1273125
1273125
الاقتصادية

ندوة عمان تناقش قانون استثمار رأس المال الأجنبي.. وأهم الحوافز والضمانات

20 يوليو 2019
20 يوليو 2019

يعزز الاستثمارات ويرفع تنافسية السلطنة -

المشاركون: الإطــار التشريعي المتطور يشجع على توفير بيئة استثمارية ملائمة تســــــــاهم فـي نمو الاقتصاد الوطني وتوفير فرص العمل -

تغطية أمل رجب - ماجد الهطالي -

نظمت عمان ندوة حول قانوني استثمار رأس المال الأجنبي والإفلاس، بهدف إلقاء الضوء والتعريف بمختلف جوانب هذه القوانين ودورها المرتقب في تلبية تطلعات المستثمرين والقطاع الخاص، وتحفيز بيئة الاستثمار وزيادة ثقة المستثمر العماني والأجنبي بما يحقق طموحات الاقتصاد الوطني خلال مرحلة تتزايد فيها إلى أبعد مدى أهمية التنويع الاقتصادي.

وأكدت ندوة «عمان» على أن القوانين التي صدرت مؤخرا وفق المراسيم السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ حول الاستثمار الأجنبي والإفلاس والشراكة والتخصيص من أهم المبادرات الواعدة التي تستهدف تشجيع الاستثمار خاصة وقد سبقها خلال العام الجاري إصدار قانون الشركات التجارية، وأوضح المشاركون في الندوة أن الإطار التشريعي المتطور الذي تقدمه هذه القوانين يمثل منطلقا لدعم التنويع الاقتصادي وزيادة الاستثمارات وفرص العمل، مشيرين إلى أن قانون الاستثمار الأجنبي قدم العديد من المزايا للمستثمر الأجنبي كما منحه ضمانات تتعلق بمشاريعه في السلطنة، وفي المقابل فإن القانون يستهدف أيضا تشجيع نوعيات من الاستثمار تمثل إضافة وقيمة للاقتصاد الوطني. ومن هنا تضمن القانون عددا من الالتزامات تجاه المستثمر منها دراسة جدوى تتضمن هدف المشروع وإطاره الزمني، ومن جانب آخر هناك حرص على حماية المنتج الوطني ومشاريع ريادة الأعمال من خلال قائمة ستصدر لاحقا لتحديد الأنشطة التي تقتصر مزاولتها على العمانيين، واتفق المشاركون على أن القوانين تحمل أهمية كبرى في ظل الأولوية التي تعطيها الحكومة العمانية لدعم تنويع الاقتصاد، ومن هنا فإن تضافر الجهود يمثل عاملا أساسيا في إنجاح المنظومة التشريعية التي تنظم بيئة الأعمال.

وشارك في الندوة سعادة محمد بن مسلم هبيس عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى، ومبارك بن محمد الدوحاني مدير عام المديرية العامة للتجارة بوزارة التجارة والصناعة، والمهنـدس رضا بن جمعة آل صالح عضو مجلس إدارة غرفة تجــارة وصناعة عمان، والدكتور عادل علي المقدادي الخبير القانوني وأستاذ مشارك سابقا بكلية الحقوق، جامعة السلطان قابوس، والدكتور صالح بن حمد البراشدي نائب رئيس لجنة التشريعات والقوانين بغرفة تجارة وصناعة عمان، ومحمد بن سيف الراشدي مدير دائرة الشؤون القانونية بالهيئة العامة لسوق المال، وسمعان كرم مدير شركة الصاروج للإنشاءات، والمهندس سعيد بن ناصر الراشدي الرئيس التنفيذي لجمعية الصناعيين العمانية، ومحمد بن سالم الشعيلي المحامي والمستشار القانوني، وسعيد بن جمعه السلماني أمين السجل التجاري بوزارة التجارة والصناعة، وأدار الندوة سيف بن سعود المحروقي رئيس تحرير جريدة عمان والقائم بأعمال الرئيس التنفيذي لمؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان وحمود المحرزي نائب مدير تحرير جريدة عمان.

وفي بداية الندوة قال رئيس تحرير جريدة عمان إن الندوة تناقش قانون استثمار رأس المال الأجنبي والإفلاس وسنبدأ في هذا الجزء من الندوة بمناقشة قانون استثمار رأس المال الأجنبي من خلال عدة محاور هي التعريف بأهداف قانون استثمار رأس المال الأجنبي، ونظرة على أهم البنود، والحوافز والتسهيلات الجديدة في القانون والضمانات التي حددها القانون حتى تكون نوعية الاستثمارات ذات جدوى عالية للاقتصاد الوطني، وأهمية توقيت صدور القانون في دعم جهود تحسين بيئة الأعمال والتنويع الاقتصادي والدور المتوقع في توفير فرص العمل وتطوير مهارات الكوادر الوطنية، مع تسليط الضوء على دور الاستثمار الأجنبي في دعم سياسات التنويع الاقتصادي وزيادة القدرة التنافسية للسلطنة وجلب المعرفة والتكنولوجيا الحديثة.

آفاق جديدة للاستثمار

وبدأت النقاشات مع طرح مدير الندوة للمحور الأول في الندوة وهو التعريف بأهداف وأهمية قانون استثمار رأس المال الأجنبي، ورؤية المشاركين في الندوة لأهم البنود الواردة في القانون الجديد.

وقال مبارك بن محمد الدوحاني مدير عام المديرية العامة للتجارة بوزارة التجارة والصناعة إن القوانين جاءت لتكمل المنظومة التشريعية واستكمال المنظومة الاقتصادية بالسلطنة، لجعل بيئة الاستثمار جاذبة لرؤوس الأموال الأجنبية.

وأوضح أن قانون استثمار رأس المال الأجنبي يفتح آفاقا جديدة للاستثمار في السلطنة، حيث إن القانون يتكامل مع قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وقانون التخصيص ونظام إنشاء الهيئة العامة للتخصيص، وسيساهم القانون الجديد في جذب الاستثمارات الأجنبية في ظل تنافس دول العالم لجذب الاستثمارات، وتعزيز مكانة السلطنة كوجهة استثمارية قادرة على استقطاب رأس مال الأجنبي، وإصدار قانون يكون متطابقا ومواكبا مع أعلى المعايير الدولية مع مراعاة كافة الالتزامات الدولية الخاصة بالسلطنة.

وأضاف أن قانون استثمار رأس مال الأجنبي له أهداف كثيرة منها تشجيع وترويج وحماية الاستثمار الأجنبي في السلطنة بما يكفل توفير البيئة الاستثمارية الملائمة، وضمان مساهمته الفعلية في تنمية الاقتصاد الوطني بكافة القطاعات، وتخفيض الأسعار للمستهلكين ورفع كفاءة الإنتاج وتنمية البنية الأساسية المحلية والتداول التجاري، ونقل التكنولوجيا والنفاذ للأسواق للوصول إلى الموردين والأسواق العالمية، وأيضا إيجاد فرص عمل ومواءمتها مع الموارد البشرية بالسلطنة.

وبين مبارك الدوحاني أن الفترة الحالية تتطلب جلب استثمارات حقيقية وقانون الاستثمار الأجنبي يواكب هذه المتطلبات، كما أن القانون سيساهم في الحد من حالات الاستثمارات الصورية وظاهرة تعدد السجلات التجارية وما قد يرتبط بها من ممارسات التجارة المستترة، وفيما يتعلق بمشاريع المواطنين التي تدار من قبل رواد الأعمال فهناك حرص على حماية هذه المشاريع وبعض الأنشطة ستكون مقصورة على العمانيين، حيث سيصدر وزير التجارة والصناعة في وقت لاحق قرار وزاري يتضمن قائمة بالأنشطة المحظور مزاولة الاستثمار الأجنبي فيها، وذلك بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية لمراعاة الأنشطة التي تتطلب إدراجها ضمن القائمة.

حوافز.. وضمانات

وتساءل رئيس التحرير عن أهم الحوافز والتسهيلات الجديدة في القانون والضمانات التي حددها القانون حتى تكون نوعية الاستثمارات ذات جدوى عالية للاقتصاد الوطني.

وأوضح مبارك الدوحاني أن القانون يضم مميزات للمستثمرين من أهمها أن مركز خدمات المستثمرين والجهات المختصة تلتزم بالإجراءات والمواعيد المقررة لإصدار الموافقات أو التصاريح أو التراخيص للمشروع، وفي حالة عدم الحصول على رد خلال المدد القانونية المقررة وفق اللائحة التنفيذية للقانون، والتي ستصدر لاحقا، يعد الطلب مقبولا، وأجرى القانون تعديلات جوهرية مقارنة مع القانون السابق، كتحرير نسبة التملك للمستثمر الأجنبي لتصل إلى نسبة 100%، وفي أنشطة اقتصادية أخرى تتطلب موافقة مجلس الوزراء فيما يتعلق بمشاريع الاستراتيجية، ويضم القانون عقوبات وجزاءات إدارية، كما أعطى القانون صلاحية لمركز خدمات المستثمرين، حيث سيتولى المركز تسجيل المستثمر الأجنبي، وتيسير وتبسيط إجراءات استخراج جميع الموافقات والتصاريح والتراخيص اللازمة لمشروعه الاستثماري، حيث تعمل الوزارة مع الجهات الأخرى على استكمال الربط الإلكتروني مع كافة الجهات المعنية في بوابة «استثمر بسهولة»، وعند التقديم إلكترونيا عن طريق البوابة يحال المشروع إلكترونيا إلى الجهة المعنية لاستكمال اجراءات الاستثمار.

مواكبة المستجدات

وقال سعادة محمد بن مسلم هبيس عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى إن القوانين المواكبة للمستجدات المحلية والعالمية تلعب دورا محوريا في تشجيع وتحسين مناخ الاستثمار، ومرت القوانين التي صدرت العام الجاري بدورة طويلة لدى كافة الجهات المعنية مرورا بمجلسي الشورى والدولة، وهي تسفر عن مناخ إيجابي وتعد ضرورة ملحة في المرحلة الحالية لدعم التنويع الاقتصادي، وأشار إلى ان قانون الاستثمار الاجنبي الحالي مر على صدوره نحو 25 عاما، والعالم يشهد متغيرات متسارعة محلية واقليمية وعالمية وعلى سبيل المثال جميعنا نرى التأثيرات التي احدثتها المتغيرات التكنولوجية وما نشهده منذ سنوات من تبعات ومتغيرات نتيجة الثورة الصناعية الرابعة، ويأتي قانون الاستثمار الاجنبي، الذي سيتم بدء تطبيقه بعد اشهر، ليواكب المتغيرات ويلبي تطلعات السلطنة نحو جذب مزيد من الاستثمارات لدعم التنويع الاقتصادي.

وأضاف ان التشريعات الجديدة تلبي ما هو مطلوب من اطار تشريعي داعم لاقتصاد متنوع، وهناك دور كبير على عاتق الجهات المسؤولة عن التطبيق والتنفيذ، كما ان هناك حاجة للمراجعات المستمرة وفقا لنتائج التطبيق واكتشاف أي ثغرات تحتاج الى تعديل او جوانب تحتاج الى تعديل او إعادة نظر لأي سبب من الأسباب وهذا يمكن ان يتم عبر اللائحة التنفيذية للقانون التي ستصدر بعد عدة اشهر، وأكد سعادته ان علينا ان ندرك ان القوانين وحدها لا تكفي للوصول الى ما هو مستهدف لكن لابد من متابعة وتضافر جهد بين الجميع بما في ذلك الجانب الحكومي والجانب المجتمعي، ولدينا بالفعل العديد من المميزات والمقومات المشجعة للاستثمار في السلطنة من بنية أساسية ومناطق حرة ونتمتع بالاستقرار الأمنى والسياسي ونتميز بالموقع الجغرافي الاستراتيجي وهذا كله اذا احسن استغلاله سنحصل على افضل النتائج والثمار.

واعتبر محمد الشعيلي المحامي والمستشار القانوني ان إنشاء مركز خدمات المستثمرين يعد من اهم البنود التي وردت في قانون الاستثمار الأجنبي، نظرا لانه يسهل منح تراخيص موحدة للمشروعات ولم يترك القانون مدة الموافقة على المشروع مفتوحة بل يتم تحديد مدة محددة اما تصدر خلالها الموافقة او يعد المشروع تم الموافقة عليه تلقائيا، وندرك جميعا ان هذه التسهيلات مهمة للغاية لتشجيع الاستثمار، وأضاف انه من الناحية القانونية هناك تطور كبير وتسريع في الجانب القضائي في حال نشوب خلاف يتعلق بالمستثمر الأجنبي.

تسهيل الاستثمارات

وعلق مدير الندوة بان الفترة الحالية تشهد تسارعا غير مسبوق في جهود التنويع الاقتصادي، ويأتي صدور القوانين في اطار تسهيل الاستثمارات وفتح فرص اوسع للقطاع الخاص للمساهمة في التنمية، ومن هنا تنبع أهمية توقيت صدور القوانين في دعم جهود تحسين بيئة الأعمال والتنويع الاقتصادي.

وأكد مبارك الدوحاني أن القوانين الجديدة جاءت في توقيت مهم وتهدف إلى تعزيز الاستثمارات المشتركة بين القطاعين العام والخاص، وستساهم في رفع تصنيف السلطنة في المؤشرات العالمية الخاصة بسهولة الأعمال، مشيرا أنه أجريت تحسينات على قانون الشركات في وقت سابق من عام 2019.

وأوضح المهنـدس رضا بن جمعة آل صالح عضو مجلس إدارة غرفة تجــارة وصناعة عمان ان توقيت صدور القوانين ملائم للغاية خاصة ان هناك العديد من الجهود على مدار الفترة الماضية لدعم وتحسين بيئة الاستثمار منها المحطة الواحدة وإنشاء مركز عمان للتحكيم التجاري وقانون الشركات الذي صدر في بداية العام الجاري، ونتمنى ان اللوائح التنفيذية ستتضمن ضوابط تمنع الاستثمار غير الحقيقي حتى لا يكون هناك أي تأثير جانبي يضر بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كما نطمح ان يحصل مركز خدمات المستثمرين على صلاحيات كاملة بما يمكن من تسريع كبير في اجراءات التراخيص للمشاريع.

وعلق مبارك الدوحاني بأن القانون يعطي صلاحيات بالفعل لمركز خدمات المستثمرين، وسيتم الربط الإلكتروني بين كافة الجهات كما ان القانون يحدد مهلة معنية للرد على طلب الترخيص الذي يتقدم به المستثمر، وسيرد ذلك في اللائحة التنفيذية وفي حال عدم الرد تعتبر موافقة على المشروع، وهو ما يعطي قوة وضرورة لجميع الجهات ذات العلاقة بالموافقات والتراخيص لتحديث انظمتها بما يكفل سرعة الإنجاز.

وأضاف سعيد بن جمعه السلماني أمين السجل التجاري بوزارة التجارة والصناعة ان مركز خدمات المستثمرين يعمل من خلال الربط الإلكتروني الذي يربط بين كافة الجهات المعنية بالتراخيص، ونحن حريصون على مواكبة الخدمات الإلكترونية لكل ما توجده التشريعات القانونية الجديدة من مستجدات وعلى سبيل المثال فإن الأنواع الجديدة من الشركات التي نتجت عن قانون الشركات الصادر بداية العام الجاري مثل شركات الشخص الواحد تدخل حاليا ضمن الشركات التي يتم تسجيلها عبر «استثمر بسهولة».

قوانين واضحة

ومن جانبه أشار سمعان كرم مدير شركة الصاروج للإنشاءات إلى ان أهمية توقيت صدور القوانين هي أن الحكومة تستهدف تشجيع الاستثمار، والمستثمر يريد قوانين واضحة، والإيجابي ان القوانين جاءت كحزمة متكاملة وبها مميزات للمستثمر وايضا تحديدا للعقوبات والجزاءات، ونرى انه من الإيجابيات أيضا ان بنود القانون تحمي المستثمر عبر منع إفشاء أي معلومات عن المشروع، والموظف العام الذي يفشي سرا سيواجه عقوبات تتراوح بين السجن او الغرامة او كلتا العقوبتين. وأشار سمعان كرم الى ان بيئة الاستثمار في السلطنة جاذبة بالفعل، ولدينا استثمارات أجنبية ومن قبل القطاع الخاص في قطاعات متعددة منها الطاقة والكهرباء والمياه، وهذه الاستثمارات قدمت للسلطنة بفضل ما تتمتع به من بيئة استثمار جيدة وشفافة، وفي ظل القوانين الجديدة نتوقع المزيد من الاستثمارات، كما نتوقع دور كبير يقوم به مركز خدمات المستثمرين، ونشيد ايضا بما تضمنه القانون من مزايا خاصة للاستثمار في بعض المناطق في السلطنة، بهدف تشجيع الاستثمار في هذه المناطق، وأضاف سمعان كرم ان قانون الاستثمار الأجنبي يعنى بالمستثمر الأجنبي وبالتالي لابد من ان يتم تسويقه محليا وعالميا كما ان هناك احتياج لجهد توعوي يوضح أهمية الاستثمار الأجنبي، ونحن كقطاع خاص نعتبر القوانين خطوة ممتازة في اتجاه تحسين بيئة الأعمال، ونتوقع ان تقوم اللائحة التنفيذية بدور كبير في تطبيق القانون.

واتفق سعادة محمد هبيس على أهمية منح القانون الجديد لصلاحية للحكومة في إعطاء التراخيص للمشاريع الاستراتيجية وهذا يقدم دعما كبيرا للاقتصاد الوطني الذي يحتاج مثل هذه المشاريع، وعلى سبيل المثال المناطق التي تتمتع بمقومات طبيعية فريدة مثل مسندم وتحتاج استثمار ضخم يمكن ان تستفيد من مثل الاستثمار الأجنبي، وفي نفس الاطار فإن المرسوم السامي بإعفاء بعض المشاريع في مسندم من الضرائب كان من اهم التطورات الإيجابية ايضا.

تعديلات عديدة

من جانبه قال الدكتور عادل بن علي المقدادي الخبير القانوني وأستاذ مشارك سابقا بكلية الحقوق بجامعة السلطان قابوس ان القوانين الجديدة تحمل بين طياتها العديد من التعديلات خصوصا فيما يتعلق بقانون استثمار رأس المال الأجنبي، مشيرا الى انه مع أهمية كافة القوانين إلا ان قانون الاستثمار الأجنبي ربما هو الأهم بين هذه القوانين، وقد تضمن القانون العديد من المزايا للمستثمر كما شدد العقوبات على المخالفين، مشيرا الى ان المستثمر كان يجد صعوبة عندما يرغب في الاستثمار في السلطنة بمفرده، أما قانون استثمار رأس المال الأجنبي رقم 50/‏‏‏‏‏2019 فقد أجاز للأجنبي ان يتملك المشروع كاملا بمفرده أو بالشراكة مع عماني أو أجنبي آخر، ولم يقيد الأجنبي بشريك عماني، وأجاز له نقل ملكية المشروع الاستثماري كليا أو جزئيا إلى مستثمر أجنبي آخر، أو عماني، أو التنازل عنه لشريكه في حالة المشاركة، أو الإندماج أو الاستحواذ، أو تغيير الشكل القانوني وكل ذلك يتيح مرونة كبيرة في بيئة الاستثمارات.

وبين أن قانون استثمار رأس مال الأجنبي الجديد انشأ الضبطية القضائية، ولم يحدد رأس المال المطلوب للمشروع، وكان القانون السابق يحدد رأس المال ب 150 ألف ريال فأكثر، كما شدد القانون الجديد في العقوبات، حيث يعاقب كل أجنبي يزاول أي نشاط استثماري بالمخالفة لأحكام القانون بغرامة لا تقل عن 20 ألف ريال ولا تزيد على 150 ألف ريال، كما يعاقب كل عماني يشترك مع أجنبي في مشروع استثماري بالمخالفة لأحكام القانون بالعقوبة ذاتها.

وأشار عادل المقدادي الى ان القانون الجديد خصص في فصوله عدة حوافز للاستثمار الأجنبي، حيث أجاز تخصيص الأراضي والعقارات اللازمة للمشروع الاستثماري، بطريق الإيجار لمدة طويلة أو بمنح حق الانتفاع بها، ومن بين الضمانات التي منحت للمستثمر الأجنبي أن القانون لم يجيز نزع ملكية المشروع الاستثماري إلا لمنفعة العامة، مقابل تعويض عادل يقدر وقت نزع الملكية، كما يجب دفع التعويض المستحق دون تأخير، ولم يجيز القانون إنهاء عقدي الانتفاع أو الايجار في حالة تخصيص الأراضي والعقارات إلا وفقا لحالات المقررة قانونا أو بحكم قضائي، ويساوى القانون بين المستثمر الأجنبي والعماني، وفي بعض النقاط أعطي حق الأفضلية، وأجاز القانون للمشروع الاستثماري ان يستورد بذاته أو عن طريق الغير ما يحتاج إليه في إنشائه أو التوسع فيه أو تشغيله من مستلزمات الانتاج والمواد والآلات وقطع الغيار ووسائل النقل المناسبة لطبيعة نشاطه دون حاجه إلى قيد في سجل المستوردين.

سهولة تسوية النزاعات

وأوضح الدكتور عادل المقدادي ان من بين محفزات وضمانات الاستثمار الأجنبي انه منح للمستثمر الأجنبي حرية القيام بجميع التحويلات الخاصة بالمشروع الاستثماري من وإلى خارج السلطنة في أي وقت وتشمل التحويلات، عائدات الاستثمار وحصيلة بيع أو تصفية كل أو بعض المشروع الاستثماري وحصيلة المبالغ الناتجة عن تسوية منازعات المشروع الاستثماري، والتعويض الحاصل عليه نتيجة نزع ملكية المشروع للمنفعة العامة، وقيمة أقساط القروض أو التمويل التي تحصل عليها المشروع من الخارج، وأي تحويلات للاستيراد والتصدير مرتبطة بنشاط المشروع الاستثماري، وأي مستحقات خارجية لإيجار آليات أو عقود تقديم خدمات في إطار عمل المشروع مشيرا إلى ان القانون أعفى المستثمر الاجنبي من الرسوم الجمركية والضرائب.

واكد على ان المستثمر الأجنبي دائما يبحث عن وسيلة لفض المنازعات، وقد أشار القانون الجديد إلى إنشاء لجنة أو أكثر لنظر في التظلمات التي يقدمها المستثمرين من القرارات الصادرة من الجهات المختصة، حيث يرأس اللجنة مستشار من محكمة القضاء الإداري، موضحا ان اللجنة تفصل التظلم بقرار مسبب خلال 30 يوما من تاريخ تقديمه، وأجاز القانون تمديد المدة، وأجاز للمتظلم اللجوء للمحكمة المختصة للطعن في القرار.

وعقب محمد بن سيف الراشدي مدير دائرة الشؤون القانونية بالهيئة العامة لسوق المال بأن القوانين الاستثمار الجديدة ستعزز من مكانة السلطنة في مؤشر التنافسية وترفع من ثقة المستثمرين.

وأوضح محمد الشعيلي ان القانون يمثل اطارا جيدا لما يحتاجه المستثمر من حوافز وضمانات وفي الوقت نفسه لما ينبغي على المستثمر نفسه من جدية والتزام، فهناك ايضا جدول زمني يرد في دراسة الجدوى التي يتقدم بها المستثمر وهذا يضمن جدية الاستثمار وتنظيم القانون لالتزامات المستثمرين، واذا تناولنا بعض الجوانب القانونية لابد من الإشارة الى انه من البنود المهمة إنشاء لجنة التظلمات، وهي تضم قضاة من بين أعضائها، وهي الجهة التي يلجأ لها المستثمر في حال تعرضه لقرار بسحب الموافقة على مشروعه، وهذا يزيد ثقة المستثمر الذي يمكنه ايضا اللجوء للقضاء إذا لم يكن راضيا عن قرار لجنة التظلمات.

فرص العمل

ووجه حمود المحرزي نائب مدير تحرير جريدة عمان تساؤلا حول المساهمة المتوقعة للقوانين الجديدة في إيجاد فرص عمل، وقال المهندس سعيد بن ناصر الراشدي الرئيس التنفيذي لجمعية الصناعيين العمانية ان ملف الباحثين عن عمل من أهم المواضيع التي تسعى كافة الجهات الحكومية والخاصة إلى تذليل المعوقات وإيجاد حل لها، مشيرا إلى أن القوانين الجديدة ستساهم بشكل غير مباشر لتوفير فرص عمل للكوادر الوطنية من خلال المشاريع الاستثمارية التي ستستقطبها السلطنة في المستقبل القريب، حيت ستساهم القوانين الجديد على ايجاد بيئة استثمارية وترفع من مؤشر تنافسية السلطنة بين دول العالم فيما يتعلق ببيئة الاستثمار، وأشار الرئيس التنفيذي لجمعية الصناعيين العمانية أن التوجهات الحكومية هي تشجيع الصناعات العمانية ورفع نسب التعمين بها والهدف هو قيام قطاع الصناعة بتوفير حوالي 10 آلاف وظيفة في هذا العام.

وأكد على ان من أفضل النتائج المتوقعة للقوانين الجديدة توفير فرص عمل للباحثين عن عمل، من خلال أنها استقطاب استثمارات من قبل الشركات العالمية، حيث ان هذه الشركات بإمكانها الاستفادة من مهارة الشباب العماني لإعادة تصدير منتجاتها، كما ان للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي يملكها رواد الأعمال سيتوفر لها الكثير من الأعمال من خلال الشركات العالمية التي ستستثمر في السلطنة، وستعمل المؤسسات الصغيرة في أنشطة تتكامل مع أنشطة الشركات الكبرى وهو ما يعني فتح آفاق جيدة لأنشطة ريادة الأعمال، ونص قانون استثمار رأس المال الأجنبي على ان المشروع الاستثماري يتمتع بجميع المزايا والحوافز والضمانات التي يتمتع بها المشروع الوطني، وأجاز بقرار من مجلس الوزراء بناء على توصية الوزير تقرير معاملة تفضيلية للمستثمر الأجنبي تطبيقا لمبدأ المعاملة بالمثل، وأجاز منح مجموعة مزايا لمشاريع الاستثمار الأجنبي التي تؤسس في المناطق الأقل نموا في السلطنة بقرار من مجلس الوزراء.

طمأنة المستثمرين

وقال صالح بن محمد البراشدي نائب رئيس لجنة التشريعات والقوانين بغرفة تجارة وصناعة عمان إن القانون يحدد حوافز الاستثمار الأجنبي وضماناته والجزاءات الإدارية والعقوبات، مشيرا الى ان الحوافز هي مجموعة من الحقوق، وأهمية القانون هي انه في جميع أنحاء العالم المستثمر يريد تشريعات تسهل له الدخول للاستثمار وأيضا الخروج منه اذا رغب في ذلك لأي سبب من الأسباب، والتشريعات هي ما يكفل ذلك للمستثمر، وتضمن القانون عددا من الحوافز لتشجيع الاستثمار الأجنبي هي مجموعه من الحقوق والوسائل التشجيعية التي يغلب عليها الصبغة الاقتصادية والتي تستهدف جذب واستقطاب المستثمرين الأجانب من بين هذه الحوافز تمتع المشروع الاستثماري بجميع المزايا والحوافز والضمانات التي يتمتع بها المشروع الوطني وفق القوانين المعمول بها في السلطنة، كما يجوز بقرار من مجلس الوزراء بناء على توصية الوزير تقرير معاملة تفضيلية للمستثمر الاجنبي تطبيقا لمبدا المعاملة بالمثل كما يجوز بقرار من مجلس الوزراء منح مجموعه مزايا اضافية لمشاريع الاستثمار الاجنبي التي تؤثر في المناطق الاقل نموا في السلطنة، وهناك تسهيلات تتعلق ايضا بتخصيص الاراضي والعقارات سواء عن طريق الايجار لمدة طويلة او بحق الانتفاع، أيضا من أهم البنود التي جاءت في القانون حق المشروع الأجنبي في أن يستورد بنفسه او عن طريق الغير ما يحتاج اليه في الانشاء او التوسع او التشغيل من مستلزمات الانتاج والآلات وقطع الغيار دون الحاجة الي قيد في سجل المستوردين ومن بين البنود المهمة جدا انه يجوز بقرار من مجلس الوزراء بناء على توصية من الوزير منح المشروع الاستثماري الذي يؤسس لإقامة مشروعات استراتيجية تسهم في تحقيق التنمية، مثل انشطة المرافق العامة والبنية الأساسية او الطاقة الجديدة والمتجددة او الطرق والمواصلات او الموانئ، موافقة واحدة على اقامة المشروع الاستثماري وتشغيل وادارته بما في ذلك تراخيص البناء والقوى العاملة وتكون هذه الموافقة نافذه بذاتها دون حاجه الى اتخاذ اي اجراء اخر، وذلك دون اخلال بحق الجهات المختصة في الاشراف والمتابعة للتأكد من التزام المشروع الاستثماري بالقوانين المعمول بها في السلطنة.

بالنسبة لأهمية ضمانات الاستثمار، أشار صالح البراشدي الى انه من المعروف في أي مكان في العالم ان تخوف المستثمر الاجنبي من قيام الدولة المستضيفة بإجراءات معينة من شانها تعريض النشاط الاستثماري الى خطر داهم هو من المخاوف التي تمنع جذب وتشجيع الاستثمار، ومن اجل ذلك تسعى الدول من خلال قوانين الاستثمار الخاصة بها الى ازالة تلك المخاوف او الحد منها قدر الإمكان والعمل على طمأنه المستثمر على مشروعه الاستثماري من اي مخاطر قد يتعرض لها، ومن اهم الضمانات التي وردت في القانون الحالي عدم جواز مصادرة المشروع الا بحكم قضائي ولا الحجز على امواله وتجميدها او التحفظ او فرض الحراسة عليها الا بحكم قضائي، كما لا يجوز انهاء عقد الانتفاع او الايجار في حاله تخصيص الاراضي والعقارات الا وفق الحالات المقررة قانونا او بحكم قضائي وكذلك نص القانون على عدم جواز قيام الجهات المختصة بإلغاء الموافقة او الترخيص الصادر المشروع الاستثماري الا بقرار مسبب بعد انذار المستثمر الاجنبي كتابه في المخالفات المنسوبة اليه وسماع وجهة نظره واعطاء مهلة لا تزيد عن 30 يوما من تاريخ انذاره، لإزالة اسباب المخالفة وفي جميع الاحوال يجب اخذ موافقه الوزارة قبل الغاء الموافقة او الترخيص او التصريح، ومن المهم ايضا ان القانون يكفل للمستثمر الاجنبي حريه القيام بجميع التحويلات الخاصة بالمشروع من والى السلطنة في اي وقت، فضلا عن المرونة في نقل ملكية المشروع. وايضا من الجديد في هذا القانون انه فيما يتعلق بالجرائم المنصوص عليها في قانون الاستثمار الاجنبي يجوز للوزير او من يفوضه التصالح في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، وذلك قبل صدور الحكم فيها، مقابل دفع مبلغ مالي لا يقل عن ضعف الحد الادنى للغرامة المقررة لهذه الجريمة ولا يزيد عند في الحد الاقصى لها ويترتب على التصالح انقطاع الدعوى العمومية في الجريمة.

وفي مقابل كل هذه الضمانات هناك العديد من الالتزامات التي ينص عليها القانون للمستثمر الاجنبي الذي عليه ان يلتزم بالجدول الزمني المقدم لتنفيذ المشروع الاستثماري والمعتمد وفق دراسة الجدوى الاقتصادية، ولا يجوز ادخال اي تعديلات جوهرية على المشروع الاستثماري الا بعد موافقة وزاره التجارة والصناعة، وهناك مراعاة للبعد البيئي اذ على المستثمر الالتزام بالعمل على حماية البيئة والاخذ بالاعتبار الجوانب المتعلقة بأخلاقيات العمل والمحافظة على الصحة والسلامة العامة وفق القوانين واللوائح المعمول بها في السلطنة، وبالنسبة للموظف العام يحظر عليه القانون افشاء معلومات تكون قد وصلت الى علمه بسبب اعمال وظيفته تتعلق بالفرص الاستثمارية او الجوانب الفنية او الاقتصادية او المالية لمشروع استثماري و يعاقب لإفشاء اي معلومات بما يؤدي الى تفويت الفرصة او التأثير مباشرة على المشروع الاستثماري بالسجن مدة لا تقل عن ستة اشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامه لا تقل عن 5000 ريال ولا تزيد عن 50000 ريال او بإحدى العقوبتين.

وانتقل رئيس التحرير بعد ذلك الى المحور التالي للندوة وهو دور الاستثمار الاجنبي في ادخال المعرفة والتكنولوجيا،

وقال صالح البراشدي انه حين يتحدث القانون عن دراسة الجدوى وتحديد الأصول يندرج ضمن ذلك ما تملكه الشركة من حقوق ملكية فكرية ووسائل تكنولوجيا، وعلق سعادة محمد هبيس بانه حتى الاسم التجاري يمكن تقييمه ماليا ونقل المعرفة من اهم اهداف تشجيع الاستثمار الاجنبي، واشار المهندس رضا الى ان الاستثمار الاجنبي يصاحبه ادخال التكنولوجيا الجديدة وهذا يساعد في تعمين الوظائف العليا في حال دعم الاستثمار في التكنولوجيا، وما لدينا من عدد كبير من الخريجين يمكن توفير الوظائف لهم عبر تشجيع الاستثمارات وهي العامل الاساسي في توفير الوظائف.