قوات كردية تنتشر في مدينة الحسكة، مع تواصل الاشتباكات مع عناصر تنظيم داعش.   ا ف ب
قوات كردية تنتشر في مدينة الحسكة، مع تواصل الاشتباكات مع عناصر تنظيم داعش. ا ف ب
العرب والعالم

نزوح سكاني متواصل في الحسكة و"سجناء داعش" قنبلة موقوته وسط الأهالي

23 يناير 2022
123 قتيلا في 4 أيام من المعارك بين التنظيم والقوات الكردية شمال شرق سوريا
23 يناير 2022

أدت الاشتباكات التي خفت وتيرتها مع ساعات الصباح الأولى اليوم الأحد "وفق مصادر خاصة لعُمان" في محيط سجن الصناعة بالحسكة إلى نزوح الآلاف من المواطنين السوريين من حي غويران الجنوبي ومنطقة المقابر والزهور المحاذي للسجن من الجهة الغربية بسبب قصف طيران التحالف والمداهمات التي تشنها قوات سوريا الديمقراطية "قسد" على المنازل بحثا عن الفارين، وسط استنكار الأهالي لما يدور هناك بعد أن تم منع الدخول والخروج من وإلى المحافظة، وفرض اجراءت صارمة في المنطقة على خلفية العصيان والفرار الذي قام به مجموعة من تنظيم داعش في السجن والاشتباكات التي تتم داخل وخارج السجن، وحتى ساعة أعداد هذا التقرير لم يتم السيطرة على السجن من الداخل حسب مصادر موثوقة.

وفي تواصل "لعُمان" مع عدد من الأهالي هناك أعربوا عن قلقهم من المصير الذي ينتظرهم وسط هذه الأجواء المحمومة التي يعيشونها، وأعرب أبو القاسم عن استنكاره لما يحدث، وقال منذ أقل من نصف ساعة "حوالي الساعة الثانية ليلا بتوقيت دمشق" توقف الطيران عن القصف، وقال في الأصل نحن مهجرون من رأس العين الى هنا، ضاعت بيوتنا هناك، وها نحن اليوم مضطرين للنزوح مرة ثانية إذا لم يتم تهدئة الأجواء خلال الساعات القادمة، غريب مايدور هنا..!!

لم يعد بإمكاننا البقاء

وتحدثت أم بكر التي تركت بيتها مع أولادها قائلة، على وقع القصف الذي كان بجوار بيتنا، والمداهمات التي تمت اضطررنا للهروب من بيتنا، لم يعد بإمكاننا البقاء، حملت أولادي وخرجت، البرد والجوع يكاد يقتلنا، ولولا وجود أناس طيبون لبقينا في الشوارع.

وأكد دحام سلطان أحد شيوخ عشيرة الجبور"أحد أكبر العشائر في الحسكة" تزايد أعداد النازحين من بيوتهم جراء ما يحدث وقد توجهوا إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية وتم تقديم كل مايلزم لهم من مساعدات وخبز وتحصيص مراكز طبية ومراكز إيواء لهم وقامت الجهات المعنية التابعة للحكومة السورية في الحسكة بتشكيل غرفة عمليات لمتابعة الأمور من كل النواحي وتأمين سلامة المواطنين النازحين من بيوتهم سواء الجوامع ومركز الايواء البالغ عددها 3 مراكز، ولفت سلطان إلى أن كثير من الأهالي لجأوا الى أقاربهم ومعارفهم في المدينة أو القرى المجاورة، وسط انعدام الخدمات الضرورية من ماء وكهرباء.

وأكد سلطان أن ما يجري عبارة عن قمة المهازل فكيف يتم وضع السجن وسط المباني السكنية، وكيف يتم اقتحامه بهذه الطريقة بسيارة مفخخة واقتحامه من قبل مجموعات داعش وفرار أعداد كبيرة من السجناء الموجودين فيه من مسلحي التنظيم، وهو المعزز بالتحصينات المكثفة من قبل قوات قسد والقوات الأمريكية الحليفة لهم، كما أن موضوع العصيان المسلح داخل السجن من قبل الدواعش يثير أكثر من إشارة استفهام.

ورقة رابحة

ولفت سلطان إلى غياب التشديد والتهاون في معالجة مسألة المساجين ومحاكمتهم وإعادتهم الى بلدانهم وإبقائهم في أيادي الأمريكان وقسد ورقة رابحة يحركونها متى أرادوا قد يؤدي إلى مشاكل أكثر، حيث يريدونها ورقة ضغط على المجتمع الدولي وحتى على الحكومة السورية من أجل تحقيق غاياتهم وإبقاء الوضع على ماهو عليه.

يذكر أن عدد الأسر النازحة وحسب بيانات رسمية وصل الى اكثر من ثلاثة آلاف أسرة تقريبا، ويخشى سكان الحسكة من أن هذه العمليات قد تكون تدمير ونزوح ممنهج من أجل التغيير الديموغرافي للسكان في المنطقة وعودة داعش للسيطرة والقيام بشحن الأجواء لأبقاء سيطرة القوات الكردية في شمال شرق سوريا بعد توقف التسويات التي كانت مقررة بين الحكومة السورية وقوات سورية الديمقراطية التي تسيطر هناك على معظم الأراضي ومنابع النفط والمحاصيل الزراعية التي يتم سرقتها وعدم التوصل الى حلول عبر الوسيط الروسي.

يذكر أن سجن "الثانوية الصناعية" يضم سجناء من داعش، واختلفت المصادر في تقدير أعدادهم مابين 3 و5 آلاف سجين تم تصنيفهم من اخطر القياديين في التنظيم من جنسيات مختلفة، وعمدت "قسد" الى استقدام تعزيزات لتطويق المنطقة، وقيام الطيران الحربي والمروحي والمسير الأميريكي على التحليق المكثف وقصف مباني المدنيين وتدمير عدد من مباني ومؤسسات الدولة بذريعة وجود داعش.

وعلمت عُمان أن السجناء الموجودين أيضا في سجن غويران المركزي ومقر فرع الهجرة والجوازات الذي حولته قسد الى سجن والواقعان وسط الأهالي في حي غويران غربي جنوب مركز المدينة في الحسكة ويضمان نحو خمسة آلاف سجين داعشي ويعتبران قنبلة موقوتة أيضا قد تنفجر في أي لحظة.

123 قتيل

ووفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان "المعارض" امس الأحد، فقد قتل 123 شخصاً خلال الاشتباكات المستمرة لليوم الرابع على التوالي بين مقاتلين من تنظيم داعش والقوات الكردية.

وتحدّث المرصد عن مقتل "77 من تنظيم داعش و39 من الأسايش وحراس السجن وقوات مكافحة الإرهاب وقسد وسبعة مدنيين،" في آخر حصيلة.

وقال المرصد إن "العدد أكبر من ذلك والعدد الحقيقي غير معروف حتى اللحظة، نظراً لوجود العشرات لا يعرف مصيرهم"، إضافة إلى عدد كبير من الجرحى بعضهم في حالات خطرة.

والهجوم الذي يشنه تنظيم داعش على سجن غويران، هو "الأكبر والأعنف" منذ إعلان القضاء على خلافته في مارس 2019 وخسارته كل مناطق سيطرته.

وكان هجوم المتشددين على السجن الكبير في مدينة الحسكة الذي يضم آلافا من عناصر التنظيم، بدأ ليل الخميس الجمعة. وتحاول القوات الكردية احتواء هذا الهجوم المتواصل لليوم الرابع بدعم من قوات التحالف.

وقال المرصد امس الأحد "شهد السجن ومحيطه بعد منتصف ليل السبت الأحد اشتباكات عنيفة بين قوى الأمن الداخلي وقوات سوريا الديمقراطية" في محاولة مستمرة للسيطرة على السجن وإنهاء تواجد عناصر التنظيم في محيطه، بدعم وإسناد من التحالف الدولي.

وأشار المرصد إلى اعتقال مئات السجناء "من داعش بينما لا يزال العشرات منهم فارين" من دون تحديد العدد الإجمالي للسجناء الذين تمكنّوا من الهرب.

"نجونا بأعجوبة"

وسمع مراسل وكالة فرانس برس في حي غويران أصوات اشتباكات عنيفة في المناطق المحيطة بالسجن الذي يضم ما لا يقل عن 3500 شخصاً يُشتبه بانتمائهم إلى تنظيم داعش.

وقال المراسل إن "قوات سوريا الديمقراطية" تنتشرُ بكثافة في الأحياء المحيطة بالسجن، وتنفذ عمليات تمشيط، وتستخدم مكبّرات الصوت لدعوة المدنيين إلى مغادرة المنطقة.

ومنذ إعلان إسقاط خلافته مارس 2019 وخسارته كل مناطق سيطرته، يشنّ التنظيم بين الحين والآخر هجمات ضد أهداف حكومية وكردية في منطقة البادية المترامية الأطراف، الممتدة بين محافظتي حمص (وسط) ودير الزور (شرق) عند الحدود مع العراق، وهي المنطقة التي انكفأ اليها مقاتلو التنظيم.

لكن هجومه الأخير على السجن، يعد الأكبر منذ دحره، ويمثّل مرحلة جديدة في عودة ظهور التنظيم مرة أخرى.

أسلحة وأسرى

وقال التنظيم في بيان نشره عبر حساب وكالة أعماق الدعائية التابعة له على تطبيق تلغرام، أنه سيطر على مخزن أسلحة في السجن وأطلق سراح المئات من مقاتليه منذ بدء العملية.

ونشر التنظيم شريطا مصورا عبر وكالة أعماق يُظهر عدداً من مقاتليه وهم يرفعون علم التنظيم الأسود ويهاجمون السجن حيث يحاصرون ما يبدو أنه مجموعة من حراس السجن.

ونشر أيضاً شريطا مصورا ثانيا السبت، يُظهر نحو 25 رجلاً قال التنظيم إنه اعتقلهم خلال هجومه على السجن، وبعضهم يرتدي زيّاً عسكرياً. ولم تتمكن فرانس برس من التحقق من صحة هذا الشريط من مصادر مستقلة.

وتعليقاً على هذه المشاهد، قال مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية فرهاد شامي إن "هؤلاء من العاملين بمطبخ السجن"، موضحا أن "قواتنا فقدت الاتصال معهم خلال التصدي للهجوم الأول"، من دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.