غدًا.. تتوج أبطال بطولة العالم للإبحار الشراعي لذوي الإعاقة
المصنعة – عامر بن عبدالله الأنصاري
يقترب المتنافسون في بطولة العالم للإبحار الشراعي للأشخاص ذوي الإعاقة 2025، والقادمون إلى سلطنة عمان من 37 دولة، إلى لحظة الحسم بإعلان النتائج، إذ يسدل الستار مساء الغد الاثنين على البطولة العالمية الأولى من نوعها، في حفل يقام في منتجع بارسيلو المصنعة برعاية معالي الدكتورة ليلى بنت أحمد النجار وزيرة التنمية الاجتماعية، وبحضور الدكتور خميس بن سالم الجابري الرئيس التنفيذي لعُمان للإبحار وعدد من الحضور ممثلي الجهات الداعمة للبطولة والمتعاونة في تنظيمها منها الاتحاد الدولي للإبحار ووزارة السياحة.
وقبل حفل الختام سيخوض المتسابقون اليوم الخامس من السباق في أربعة فئات مختلفة، "هانسا 303"، وفئة "آر.إس.فينشر"، و فئة "فار.إيست" و "إلكا6"، ليضع المحكمون قولهم الفصل في النتائج العامة التي سوف تعلن غدًا.
نتائج اليوم الثالث
ووفق بيان مؤسسة عمان للإبحار الشراعي شهد اليوم الثالث، أمس، استمرارا لحدة التنافس بين البحّارة المشاركين ضمن الفئات الأربع المعتمدة، حيث حافظ أبرز المتصدرين على مواقعهم، بينما تقدّم آخرون في الترتيب العام مع اقتراب الحسم النهائي للبطولة الغد.
وفي فئة هانسا 303، واصل البريطاني "روري ماكّينا" أداءه القوي ليحافظ على صدارته، فيما احتفظ الياباني تاكومي نيوا بالمركز الثاني، وجاء البرتغالي جواو بينتو في المركز الثالث، ونجح البحّار العُماني مالك القرطوبي في الصعود إلى المركز الحادي عشر.
أما في فئة إلكا 6، فقد واصل البريطاني "موري ماكدونالد" هيمنته على السباقات، بينما حافظ البحّار الإماراتي مروان سلوم على مركزه ثالثا بعد أداء بارز عزّز منافسته على منصة التتويج، والبحّار "تسز هين تشيونج" من هونج كونج في المركز الثاني.
ففي فئة قوارب آر.أس فنتشر، واصل الفريق البولندي المكّون من الثنائي المتألق البحّار "بيوتر سيخوتشكي" والبحّار "أولغا غورناس غرودزين" صدارة الترتيب العام، فيما نجح الفريق البرتغالي في الصعود إلى المركز الثاني ويضم كلا من البحّار "بيدرو كانسيو ريس" والبحّار "جيلهيرمي ريبيرو"، تلاه الفريق اليوناني ثالثا بقيادة البحّار "فاسيليس كريستوفورو" والبحّار "ثودوريس اليكسا"، وحلّ فريق سلطنة عُمان المكّون من البحّار زاهر العتبي وحسن اللواتي في المراكز الرابع عشر.
وبالنسبة لفئة "فار.إيست" للمكفوفين، حافظ الفريق البريطاني بقيادة لوسي هودجز على صدارة السباقات، تلاه الفريق الإسباني بقيادة "دانيال أنجلادا بيتش" في المركز الثاني، والفريق البريطاني بقيادة "كارل هاينز" في المركز الثالث.
تنظيف الشواطئ
ولا تغفل مؤسسة عُمان للإبحار عن تعزيز الجانب الاجتماعي والبيئي، إذ أقامت اللجنة المنظمة للبطولة اليوم حملة لتنظيف شاطئ المصنعة بمشاركة البحّارة والمتطوعين والوفود الحاضرة، وشملت الحملة جمع المخلفات وفرزها، إلى جانب نشر الوعي بأهمية حماية البيئات البحرية ودور الرياضات المائية في ترسيخ مفهوم الاستدامة، انسجاماً مع توجهات سلطنة عُمان في تعزيز المسؤولية البيئية، وتجسيداً لرؤية البطولة كمنصة رياضية وإنسانية مستدامة.
كما تضمنت الأنشطة البيئية المصاحبة جلسة توعوية حول الحد من هدر الطعام، وجولة تعريفية بجهاز تحويل بقايا الأطعمة إلى تربة زراعية صديقة للبيئة، إضافة إلى ورشة تناولت أسباب التغيّر المناخي وتداعياته، بما أسهم في رفع مستوى الوعي ودعم رسالة البطولة في تقديم حدث يعكس المسؤولية الاجتماعية والبيئية.
التعريف بالسياحة
شاركت وزارة التراث والسياحة بركن تعريفي يبرز التراث العُماني العريق والثقافة المحلية، ويوفّر للمشاركين والوفود الدولية فرصة للتعرّف على الموروث الثقافي لسلطنة عُمان، وإلى جانب ذلك، تم تنظيم رحلات سياحية للمشاركين والوفود الدولية شملت زيارة معالم بارزة في محافظة مسقط، وجزر الديمانيات، وولايات الرستاق ونزوى، إضافة إلى زيارات للأسواق التقليدية والقلاع والحصون والعيون والأفلاج، في تجربة متكاملة تجمع بين الرياضة والسياحة والثقافة، وذلك بالتعاون مع الوزارة والمشغل الوطني للسفر (Visit Oman).
قال سلطان بن سيف الهنائي، رئيس قسم الترويج السياحي، بإدارة التراث والسياحة بمحافظة جنوب الباطنة: "يُسهم ركن وزارة التراث والسياحة في المعرض المصاحب للبطولة في تقديم المعلومات السياحية وإرشاد الزوار إلى أبرز المواقع التراثية والوجهات السياحية المتنوعة التي تزخر بها محافظة جنوب الباطنة، وسلطنة عُمان بشكل عام، والرد على استفساراتهم وتزويدهم بالمعلومات الضرورية حول الخدمات السياحية، وزيارة الأسواق التقليدية، بالإضافة إلى مساعدتهم في حجز الرحلات، إلى جانب الأنشطة والفعاليات السياحية والتراثية والترفيهية التي تشجع الزوار على زيارتها واستكشافها".
وأضاف رئيس قسم الترويج السياحي، بإدارة التراث والسياحة بمحافظة جنوب الباطنة: "أن الركن يقدم مجموعة متنوعة من المواد الترويجية مثل الكتيبات والمطويات وبطاقات الدليل السياحي والخرائط السياحية، إضافةً إلى المعلومات المتعلقة بالمتاحف والشركات المقدمة للخدمات السياحية والفندقية".
عادل السيابي: أفتخر بريادة سلطنة عمان في رياضة الإبحار لذوي الإعاقة
قدّم لاعب الإبحار الشراعي لذوي الإعاقة عادل السيابي سردًا ثريًا لتجربته الشخصية والرياضية خلال مشاركته في البطولة الدولية المقامة في المصنعة، وهي بطولة تُعد الأولى من نوعها عالميًا من حيث جمعها لأكثر من فئة من الإعاقات في بطولة واحدة، بما في ذلك الإعاقة الحركية والذهنية والبصرية.
يؤكد السيابي أن البطولة استطاعت أن تحقق نجاحًا لافتًا يفوق ما توقعه المشاركون أنفسهم، إذ يقول: "كنا نظنها بطولة بسيطة، لكن بالعكس، صارت بطولة لها كلمة وثقل، رأينا لاعبين من الإعاقة البصرية وكيف يخوضون البحر بثقة، ورأينا لاعبي الإعاقة الذهنية يقدّمون أداء يفاجئ الجميع. اكتشفنا أبطالًا حقيقيين". ويضيف أن وجود أبطال عالميين ضمن المشاركين منح اللاعبين فرصة فريدة للاحتكاك بخبرات رفيعة، الأمر الذي يصفه بأنه "مكسب كبير لا يمكن تعويضه". ومن النقاط التي حرص السيابي على إبرازها هو الدور الريادي لسلطنة عمان في تطوير رياضة الإبحار الشراعي لذوي الإعاقة، إذ يقول: "سلطنة عمان هي الدولة العربية الأولى التي تمتلك قوارب إبحار شراعي مخصصة لذوي الإعاقة من نوع آر.إس.فينشر، وهذا شيء يدعو للفخر، ويثبت الاهتمام الحقيقي بهذه الرياضة". ويشرح السيابي أن القوارب المستخدمة في البطولة تنقسم إلى "آر.إس.فينشر" وهي قوارب ثنائي مخصص غالبًا للإعاقات الحركية، وقوارب "هانسا303" الفردية وتستخدم في سباقات فردية، ويتميز بسهولة السيطرة عليه، إضافة إلى قوارب "فار.إيست" التي يشارك فيها المكفوفين، وقوارب "إلكا 6".
ويضيف أن تصميم هذه القوارب يضمن مستوى عالٍ من الأمان والثبات، ما يتيح للرياضيين خوض المنافسة بثقة، بغض النظر عن اختلاف درجة الإعاقة. كما تحدّث السيابي عن أبرز الصعوبات التي تواجه اللاعبين، وهي تقلبات الرياح خلال اليوم، مشيرًا إلى أن بعض الجولات تُقام في أوقات تكون فيها الرياح خفيفة جدًا، بينما تنشط بشكل ملحوظ بعد الظهيرة، قائلا: "المعتاد عندنا في المصنعة أن الريح تتحرك بعد الساعة الثانية، وهذا قد يمنح أفضلية غير مقصودة لبعض المجموعات، لذلك حرصت اللجنة المنظمة على تدوير أوقات لعب المجموعات لضمان العدالة، بحيث يلعب كل فريق صباحًا في يوم، وعصرًا في يوم آخر، لضمان تكافؤ الظروف".
ورغم أن السيابي بدأ ممارسة الإبحار الشراعي قبل حوالي، إلا أنه تمكن من بلوغ مستويات عالية في فترة قصيرة، وشارك في بطولات داخل سلطنة عمان وخارجها، وحقق إحدى أبرز إنجازاته بحصوله على المركز الثالث في بطولة بريطانيا. ويقول السيابي: "عندما يعرف اللاعبون الأجانب أننا فقط 3 أو 4 سنوات في الإبحار، يستغربون... هم بعضهم لهم 20 و30 سنة. لكننا نتقدم بسرعة، والحمد لله ننافسهم بكل قوة". في الجانب الإنساني من القصة، يروي السيابي أن إعاقته لم تكن منذ الولادة، وإنما جاءت نتيجة إصابته بمرض التصلّب اللويحي، وربما ارتبطت – بنسبة بسيطة – بحادث مرّ به قبل سنوات، ويوضح ذلك بقوله: "الأطباء قالوا ربما 20 % من الحادث، والباقي من المرض نفسه، لكن بالنهاية نقول الحمد لله. الإبحار أعاد لي الحركة والطاقة والمعنى".
ورغم التحديات الصحية، يواصل السيابي السفر والمشاركة في البطولات والتدريبات، مؤكدًا أن الدعم الذي يلقاه من المحيطين به يمنحه دافعًا لمواصلة الطريق. وحول ارتباطه بالبحر قال: " البحر كان جزءًا من حياتي قبل الإعاقة وبعدها، لكن الإبحار الشراعي مختلف تمامًا، ليس كالإبحار بالمحركات، الإبحار الشراعي شعور مختلف تمامًا، هنا تتعامل مع الطبيعة مباشرة، تقرأ الموج والهواء، وتشعر أنك تعود إلى ذاتك".
اختتم السيابي حديثه برسالة يقول فيها: "يكفينا فخرًا أننا نمثل عمان في بطولات العالم، ووجودنا بين أبطال من مختلف دول العالم حافز كبير، أشكر كل من يدعم هذه الرياضة، ودائمًا نقول، الإعاقة ليست نهاية، بل بداية جديدة".
