Untitled-3
Untitled-3
الثقافة

سعــر النفـــط فــي عــام 2021 - خــمسة أشياء مهمة

01 يناير 2021
01 يناير 2021

ديفيد شيبارد- الفاينانشال تايمز -

ترجمة - قاسم مكي -

كان النفط الأكثر تضررا من الجائحة قياسا بأي قطاع آخر تقريبا. فقد هبط سعر الخام من ما يقرب من 70 دولارا للبرميل في بداية العام إلى أقل من 20 دولارا في أبريل مع تقليصِ الإغلاقات للطلب على الوقود. بل تحولت الأسعار إلى السلب (أقل من الصفر) لبرهة وجيزة في الولايات المتحدة.

بعد حرب أسعارٍ قصيرة لكنها بالغة الضرر، لجأت أوبك وروسيا إلى إجراء تخفيضات قياسية للإنتاج بهدف بسط الاستقرار في السوق. مع ذلك وجدت الشركات نفسها مجبرة على تمزيق خططها الاستثمارية فيما بدأت كبرى شركات الطاقة الأوروبية في التطلع إلى مستقبل أكثر اخضرارا (الاستثمار في الموارد المتجددة).

نعم عادت أسعار النفط إلى الارتفاع مجددا. لكنها ظلت أدنى من مستوياتها في بداية عام 2020.

ومع انتهاء عام اضطراب صناعة النفط ثمة مؤشرات على تَعافٍ في بدايته، على أية حال. فقد زحف سعر الخام عائدا إلى 50 دولارا للبرميل. ويراهن بعض المستثمرين على أن دورة النفط تتحرك في تزامنٍ مع توقعاتٍ بوصول الطلب على النفط إلى ذروته.

هاهنا خمسة أشياء مهمة يلزم رصدها فيما يخص اتجاهات سعر النفط في العام الجديد:

أولا: الطلب على النفط

من المحتمل أن يشهد الطلب على النفط ارتفاعا قياسيا في عام 2021. لكن عند هذا الحد ينتهي هذا الخبر المفرح عن ازدياد الاستهلاك للمضاربين على صعود أسعار النفط. فرغم القفزة المحتملة للطلب من المتوقع أن يكون أدنى كثيرا من مستوياته قبل حلول الجائحة

تقدِّر وكالة الطاقة الدولية ارتفاع الاستهلاك بحوالي 6 ملايين برميل في اليوم عام 2021. لكنه في المتوسط سيكون حوالي 96.9 مليون فقط في اليوم. وهذا رقم أدنى كثيرا من الرقم القياسي الذي بلغه الاستهلاك في الفترة السابقة لجائحة كورونا وهو 100 مليون برميل في اليوم عام 2019.

أيضا كان من المتوقع أصلا ارتفاع الطلب على النفط بحوالي مليون برميل في اليوم عام 2020 وأيضا عام 2021. ذلك يعني أن الاستهلاك في عام 2021 ينبغي أن يكون أقل بحوالي خمسة ملايين برميل على أدنى تقدير من مستواه المفترض في غياب الجائحة. والجدير بالذكر أن الطلب على النفط، عندما تعرض اقتصاد العالم للأزمة المالية في عام 2009، هبط بما يزيد قليلا عن مليون برميل في اليوم.

الخسائر في الطلب مصدرها ثلاثة منتجات نفطية أساسية أكبرها وقود الطائرات. ومن المتوقع استمرار تردي أوضاع السفر الجوي وانخفاض استهلاك النفط بحوالي 2.5 مليون برميل في اليوم عن مستواه قبل الجائحة.

سيكون الطلب على البنزين والديزل أفضل حالا. لكن من المتوقع أن يكون محدودا في النصف الثاني من العام الجاري إلى أن تتوافر اللقاحات على نطاق واسع. ولن يزيد عن حوالي 97% - 99% من مستوياته السابقة للجائحة، بحسب الوكالة الدولية للطاقة.

تقول أمريتا سين، الشريك المؤسس وكبيرة محللي النفط في شركة إنيرجي آسبكتس الاستشارية: إن الرُبعين الأولين من السنة الجارية ربما لا يكونان مختلفين على نحو له معنى عن الوقت الحاضر.

آخر الضربات التي تلقاها الطلب على النفط ناجمة عن التداعيات الاقتصادية وتتراوح بين انخفاض الطلب من الشركات الصناعية إلى تراجع نقل السلع عبر البحر.

ثانيا: إمداد النفط

مستقبل عرض النفط يبدو أكثر تعقيدا.

لقد ترتب عن انهيار الأسعار سحبُ الاستثمار من صناعة النفط. هذا فيما أدت قضايا عملية مثل التباعد الاجتماعي في حفارات آبار النفط إلى تأجيل برامج الحفر.

ثم هناك قطاع النفط الصخري الأمريكي. لقد أحدث النفط الصخري تحولا في صناعة النفط والغاز ووضع نموه منظمةَ أوبك في موقف أسوأ خلال معظم الأعوام الخمس الماضية.

لكن هذا المصدر الباهظ التكلفة نسبيا تأثر بشدة من انهيار أسعار النفط حيث هبط إنتاج الخام الأمريكي من رقم قياسي بلغ 12.3 مليون برميل في اليوم عام 2019 إلى 11.3 مليون برميل هذا العام، وفقا لإدارة معلومات الطاقة بالولايات المتحدة.

استقر إنتاج النفط الصخري في النصف الثاني من عام 2020. لكنه لم يعد يشهد نموا كبيرا كما في السابق. وتتوقع الوكالة الدولية للطاقة انخفاض إمداد النفط الأمريكي إلى 11.1 مليون برميل في اليوم عام 2021.

إحدى المتغيرات الرئيسية للنفط ستكون الكيفية التي يستجيب بها النفط الصخري والمنتجون الآخرون إذا ارتفعت الأسعار كثيرا عن 50 دولارا للبرميل. وهو سعر سيمكِّن معظم الشركات من تغطية تكاليفها.

عالميا، تعتقد الوكالة الدولية للطاقة أن الإنتاج خارج أوبك سيرتفع بحوالي نصف مليون برميل في اليوم في العام القادم بعد أن هبط بحوالي 2.6 مليون برميل في عام 2020. يقول بيونار تونهاوجن، مدير أسواق النفط بشركة ريستاد إنيرجي: إن «من غير المؤكد حتى الآن بقاء أسعار النفط عند مستواها الحالي والحفاظ على مكاسبها».

ثالثا، أوبك وحلفاؤها

عدم التطابق بين العرض والطلب يُضفي أهمية كبيرة على ما يمكن أن تفعله أوبك وحلفاؤها مثل روسيا. أنهت مجموعة «أوبك زائد» حربَ أسعار امتدت لشهر في أبريل الماضي ووافق أطرافها على خفض 10% تقريبا من إنتاج النفط العالمي لإنقاذ السوق.

كان القصد أن تتلاشي قيود الاتفاق تدريجيا وتمكين البلدان من إنتاج المزيد من النفط مع تعافي الطلب. لكن تطاول الأزمة جعل المجموعة تواصل تخلِّيها عن إنتاج 7 ملايين برميل في اليوم. ومن المتوقع أن تجتمع مرة أخرى يوم 4 يناير لمناقشة إضافة نصف مليون برميل لإجمالي إنتاجها الحالي.

لقد تصاعدت التوترات داخل مجموعة «أوبك زائد» فيما هي توازن بين الإغلاقات المتجددة ورغبتها في إعادة تعزيز إيراداتها النفطية. ويثير موضوع الطلب في الأجل الطويل قلق كل أطراف تحالف أوبك زائد الذي يشمل روسيا والمنتجين الآخرين منذ عام 2016.

ويرى المحللون ببنك الاستثمار «آر بي سي كابيتال ماركتس» أن المخاوف من تجدد حرب الأسعار داخل المجموعة تؤثر سلبا على المشاعر. يقول محللو البنك أن إعادة التوازن لسوق النفط تعتمد بشدة على «إدارة حجم الإنتاج من جانب مجموعة أوبك زائد.»

رابعا، الجغرافيا السياسية

ربما يأتي التحول الجيوسياسي الأكبر في عام 2021 في وقت مبكر لسوق النفط مع مغادرة دونالد ترامب للبيت الأبيض. لقد صار ترامب شديد الاهتمام بقرارات أوبك وبالضغط لرفع أو خفض الإنتاج في مقابل دعمه. ومن المتوقع أن يكون الرئيس المنتخب جو بايدن أقل تدخلا على نحو مباشر بشؤون أوبك. لكن ربما ينتهي به الأمر إلى أن يكون أقل تأثيرا.

وقد يؤدي الإحياء المحتمل للاتفاق النووي الإيراني إلى ضخ طهران مجددا ما يقرب من مليوني برميل للسوق في حال خفَّت العقوبات الأمريكية المفروضة عليها. كما ستتم أيضا مراقبة دقيقة للتوترات في بعض البلدان النفطية الضعيفة في أفريقيا وأمريكا اللاتينية والمناطق الأخرى. وهي كلها تضررت بشدة من هبوط أسعار النفط الذي يهدد استقرارها السياسي.

خامسا: تكرير النفط

كان تكرير المنتجات النفطية أحد أسوأ قطاعات صناعة النفط أداء عام 2020. نعم عززت إدارة الإمدادات من جانب مجموعة أوبك وحلفائها أسعارَ خام النفط. لكن المصافي لديها روافع (مصادر قوة) أقل عند انهيار الطلب. وكان ذلك يعني انخفاض هوامشها الربحية خلال معظم السنة.

من المتوقع على نطاق واسع تسارُع الإغلاقات الدائمة للمصافي عام 2021، خصوصا في أوروبا مع انتقال أنماط الاستهلاك إلى الشرق. لكن إذا أغلقت أعداد كافية من المصافي أبوابها سيؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى تعزيز الهوامش الربحية للمصافي التي تستمر في العمل.