5456
5456
الثقافة

جائحة كورونا تطيح بالفن والأدب.. والعزلة المفروضة لا يمكن أن تنتج إبداعا

17 فبراير 2021
17 فبراير 2021

متخصصون يناقشون تأثيرات الوباء ثقافيا -

كتبت - شذى البلوشية -

تأثر العالم أجمع بالجائحة التي تجاوز انتشارها العام الواحد، فهي ما تزال تفتك بالبشر في كل شعوب العالم، وطالت الكثير من الجوانب، تهدد الصحة، وتنسف بالاقتصاد، وتخنق العلاقات البشرية والاتصال الواقعي، ويبدو أن «الفن والأدب» ما هما إلا أحد تلك الجوانب التي لم تسلط الأضواء على الضرر الكبير الذي لحق بها، وظلت متروكة في أحد الملفات التي ستراجع لاحقا، دون إدراك كون الفن عائدا اقتصاديا على بعض الدول، وعائدا نفسيا وجدانيا على بعض الشعوب.

من منطلق التأثيرات التي تسببت بها «جائحة كورونا على الفن والأدب»، جاءت الجلسة الحوارية التي نظمها النادي الثقافي افتراضيا مساء أمس الأول لتتلمس التأثيرات المباشرة «إيجابا وسلبا» لجائحة كورونا نحو الفنون والآداب المختلفة بمشاركة واسعة من ضيوف متخصصين من مختلف الدول العربية، لتخرج الجلسة بحديث شيق، خلص إلى أن الفن لا يمكن أن يعيش دون جمهور، والعزلة الإجبارية لا يمكن أن تلد الإبداع.

وفي حديث الدكتور آمنة الربيع في مقدمة الجلسة أشارت إلى أن «علاقة الإنسان المبدع والفنان والشاعر بهذه الجائحة مختلفة، تستند تارة إلى التأمل والرصد وتارة إلى الضجر، وفي هذه الجلسة نحاول مناقشة الوضع العام الذي تمر به الفنون والآداب بمجالاتهما المختلفة، وتأثير الجائحة بالأدب والفن».

الفنان كائن اجتماعي

بدأت الجلسة بحديث الدكتورة فخرية خلفان اليحيائية التي ركزت على جانب الفن التشكيلي وتأثير الجائحة على الفنان حيث قالت: «الفنان أو المثقف أو الأديب هو كائن اجتماعي ورغم أنه يبحث عن العزلة ولكن إن فرضت عليه العزلة يصبح كائنا متمردا، ونحن الفنانون نبحث عن لحظات الصمت والعزلة والتأمل والتفكير والابتعاد عن مشاغل الحياة، ولكن تكون باختيار الفنان، ولكن الجائحة جاءت بإيجابيات وسلبيات، في البداية شكلت ضغطا شديدا كونها فرضت العزلة إجباريا، ونحن نرفض أن يفرض علينا أي شيء ونسعى للأشياء برغبتنا، ولكن بعد فترة بدأنا ننطلق، وتأقلمنا مع الوحدة الإجبارية ورغم صعوبة الموقف واستمرار الضغط، ولكننا وجدنا متنفسا أكبر وأكثر من السابق، وبدأنا نتأقلم لإيجاد الحلول».

المسرح عمل جماعي

وحول تأثيرات الجائحة على المسرح قال الفنان المسرحي غنام الغنام: «إن المسرحي هو واحد من أكثر المتضررين بجائحة كورونا وآثارها، لسبب جدا بسيط وهو أن المسرح عمل جماعي، ودائما هناك فعل يومي وتفاعل لحظي لا ينقطع، ومن جرب التدريبات المسرحية يعلم أن التمرين لا يمكن أن يكون ساعة أو ساعتين أو حتى 10 ساعات في اليوم الواحد، فأنت قد ذهبت بكليتك إلى المسرح، لذلك كان الضرر كبيرا، فالحجر والإغلاق الذي ما زال حتى الآن في كثير من الدول، يطول قاعات المسرح وعروضه».

وتحدث غنام الغنام عن استغلاله العزلة للكتابة فقال: «شخصية الكاتب في «غنام الغنام»، وأتكلم عن محاولاتي لاستغلال هذه العزلة، رغم أني عادة أفضل الكتابة في الأماكن المزدحمة وأكون وحدي، لكنني في بداية الجائحة حاولت أن أكتب مسرحا وفشلت، وقرأت نصوصا مقترحة، ولم أفلح أن أكتب نصا إبداعيا، ولكنني أنجزت كتابا اسمه «سندباد المسرح»، وهو موجه لليافعين والأطفال، وأعتبره كتابا فريدا للفتى واليافع العربي، لأن فيه خروجا عن المعارف التي تدرس في الأكاديميات التي لها علاقة بتاريخ المسرح، وهذا أول إنجاز، والثاني هو أنه صار لدينا حجر صحي جزئي، فهربت مباشرة إلى قاعة المسرح في جمعية المسرحيين وحجزتها، وبدأت أعمل تمارين على أي شيء له علاقة بالمسرح، إلى أن وفقت في الاشتغال على المسرح منذ 7 أشهر، وأنجزت عملا بعنوان «أوتيلا» وهو مونودراما وربما يكون من العروض الصعبة التركيب».

وحول المهرجانات المسرحية يقول الغنام: «توقفت المهرجانات، فنحن لدينا في الوطن العربي 9 مهرجانات سنوية، وقد توقفت كلها، ولكن بعض الأعمال تكون أصلا عن بعد، لهذا كنت أحاول أن استغل وقتي وأغوص وسط العديد من الأعمال رغبة في النجاة من جنون التفكير بأن ما يحدث ليس إلا حربا عالمية ثالثة».

الـتأثير الاقتصادي على السينما

وتحدثت الفنانة البحرينية غادة الفيحاني وهي المتجهة مؤخرا إلى العمل السينمائي فقالت: «السينما نوع من أنواع الفنون التي تضررت كحال باقي الفنون، أفلام تنتج بالملايين ويجري شراؤها من قبل شركات الإنتاج أو التلفزيون بسبب منع عرضها في العروض الحية، وهذا نوع من أنواع الخسارة العظمى للأفلام»، وأضافت: «تأثر الفن بأنواعه من خلال تجميد الأنشطة خاصة التي فيها حضور جماهيري، مسرح من دون حضور، سينمات من دون جمهور، ومعرض فن تشكيلي من دون جمهور يبدون رأيهم، ونحن بصفتنا فنانين نقف مع أي قضية تخدم المجتمع والإنسانية، والسينما بالنسبة لي هي نتيجة من نتائج الحجر المنزلي، حيث دخلت دورات وتعرفت أكثر إلى هذا النوع من الفنون، ويمكنني القول: إن الجائحة هي صدمة ما زلنا نعيشها، وسوف تظهر النتائج لاحقا».

وأضافت الدكتورة آمنة الربيع إلى حديث الفنانة غادة حيث طرحت موضوع مهرجان «سينما الآيفون»، الذي أسهم في لجوء الشباب لاستخدام هذه الحيلة لمواجهة الأموال الضخمة التي تضخ في السينما.

وأشارت الفيحاني إلى التأثيرات الإيجابية للجائحة من خلال انتقالها للعمل السينمائي، وأفصحت أنها الآن تعمل على سيناريو جاهز، تعتمد فيه على لغة الصمت، وهو فيلم يتحدث عن كورونا، دون تحديد الزمان والمكان والهوية، وحتى الملابس «فنتازية»، وجميع المشاركين في العمل هم مسرحيون يعملون في السينما لأول مرة، وتطمح الفيحاني لتوظيف أفكارها المستقبلية بإدخال التكنولوجيا ودمجها بالمسرح.

إنتاج في الظروف الصعبة

وحول الجانب الدرامي تحدث الدكتور سعيد السيابي حيث قال: «هناك إشارات وجدناها في أعمال درامية إلى انتشار فيروس معين، وبعضها أشار إلى ذات الاسم، الفن وخيال الفنان له مثل هذا الاستلهام، وهذا واحد من أدوار الفنون». وقال أيضا: «من خلال متابعتي للأعمال الدرامية والتلفزيونية وجدت أن سلبية كوفيد 19 كبيرة، فهو أوقع بالقطاع الثقافي بشكل عام، وجعل من المسؤولين يضعون الصحة والاقتصاد من الأولويات بينما الثقافة والدراما فقد ضُحي بها، وبشكل عام فأنا وجدت إيجابيات العزلة بأن معظم أصدقائي أنتجوا أعمالا، وجعلهم أكثر إنتاجا، فالمثقف والمسرحي والفنان لا يهدأ، وينتج في الظروف الصعبة أكثر من الظروف العادية، وشخصيا نشرت عملا روائيا في أكتوبر، ورغم أنه كان مؤجلا».

وفي مداخلة الدكتورة آمنة الربيع لحديث الدكتور سعيد السيابي قالت: «أسطورة كسندرا الإغريقية منحتها الآلهة قدرة التنبؤ بالمستقبل، وحكم عليها بعدم تصديق الناس لها، والمزاوجة ما بين ما سيراه الناس الآن في الأعمال الدرامية، قد يقول قائل نحن لن نصدق ما نراه، حيث قيلت أشياء غريبة ما قبل الميلاد، وهذا ما يجعل الكاتب يكتب ما يراه أو ما مر به، أو يسطر تجارب الآخرين، فالمتلقي هنا لم يعد يعمل مثل الآلة الكسولة، فهذا وباء يطور من نفسه ويتحور ويتحول، والمتلقي قد يقول (شكرا لكم) أو يقول (لا أصدقكم)».

كورونا.. حالة ستستمر

وعاد السيابي لحديثه بقوله: «كورونا خلق إيجابية لصناعة الدراما، أود الإشارة إلى أن ما قبل كورونا ليس كما بعده، فهناك توقعات ومؤشرات تدل على أن كورونا خلق حالة ستستمر، ولها إيجابيات مثل هذه اللقاءات الافتراضية مع مختلف الأسماء من مختلف الدول، أما في المجال الدرامي فخلق منصات، وزاد عدد المتابعين وكسبت ملايين الدولارات، مع رغبة الحكومات أن نكون في البيت، وهذه القنوات والوسائل أتاحت الفرصة لمتابعة جديد الدراما، وأكبر شيئين جرت متابعتهم هي أخبار الوباء حول العالم، والأعمال الدرامية التي حصلت على نسبة كبيرة من الجمهور، وشارك أيضا العديد من المثقفين والفنانين للتوعية بالمرض، والكثير من الفيديوهات التي عملها الفنانون لتقديم النصائح للحد من انتشار هذا الفيروس».

وأضاف السيابي: «هناك مؤشرات تدل على أن نسبة القراءة زادت، ونسبة شراء الكتب أيضا، مثال ذلك روايتي التي صدرت في أكتوبر، والآن نحن في فبراير، وبيع أكثر من 600 نسخة، بينما إصداراتي السابقة لم تبع نسخ بهذا العدد».

نزعة التجريد

وتوجهت الدكتورة آمنة الربيع بالسؤال إلى الدكتورة فخرية اليحيائية: «هناك من يرى أن اللوحة تتجه إلى نزعة التجريد، هل هذا صحيح؟ وهل هناك أعمال تشكيلية حققت حضورا؟ وعكست الحالات النفسية والاجتماعية»..

وأجابت الدكتورة فخرية اليحيائية: «بلا شك ظهرت ممارسات مختلفة سواء تشكيلية أو تجريدية أو واقعية أو سيريالية، وهذه كلها أدوات يستخدمها الفنان، وتعتمد على الأسلوب الفني الذي يعتمده الفنان، وظهرت خلال فترة الجائحة بعض الأعمال الفنية ولكن مجملها مثلها مثل المجالات الأخرى، فهي أعمال مؤجلة وإعادة ترتيب متأخرات وإكمال أعمال متوقفة، لكن بتأملنا في هذه المرحلة ليس بالضرورة أن نربط كورونا بالحدث البصري، مثل ما ظهرت الممارسات السريعة بالحقنة والقناع وشكل الفيروس، فإرهاصات كورونا في اللوحة التشكيلية ستظهر قريبا حالها كحال باقي المجالات، في مجال التدريس أو المجال البحثي مفردات العزلة قد تكون لغير المطلق للمجال قد تجد لوحة شخص يجلس على شاطئ مظلم، أو يجلس قرب نافذة وحيدا، ومجموعة من المفردات يمكن أن تظهر العزلة والوحدة، وكلها يمكن ربطها بالعزلة كما لو أن الفنان رسمها بأي لحظة من لحظات العزلة والتباعد، مثال «إدورد هوبر» فنان أمريكي قديم، حين نأتي نحللها الآن في زمن كورونا رسمها مجموعة لوحات «فتاة في قطار تنتظر»، (غرفة بضوء قمر)».

رموز فنية

وأشارت الدكتورة اليحيائية إلى أن الطريق الذي يختاره الفنان يعتمد على توجهاته، وقالت: «اللون هو رمز، فأنا مثلا بدأت الاشتغال على تجربة ظهر فيها الأسود بشكل غريب، رغم أني كنت سابقا استخدم الفواتح أكثر، وبلا شعور دخلت في الأسود، والأسود دليل حزن وألم وحبس، وأحيانا تجد فنانًا يعبر عن قضبان حديدية أو أقفاص، وهذه رموز، إضافة إلى تجريدات لونية صريحة من دون موضوعات تقرأ من المتلقي غير المرتبط بالمجال الفني». وعرجت اليحيائية إلى أن العمل البصري هو مشروع بحثي، وكل له مساره، وقالت: «ظهر بعض التراجع، ولكن تعتبر التجارب سريعة ولا يمكن أن تعتبر تجارب يعتد بها، فالأعمال الحقيقية يمكن أن تظهر ما بعد كورونا، ما فقدناه في أزمة كورونا هو التواصل الحقيقي، وهي المعارض الحقيقية، فالمعارض الافتراضية قد تؤدي الغاية المرجوة وهي مشاركة الفنان بأعماله للجمهور، ولكنه لن يصل إلى الاحتكاك المباشر والتحاور مع الجمهور والناقد، ومشاهدة اللوحة عن قرب، وهو ما افتقده الفنان بوجه الخصوص».

تجّار كورونا

وتحول حديث غنام الغنام إلى ظاهرة الانتهازيين أو ما سماهم تجار كورونا فقال: «كورونا مرحلة لديها انتهازيون، وهناك تجار الحظر وتجار كورونا، أحيانا أرى نكرات وليس لهم أثر في الحياة الثقافية فجأة يقومون بعمل مهرجانات، وجوائز وتكريمات، هذه هي حالة انتهاز الفرصة كأن الحال لن تعود للتواصل المباشر، لذلك أنا أحذر من تجار كورونا، وانتهازيي فكرة الأونلاين».

وأضاف: «أما بالنسبة للمعارض والندوات والجلسات الحوارية، فهذه الجلسة هي مثال لذلك وهي من أكثر الجلسات تنظيما التي شاركت فيها خلال الفترة هذه، ورغم أننا في مناخات ودول مختلفة، ولكن ليس هناك نظرة متبادلة مع المتحدث، كان ممكن أن أعزز ما يقوله المتحدث أو أنكس ما يقوله، من خلال حركة أو إشارة واحدة، لذلك إذا كانت الندوة لا تكتمل، فمناخ العدالة غير متوفر، بينما في ندوة فعلية نكون في عدالة المناخ والمكان، وهذا لا ينفي أنه يمكن أن نستفيد من هذه التواصلات، لن تصبح هذه التواصلات هي الأصل وإنما هي حالة من التعويض، فهذه الفنون لابد أن تكون تشاركية، والمسرح من الفنون الإبداعية التي تتكامل فيها جميع الفنون والآداب، وطوال مسيرة المسرح كان مع حرية الإنسان وسعادته، وما كان إلا ضد ما يؤذي الإنسانية».

الشعر يتجاوز التوعية

وحول المجال الأدبي وتأثير الجائحة عليه تحدث الشاعر الدكتور أحمد عيسى الهلالي من المملكة العربية السعودية حيث قال: «الشعر الحديث يتجاوز مرحلة أن يكون أداة للتثقيف والتوعية، ويتجاوزها لمراحل أعمق، وكوفيد 19 عندما أتى انقسم فيه الأدباء إلى قسمين، قسم استبد به القلق والترقب فعزف عن كتابة الإبداع، وتحاشى أن يكتب فيما يتعلق بكورونا، وهناك شعراء عبروا عن أحاسيسهم تجاه هذه الجائحة، وهناك قسم من الشعراء اتخذ طريق التوعية والوعظ، وتبين القلق الذي يعتمل في نفسه، وهي مظهر من مظاهر التعبير، وعدد من الكتاب أرسلوا أعمالهم وكلها تدور في مجملها حول القلق والترقب المستمر، إضافة إلى بعضهم ممن عاشوا حالة وهمية من تخيل العزلة، وأطلقت بعض المؤسسات ما يسمى «أدب العزلة»، وهو لم يكن دقيقا في توصيفه، فهي لم تكن اختيارية كما لاذ بها بعض الأدباء سابقا، وأيضا عندما يعيش الإنسان في بيته، هو يعوض ما فقده في الخارج مع أسرته، وهناك مقولات بدأت تنتشر هي أننا تعرفنا إلى بعضنا الآن، واكتشفنا بعضنا أكثر، فهناك تحفظات لدي حول مفهوم العزلة بشاعريته التي أطلقها بعض الشعراء والأدباء، حتى أن بعض الشعراء والأدباء كتبوا على عناوين كتبهم «نصوص في العزلة»، «أدبيات في العزلة» وغيرها من العناوين. وأضاف: «لا نستطيع أن نتهجى عمق هذه الأعمال إلا بعد فترة متوسطة المدى لأن الأدب في رأيي ذاكرة شعورية ووجدانية ومستقبلا سنحتاج لمراجعة هذه الذاكرة، لا أجد حقيقة تفضيلا بين الفصحى والعامية في الشعر، فكلها يملك قوالب يعبر من خلالها الإنسان»

الأدب الكوروني

وفي سؤال الدكتورة آمنة الربيع حول إضافة مصطلحات جديدة في القاموس اللغوي لما يتعلق بالوباء فقال الدكتور أحمد : «هناك طرح لدى بعضهم يناقش إضافة مسمى «الأدب الكوروني» أو «أدب الفيروسات» أو «أدب الأوبئة»، ومن خلال بعض النصوص التي اطلعت عليها، وهي ما تزال غير ناضجة في بعض جوانبها أو تقليدية أو استدعاءات قديمة، واستدعاء لأعمال أبي العلاء المعري، أو رواية «العشق في زمن الكوليرا»، غالبا وجدت معظم الأعمال تدور حول القلق والترقب، حيث يخرج الإنسان في مظاهر الكوميديا السوداء، لكن أن يصل الأمر إلى اجتراح كلمات في القاموس، لم تلفتني هذه الظاهرة أو لم ألمحها، وهذه الحالة قد نحتاج أن نعبر في البداية هذه المرحلة، وفي رأيي من الأمور الإيجابية التي لمحتها في الأعمال الأدبية ووسائل التواصل الاجتماعي، هو جانب إيجابي في هذه الأزمة المظلمة وهو اختفاء لألفاظ الكراهية والشماتة وألفاظ التشفي بما يصيب الآخر، كونها قضية عالمية، ووجدنا الألفاظ الإنسانية التي تتضامن مع الآخر، ولغة راقية في كل ما اطلعت عليه حول هذه الأزمة».

منصة الفنون التشكيلية

حول مسألة غياب التفاعل مع الجمهور، تحدثت الدكتورة فخرية حول منصة «الفيديو آرت» فقالت: «ذكرت سابقا أن وسائل التواصل أسهمت بأشياء ولكنها لم تستطع أن تغطي التواصل الحقيقي لدى الفنان، ولكن الفيديو آرت هو نوع من الفنون التي ظهرت وهي تعتمد على «الميديا»، وطبعا تتنوع الأفلام بين التوثيقية والفنية ومجملها لا تزيد على دقيقتين إلى أربع دقائق، ففي زمن كورونا نشط هذا النوع من الفنون ولكن كان المتلقي يشارك في رؤية هذه الأفلام في قاعة عرض، رغم أن هذا المجال يعتمد على الوسائل التقنية والعرض أمام الشاشات، ولكننا لم نستمتع به كما نستمتع عندما نشاهده في القاعات والكل يمر على مجموعة أفلام، فطريقة العرض أخذت منحى تقنيًا، ولكن منصات التواصل التي عرضت هذه الأعمال، ولكن ما زال حيز النقد والقراءة مغيب، وكما قلت أن الفنان التشكيلي متعته الحقيقية هي مشاركة الجمهور في الحوار والنقد من خلال المعارض، لذلك يمكننا أن نقول إنها وسيلة، وهي فقط وسيلة بديلة، وما زلنا ننتظر عودة المعارض الواقعية والاحتكاك والحوار مع الآخر».