القرار، الذين هم أفهم مني في كل ما ذكرته سابقا، والهدف من ذكرها هنا هو إيصال الفكرة وتقريب الصور، واستخدام تلك الأمثلة والنماذج ومقارنتها أو إسقاطها على العناصر والأهداف والأدوات والدراسات المتعلقة بالرؤى والخطط والبرامج القادمة المتمثلة بأية سياسات جديدة مستقبلية خاصة بأداء وتقييم الموظف العام.
