975667
975667
المنوعات

مركز نزوى الثقافي وجمعية الكتاب والأدباء ينظمان: ندوة «العواصم السياسية في عمان»

05 أبريل 2017
05 أبريل 2017

975668

الدور السياسي والثقافي والاقتصادي لقلهات وصحار ونزوى وبهلا والرستاق ومسقط -

نزوى – محمد بن سليمان الحضرمي -

نظم مركز نزوى الثقافي والجمعية العمانية للكتاب والأدباء أمس ندوة درست العواصم السياسية في عمان بمشاركة ستة من الباحثين العمانيين قدموا ورقات حول مدن: قلهات وصحار ونزوى وبهلا والرستاق ومسقط، وقد أقيمت الندوة في مسرح مركز نزوى الثقافي برعاية سعادة الشيخ الدكتور خليفة بن حمد السعدي محافظ الداخلية، وبدأت الندوة بكلمة ألقاها المهندس سعيد بن محمد الصقلاوي رئيس الجمعية العمانية للكتاب والأدباء قال فيها: إن لنزوى حضورا في التراث العربي، وقد ذكرها المؤرخون والرحالة العرب في مؤلفاتهم، وتشكل ركيزة مهمة في ذاكرة الوعي التاريخي والثقافي والديني عند العمانيين.

وقال أيضا: عرف التاريخ العماني بوجود عواصم سياسية، ومراكز سياسية، ومراكز تجارية، وكل مدينة من المدن العمانية لعبت دورا في نشأة الحضارة بطريقتها وفطرتها وموقعها وقدراتها، وما قام به أهلها تجاه هذه البلاد، سواء أكانت هذه المدن ساحلية أو واحات صحراوية، أو غيرها من المدن في الداخل العماني.

وأضاف: إن الحديث عن المدينة العمانية يعني الحديث عن الحضارة العمانية، والحديث عن الإنسان العماني حديث عن الثقافة العمانية، وعن التطور الفكري والوجودي للإنسان، ولا أدل على ذلك مما نراه من منشآت معمارية، ومبان ومناطق وحارات وحجرات وغيرها، تؤكد على حضور الإنسان الفاعل في التاريخ عبر الأزمان، لذلك ينبغي أن نهتم بهذه المدن اهتماما كبيرا، ونقدم الدراسات عن جغرافيتها وتاريخها، وندرسها من الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والسكانية، لنؤكد حضور الإنسان العماني فيها، حيث تسهم هذه الدراسات بتطور المدينة في الحضارة العمانية.

المدن العمانية وصنع التاريخ

وألقى د.محمد بن حمد الشعيلي كلمة المشاركين في الندوة قال فيها: إن تاريخ عمان موغل في القدم وضارب في أعماق التاريخ، ويمتد إلى آلاف السنين، ولذلك لا عجب أن تعد عمان واحدة من أكثر البلدان على مستوى العالم، من حيث غنى التاريخ وقدم الحضارة وإنجازات أبنائها عبر العصور الزمنية المختلفة، ومما لا شك فيه أن التاريخ أعطى لعمان هويتها الخاصة، وشخصيتها المميزة، وهو الذي شارك في صنعه أطياف مختلفة تنتمي إلى كل هذا الوطن العزيز، فجاء تاريخها شاملا وعظيما بعظمة آبائها الذين سطروا إنجازاتهم وصنعوا حضارتهم فكتبوا لأنفسهم ولوطنهم تاريخا حاز على إعجاب الجميع، وشهد له القاصي والداني في بقاع الأرض، وقال أيضا: لقد شاركت الحواضر والمدن العمانية في صنع تاريخ هذا البلد بمختلف إمكانياتها المادية وزادها البشري ووجدت العديد من المدن التي كانت لها إسهامات كبيرة في رفد عمان بالحضارة والتاريخ والإنجازات المختلفة، سواء كانت علمية أو حضارية وغيرها وشاركت هذه المدن بقية تراب هذا الوطن العزيز فيما وصلت إليه من عز وتألق عبر ما مضى من زمن وما مر من سنين.

وأضاف: جاءت هذه الندوة لتسلط الضوء على المدن التي كانت بمثابة عواصم عبر الدول المختلفة التي حكمتها ممثلة في مدن قلهات وصحار ونزوى ومسقط والرستاق وبهلا، وهي المدن التي كانت مقر حكم العديد من الأئمة وحكام عمان، وذلك بتقديم أوراق عمل تم إعدادها من قبل باحثين متخصصين ومميزين، ستكشف أوراق عملهم الكثير من التفاصيل والمعلومات الخاصة بهذه المدن، مع إيماننا الشديد أن كل المدن العمانية تستحق الاهتمام وتدوين وإظهار تاريخها المختلف.

إشكالية تحديد موقع قلهات

أدار الجلسة الأولى د.سليمان بن عمير المحذوري، وشارك فيها كل من الباحثة د.بدرية بنت علي الشعيبية، حيث قدمت ورقة حول التاريخ السياسي والحضاري لمدينة قلهات درست فيها الأسباب التي جعلت من قلهات مدينة عالمية ذات بعد تاريخي وتجاري، وقدمت تصورا للمدينة يوضح أهم معالمها العمرانية والجغرافية.

في بداية ورقتها استعرضت الباحثة المعنى اللغوي والجغرافي لتسمية قلهات بهذا الاسم، وتحديد الموقع الجغرافي لها، مفصلة الخلاف بين مدينة قلهات الواقعة في الساحل الشرقي العماني المجاورة لمدينة صور، وبين موقع قلهات القريب من مدينة سلوت بولاية بهلا، وتناولت في ورقتها أسباب اختيار مالك بن فهم قلهات لتكون عاصمة له، ومستوطنا لقبيلة الأزد، وإشكالية تحديد عاصمة مالك بن فهم، فهل هي قلهات الساحلية على بحر عمان أم قلهات الداخلية في بهلا.

كما تحدثت عن قلهات باعتبارها مدينة تجارية عالمية في عهد مملكة هرمز، وسيطرة ملوك هرمز على قلهات، وأسباب توجههم إلى اعتبارها عاصمة ثانية لهم، ودرست في ورقتها الدور التجاري العالمي الذي لعبته قلهات في ظل مملكة هرمز، وأهم السلع التي كانت قلهات تتاجر بها خاصة تجارة الخيول.

التنوع السكاني ونمط العمارة

وتناولت الأسباب التي أدت إلى انهيار مدينة قلهات، وتمثلت في ضعف مملكة هرمز، والسيطرة البرتغالية عليها وتدمير البنية الأساسية للمدينة والأسطول التجاري، وتعرضها لزلزال خلال القرن الخامس عشر الميلادي، الأمر الذي أدى إلى تدمير العديد من الإنشاءات العمرانية فيها، ومن أسباب سقوطها أيضا ازدهار موانئ جديدة في الساحل العماني، أخذت تكتسب شهرة عالمية، مثل ميناء مسقط.

وتوصلت الباحثة إلى مجموعة من النتائج من أبرزها أن أهمية قلهات التاريخية ترجع إلى موقعها الاستراتيجي على بحر عمان، فلقد حباها الله بميناء ذي عمق بحري مهيأ لرسو السفن فيه، ووجود ظهير اقتصادي غني ومتنوع يتمثل في وادي بني جابر ووادي المنقال وطيوي وبلاد صور والكامل ومنطقة جعلان، وكذلك اشتغل تجار مملكة هرمز في جميع أنواع التجارة المطلوبة عالميا في تلك الفترة، إلا أن تركيزهم كان بشكل أكبر على تصدير الخيول العربية التي كانت تباع لملوك الهند، وهذا التخصص التجاري في سلعة غالية الثمن كالحصان العربي ساهم بشكل كبير في ازدهار المدينة وتطورها.

كما شهدت قلهات تنوعا سكانيا، فلقد سكنها العرب والفرس والأتراك، ووجد بين سكانها المسلمين الإباضية والسنة، مما ساهم في إيجاد انسجام بين السكان واحترام متبادل بين جميع الأطياف أدى إلى ازدهار المدينة وتفرغ سكانها للتجارة، وساهم هذا الاستقرار في استقطاب الكثير من التجار من دول المحيط الهندي للتجارة من وإلى قلهات.

وتوصلت الباحثة في دراستها إلى أن التنوع السكاني ساهم في تنوع نمط العمارة، فهناك النمط العربي والفارسي والتركي في المدينة؛ مما أكسب المدينة جمالا جعل جميع الرحالة ممن زاروها يشيدون بجمالها العمراني.

صحار مركز اقتصادي كبير

ودرس الباحث ناصر بن سيف السعدي في ورقته موقع مدينة صحار في التاريخ العماني، باعتبارها أول عاصمة سياسية واقتصادية لعمان، وهذا ما تؤكده العديد من المصادر التاريخية العربية عامة والمصادر العمانية خاصة، وانعكست أهمية مدينة صحار على الكتابات الفقهية التي تناولت جوانب مهمة من بنيتها الاقتصادية خاصة تلك المتعلقة بعملية فرض الضرائب على التجار من عمان وخارجها، إذ أفردت بعض الكتب الفقهية بابا تحت مسمى «صاحب صحار»، والمراد بهذا المسمى هو وكيل الميناء. وتحدث الباحث في ورقته حول أهمية موقع مدينة صحار في التاريخ العماني، خاصة تلك الفترات التي كانت فيها صحار تحتل موقع الريادة لكونها عاصمة لعمان، متحدثا عن العوامل الاقتصادية والسياسية التي مكنت صحار من أن تصبح مركزا اقتصاديا وحلقة وصل بين موانئ المحيط الهندي، وتناول في ورقته في الحديث عن الأهمية التي اكتسبتها صحار خلال الفترة الإسلامية، والتغيرات التي أدت إلى أن تتلاشى أهميتها اقتصاديا في العصور الحديثة.

كيف أصبحت نزوى عاصمة

وقدم الباحث عبدالرحمن بن أحمد السليماني ورقة حول مدينة نزوى تطرق في بداية ورقته حول أصل التسمية، وتعليلاتها، وأسباب انتقال عاصمة عمان من صحار إلى نزوى، وقدم لمحة تاريخية حول تاريخ الإمامة في هذه المدينة، وللباحث في هذا الجانب كتاب صدر بعنوان: مدينة نزوى في عهد الإمامة الإباضية الثانية.

بهلا تاريخ موغل في القدم

وفي الجلسة الثانية من الندوة قدم د.سليم بن محمد الهنائي ورقة حول مدينة بهلا، درس فيها الجوانب السياسية والحضارية لهذه المدينة، وقال في ورقته: إنه من الصعوبة بمكان دراسة مدينة بحجم بهلا في عدد من الورقات؛ نظرا لما تمثله هذه المدينة من موروث تاريخي وحضاري موغل في القدم، إن مدينة بهلا التي يعود تاريخها إلى الألف الثالثة قبل الميلاد قد تفردت بجوانب متعددة، ولعل قلعة بهلا وسورها قد منحا هذه المدينة شهرة عالمية وتفرّدًا قلما تجد له مثيلا في العالم العربي.

وتحدث في ورقته حول الجوانب المتعلقة بالموقع والمناخ، والدور السياسي والحضاري الذي ساهمت وما تزال فيه هذه المدينة، وتحدث عن حساسية موقع مدينة بهلا الجغرافي كونه معبرا للطريق الواصل بين مسقط والبريمي.

كيف أصبحت مسقط عاصمة لعمان

وقدم الباحث محمد بن حمد الشعيلي ورقة حول وضع «مسقط في عهد السيد حمد بن سعيد»، وكيف أصبحت عاصمة لعمان ومقرا لحكم الدولة، والظروف التي أدت إلى اتخاذ هذا القرار والآثار التي ترتبت عليه وأهم الأعمال والتنظيمات التي قام بها السيد حمد في مسقط وانتهاء بظروف وفاته.

الأحداث السياسية التي شهدتها الرستاق

وقدم د.موسى بن سالم البراشدي ورقة حول مدينة الرستاق تناول فيها أصل التسمية والموقع الجغرافي، وتاريخ المدينة وأهميتها السياسية، إضافة إلى تطورها السياسي باعتبارها عاصمة لكيان سياسي وُجد بالرستاق، قبل قيام دولة اليعاربة، وانعكاس ذلك التطور على الدور الذي ستلعبه الرستاق خلال الفترات اللاحقة.

واستعرض في ورقته أبرز الأحداث السياسية التي شهدتها الرستاق خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر الهجريين/‏‏‏ السابع عشر والثامن عشر الميلاديين، ابتداء من قيام دولة اليعاربة على يد الإمام ناصر بن مرشد اليعربي، ومرورا بانتقال الإمام سيف بن سلطان «قيد الأرض» إليها، وانتهاء بالأحداث التي شهدتها نهاية فترة اليعاربة حتى سقوطها عام 1162هـ/‏‏‏ 1749م، وقيام دولة البوسعيد بقيادة الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي الذي اتخذ من الرستاق عاصمة لدولته.

وبعد كل جلسة تم فتح المجال للحضور لطرح النقاش والمداخلات مع المحاضرين، واختتمت بتكريم الباحثين في الندوة.