تجمع الأهالي في هبطة بدية      
«تصوير: عبدالواحد الحمداني»
تجمع الأهالي في هبطة بدية «تصوير: عبدالواحد الحمداني»
الاقتصادية

هبطة 27 رمضان .. تعود بكبار السن إلى حكايات الماضي وفرحة عارمة للأطفال

07 أبريل 2024
شهدت توافد المواطنين منذ الصباح الباكر لشراء مستلزمات العيد
07 أبريل 2024

منذ الصباح الباكر توافد الأهالي والمواطنون إلى السوق الذي تقام فيه فعاليات هبطة 27 من رمضان المبارك في كل من ولايتي جعلان بني بوحسن وجعلان بني بوعلي وبدية لشراء مستلزمات العيد من اللحوم والحلوى العمانية والملابس التقليدية المتنوعة بالإضافة إلى المكسرات والحلويات وألعاب الأطفال، وغيرها، حيث تتميز الهبطة في هاتين الولايتين بطابع خاص، وشمولية العرض لكل ما يحتاجه المستهلك، وبأسعار تنافسية مُرضية للمشتري ومناسبه للبائع.

ورغم تعدد الأسواق وتنوع المعروض فيها إلا أن للهبطة مكانة خاصة عند الآباء والأجداد، كذلك الأطفال نما معهم حب هذه المناسبة الشعبية، بل وأصبحت تحتل مكانة كبيرة في قلوبهم، ويكونون من أوائل المرتادين للهبطة.

وأوضح عدد من المواطنين أن للمشاركة في الهبطة طابعا خاصا في نفوس العمانيين، حين نجدها تعود بكبار السن إلى الماضي وتذكرهم بتفاصيل السنوات الماضية التي كانوا يقضونها بين أروقة الأسواق التقليدية، وتعتبر مكانًا للالتقاء بينهم للحديث حول الأحداث والقصص القديمة التي مرت عليهم.

كما تعتبر الهبطة فرحة عارمة للأطفال، وينتظرونها من الليلة السابقة ليرافقوا آباءهم لشراء الألعاب والحلويات وبعض الملابس التقليدية.

التقت جريدة «عُمان» مع عدد من المواطنين للتعبير عن المكانة الكبيرة التي تمثلها هبطة العيد في نفوسهم.

تعدد الزبائن والباعة

في البداية تحدث الوالد زايد بن خميس الحسني حول الهبطات القديمة لسوق ولاية جعلان بني بوحسن، قائلا: تتميز هبطة الولاية بالقوة وتعدد الزبائن والباعة وكانت من أقوى الهبطات على مستوى جنوب الشرقية إذ تبدأ من الفجر إلى وقت المغرب، حيث تشهد وفودًا من الناس من وادي بني خالد وسيق وسبت والكامل والوافي وصور وجعلان بني بوعلي، فمنهم من يأتي بالحمير ومنهم بالجمال.

وعن السلع التي تباع في هبطات الولاية، قال: يباع اللحم بأنواعه والسمك بأنواعه المملح والمجفف، والسمن البلدي والتمور والرطب والعسل والحلوى العمانية والتي توضع في أكياس من سعف النخيل «التغليفة»، كما تباع العرسية والهريس، والحشائش والبذور بأنواعها، وتباع الأواني المنزلية كالجحال ودلال القهوة والبرم، والحلويات بأنواعها، والفضيات كالجناجر والخلخال وغيرها، ويعرض في الهبطة العصي وأدوات عديدة مثل سرج الخيل والجمال، كما يباع السفرجل الذي يؤتى به من المناطق الجبلية كذلك يباع الموز، ويشهد سوق الهبطة حلقات مناداة للأبقار والمواشي والجمال، كما يتم عرض أنواع مختلفة من المسكرات.

ويقول الحسني: كنا قديما نتجهز للهبطة ونذهب منذ الصباح الباكر، حيث كنا نلبس الدشداشة العمانية والمصر والحزاق «المحزم» وتلاحيق «خلاخل توضع على الرقبة»، وكان تعلقنا بالهبطة كبيرًا ولها مكانة عالية في قلوبنا.

وأضاف: نذهب إلى أقاربنا كالأعمام والأخوال والجد في الهبطة ليعطونا «العيدية»، ونجمع هذه المبالغ لنشتري بها الحلويات والمكسرات وغيرها.

خصوصية وإقبال

من جانبه قال فايز بن حميد البطيني: تحيطني زيادة هبطة جعلان بني بوعلي بالكثير من الذكريات القديمة، حيث كنا نلبس عندما نذهب للهبطة الدشداشة البسيطة التي تصبغ بلون معين يميزها عن الآخرين، وكنا نشتري الحلوى المعروضة في التغاليف الخاصة في أوعية تراثية ومصنوعة من جريد النخل وتسمى «الخصفة»، وكذلك تواجد الحلويات الخاصة والتي تسمى حامض صور واللبان ذي النكهة الجميلة، التي كان لها خصوصية وإقبال، فتلك اللحظات مرت علينا وفي أنفسنا لها ذكرى خاصة وأيام لا تنسى.

وأضاف: كنا نلاحظ اجتهاد كبار السن للذهاب للهبطة لبيع الماشية سواء الأغنام أو الأبقار، فيتجمع عليه الناس للشراء استعدادًا للعيد.

وأوضح البطيني أن ما يميز هبطة جعلان وجود أشخاص لبيع العرسية العمانية، كما يتجمع سكان الولاية من كافة القرى ويتبادلون الحديث حول الذكريات والقصص القديمة، كما تعتبر الهبطة ملتقى لتنظيم سباقات الهجن والخيل.

عرض المنتجات المحلية

ويشاركنا الحديث سعود بن عامر البلوشي فيقول تشهد هبطة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك حركة نشطة من المواطنين لشراء المستلزمات، حيث تتوفر في الهبطة كل الاحتياجات المصاحبة للعيد، وكل ما يتعلق به من مواشٍ ومنتجات محلية، ويلتقي فيها الرجال من مختلف قرى الولاية والمناطق المجاورة لها ويعرضون منتجاتهم المحلية، ويتبادلون الأحاديث والأخبار، وتسمع فيها صوت المنادي وهو يعرض أسعار المواشي، وللصغار نصيب وافر من الألعاب والهدايا حيث يصطحب الآباء أبناءهم للهبطة لشراء احتياجاتهم من الألعاب والهدايا والحلويات التي تتميز بها الهبطة دون غيرها.

وأضاف: الهبطة عادة اعتاد عليها المواطنون وسوق يشهد إقبالا متزايدا من كل فئات المجتمع باختلاف أعمارهم، وستبقى الهبطة طابعا يميز هذه الولاية دون غيرها وستظل فرحتها بين أبناء هذه الولاية، فالهبطة هي سوق شعبي تتوفر فيها المنتجات المحلية التي تلامس احتياجات العيد، وتتميز هبطة جعلان بالشمولية في عرضها للمنتجات. وحول مشاركة كبار السن في الهبطة، قال البلوشي: حريصون على المشاركة والحضور للهبطة، فالأمر يتعلق بذكريات تحمل لهم كل معاني الفرح نظرًا لما كان للهبطة من طابع تميزوا به سابقا تمثل في تبادل الأخبار واللقاء مع أصحابهم، والاستفادة منهم في مجالات عدة منها التجارة والزراعة وغيرها، مما كان له الدافع في الحضور ناهيك عن تسهيل بيع منتجاتهم وشراء ما يحتاجونه لأسرهم، أما الصغار فهم حكاية أخرى حيث إن الهبطة هي المكان الذي يبعث لهم السعادة ويستبشرون فيه بقرب قدوم العيد السعيد، وذلك من خلال شرائهم للألعاب والحلويات.

ابتهاج الصغار والكبار

ويقول سعيد بن ناصر السنيدي الهبطة هي السوق الشعبي الذي يحرص على زيارته الكثير من الناس مصطحبين أبناءهم للتسوق مع اقتراب عيد الفطر المبارك، حيث نلاحظ ابتهاج الأطفال وكبار السن عند التجول بين الباعة والبضائع، مشيرًا إلى أن هبطة جعلان بني بوعلي تتميز بموقها بالقرب من جامع آل حمودة «جامع القباب» الذي يعد من أهم المساجد الأثرية في سلطنة عمان، وتتميز بالمساحة الشاسعة التي تتيح للبائع والمشتري فرصة التسوق بأريحية، وكذلك تتنوع فيها المعروضات التي تخدم الأسر والأفراد صغارًا وكبارًا، حيث تتوفر السلع في هبطة جعلان مثل المكسرات التقليدية وألعاب الأطفال والحلوى العمانية الخاصة بأهل جعلان والأغنام المحلية وأدوات الزينة والأكلات الشعبية.

هبطة نخل

فيما شهدت هبطة نخل حضورا كثيفا من بدايات الصباح الباكر؛ لاسيما في الساحات المخصصة لبيع المواشي والأغنام والأبقار؛ حيث يتم الشراء وفق نظام المزايدة، وتفاوتت الأسعار وفق العرض والطلب والمزايدة إلا أنها كما هو معتاد لا ترتفع كثيرا في هبطة عيد الفطر إذ يقبل جانب كبير من المستهلكين على شراء اللحوم من المحلات المخصصة لذلك، وكان أعلى سعر في هذه الهبطة 280 ريالا عمانيا بالنسبة للأغنام والمواشي عامة، وبالنسبة للأبقار بلغت أعلى قيمة 500 ريال عماني.

وتتميز هبطة نخل بموقعها بالقرب من قلعة نخل وسوق نخل وهذا ما يجعلها تستقطب أعدادا كبيرة من قاطني ولاية نخل والولايات المجاورة.

وتوفرت في السوق المصاحب للهبطة جميع مستلزمات العيد المختلفة، بالإضافة إلى الكماليات وألعاب الأطفال المتنوعة، والمأكولات الشعبية التراثية بأنواعها كالحلوى والقشاط والمكسرات وغيرها، فضلا عن توفر العديد من السلع الغذائية واللحوم والكماليات في محلات سوق نخل المجاور للهبطة كالتمور والحبوب والبهارات والعسل والأسماك ومختلف المنتوجات التقليدية والعطور والتحف والمنسوجات والسعفيات، وتعد الهبطة رافدا قويا لهذا السوق من خلال أعداد المستهلكين ومستوى الإنفاق.