No Image
بريد القراء

الباحثون عن فرصة عمل وبارقة أمل

13 نوفمبر 2025
سالم بن حمد الحكماني
13 نوفمبر 2025

هناك هموم لا يعرفها إلا الباحثون عن عمل، ولا يتجرع مرارتها إلا من رسمت في محياهم هواجس الانتظار الممزوجة بمرارة صبر لا يُطاق.

وتتفاقم هذه الهموم وتزداد كلما انقضت الأيام والسنون، التي تقرض أيام أعمارهم في انتظار طال أمده، فهواجس هؤلاء الشباب، وخوفهم، وأرقهم، ومعاناتهم انتقلت إلى أهلهم وذويهم، الذين أصبحوا يراقبون زهرة شباب أبنائهم وفلذات أكبادهم وهي تذبل.

تتوالى الأيام وتنقضي، وتتعاقب السنون، والأمل المنتظر ما زال يراوح مكانه بعيد المنال. ومع الحسرة على ضياع أيام العمر وفنائها في الدراسة والتحصيل والجد والاجتهاد، أصبح الحلم بالنسبة إليهم «مفقودًا».

لا يخلو أي بيت من بيوتنا العمانية من باحث أو باحثة عن عمل، وبالرغم من السعي المتواصل في البحث عن فرصة عمل، إلا أن اليأس قد يحطم الأماني ويبعثر أغلى الأمنيات. فكم من شاب أُوصدت في وجهه أبواب الأمل، وكم من شاب تحطمت أمنيته بسبب قصر قامة أو نقص وزن أو عمى ألوان في الحصول على فرصة وظيفية عرضت عليه في الجهات العسكرية! ناهيك عن إغلاق الباب في وجهه بعد أن كان بينه وبين الوصول مجرد أن يلمس الباب بيده، بعد أن كان منافسًا كأسرع حصان يعدو ويجري بقوة ونشوة الظفر والفوز بفرصة العمر، التي رسمها على محياه وهو يغادر بيت أهله في تمام الساعة الثانية بعد منتصف الليل حتى لا يفوته الوقت المحدد لبدء اختبار الجري. وقد تمرن وتدرب أيامًا، بل شهورًا، ليحصل على فرصة النجاح في السباق واجتياز بقية الفحوصات الأخرى، ليكون ضمن حراس الذود عن الوطن ورد الجميل لترابه الطاهر، لكن «إرادة الله فوق كل شيء».

بالمقابل، عندما تُعرض فرص عمل محدودة، يتقدم لها آلاف الشباب وهم على علم ويقين تام بأن نسبة النجاح والفوز واقتناص هذه الفرصة «ضئيلة جدًا» مقارنة بالأعداد المهولة من المتقدمين.

إن الباحثين عن عمل هم أبناء الوطن المخلصون، والاستثمار فيهم بناء للعقول التي نضجت أصلًا طوال هذه السنوات، ولا خسارة في الاستثمار البشري. أبناء عمان وبناتها يستحقون الكثير، فهم عدة وعتاد هذا الوطن، وتوظيفهم حق من الحقوق المكتسبة والمشروعة. وعلى من بيده الأمر ألا يغفل أن سنين العمر تمر مر السحاب، وتطوي الأيام سنين أعمارهم طيًا، وأن هؤلاء أصبحوا عالة على أسرهم التي تئن أصلًا من ضغوطات حياتية أخرى أثقلت كاهلها. ولينظر من بيده حل هذا الملف الشائك، أن اليأس قد يتسلل إلى قلوبهم، وأن الإحباط أخذ مأخذًا من عقولهم، فالعزائم لا تحطمها الشدائد إلا أن الانتظار الطويل قد يبعد الأمل ويبطئ العزائم ويقلل الحيلة.

وليعلم متخذ وصانع القرار أن هذا الشاب لديه طموح الاستقرار النفسي من خلال تكوين وبناء أسرة وتحقيق رغبات وأمنيات وأهداف يسعى جاهدًا لتحقيقها، ولن يتأتى له ذلك إلا من خلال إيجاد وظيفة تكون له عونًا على مواجهة أعباء الحياة الصعبة. فليتأمل من بيده حل هذا الملف الشائك، كيف سيكون شعوره لو كان لديه في بيته شاب أو أكثر من أبنائه أو بناته باحثين عن العمل؟! كيف سيكون شعوره وهو ينظر إليهم وقد تعلق أملهم بقرار يتخذه هو قد ينتشلهم من مستقبل الضياع إلى حياة كانوا ولا زالوا يطمحون إليها؟

ينظر المجتمع إلى الباحث عن عمل بأنه ركيزة من الركائز التي تُبنى بسواعدها الأوطان وتنمو وتسمو إلى العلا، ولن يحتوي شباب هذا الوطن إلا الوطن نفسه. فلا يمكن التخلي عنهم وتركهم في ظلام الأحلام الحالكة. ومن هنا فإننا ننادي بأعلى الأصوات بأن يتم حل هذه القضية بأسرع وقت ممكن من خلال وضع خطة سريعة لاستيعابهم في القطاعات الحكومية المدنية والعسكرية والأمنية، وكذلك في مؤسسات القطاع الخاص، ويجب أن يدرك متخذ القرار أن عجلة الحياة تدور سريعًا، وهم –أي الباحثين عن عمل– في تزايد مستمر، وكلما تأخر حل هذا الملف الشائك، فإن المشكلة سوف تتفاقم وتزداد سوءًا يومًا بعد يوم.

إننا على ثقة تامة بأن الجهات المختصة تعمل ليلًا نهارًا لتذليل الصعاب وفتح آفاق مستقبلية للباحثين عن عمل، ولكن نأمل أن يكون هناك تسريع في الحلول لمثل هذا الملف المهم في حياة أبناء الوطن.