العرب والعالم

التغير المناخي.. لماذا علينا الخوف؟

04 نوفمبر 2021
04 نوفمبر 2021

عمان - وكالات

توصل قادة العالم خلال مؤتمر الأطراف السادس والعشرين حول المناخ في غلاسكو الثلاثاء الى اتفاقين رئيسين يهدفان إلى احتواء غازات الدفيئة المسببة للاحترار العالمي وحماية الغابات، حيث تعهد أكثر من 80 بلدا، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بخفض انبعاثات الميثان، أحد الغازات الدفيئة الرئيسية المسببة للاحترار العالمي، بنسبة 30% بحلول العام 2030.

كما أقر قادة أكثر من 100 دولة تضم 85% من الغابات العالمية من بينها غابة كندا البوريالية وغابة الأمازون في البرازيل وغابة حوض الكونغو المدارية، الاعلان المشترك الذي يحض على وقف عمليات قطع اشجار الغابات بحلول العام 2030، حيث تؤدي الغابات دورا حيويا في مكافحة تغير المناخ من خلال امتصاص جزء كبير من مليارات الأطنان من غازات الدفيئة التي تطلقها النشاطات البشرية في الغلاف الجوي كل عام، متعهدين بتمويل رسمي وخاص قدره 19,2 مليار دولار، لتحقيق هدف حصر الاحترار المناخي ب1,5 درجة مئوية... فهل سينجح العالم في كبح التغير المناخي، من خلال التزامات التي تعهدت بها الدول الرئيسية المسببة للاحترار المناخي، أم ان تلك التعهدات ستبقى مجرد وعود، كتعهدات سابقة لم تفي بها الدول الموقعة؟

ما هو التغير المناخي؟

تعرف الامم المتحدة التغير المناخي بالتحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس والتي قد تحدث بشكل طبيعي كالتغيرات في الدورة الشمسية. ولكن، ومنذ القرن التاسع عشر، أصبحت الأنشطة البشرية هي المسبب الرئيسي لتغير المناخ، ويرجع ذلك أساسًا إلى حرق الوقود الأحفوري، مثل الفحم والنفط والغاز.

وينتج عن حرق الوقود الأحفوري انبعاثات غازات الدفيئة (كثاني أكسيد الكربون والميثان) التي تعمل مثل غطاء يلتف حول الكرة الأرضية، مما يؤدي إلى حبس حرارة الشمس ورفع درجات الحرارة.

ويعد إنتاج واستهلاك الطاقة وتشغيل المصانع ووسائل النقل المختلفة واستخدام الأراضي الخضراء من بين اهم مصادر الانبعاث الرئيسية.

وفي تقرير أممي اعد عام 2018، أقر آلاف العلماء على أن الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى ما لا يزيد عن 1.5 درجة مئوية سيساعدنا على تجنب أسوأ التأثيرات المناخية والحفاظ على مناخ صالح للعيش، ولكن المسار الحالي لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون قد تؤدي إلى زيادة درجات الحرارة العالمية بما يصل إلى 4.4 درجة مئوية بحلول نهاية القرن الحالي.

لماذا علينا الخوف؟

يقول تقرير للامم المتحدة حول الاثار المترتبة على ظاهرة تغير المناخ والاحتباس الحراري، "يعتقد الكثير من الناس أن تغير المناخ يعني أساسًا ارتفاع درجات الحرارة، ولكن ارتفاع درجة الحرارة ليس سوى بداية القصة، ولأن الأرض عبارة عن نظام، حيث كل شيء متصل، فإن التغييرات في منطقة واحدة قد تؤدي إلى تغييرات في جميع المناطق الأخرى، وتشمل عواقب تغير المناخ، الجفاف الشديد وندرة المياه والحرائق الشديدة وارتفاع مستويات سطح البحر والفيضانات وذوبان الجليد القطبي والعواصف الكارثية وتدهور التنوع البيولوجي.. وهو ما سيوثر على صحتنا وقدرتنا على زراعة الأغذية والسكن والسلامة والعمل.. البعض منا أكثر عرضة لتأثيرات المناخ، مثل الأشخاص الذين يعيشون في الدول الجزرية الصغيرة والبلدان النامية الأخرى.. كما أن فترات الجفاف الطويلة تعرض الناس لخطر المجاعة، وفي المستقبل، من المتوقع أن يرتفع عدد "اللاجئين بسبب المناخ".

هل يمكننا وقفه؟

الجواب العلمي الصريح: يمكن فقط إبطاء وتيرة الاحتباس الحراري وليس وقفه تماما، وبالتالي تأخير حجم الضرر وتقليصه حتى نهاية القرن الحالي على أمل أن نتمكن من التعايش كجنس بشري مع المتغيرات التي تسببنا نحن بها.

وحسب الامم المتحدة، الحل يكمن في تصفير الانبعاثات الغازية خلال العقود الثلاثة المقبلة والإبقاء على ارتفاع معدل حرارة كوكب الأرض بنسبة لا تتخطى درجة ونصف مئوية، واتخاذ قرارات جريئة وشجاعة والالتزام بتنفيذها حرفيا.

المنظمة العالمية للأرصاد الجوية اعلنت يوم الأحد أن السنوات السبع الممتدة بين 2015 و2021 هي على الأرجح أكثر الأعوام حرا تسجل حتى الآن، معتبرة أن المناخ العالمي "دخل في المجهول".

وقال الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش في بيان إن هذا التقرير السنوي حول وضع المناخ "يكشف أن كوكب الأرض يتحول امام أعيننا. من أعماق المحيطات إلى قمم الجبال يؤدي ذوبان الكتل الجليدية والظواهر المناخية القصوى في كل أرجاء الأرض إلى تضرر أنظمة بيئية وشعوب".

ويترافق ارتفاع الحرارة بدرجة مئوية واحدة من الآن مع سلسلة من الكوارث كما يظهر تقرير المنظمة الدولية للأرصاد الجوية. وقال رئيس المنظمة بيتيري تالاس "الظواهر القصوى لم تعد استثنائية".

ففي العام 2021 وحده عرف العالم موجات قيظ قوية جدا في أمريكا الشمالية وجنوب اوروبا وحرائق مدمرة في كندا وسيبيريا واليوانان وموجة برد قوية في وسط الولايات المتحدة ومتساطقات غزيرة جدا في الصين وأوروبا الغربية وجفاف تسبب بمجاعة في مدغشقر.

بعيد جدا

وفقا لمنظمة "غلوبل فورست واتش" غير الحكومية، تسارعت وتيرة إزالة الغابات في العالم في السنوات الأخيرة، إذ ازداد تدمير الغابات الأصلية بنسبة 12 في العام 2020 مقارنة بالعام السابق.

والتعهد الجديد لمكافحة قطع أشجار الغابات يلتقي مع "إعلان نيويورك حول الغابات "في العام 2014 الذي التزمت الكثير من الدول في إطاره بخفض هذه الظاهرة بالنصف بحلول 2020 والقضاء عليها في 2030.

لكن تعتبر منظمات غير حكومية مثل غرينبيس أن هدف 2030 بعيد جدا ويعطي الضوء الأخضر "لقطع أشجار الغابات لمدة عقد إضافي".

من جانبها، أعربت منظمة "غلوبل ويتنس" عن خشيتها "تكرار الفشل الذي كان مصير التعهدات السابقة" بسبب نقص التمويل وعدم الوفاء بالعهود.

وأعلنت الحكومة البرازيلية التي تتعرض لانتقادات حادة حول سياستها البيئية الاثنين لمناسبة كوب26 أهدافا أكثر طموحا بشأن خفض انبعاثات ثاني اكسيد الكربون ومكافحة قطع أشجار الغابات.

لكن منذ بداية ولاية الرئيس اليميني جايير بولسونارو في العام 2019، فقد منطقة الامازون البرازيلية 10 آلاف كيلومتر مربع من الغابات سنويا مقابل 6500 كيلومتر مربع في العقد السابق.

ومنذ انعقاد قمة الأرض في ريو دي جانيرو عام 1992، اتخذت معظم دول العالم وبدرجات متفاوتة قرارات للتعامل مع هذه المشكلة التي أصبحت مستعصية غير أن الالتزام بهذه القرارات تعثرت، وبقي أحيانا مجرد حبر على ورق لأن تنفيذ هذه القرارات بات مكلفا اقتصاديا ولا سيما بالنسبة للدول الصناعية، الملوث الأساسي لكوكبنا، والجميع يعرف أن لكل قائد دولة حسابات خاصة داخلية وخارجية.