No Image
الاقتصادية

هل يقود الذكاء المالي إلى الثراء ؟

18 مارس 2023
خبراء ومختصون يؤكدون أهميته في الوصول إلى الحرية المالية
18 مارس 2023

أكد خبراء ومختصون في الاقتصاد السلوكي على أهمية توظيف الذكاء المالي لدى الأفراد للوصول إلى الحرية المالية وتحقيق الاستقرار المالي في ظل ارتفاع معدلات التضخم، مشيرين إلى أنه يجب على الأفراد اتخاذ قرارات عقلانية مبنية على تفضيلاتهم بين الكلفة والمزايا لكل خيار، فإذا طبقت نظرية الاختيار العقلاني يمكن تحقيق الذكاء المالي.

«لقد أخبرتنا الآلات الحاسبة عن القيمة التي يجب أن ننفقها من أجل السكن، ورغم العروض والمغريات الكثيرة، إلا أننا تجاهلناها» هذا ما كتبته المؤلفة هولي جونسون في منصة بزنس انسايدر، ولم يجن أصحاب الثروات المالية الباهظة أموالهم عبثا كما يعتقد البعض، وإنما بالذكاء المالي السليم والإدارة المالية الصحيحة.

وقال الخبراء والمختصون في استطلاع صحفي لـ«عمان» إنه يجب على المؤسسات التعليمية غرس مفهوم الذكاء المالي والإدارة المالية الصحيحة للطلبة في المحافظة على المال وكيفية تنميته واستثماره، وعلى رب الأسرة توعية أبنائه وأفراد أسرته بمفاهيم الاقتصاد السلوكي وكيفية الحصول على المال وتنميته.

الحرية المالية

وقال عبدالله السيابي مدرب في الذكاء المالي: تكمن أهمية الذكاء المالي وخصوصا لدى الأفراد لتحقيق الاستقرار المالي ثم الوصول إلى الحرية المالية من خلال وعي الفرد، موظفا كان أو صاحب عمل حر بالمحافظة على ما يملك من مال والسعي لتنمية هذه الأموال.

وأوضح السيابي، أنه يجب على الفرد أن يضع أهدافا استثمارية للمدخرات بعد فترة من الزمن لتنمية الأموال فالادخار لوحده لا يكفي للوصول إلى الحرية المالية وإنما تنويع مصادر الدخل، فالتدفقات النقدية المستمرة هي التي تصل بالفرد لتحقيق الحرية المالية.

وفيما يتعلق بالخطوات الصحيحة لتنمية الذكاء المالي، أشار السيابي إلى أن المحافظة على الأموال التي يمتلكها الفرد، وتقليل المصروفات تعد أولى خطوات الذكاء المالي، مشيرا إلى أنه إذا كانت المصاريف تزيد عن الدخل الشهري فلن يصل الفرد لأهدافه المالية، وأما إذا كانت أقل فهو في الطريق الصحيح لتحقيق الإدارة المالية الصحيحة.

الأخطاء المالية

وأضاف السيابي: كما يجب تنمية الذكاء المالي من خلال القراءة في الكتب والمجلات والنشرات المتخصصة لتنمية الذكاء المالي، واستشارة ذوي الاختصاص وأصحاب الخبرة في المجال، وتنمية العادات اليومية في المحافظة على المال وتعزيز الجوانب المالية، ومصاحبة الناجحين ماليا فقد أثبتت الدراسات أن للصحبة تأثيرا قويا في حياة الشخص، فإحاطة الفرد بأشخاص ناجحين وإيجابيين أمر مهم لتنمية الذكاء المالي. ولفت السيابي إلى الأخطاء المالية التي يقع فيها الشباب اليوم، التي تعيق تقدمه وتنمية حسابه البنكي ومنها: الانخراط في التزامات مالية غير مدروسة، فعلى سبيل المثال تجد الفرد ومنذ بداية عمره الوظيفي يرغب بالزواج وشراء سيارة جديدة وبناء بيت الأحلام وجميعها مهمة ولكن يجب دراستها دراسة صحيحة وعدم الاستعجال في الدخول في التزامات ترهق مصدر الدخل.

وأضاف السيابي: أيضا من الأخطاء الشائعة لدى العديد من الأفراد هي عدم تقسيم الراتب أو الدخل حيث يتم إنفاقه دون خطة أو ميزانية محددة فيجب على الفرد وضع معادلة لتقسيم الراتب أو الدخل الشهري كأن يخصص ما مقداره ٤٠٪؜ للادخار أو الاستثمار.

وأردف السيابي قائلا: قد تكون نسبة الاستقطاع كبيرة على العديد من الأفراد بحكم الالتزامات الحالية وارتفاع التضخم، ولكن على الفرد أن يبدأ بالادخار ولو نسبة بسيطة من الراتب ١٠٪؜ مثلا ثم يقوم بزيادة هذه النسبة تدريجيا حتى يصل إلى ٤٠ ٪؜ أيضا، وتخصيص ما لا يزيد على ٢٠٪؜ إلى ٣٠٪؜ للسكن و٥٪؜ إلى ١٠٪؜ لشراء سيارة والباقي للالتزامات الأخرى.

ووجه السيابي نصيحته للشباب المنخرطين حديثا في العمل عند استلام الراتب بالتريث وعدم الاستعجال واتباع التخطيط المالي السليم وتنمية الدخل الشهري باستمرار، وعدم الانجراف في القروض الاستهلاكية، والانجرار خلف المغريات والتخفيضات.

وتابع السيابي حديثه قائلا: يجب أن يدرك الفرد أن قرار الشراء دائما يكون مبنيا على احتياج فعلي للسلعة وعدم الشراء في اللحظات الأخيرة، كأن تذهب إلى السوق قبل العيد بيوم واحد، وأن يلتزم الشاب ويبرمج عقله على تحقيق الأهداف المالية.

وأكد السيابي أن الذكاء المالي يقود الفرد إلى الحرية المالية ومؤكدا بقوله: الأمثلة من واقعنا الذي نعيشه عديدة فتجد من لديه الذكاء المالي يصل للحرية المالية، وقد بدأ بدخل بسيط واستطاع من خلاله الوصول للحرية المالية.

الاختيار العقلاني

وأشار السيابي إلى أنه على المؤسسات التعليمية غرس مفهوم أهمية المال وثقافة المحافظة عليه حيث إن المال قوة يستطيع المرء من خلاله مساعدة نفسه والآخرين في شتى أمور الحياة وعلى رب الأسرة أن يهتم بتنمية وعيه وذكائه المالي فالطفل يتعلم بالتقليد أكثر مما يتعلم بالتلقين وتعليم أبنائه مفاهيم إدارة المال وتدريبهم منذ الصغر على طرق التعامل مع المال وكيفية الحصول عليه وطرق المحافظة عليه.

وفي سياق متصل، قالت الدكتورة حبيبة المغيرية رئيسة قسم الاقتصاد وإدارة الأعمال بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية: إن المؤسسات التعليمية الجامعية لها دور مهم في غرس مفاهيم الذكاء المالي والإدارة الصحيحة للأموال سواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر.

ومتابعة حديثها قائلة: بشكل مباشر عن طريق إقامة حلقات العمل التوعوية يقدمها مختصون في الشؤون المالية من طاقم التدريس، وإقامة المسابقات التي تعنى بأهمية الادخار والاستثمار وإدارة الشؤون المالية بشكل عام، وغرس مفاهيم الذكاء المالي وأهميته، وبشكل غير مباشر عن طريق التنسيق بين الجامعات والكليات والجهات المعنية بالإدارة المالية والسلوك الاقتصادي مثل دائرة الاقتصاد السلوكي بوزارة الاقتصاد، والبنوك التجارية، والهيئة العامة لسوق المال.

ووجهت المغيرية عدة نصائح للأجيال الحالية، أولها وضع أهداف مستقبلية متعلقة بالأمور المالية وتحديدها حسب الأولويات ومن ثم التخطيط لها لتنفيذها وإدارتها، ورسم خطة مالية شخصية محدد فيها المصاريف الشهرية ومبلغ الادخار.

وذكرت عدة أمثلة التي يمكن لطلبة الكليات والجامعات من خلالها الادخار، حيث قالت: إن بعض الطلبة الجامعيين الذين يستلمون «علاوة دراسية» من المؤسسات التعليمية التابعين لها من الجيد أن يستقطعوا جزءا بسيطا للادخار أو الاستثمار من المبلغ.

واستطردت قائلة: الجيل الحالي يمتلكون مهارات جيدة في إدارة المشاريع التجارية الصغيرة، حيث إن الكثير من الشباب اليوم يمتلكون ويديرون مشاريع منزلية، والبعض يعمل في الترويج والتسويق الرقمي، والتجارة الإلكترونية، والبعض يستثمر في الأسهم والعملات الرقمية وهذه الفئة تحفز من حولها نحو التوجه الصحيح لإدارة أموالهم بشكل صحيح.

من جهة أخرى، قال عبدالله السعيدي باحث اقتصادي: إن الاقتصاد السلوكي تحكمه الكثير من الأشياء بحكم العواطف، فمن السهل تشتيت انتباه الأفراد، واتخاذ قرارات ليست عقلانية وهي ضد نظرية الاختيار العقلاني، فمن الضروري على الأفراد اتخاذ قرارات عقلانية أو مثالية مبنية على تفضيلاتهم وعمل مفاضلة بين الكلفة والمزايا لكل خيار موجود فإذا تم تطبيق نظرية الاختيار العقلاني يمكن تحقيق الذكاء المالي.

الشراء الاندفاعي

وأفاد السعيدي، أنه يجب على الأفراد استخدام ذكائهم في الإنفاق والاستهلاك وعدم الانحياز إلى عواطفهم ورغباتهم، واستخدام الإدارة المالية الصحيحة في ترتيب الأولويات والاحتياجات الأساسية، بالإضافة إلى ضرورة وعي رب الأسرة بالإدارة المالية الصحيحة وتثقيف أفراد أسرته فهو يترتب عليه اقتصاد دولة ومجتمع فكلما كانت هناك إدارة مالية جيدة للاستهلاك كلما كان هناك وعي بالثقافة المالية أكثر.

وذكر السعيدي الطرق التي تجنب الشباب الوقوع في الشراء الاندفاعي وهي: التوعية المالية، وبرامج الادخار، و الالتزام بسداد الالتزامات المالية في وقتها المناسب، وترشيد الإنفاق، وبذل المزيد من الجهود لتوعية الشباب في بداية حياتهم بالثقافة المالية، وفرض ضرائب للمنتجات غير الصحية مثل المنتجات المحلاة، حيث إنها تؤدي إلى تغيير سلوك المستهلك الاقتصادي وتوجيهه إلى منتجات أفضل، وحوافز لتشجيع الادخار والاستثمار للشباب.