888-2
888-2
العرب والعالم

مؤتمر باريس يسعى لجمع الفرقاء وإيجاد تسوية سياسية في ليبيا

24 سبتمبر 2021
24 سبتمبر 2021

الانتخابات المقترحة لحظة فاصلة في مساعي السلام

باريس - تونس - ( العمانية - رويترز): أعلن جان ايف لودريان وزير الخارجية الفرنسي خلال انعقاد الجمعية العامة الـ 76 للأمم المتحدة أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيشرف على مؤتمر حول الانتخابات الليبية في باريس في 12 نوفمبر المقبل من أجل إيجاد تسوية سياسية تضمن إجراءها في موعدها المقرر في 24 ديسمبر من العام الجاري. وقال الدكتور أشرف محمد بلها رئيس حزب تجمع تكنوقراط ليبيا في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية «إن المؤتمر الدولي الذي ستنظمه فرنسا يأتي قبل شهر تقريبًا من موعد الانتخابات العامة في ليبيا ووسط ظروف معقدة دوليًّا، وأن التدخل الدولي سيكون من أجل تقريب وجهات النظر والتوصل لإرضاء مشترك بين الأطراف الليبية». وتوقع الدكتور أن نتائج المؤتمر تأتي ضمن جهود استباقية لتفادي انزلاق الوضع إلى الصدام المسلح بين الفرقاء أو عرقلة إجراء الانتخابات بحجة غياب قاعدة دستورية متوافق عليها في العملية الانتخابية. وصرَّح الدكتور محمد عامر العباني عضو مجلس النواب الليبي لوكالة الأنباء العمانية «أن المؤتمر سيكون مختلفًا عن المؤتمرات الدولية السابقة، فهو محاولة دولية جادة لإنهاء الصراع، وإعادة السلم والأمن في ليبيا لتكون فاعلة في المجتمع الدولي وتقديم حلول للصراع حول السلطة والحكم، وتنفيذ الاستحقاقات التي تم الاتفاق عليها في جنيف وأهمها الاستحقاق الانتخابي. وقال الدكتور محمد أبو سنينة عضو المجلس الأعلى للدولة الليبية في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية «نتفق جميعًا على أن الانتخابات هي المخرج الحقيقي للوضع في ليبيا، وهي مظهر من مظاهر الديمقراطية التي يجب أن تسود في ليبيا، ولكنها ليست غاية في ذاتها بل وسيلة للاستقرار، فنجاح الانتخابات يتطلب جملة من الاشتراطات أولها إيجاد بيئة مواتية أمنيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا، وقبول كل الأطراف بنتائجها، والخضوع لمخرجاتها، وضمان الشفافية والنزاهة في إجرائها».

في الأثناء تواجه فرصة إحلال السلام في ليبيا، والتي تعد أفضل فرصة منذ سنوات، خطر الضياع مع اختلاف الفصائل حول انتخابات عامة وشيكة يراها كثيرون سبيلا لإنهاء عشر سنوات من انقسام أشاع الفوضى في البلاد.

ومع استعدادات زعماء الفصائل لخوض انتخابات رئاسية، يتوقع كثير من الليبيين عودة العنف سواء جرت الانتخابات في 24 ديسمبر كما هو مقرر أم لم تجر.

ومهّد بالفعل قائد قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) خليفة حفتر الطريق لحملة انتخابية من خلال نقل مهامه لأحد أعوانه، في حين أشار سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، إلى احتمال ترشحه أيضا.

وقال فولفرام لاخر الباحث في الشأن الليبي بالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية (إس.دبليو.بي) في برلين «العملية الانتخابية تتجه صوب كارثة مهما آلت إليه الأمور». وأضاف «حتى في أفضل الحالات التي لن تكون فيها مقاطعة واسعة أو عنف، هناك خطورة كبيرة تتمثل في عدم اعتراف الخاسرين بالنتائج».

وليس ثمة إجماع على ذلك التقييم، فهناك كثيرون يرون أنه مهما كانت المخاطر فإن الانتخابات هي أفضل سبيل لقلب صفحة صراعات لا تنتهي بين القوى القائمة ولإضفاء الشرعية على الحاكمين.

وتسعى الأمم المتحدة والقوى الأجنبية الكبرى لإجراء الانتخابات قائلة إن الغالبية العظمى من الليبيين يريدونها. وفي داخل ليبيا تطالب بها علنا كل الفصائل الكبرى أيا كان وضعها فيها.

لكن مع اقتراب موعد الرابع والعشرين من ديسمبر الذي حددته العام الماضي عملية سلام ترعاها الأمم المتحدة، تتعاظم المخاطر.

فليبيا لم تنعم بقدر كبير من الاستقرار منذ الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي عام2011 وأطاحت بمعمر القذافي. كما أنها انقسمت بعد 2014 بين فصيلين أحدهما في الشرق والآخر في الغرب.

وأرست عملية الأمم المتحدة حكومة وحدة انتقالية، كما تطالب بإجراء انتخابات لتنصيب رئيس جديد وبرلمان من أجل الخروج من الأزمة.

غير أن الأساس القانوني للانتخابات مختلَف عليه بقوة، مما يعني أنها إذا مضت قدما دون توافق على الحكام فإن مناطق كثيرة من البلاد قد تعزف عن المشاركة أو حتى ترفض أي نتائج محل خلاف.

وثار الجدل بوجه خاص حول دور مجلس النواب الذي انُتخب قبل سبع سنوات، وساند في الأغلب الجانب الشرقي في الحرب. وذكر رئيس المجلس عقيلة صالح هذا الشهر أنه تمت المصادقة على قانون للانتخابات الرئاسية قال منتقدوه إنه يهدف للسماح له بالترشح دون المجازفة بمنصبه كرئيس للمجلس، وإنه تمت الموافقة عليه في تصويت معيب. وذهب هذا الأسبوع إلى أبعد من ذلك، حينما سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، في خطوة بدا أنها تهدف إلى تقليم أجنحتها من خلال تقويض شرعيتها، في تصويت أثار أيضا اتهامات بسوء النوايا.

وقال جلال حرشاوي الباحث في الشأن الليبي لدى مركز أبحاث المبادرة العالمية «إنها طريقة لخلق حاجة ملحة أكبر لإجراء الانتخابات لأن هذه الإعلانات تجعل من الصعب على أي شخص التعويل على بقاء حكومة الدبيبة».

واكتسب الدبيبة دعما من خلال برامج تحظى بالشعبية، وعلى الرغم من تعهده بعدم الترشح في الانتخابات يأمل البعض في ترشحه وإلا اعتُبرت حكومته بمثابة خطوة إلى الوراء إذا لم تُنظم الانتخابات.

في الوقت نفسه، لم يقر البرلمان بعد قانونا لإجراء انتخابات برلمانية، وفقا لما نصت عليه العملية التي تقودها الأمم المتحدة، رغم تأكيده أنه يعمل على صياغته.

وأي انتخابات ستجرى في البلدات والمدن التي تسيطر عليها فصائل مسلحة قد يكون قادتها مرشحين ربما تفتح الباب أمام اتهامات بالتزوير من جانب المعارضين الخاسرين.

وقال حرشاوي «من الواضح أن مستوى السيطرة في المناطق التي يهيمن عليها حفتر يتيح له تنظيم الانتخابات بصوره تضمن له الفوز». وقد يكون ترشيح حفتر المحتمل سببا للشقاق والانقسامات بعد هجومه الذي استمر 14 شهرا على طرابلس وألحق أضرارا بأحياء المدينة كلها قبل دحره العام الماضي.

وقال يوسف محمد وهو من سكان طرابلس «سيكون ضغط على الشعب، يعني عندما سيرشح الشعب أحد في الانتخابات أو يعطي صوته، سيكون تحت الخوف»

واستقطبت الحرب قوى أجنبية من بينها تركيا وروسيا والإمارات ومصر ومجموعة من المرتزقة الأجانب.

وهذا يزيد من المخاطر في أي جولة قتال جديدة، لكن مع ترسخ أقدام القوى الكبرى فإن هذا قد يعني أيضا أن ما من أحد سيخاطر بحدوث حرب شاملة أخرى وسيعود الانقسام الفوضوي الذي عصف بليبيا لسنوات.