الاقتصادية

كيف يمكنك أن تجعل حياتك سهلة وسعيدة في العمل والمنزل؟

03 فبراير 2017
03 فبراير 2017

فرحة الحياة البسيطة -

البساطة لا يمكنك أن تشتريها أو تقتنيها من الأسواق هي داخلك كصفة إنسانية وليست سلعة -

تأليف : جيف دافيدسون -

عرض وتحليل : إميل أمين -

هذا الكتاب سيجعل حياتك أبسط وسط هذا العالم المتزايد في التعقيد ، يخبرك المؤلف الأمريكي « جيف دافيدسون » الخبير في التنمية البشرية بالقول : أنا جاد فيما أقول ، لن يطلب منك الكتاب تغيير شخصيتك ، ولا أن تجري إلى المتجر وتنفق أموالاً طائلة لتحقيق هذا الهدف . بل يقدم بعض الملاحظات والأفكار والاستراتيجيات في شكل نصائح لطيفة ، سوف تساعد أي شخص على أن يتعامل مع الأشياء بطريقة أبسط. ولكن تذكر أن أي تغييرات ، تقوم بها للوصول إلى حياة أبسط لابد وأن تنبع من داخلك حتى تحقق الأثر المنشود . فإذا حاولت أن تجري الكثير من التغييرات في وقت قصير ، أو إذا كانت هذه التغييرات جوهرية أو شديدة القسوة ، بحيث يصعب تنفيذها ، فالغالب أنها لن تتحقق – وستجد نفسك وقد تخليت عنها في لمح البصر . فحين تأخذ في الاعتبار أي نصيحة تقدم إليك ، سواء في هذا السياق أو في أي كتاب آخر ، تأكد من أنها تتوافق مع أفكارك ومعتقداتك تجاه ما هو صحيح ، وما تشعر بأنه مناسب .

الكثير من الأشخاص في وقتنا هذا يحاولون أن يعيدوا تقييم كيفية إدارة حياتهم ، ويبحثون عن طرق لتحقيق حياة أبسط وأكثر فاعلية ، دون التضحية بالأشياء الأساسية بالنسبة لهم . إن هذا ما نقصده في هذا الكتاب بعبارة « تبسيط الأمور » أي الوصول إلى أسلوب حياة أكثر فاعلية ، بدون التنازل عما هو مهم حقاً بالنسبة لك .

إن تحقيق البساطة في حياتك يبدأ بفكرة أنك أنت في موقع القيادة ، أنت من يملك زمام الأمور ، أنت من يقوم بأول خطوة ، أنت من يقوم بالاختيار ، أنت من يتحكم وأنت من لديه القوة الكامنة ، لتتخذ الخطوات اللازمة لجعل حياتك أبسط ، حتى إذا كنت تعمل في وظيفة لها متطلبات كثيرة ، ولديك الكثير من المسؤوليات المهنية والشخصية فلا تقلق ، فقد صارت هناك طرق لجعل حياتك أبسط .

إن هدفنا من هذه السطور هو استكشاف بعض الطرق لتحقيق التوجه الذهني والتحفيز ، اللذين تحتاجهما لتسير حياتك بصورة انسيابية ، وللوصول إلى راحة البال التي تستحقها .

 

فكرة ليست جديدة

صدق أو لا تصدق ، إن الرغبة في الحصول على حياة أبسط ليست نزعة حديثة ، ولا هي بدعة من بدع العصر الحديث . إن الرغبة في الحياة البسيطة أمر معروف منذ مئات الأعوام . يقول « د. جيروم سيجال» من معهد فلسفة السياسة العامة بجامعة ميرلاند في كوليدج بارك : «منذ بداية التاريخ الأمريكي ، قام أنصار الحياة البسيطة بمعارضة المظاهر الاستهلاكية والمادية . على الرغم من هذا فإن فكرة الحياة البسيطة ، أو الحياة العادية كما يسميها البعض أحياناً ، قد تعني أشياءً مختلفة بالنسبة للجماعات المختلفة».

ويوضح لنا د. سيجال أنه على امتداد التاريخ البشري ، ظهرت بعض الحركات الداعية إلى العمل الجاد ، والإيمان الراسخ ، وإلى نبذ حياة البذخ والتعقيد وتوخي البساطة في المأكل والمشرب والعمل .

عبر القرن التاسع عشر كان الكتاب والفلاسفة أمثال رالف والدو إيمرسون وهنري ديفيد ثورو وحتى جون راسكين ، الأقل شهرة والأحد نقداً ، يقومون بمناصرة الأشكال المختلفة للحياة البسيطة ، وذلك لأفضالها المتأصلة وفوائدها الكبيرة للمجتمع بصفة عامة . لقد كان ثورو مقتنعاً بأنه كلما قل الاستهلاك وقلت الممتلكات ، زادت قدرة الشخص على متابعة أنواع الفنون المختلفة وتفرغ لتطوير ملكاته . ولقرن آخر ظلت المجتمعات الإنسانية – عبر أوقات الحروب وأوقات الازدهار والإحباط والحركات الاجتماعية – تتأرجح بين نمط الحياة الاستهلاكي الواضح ، وبين المفهوم النبيل الداعي لتحري البساطة ، والذي تضمن أفكاراً مناصرة للبيئة ، مثل ترشيد الاستهلاك ، وإعادة التصنيع والحفاظ على البيئة ، أي بصفة عامة الحياة بأسلوب مبسط . وفي يومنا هذا شهدت تلك الحركة انتشاراً كبيراً ، بحيث أصبح مصطلح «البساطة» يحمل معنى مختلفاً لكل فرد : وقت أكثر ، ضغوط أقل ، ترفيه أكثر ، فواتير أقل ، فوضى أقل ، مجهود أقل في أعمال النظافة والصيانة ، الكثير من راحة البال والروحانيات . قد تعني البساطة لك واحدة من هذه الأفكار ، بل قد تعنيها كلها .

كيف وصلت الأمور إلى هذه الدرجة من التعقيد ؟ لقد ولدنا في عصر يتسم بالتعقيد ، فدعنا نلقي نظرة على العوامل التي ساعدت على ذلك . لم يشهد أي جيل آخر عبر التاريخ ذلك التنافس الضاري ، بين كل هذه العناصر الساعية إلى جذب انتباهنا والاستحواذ على وقتنا ، على الأقل لم تكن هناك قنوات تلفزيونية تذيع الأخبار طوال 24 ساعة يومياً .

فمع مرور كل عام ، بل كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة وكل ثانية يرتفع كم المعلومات المتولدة على كوكب الأرض ، كما تتحقق المزيد والمزيد من الطفرات التكنولوجية . إن د. لوويل كاتليت من جامعة نيومكسيكو في البوكيرك ، والمتخصص في الدراسات المستقبلية ، له رأي مفاده أن أحدث المنتجات التكنولوجية التي نقتنيها في الوقت الحاضر في مكاتبنا أو في منازلنا ، سوف تصبح في غضون خمس سنوات ، وذلك من حيث إمكانياتها ، من الأثريات ( ولن تكون حتى من الأثريات غالية الثمن ) . لذلك نجد أن منتجي التكنولوجيا أنفسهم يتجهون نحو تقليل مدة عرض منتجاتهم .

فمثلاً نجد أن مدة عرض أي منتج حديث لشركة سوني هو 90 يوماً . فعندما تبيع شركة سوني أياً من منتجاتها لمتجر إلكترونيات أو أدوات مكتبية ففي خلال 90 يوماً في المتوسط تكون شركة سوني قد أنتجت منتجاً أحدث ، يتفوق من حيث الإمكانيات والوظائف على المنتج الذي قامت بشحنه . وتقدر شركة سوني أن مدة عرض أي منتج جديد سوف تصبح في القريب 18 يوماً فقط . إنها تأخذ على عاتقها مهمة أن تجعل منتجاتها القديمة عديمة النفع ، وذلك لصالح منتجاتها الأحدث الأكثر تفوقاً .

ولكن لماذا تقوم الشركة بهذا التصرف ؟ ألا يتسبب هذا الانتشار المستمر للمنتجات الجديدة في خسائر للعاملين بالشركة ولنظام التوزيع بها ، وحتى لك أنت كمستهلك ؟ الإجابة هي نعم بالتأكيد . ولكن في الوقت نفسه إذا لم تقم شركة سوني بالتحسين المستمر لمنتجاتها ، فسوف يقضى عليها بسبب المنافسة . إن جميع أصحاب المنتجات يشعرون بنفس المأزق ، والمستهلك ليس لديه فكرة عما يمكن أن يصيبه من جراء ذلك .

التكنولوجيا متناهية الصغر

كما نعلم فإن شريحة المعالج المركزي في جهاز الحاسوب تستمر في الصغر كما تزداد في القوة . ويرجع الفضل إلى التقدم التكنولوجي في تضاؤل سمك الشريحة إلى أقل من سمك شعرة الرأس – أو ما لا يزيد على 2 ميكرون كما يعرفها العاملون في مجال التكنولوجيا . وفي الواقع يوجد الآن موتور ميكروسكوبي لا يزيد سمكه على سمك شعرة الرأس .

إن الأجهزة العجيبة التي كنا في وقت ما نراها فقط في أفلام الخيال العلمي وأفلام الرسوم المتحركة ، ستصبح في وقت قريب جداً سلعاً عادية ، نستطيع شراءها من الأسواق . إليك أمثلة على هذه الأجهزة العجيبة التي توجد الآن ، أو التي من المتوقع ظهورها قريباً وفقاً لأحدث تقارير الصناعة ( وإن كان هناك من يدعي أن تكلفة هذه الأجهزة ستكون مرتفعة جداً ، بحيث يصعب إنتاج كميات كبيرة منها ) :

• نظارات شمسية يمكنها أن تلتقط إرسال القنوات التليفزيونية وتعرضها على العدسات ، مما يمكنك من مشاهدة برامجك المفضلة في أي وقت طالما ترتدي هذه النظارة .

• نظارات معالجة بأشعة الليزر بحيث تمكن الطيارين البحريين من إطلاق الصواريخ ، أو تشغيل الطائرات بحركة العين .

• أسطوانة بحجم العملة المعدنية ، تمكنك من تسجيل ومشاهدة آلاف الأفلام السينمائية .

• « كتب ذكية » تستطيع الشعور بتمهلك عند قراءة كلمة معينة لا تفهم معناها ، فتقوم باستبدالها بكلمة أخرى لتوضيح المعنى .

إن إدارات الشرطة والمطافئ يمكنها أن تمد رجالها بنظارات خاصة ، توفر لهم صوراً لحظية للمواقع التي يتواجدون فيها ، فتدل رجل المطافئ الذي يدخل إلى مبنى يحترق إلى أنه يجب عليه أن يتجه يساراً ، حيث إن هذا الاتجاه أكثر أماناً ، بينما لو اتجه يميناً فمن الممكن أن يحدث له ضرر . كذلك يمكن أن تنبه رجل الشرطة أثناء عاصفة شديدة تتعذر فيها الرؤية ، إلى أن الجسر الذي يمر عليه ينتهي بعد خمسين متراً .

إن مثل هذه المخترعات التكنولوجية المتقدمة ، سوف يكون لها تأثير اجتماعي يتجاوز مجرد تأثيرها العلمي . فمثلاً نجد أن إحدى النظارات ذات التقنية العالية سيمكنها التعرف على الأشخاص بمجرد التطلع إلى عيونهم ، أو على أي من ملامحهم ، وفي خلال 30 ثانية من النظر إلى أي شخص سيمكنك أن ترى اسمه مكتوباً على جانب من العدسة ، والتغلب بذلك على مشكلة نسيان أسماء الأشخاص .

لك أن تتخيل أنك تدخل إلى شركة مثلاً لأول ، ولا تعرف أحداً فيها من قبل ، ولكن سيمكنك أن تحيي كل شخص تقابله وتناديه باسمه ، فإلى حين تنتشر هذه التكنولوجيا سينظر إليك الناس على أنك ساحر أو عراف .

احذر.. التكنولوجيا ليست الحل

قبل أن تبدأ في الاعتماد على الأجهزة والاختراعات المكلفة لتبسيط حياتك عليك بالتفكير جيداً . فلقد صار واضحا أن هذا ليس هو الحل . يقول المؤرخ «د. إدوارد تينر» من جامعة برينستون: «بغض النظر عما يفعل البشر للإسراع من عجلة الحياة وتحسينها ، إلا أنهم لم ينجحوا في ذلك إلا بقدر محدود» . كما يؤكد أن فشل التكنولوجيا في حل المشكلات يمكن في الغالب إرجاعه إلى التفاعل بين الإنسان والآلة . فمثلاً في كتابه Why Things Bite Black : Technology and Revenge of Unintended Consequences يذكر د. تينر أن الشركات كانت تأمل في الوصول لما يسمى «بيئة العمل الخالية من الأوراق» ، وذلك من خلال وضع جهاز حاسوب على كل مكتب ، وجهاز فاكس في كل ركن من أركان الشركة وآلة تصوير مستندات في كل قاعة ، ومع ذلك ففي خلال العشر سنوات الأولى لثورة الحاسوب الشخصي ( والتي بدأت في عام 1985 ) زاد استهلاك الورق ثلاثة أضعاف .

ومع ظهور الإنترنت ، استنتج الخبراء أننا سوف نشهد انخفاضاً في معدل استهلاك الورق . ولكن حتى الآن لم ينخفض حجم الأوراق التي تتخم عالم الأعمال ، فليس عليك إلا أن تنظر داخل أي شركة إلى هذا السيل من الرسائل ، والمذكرات الداخلية وسلال القمامة في آخر كل يوم ، لتعرف كيف أننا نعتمد على الأوراق في حياتنا بصورة لم يسبق لها مثيل .

في الوقت نفسه يكاد المتحمسون للرسائل الإلكترونية يفقدون صوابهم ، بسبب ظاهرة الرسائل الإلكترونية الإعلانية التافهة والمزعجة ، والتي لم يتخيل أحد حتى وجودها منذ سنوات قليلة .

تعلم كيف تدافع عن نفسك ؟ إن اللوائح والقوانين والمعلومات والتكنولوجيا ، التي من المفترض أن تنظم لنا حياتنا ، باتت مصدراً للإرهاق والارتباك للكثير منا . إن البنية الأساسية التي تحافظ على تماسك المجتمعات – أنظمة الحاسوب، الطرق السريعة ، المباني ، والطاقة اللازمة لتشغيل كل ذلك – أصبحت تعتمد على نظم متزايدة في التعقيد .

إذا نظرت حولك ووجدت أن الحياة تزداد تعقيداً كل يوم ، وشعرت كما لو أن حياتك أكثر تعقيداً مما ينبغي ، حاول أن تهدأ – فمازلت محتفظاً بقواك العقلية . إن ما تعيشه من تعقيد ليس من صنع خيالك ، وليس ناتجاً عن تقدمك في السن ، كما أنه ليس ناتجاً عن زيادة مسئولياتك ، أو حجم ديونك أو ناتجاً عن ارتفاع إيجار منزلك ، أو حتى ناتجاً عن زيادة عدد أولادك ، فحتى لو أمضيت طوال يومك وأنت لا تفعل شيئاً سوى أن تجلس مكانك في كسل ، فإن الحياة من حولك سوف تزداد تعقيداً . كيف تفوز في الصراع ضد التعقيدات؟

إن السطور التالية من هذا العرض مليئة يطرق محددة لتبسيط حياتك ، لكن قبل أن تبدأ في تطبيق هذه الطرق عليك باتباع بعض التدابير العامة ، لتساعدك على أن تحافظ على التفكير السليم ، وأن تركز على الحلول .... ماذا عن أهم تلك التدابير ؟

الاعتراف بحقيقة وقتنا الراهن

إن مجرد وجودك في هذا الزمان ، يضمن لك مواجهة سيل لا ينتهي من التعقيدات ، داخل منزلك وخارجه ، على الطريق ، في العمل ، وفي كل مكان آخر . إن الاعتراف بهذه الحقيقة هو أهم خطوة للوصول إلى الحل ، فإذا أمكنك أن تحدد بحزم وحسم الأسباب الرئيسية للمشكلة التي تواجهك ، فإن ذلك من شأنه أن يضعك في موقف يسمح لك بتولي زمام الأمور . إن بعض الناس لا يمكنهم أن يصلوا إلى هذا الحد من التفهم على مدار حياتهم ، وللأسف فإنهم سوف يلقون اللوم على أنفسهم ، أو ربما على أي شخص آخر .

انظر للمشكلات على أنها تحديات

كان د. ريتشارد فاينمان ، الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء ، يذهل زملاءه وتلاميذه ، عندما تواجهه مشكلة معقدة في الفيزياء ، حيث كان يقبل عليها بحماس قائلاً: « حسناً ، لنر ما لدينا هنا ؟ » فبالنسبة له كانت كل مشكلة تحوي فرصة مستترة عليه أن يغتنمها . كانت التعقيدات بالنسبة له تمثل تحديات عليه الوصول إلى حلول لها . لقد كان يستمتع بعلاج وحل ما يثير حيرة الآخرين . لم يكن د. فاينمان يدخل في صراع مع ما يقابله من مصاعب ، بل كان يستمد منها النشاط والقوة . لقد كان يعلم أنه بتحديد المشكلة وتقبلها فإنه بذلك يقترب من الحل .

ابحث عن الحل بجانب المشكلة

قبل د. فاينمان بزمن طويل كان تشارلز كيتيرنج يقوم بتتبع المشكلات بأسلوب مبتكر خلاق ، مساوياً لأسلوب د. فاينمان . إن كيتيرنج كان باحثا لأمراض السرطان في مدينة نيويورك ، وقد كان ضمن أكثر المخترعين ذكاءً في المائة سنة الأخيرة ، تقريباً على نفس مستوى توماس إديسون ، وإن كانت شهرته محدودة في وقتنا الحالي . لقد قام كيتيرنج بتطوير محركات الديزل وأنظمة الإشعال في السيارات وطرق دهان السيارات والعديد من المخترعات الأخرى ، التي أحدثت تحولاً جذرياً في صناعة السيارات في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي . إن أسلوبه في حل المشكلات لم يكن له مثيل .

إن الفارق بين المشكلة والحل في رأي كيتيرنج هو أن الناس أكثر استعداداً لتفهم الحل . يقول كيتيرنج إن كل ما يحتاجه المرء لرؤية الحلول هو أن يغير رؤيته للموقف لا أكثر – فهل أنت مستعد لذلك ؟ - حيث إن حل أي مشكلة موجود على الدوام داخل المشكلة نفسها ، فهو يعتقد أن دور من يحل المشكلة ، هو ببساطة أن يعرف أين يجد الحل داخل المشكلة .

إذاً ، في المستقبل أثناء سعيك لجعل حياتك أبسط عليك أن تلاحظ أن حل أي مشكلة قد يكون موجوداً بجوار المشكلة ذاتها .

عليك بإعادة صياغة السؤال

إذا كنت تواجه تحدياً صعباً ، يمكنك أن تستخدم صيغة أخرى للتساؤل ، لتساعدك بدلاً من أن تظل عالقاً في المأزق . فعندما تتعقد الأمور من حولك ، بدلاً من أن تسأل نفسك «ماذا يمكن أن أفعل ؟» يمكنك أن تتساءل «ماذا سوف أفعل ؟» ثم احضر ورقة وابدأ في كتابة ما يخطر ببالك من إجابات . وبدلاً من أن تتساءل إن كان بإمكانك أن توفر الوقت لكل من عائلتك وعملك ، عليك أن تسأل كيف ستوفر الوقت لعائلتك ولعملك . حتى أن السؤال العام « ماذا يمكنني أن أفعل حيال هذا الأمر ؟ » يمكن أن يتحول إلى سؤال آخر أقوى وأكثر تحديداً هو « كيف سأتعامل مع هذا الأمر ؟ » .

حاول ألا تجرفك الحماسة

ذكر مقال بمجلة تايم عنوانه « أخطار الحياة البسيطة » أنه لوحظ أن دعاة البساطة المغالين الذين يروجون لفكرة « متع الحياة البسيطة » يكتشفون أن النجاح يولد تعقيدات غير متوقعة . إن واحدة من أشهر دعاة البساطة قد اختزلت مجموعة ملابسها ، إلى درجة أن كل ما أبقت عليه زوجين من السراويل ، سترتين ، جونلتين ، خمسة قمصان وست سترات ذات اللياقة العالية . يمكن أن يكون هذا السخف مقبولاً إذا كنت مؤلفاً مشهوراً ، تحصل على ملايين الدولارات ، ولست مضطراً لأن تحتفظ بمجموعة كبيرة من الملابس ، لأنك لا تذهب إلى العمل خمسة أيام في الأسبوع ، لكن بالنسبة للأغلبية فإن هذه المبالغة سيكون لها أثر عكسي ، أي أنها ستؤدي إلى حياة أصعب . لذلك وأنت تستعرض التوصيات التي يقدمها لك هذا الكتاب لتحقيق قدر أكبر من البساطة في حياتك ، عليك أن تتذكر دائماً فكرة الأثر العكسي التي ذكرها د. تينر ، فلا أحد محصن ضدها . يقول الناشر «لاري روث» في أحد رسائله الإخبارية المعنونة « أخبار الحياة منخفضة التكاليف »: «لا يمكنك أن تشتري البساطة ولا أن تقتنيها ، إن البساطة تأتي من داخلك ، إنها صفة إنسانية وليست سلعة » .على انه وان أخذنا بتحذير روث في الاعتبار ، فانه يمكننا أن نعرض بعض الأفكار ، التي سوف تمنعك من الانجراف من الحماس أثناء محاولتك تحري البساطة في حياتك ... ماذا عن تلك الأفكار ؟

تمسك بجزء من مقتنياتك

بالنسبة لغالبية الناس ، فإن تقليل الملابس إلى الدرجة التي تكفي الحياة بالكاد لن يحقق سوى مرحلة مؤقتة من البساطة . في البداية ستكون مرتاحاً عندما تنظر داخل دولاب ملابسك وتجده مرتباً ، ولا يوجد به سوى القليل من الملابس التي تستمتع بارتدائها ، ولكن في القريب العاجل يمكن أن تتمزق قطعة ملابس ، وتتسخ قطعة أخرى ، وقد تأتي مناسبة تتطلب منك الظهور بمظهر جيد . إن البساطة لا تعني تقليص عدد الملابس ، أو بطاقات الائتمان أو أي مستلزمات أخرى أقل من الحد المعقول ، حيث قد يؤدي ذلك إلى مشكلات لم تكن في الحسبان .

تمسك بمعايير النظافة والنظام

يقول بعض الناصحين إن الطريق إلى البساطة هو أن تقلل ما تفعله ، فمثلاً ، لا ترتب سريرك كل صباح . قد يكون هذا مقبولاً إذا كنت تعيش بمفردك ، ولا يدخل أي شخص آخر إلى غرفتك ، وإن كان ترتيب السرير بالنسبة إلى كثيرين يعتبر طريقة لبدء اليوم ، فهو إعلان بإنهاء مرحلة النوم ، مما يمنحهم الطاقة والتوجيه والتركيز للانتقال إلى ما يجب عمله بعد ذلك .

إن عدم تأدية بعض المهام ، حتى وإن كان سيوفر بعض الدقائق في اليوم ، لا يعضد فكرة البساطة . إن إهمال النظام والذوق العام ليس من البساطة ، كما أن ترك الأعمال غير مكتملة ليس من البساطة . إن إهمال أداء بعض المهام الصغيرة قد يوفر بعض الوقت الذي لا يذكر ، لكنه قد يخل بتوازن حياتك بدرجة خطيرة .

احذر النصائح السخيفة

إن بعض دعاة البساطة قد يقنعونك بالتخلص من جميع الأطباق في منزلك ، وأن تأكل من أواني الطبخ مباشرة ، وآخرون قد يجعلونك تقلل من عدد مرات الاستحمام لتوفر الماء والصابون والكهرباء (أنت شخص بسيط ، وبالتالي سيق استمتاعك بالحياة ، فلماذا تتمسك بعادات النظافة الشخصية على أي حال ؟) يمكنك أن ترى إلى أين يقودك هذا المنطق السخيف: قد تتحول إلى شخص غريب الأطوار ، معزول عن العالم يعيش حياة مملة باردة ضحلة متقشفة . لا تجعل بحثك عن البساطة يأخذ أبعاداً متطرفة ومأساوية مثيرة للضحك .

الحالة المزاجية المناسبة

إذا كانت حياتك معقدة الآن ، فغالباً سوف تكون أكثر تعقيداً إذا أصبح اليوم أطول . إن د. كين ديتشوالد ، مؤسس شركة إيدج ويف وهي مؤسسة بحثية تتابع تقدم السكان في السن ، قام باستنباط نظرية سماها « إن لم يكن أكثر » ، مؤداها أنه إذا كنت شخصاً متذمراً ومرهقاً وكئيباً ، فعلى الأرجح أنك ستظل كما أنت بعد عشر سنوات ، إن لم يكن أكثر . إذا لم تتخذ بعض الإجراءات لجعل حياتك أبسط ، فإن زيادة عدد ساعات اليوم إلى 48 أو 72 ساعة بطريقة سحرية لن يؤدي إلا إلى زيادة ما تعاني منه الآن .إليك مجموعة من الأفكار ، التي سوف تهيئك ذهنياً لجعل حياتك أبسط بحق:

اعترف بأهمية أهدافك

إذا اتخذت قراراً بأن تجعل حياتك أسهل ، فأنت على الطريق لتحقيق ذلك . إن بعض الناس يعتقدون خطأ أن البساطة معناها الاكتفاء بالقليل من الحياة ، بحيث لم يعودوا يشعرون بالسعادة أو الاستقلال أو الراحة التي كانوا يتمتعون بها سابقاً . إن هؤلاء الذين يسخرون من فكرة جعل حياتهم أبسط ، قد يعتقدون أن عليهم القيام بتضحيات ضخمة ، لكن العكس هو الصحيح . إن كنت قد عقدت العزم على أن تجعل حياتك أبسط ، فعلى الأرجح أنك سوف تكون أكثر سعادة وأكثر استقلالاً ، وفي النهاية أكثر راحة . لن يعني هذا أنك ستضطر للاكتفاء بقدر أقل من الحياة – بل يعني أنك ستحيا حياة مختلفة .

اترك لخيالك العنان

ماذا لو لم تذهب إلى مهرجان الموسيقى الذي اعتدت الذهاب إليه كل عام ؟ ربما يمكنك أن تذهب إلى مهرجان موسيقى آخر بجوار محل إقامتك . أو يمكنك إغلاق عينيك وتخيل نفسك في كاليفورنيا ، أو في سويسرا برفقة الأثرياء ، إنها رحلة مجانية ويمكنك التحكم في درجة الزحام ، وعندما ينتهي الحفل يمكنك أن تكون في منزلك خلال 20 دقيقة .

اجعل الأولوية للسعادة

نحن لا نقدر السعادة حق قدرها – يعتقد بريان تراسي ، المؤلف وخبير الإدارة المقيم في سولانا بيتش بكاليفورنيا ، أن البحث عن السعادة لابد وأن يكون أساس كل ما تفعله . يشرح لنا تراسي في محاضراته أنه إذا لم يحقق لنا عملنا السعادة ، وتوفر لنا علاقتنا السعادة ونقضي أوقاتاً في هوايات وأنشطة ، تضفي علينا السعادة ، فإننا إذاً نهدر حياتنا بغير رحمة . إذا كافحت من أجل الأشياء التي تسبب لك السعادة ، فسوف تكون أكثر إنتاجاً ، أكثر طاقة ، أكثر تركيزاً ، وأكثر استنارة ، وسيكون بإمكانك أن تكرس وقتاً أكبر للآخرين ، وسوف تحظى بخبرات أكثر إشباعاً ، وتحتفظ بشعور أنك دائما المسيطر على حياتك . يا لها من صفقة .

أعلن استقلالك

إن الشعور بالاستقلال هو جزء مهم من الشعور بالسعادة ، سواء كنت تعمل في شركة كبيرة أو تعمل لحساب نفسك ، أو حتى تعمل بالمنزل ، وسواء كنت فرداً في عائلة كبيرة أو كانت لك عائلة صغيرة أو حتى تعيش بمفردك هل تفضل أن تكون سمكة صغيرة في بركة كبيرة أم تكون سمكة كبيرة في بركة صغيرة ؟ إن من يختارون البساطة لحياتهم غالباً ما يختارون الإجابة الثانية . عندما تكون تابعاً فلابد أن تنتظر الآخرين . إن من يعملون أعمالاً حرة صغيرة الحجم رغم أنهم يعملون لمدد طويلة ، إلا أنهم يشعرون بالسعادة أكثر من زملائهم العاملين بالمؤسسات الكبرى ، وذلك بسبب شعورهم بالاستقلالية .

تجاهل رموز النجاح

إن محاولة تقليد من حولك تؤدي إلى تعقيدات مزمنة ، على أسوأ الفروض فإن ذلك يعني اقتناء أحدث موديلات السيارات ، وأسرع أجهزة الكمبيوتر ذات أكبر سعة تخزين ممكنة ، أكبر منزل وأفخم مكان لقضاء الإجازات . ويعني أيضاً اقتناء أحدث الملابس ، إلحاق الأولاد بأغلى المدارس ، الاشتراك في النوادي الراقية ، دفع اشتراكات مرتفعة والظهور بمظهر لا يناسبك . إن محاولة محاكاة رموز النجاح بهذه الصورة يمكن أن ينتج عنها حياة استهلاكية فارغة .