الرياضية

كارلوس كيروش: النجاح لا يأتي بخطوات سحرية وعلى الجماهير التحلي بالصبر

24 نوفمبر 2025
24 نوفمبر 2025

كتب – فيصل السعيدي

أكد المدرب البرتغالي المخضرم كارلوس كيروش أن المشاركة في النسخة المرتقبة لبطولة كـأس العرب 2025 المزمع إقامة منافساتها في قطر خلال الفترة من 1 إلى 18 ديسمبر المقبل تعد بمثابة تحدٍّ جديد في مسيرته التدريبية ككل، وفي هذا الصدد لَفَتَ قائلا: يتعين علينا أن نؤمن تمامًا بآمالنا وحظوظنا القائمة في إمكانية التحليق عاليًا بجناحي التأهل لمرحلة المجموعات ببطولة كأس العرب القادمة بقطر، والتي لا تفصلنا عنها سوى أيام معدودة فقط، حيث بدأ العد التنازلي لانطلاق البطولة التي نمنّي النفس من خلالها في تقديم وجه مغاير تمامًا عما ظهرنا عليه في مباراتي الملحق المؤهل لنهائيات كأس العالم 2026 المزمع إقامة منافساتها في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك.

وتابع: نثق في جودة لاعبينا الذين يتمتعون بمؤهلات فنية لافتة، وتمتزج مهاراتهم الفردية الفائقة بقدر عالٍ من الانسجام والتجانس والانسجام الذي يتواءم وقدراتهم وإمكانياتهم الفذة، ولقد قاموا بعمل جيد للغاية في معسكر الإعداد الداخلي الحالي تأهبًا لمواجهة الصومال المرتقبة يوم 26 نوفمبر الجاري على استاد عبدالله بن خليفة بنادي الدحيل.

وفي سياق متصل أردف المدرب البرتغالي: أشعر بالفخر والاعتزاز بالجهود المضنية التي يبذلها اللاعبون في الحصص التدريبية اليومية بمعسكر التحضير الداخلي، وهم يكافحون ويناضلون بشكل يومي في المران من أجل إثبات الذات وتأكيد أحقيتهم بالدفاع عن ألوان المنتخب الوطني، واضعين نصب أعينهم إسعاد الجماهير العمانية الوفية ورفعة شأن بلادهم في شتى المحافل الكروية سواء الإقليمية أو القارية أو العربية أو الدولية، وأنا ممتن وفخور بهذه العقلية النموذجية التي يتمتع بها لاعبو المنتخب الوطني، وآمل أن يغزلوا على نفس المنوال تغليبًا لمصلحة الكرة العمانية فيما هو قادم من استحقاقات.

رغبة جامحة

وأضاف:تحدو لاعبينا رغبةٌ جامحة في إحداث تحسّنٍ تدريجي على مستوى منظومة الأداء الفردي والجماعي، وهو ما يفتح آفاقًا أرحب لتجويد مستويات المنتخب الوطني في قادم الاستحقاقات الكروية، وأقرب تلك الاستحقاقات بطبيعة الحال النسخة المرتقبة من بطولة كأس العرب مطلع ديسمبر المقبل، وهي محطة مفصلية تتطلب استعدادًا استثنائيًا نظرًا لكون بلوغها والظهور فيها بالمستوى المأمول ليس بالأمر السهل المنال. ولذلك يتحتم علينا أن نضاعف العمل، وأن نظهر أقصى درجات الإخلاص والتفاني في كل تفصيل من تفاصيل التحضير، وأن نواصل جهدنا الدؤوب بلا كلل أو فتور؛ سعيًا لضمان ديمومة العمل واستمراريته سواء على المدى القريب أو البعيد.

كما يتعيّن علينا أن نُرسِّخ في نفوس لاعبينا الإيمان بحظوظهم وآمالهم في التأهل للنسخة القادمة من البطولة، وأن نغرس في أعماقهم بذور الثقة واليقين بقدرتهم على مقارعة المنافسين، بما يكفل تقديم أجود المستويات وتحقيق أفضل النتائج، ويضمن استمرار هذا النسق التصاعدي من الأداء. إن هذه العملية لا تقتصر على الجوانب الفنية فحسب، بل تمتد لتشمل الجوانب الذهنية والنفسية التي ترفع من روح الفريق وتمنحه القدرة على الثبات في لحظات التحدي وصعوبة الموقف

وشدد كيروش بالقول: النجاح لا يأتي بخطوات سحرية، بيد أن هناك مستقبلًا عظيمًا ينتظر المنتخب الوطني، ويتعين على جماهيرنا التحلّي بالصبر، فما أضيق العيش لولا فسحة الأمل!، وعلى الصعيد الشخصي أنا على يقين وقناعة تامة بأن القادم يحمل معه نسائم البُشرى ويزفُّ أنباءً سعيدة لجماهيرنا الحالمة والمتعطشة والتوّاقة للإنجازات، وسيرفرف معها الأحمر بجناحي الأمل محلّقًا في أجواء التفاؤل المفعم والزخم المعنوي اللامتناهي، لذا يجب أن ننظر دائمًا للجزء الممتلئ من الكوب وأن نتمسك بحبال الثقة المتينة لنتمكن من مطاردة أحلامنا الكبيرة التي تراودنا، ونحمل معول بناء المجد ممسكين به من جميع أطرافه.

حجم التحدي

واستطرد المدرب البرتغالي المخضرم قائلا: حاولنا بذل قصارى جهدنا في تصفيات نهائيات كأس العالم 2026، وجدّفنا بقارب الأمل الوافر، ولكن الرحلة لم تكن سهلة في مجملها خصوصًا في مباراتي الملحق أمام منتخبي قطر والإمارات على التوالي، إذ إن حجم التحدي كان شائكًا، وبذلنا جهودًا مضنية لبلوغ برّ الأمان، ولكن لسوء الطالع لم يُكتب لنا الحظ والتوفيق في نهاية المطاف نظرًا لضيق المساحة الزمنية المتاحة للإعداد لمباراتي الملحق حينذاك، ولكن بطبيعة الحال لا يمكنك تغيير هذا الواقع والتراجع خطوات للخلف، كما أنه لا يمكنك أن تشير بأصابع الاتهام لأحد أو تُلقي باللائمة على الظروف التي حالت دون بلوغ أهدافنا في ملامسة الحلم المونديالي الكبير الذي نشدناه جميعًا، وعموما لا يمكنك أن تقفز فوق الواقع أو أن توجه اللوم لأحد، فما حدث كان جزءًا من فصل الحكاية التي كُتبت لنا، وهذا ما كان مقدّرًا لنا في نهاية المطاف.

واسترسل: علينا أن نكافح لاسيما في الجوانب التي تتعلق بالتحضير والتنظيم، ومن المؤسف جدًا — كما تعلمون — أن اللاعبين يصلون متأخرين جدًا إلى المعسكر نظرًا لالتزامهم بواجباتهم مع أنديتهم، ولكننا تمكنا من احتواء الأمر، وحاليًا نصبّ كل تركيزنا وبؤرة اهتمامنا على التحضير لمواجهة الصومال الحاسمة في الملحق المؤهل لكأس العرب، ونأمل أن يحالفنا التوفيق في هذه المواجهة ونتمكن من الانضمام رسميًا لمجموعة المغرب والسعودية والفائز من مواجهة اليمن وجزر القمر في الملحق.

وزاد: أعتقد أن الجماهير العمانية لديها كل الأسباب لتكون فخورة بالجيل الحالي من لاعبي منتخبنا الوطني، والآن نضع الهدف الأسمى في ذهننا وهو حجز تذكرة التأهل لمرحلة المجموعات بكأس العرب، وبدون أدنى شك هذا جزء من رؤيتي وعملي منذ البداية.

تجديد الدماء

وتطرّق المدرب البرتغالي كارلوس كيروش للتعقيب على جزئية تجديد الدماء في المنتخب الوطني، وفي هذا الشأن علّق قائلا: كما ذكرت في البداية كان الأمر يتعلق فقط بلعب المباريات الأكثر أهمية في مشوار التصفيات الآسيوية المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2026، مع اللاعبين الأكثر خبرة وتمرسًا ممن سبق لهم تمثيل صفوف المنتخب الوطني والدفاع عن ألوانه من قبل، لكن محور تركيزنا حاليًا ينصبّ على التحقق من مفرزات الدوري واستكشاف مخرجاته وخاماته من العناصر الواعدة التي تمثل القيمة الفنية المضافة، وتعكس واقع رغبتنا الدفينة في تطعيم صفوف المنتخب الوطني بعناصر فذّة تتمتع بالثقة والكفاءة والمقدرة على تفجير الطاقات الإبداعية الكامنة التي لا تنضب داخل رواق المستطيل الأخضر.

وأردف قائلا: لقد بدأنا في مشاهدة اللاعبين الجدد وهم تحت مِجْهَر متابعة الجهاز الفني للمنتخب الوطني، وسنرصد كل المواهب والخامات الواعدة وسنتحقق من مستوياتها ونتابعها عن كثب، لأن الهدف يكمن في خلق جيل جديد من اللاعبين يتمتع بالمرونة والسلاسة والانسيابية في الصقل، والتكيف مع عوامل التطور التدريجي على كافة الأصعدة فنيًا وبدنيًا وذهنيًا ونفسيًا، لذا من الضروري بمكان أن نأخذ بأيديهم ونعتني بهم تمامًا ونخضعهم لمِجْهَر المتابعة الدؤوبة والمستمرة بلا كلل أو ملل.

واستطرد كيروش قائلا: عندما وصلت إلى سلطنة عمان لاحظت مليًّا أن السواد الأعظم من اللاعبين الشباب يملكون رصيدًا ضحلًا من عدد المباريات الدولية التي لعبوها مع المنتخب الوطني، وهي في الغالب لا تتعدى حاجز المباراتين أو ثلاث مباريات، لذلك ما نحاول فعله الآن هو منح الضوء الأخضر لهؤلاء اللاعبين الجدد من أجل اللعب والنمو، لأنه إذا لم يلعبوا فلن يتمكنوا من النمو، وما نحاول تحقيقه هو الشروع بأولى خطوات الإحلال التدريجي في المنتخب الوطني وتجديد دماء الفريق خطوة بخطوة، والبدء في الاستعداد للتصفيات الآسيوية المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2030، وأنا على يقين وقناعة تامة بأننا في حال مهّدنا الطريق لهذه الخطوة الفنية الجريئة فبالـتأكيد سنقطع تأشيرة العبور لمونديال المغرب وإسبانيا والبرتغال 2030، ولكن يتعين علينا أن نستمر في إعطاء هؤلاء اللاعبين الأصغر سنًا الفرصة للعب والنمو.

بناء المستقبل

وفي السياق ذاته تابع كيروش القول: علينا أيضًا أن نؤمن بأن ثَمَّة أشياء يجب أن نصنعها في الحاضر، وأشياء أخرى يجب أن نبنيها للمستقبل، وقطعًا ينبغي أن يكون الجيل الجديد من اللاعبين في الصفوف الأمامية للمنتخب الوطني، عليهم أن يلعبوا ويكبروا في كنف منتخبنا، وسأضرب مثالًا بسيطًا على ذلك وهو أنك حينما تُبقي الجنود في المقر فلن يتمكنوا أبدًا من أن يصبحوا جنودًا عظماء، إنهم بحاجة للذهاب إلى الخطوط الأمامية وإظهار الشجاعة والجرأة والخبرة، وهذا ما يجب علينا فعله خطوة بخطوة.

واستدرك المدرب البرتغالي قائلا: لكن المنتخبات الوطنية ليست مثل الأندية، ولسوء الطالع لا توجد لدينا مساحة زمنية كافية من الوقت من أجل التحضير للمباريات الدولية، على اعتبار أنه تتاح لدينا في الغالب كمية ضئيلة من المباريات تتراوح بين 8 إلى 12 مباراة دولية في السنة، وهذا لا يلبي حجم طموحاتنا وتطلعاتنا في التحضير الجيد للاستحقاقات الدولية، ولكنه واقع محتوم يجب أن نتقبّله ونتكيف ونتعايش معه.

وأكمل كيروش مساحة حديثه بالقول: لا نستطيع أن نُلقي لاعبًا شابًا واحدًا في الملعب ونملأه بهذه السهولة، لأنه عندما نضع لاعبًا شابًا في الملعب يتعين عليه أن ينجح، ويستجيب للضغوطات النفسية والذهنية حتى يتسنى له الحفاظ على مكانته مع المنتخب الوطني، وفي نهاية المطاف ينبغي علينا أن نفوز بثقة وشغف ونهم الجماهير باعتبارها وقودًا دافعًا للاعبين تُلهمهم الحماسة والعنفوان الكبيرين لتفجير طاقاتهم الإبداعية الكامنة داخل رواق المستطيل الأخضر.