أطفال يمشون وسط أنقاض موقع تعرض للقصف في بلدة أريحا بمحافظة إدلب شمال غرب سوريا الخاضعة لسيطرة المعارضة، امس.    ا ف ب
أطفال يمشون وسط أنقاض موقع تعرض للقصف في بلدة أريحا بمحافظة إدلب شمال غرب سوريا الخاضعة لسيطرة المعارضة، امس. ا ف ب
العرب والعالم

14 قتيلاً في تفجير حافلة عسكرية في دمشق و13 في قصف على إدلب

20 أكتوبر 2021
في حصيلة دموية هي الأعلى في العاصمة السورية منذ سنوات
20 أكتوبر 2021

دمشق - (وكالات): تسبّب تفجير بعبوتين ناسفتين استهدف صباح امس الأربعاء حافلة عسكرية في دمشق بمقتل 14 شخصاً، وفق الاعلام الرسمي، في حصيلة دموية هي الأعلى في العاصمة السورية منذ سنوات.

وبعد وقت قصير من انفجار دمشق، استهدفت قوات الحكومة بقصف صاروخي منطقة مكتظة في مدينة أريحا في محافظة إدلب، التي تسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) على نحو نصف مساحتها، ما أسفر عن مقتل 13 شخصاً، غالبيتهم مدنيون وبينهم أطفال في حصيلة تُعد من بين الأكثر دموية في المنطقة منذ سريان هدنة برعاية روسية تركية.

ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري قوله إنه "حوالى الساعة 6,45 من صباح امس (3,45 ت غ) وأثناء مرور حافلة مبيت عسكري في مدينة دمشق بالقرب من جسر الرئيس تعرضت الحافلة لاستهداف إرهابي بعبوتين ناسفتين تم لصقهما مسبقاً بالحافلة".

وأدى التفجير إلى مقتل 14 شخصاً وإصابة آخرين، وفق المصدر، الذي أفاد أن وحدات الهندسة فككت "عبوة ثالثة سقطت من الحافلة".

وأظهرت صور نشرتها وكالة سانا عناصر من الدفاع المدني يخمدون الحريق في الحافلة المتفحمة، فيما كان يتصاعد منها الدخان قرب الجسر الذي يقع في وسط دمشق في منطقة غالباً ما تشهد اكتظاظاً خلال النهار كونها تُشكل نقطة انطلاق لحافلات النقل.

ولم تتبن أي جهة التفجير حتى الآن.

وقال سلمان، الذي يعمل في محل لبيع الخضار في المنطقة "لم نشهد منذ فترة طويلة حوادث من هذا النوع، اعتقدنا أننا ارتحنا منها".

ويُعد تفجير الاربعاء الأكثر دموية في العاصمة السورية منذ العام 2017، حين أودى تفجير تبناه تنظيم داعش في مارس 2017 واستهدف القصر العدلي بحياة أكثر من 30 شخصاً.

وسبقه في الشهر ذاته، تفجيران تبنتهما هيئة تحرير الشام، واستهدفا أحد أحياء دمشق القديمة وتسببا بمقتل أكثر من سبعين شخصاً، غالبيتهم من الزوار العراقيين.

وخلال سنوات النزاع المستمر منذ 2011، شهدت دمشق انفجارات ضخمة تبنت معظمها تنظيمات متشددة.

إلا أن هذا النوع من التفجيرات تراجع بشكل كبير لاحقاً بعدما تمكنت القوات الحكومية منذ العام 2018 من السيطرة على أحياء في العاصمة كانت تحت سيطرة تنظيم داعش، وعلى مناطق قربها كانت تعد معقلاً للفصائل المعارضة.

وإن كانت التفجيرات الضخمة تراجعت إلى حد كبير في دمشق، إلا أنها لا تزال تشهد في فترات متباعدة تفجيرات محدودة بعبوات ناسفة.

انفجار في مستودع ذخيرة

وفي وسط سوريا، أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان المعارض امس الأربعاء عن مقتل ستة عناصر من قوات الدفاع الوطني الموالية لقوات الحكومة، وإصابة سبعة آخرين بجروح، جراء انفجار داخل مستودع ذخيرة تابع لها في ريف حماة الجنوبي

ولم يأت الإعلام الرسمي على ذكر الانفجار الذي لم تتضح ملابساته بعد. ولم يتمكن المرصد من تحديد ما إذا كان حادثاً عرضياً أم نجم عن عبوة ناسفة داخل المستودع التابع لقوات الدفاع الوطني، إحدى أبرز وأكبر المجموعات المسلحة الموالية لقوات الحكومة.

وتتعرض قوات الحكومة بين الحين والآخر لهجمات، وتشهد مقرات تابعة لها انفجارات لا تتضح ملابساتها، إن كان في وسط البلاد أو شرقها، حيث يتوارى عناصر من تنظيم داعش، أو جنوباً حيث طغت الفوضى الأمنية منذ سيطرة القوات الحكومية على محافظة درعا.

ومنذ أكثر من عشر سنوات، تشهد سوريا نزاعاً دامياً تسبب بمقتل نحو نصف مليون شخص، ودفع أكثر من نصف سكان سوريا الى النزوح داخل سوريا أو التشرد خارجها. واستنزفت الحرب الاقتصاد ودمرت البنى التحتية والمرافق الخدمية. وتشهد البلاد راهناً أزمة اقتصادية خانقة تفاقمها العقوبات الغربية.

وخلال سنوات الحرب الأولى، خسرت قوات الحكومة مناطق واسعة على يد الفصائل المعارضة والتنظيمات المتشددة، إلا أنها منذ العام 2015، وبدعم جوي روسي ومن مقاتلين إيرانيين وحزب الله اللبناني، بدأت تتقدم تدريجياً، حتى باتت تسيطر اليوم على نحو ثلي مساحة البلاد.

"ما ذنبنا؟"

لا تزال مناطق واسعة غنية، تضم سهولاً زراعية وآبار نفط وغاز، خارج سيطرة الحكومة، أبرزها مناطق سيطرة الأكراد في شمال شرق سوريا، وأخرى في إدلب ومحيطها تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، وتلك الواقعة تحت سيطرة فصائل معارضة في شمال البلاد.

وشنت قوات الحكومة آخر هجوم عسكري واسع لها قبل أكثر من عام ونصف في إدلب. وتمكنت بدعم روسي وبعد ثلاثة أشهر من العمليات العسكرية من إتمام السيطرة على نصف مساحة المحافظة.

ومنذ مارس 2020، يسري وقف لإطلاق النار في المنطقة لكنه يتعرض لخروقات عديدة، وتتعرض المنطقة بين الحين والآخر لقصف لقوات الحكومة وغارات روسية، ما يسفر عن سقوط قتلى من المقاتلين والمدنيين.

وامس الأربعاء، قتل 13 شخصاً، بينهم عشرة مدنيين وضمنهم ثلاثة أطفال، وفق المرصد المعارض، جراء قصف صاروخي لقوات الحكومة استهدف سوقاً في وسط مدينة أريحا، في ريف إدلب الجنوبي، أثناء توجه الأطفال إلى مدارسهم.

وتواصل حصيلة القتلى الارتفاع منذ الصباح، وفق المرصد الذي أفاد عن إصابة 26 شخصاً بجروح.

وفي المستشفى الذي نقل إليه الضحايا، شاهد مراسل وكالة فرانس برس شخصاً يصرخ ويبكي إلى جانب جثة طفلة لا تتخطى عشر سنوات.

وقال بلال تريسي، الوالد لطفلين ويقطن قرب المنطقة المستهدفة لفرانس برس، "عند الساعة الثامنة صباحاً استيقظنا على قصف ينهال علينا، ارتعب الأطفال وراحوا يصرخون، لم نعرف ماذا نفعل وأين نذهب ولم نعد نرى شيئاً جراء الغبار حولنا".

وأضاف "قصفونا في الحارة وفي السوق، هناك أطفال ماتوا وأشخاص فقدوا أطرافهم.. لا نعرف لماذا، ما هو الذنب الذي اقترفناه؟".

وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في بيان إن أربعة أطفال قتلوا بينما كانوا في طريقهم للمدرسة امس الأربعاء في هجوم بإدلب السورية.

وجاء في البيان "أحداث العنف اليوم هي تذكرة أخرى بأن الحرب في سوريا لم تطو صفحتها بعد. المدنيون، ومن بينهم الأطفال، لا يزالون يدفعون الثمن الأكبر في الصراع الوحشي المستمر منذ عقد".