الاقتصادية

ميناء صلالة يعزز مكانته العالمية.. نمو 26% في مناولة الحاويات واستعداد لمضاعفة الطاقة الاستيعابية

07 نوفمبر 2025
07 نوفمبر 2025

محمد المعشني: حولنا تحديات البحر الأحمر إلى فرص نمو مستدام

الأتمتة والذكاء الاصطناعي يقودان التحول في ميناء صلالة نحو “الميناء الذكي”

ستة مليون حاوية نمطية.. وتوسعة جديدة ترفع الطاقة الاستيعابية وتدعم الاقتصاد الوطني

أكد المهندس محمد عوفيت المعشني، الرئيس التنفيذي لشؤون الشركة في صلالة لخدمات الموانئ، في حوار مع "عمان" أن ميناء صلالة واصل خلال عام 2025 أداءه التشغيلي المتميز محققًا نموًا لافتًا في مختلف المؤشرات، ومثبتًا مكانته كأحد أهم الموانئ العالمية في مجال إعادة الشحن والخدمات اللوجستية إذ تجاوزت مناولة الحاويات أكثر من 3.19 مليون حاوية نمطية (TEU) مقارنة بـ 2.53 مليون حاوية خلال الفترة نفسها من عام 2024، بنسبة نمو بلغت 26%، فيما بلغت مناولة البضائع العامة 19.78 مليون طن متري مقابل 16.95 مليون طن في العام الماضي، بزيادة وصلت إلى 17%، وهو ما يعكس الأداء التشغيلي القوي واستمرارية النمو في حركة الشحن.

وأشار إلى أن الحفاظ على هذا الأداء العالمي يرتكز على الاستثمار المستمر في البنية التحتية والتقنيات الحديثة، ورفع كفاءة العمليات وتحسين سلاسل الإمداد، إلى جانب توسيع الشراكات مع الخطوط الملاحية العالمية. كما يعمل الميناء على تعزيز التحول الرقمي وتطوير الكفاءات الوطنية وتطبيق أعلى معايير السلامة والجودة لضمان استدامة التنافسية وتقديم خدمات بمعايير عالمية.

تحويل التحديات الإقليمية إلى فرص استراتيجية

وتطرق المهندس المعشني إلى التحديات الإقليمية التي واجهتها حركة التجارة البحرية خلال الفترة الماضية نتيجة الأوضاع الأمنية في البحر الأحمر وتحويل عدد من الخطوط الملاحية مساراتها بعيدًا عن قناة السويس. وأكد أن ميناء صلالة استطاع تحويل تلك التحديات إلى فرص استراتيجية عززت موقعه كمركز رئيسي لإعادة الشحن في المنطقة. وأوضح أن الموقع الجغرافي المتميز للميناء خارج نطاق مناطق التوتر، وكفاءة عملياته التشغيلية جعلاه الخيار الآمن والمفضل للعديد من الخطوط الملاحية العالمية التي أعادت جدولة مساراتها البحرية. وقد انعكس ذلك على ارتفاع حجم عمليات إعادة الشحن واستقرار الأداء العام للميناء رغم التحديات.

ولضمان استدامة هذا الزخم، أوضح أن الميناء استثمر في رفع كفاءة العمليات التشغيلية وتقليل زمن دوران السفن، وتوسيع قدرات الأرصفة والمناولة لاستيعاب الزيادة المفاجئة في الحركة، إلى جانب تطوير الأنظمة الرقمية والخدمات اللوجستية وتعزيز الشراكات مع الخطوط الملاحية لضمان استمرارية تدفق الحركة التجارية.

وأكد أن هذه الخطوات مكنت ميناء صلالة من تحويل الأزمات الإقليمية إلى فرص نمو مستدام عززت من مكانته ضمن أهم موانئ إعادة الشحن في العالم.

توسعة استراتيجية ومحرك للنمو المستقبلي

وحول الأثر الاقتصادي لمشروع توسعة محطة الحاويات إلى 6 ملايين حاوية نمطية (TEU)، أوضح المعشني أن المشروع يمثل نقلة نوعية في قدرات الميناء التشغيلية ويهدف إلى ترسيخ موقعه كمركز محوري لإعادة الشحن والخدمات اللوجستية في المنطقة. وأشار إلى أن التوسعة ستسهم في زيادة الإيرادات من خلال رفع الطاقة الاستيعابية وتحسين كفاءة التشغيل واستقطاب خطوط ملاحية جديدة، كما ستنعكس بشكل إيجابي على سلاسل الإمداد الإقليمية وجاذبية الميناء للاستثمارات التجارية، مما سيولد فرص عمل جديدة في القطاعات المساندة ويعزز النشاط الاقتصادي المحلي. وأضاف أن المشروع يأتي في إطار رؤية متكاملة لتعزيز تنافسية الميناء عالميًا ودعم الاقتصاد الوطني عبر تطوير البنية التحتية وتقديم خدمات عالية الكفاءة لقطاع النقل البحري والتجارة الدولية.

الأتمتة والتحول الرقمي.. نحو ميناء ذكي ومستدام

وفيما يتعلق بمشاريع الأتمتة والرقمنة، أوضح الرئيس التنفيذي لشؤون الشركة بميناء صلالة أنها تمثل أحد أعمدة التطوير الاستراتيجي للميناء، مشيرًا إلى تنفيذ حلول متقدمة في مجالات الرسو الآلي، وإدارة حركة الشاحنات، والخدمات الإلكترونية للعملاء، وتحليلات البيانات الذكية. وبيّن أن هذه المشاريع أسهمت في تسريع العمليات وتحسين الدقة التشغيلية ورفع مستويات الأمان والسلامة، كما ساعدت أنظمة إدارة حركة الشاحنات الذكية في تقليل زمن الانتظار وتحسين انسيابية الحركة داخل الميناء.

وأضاف أن التحول الرقمي شمل أيضًا إطلاق بوابات ومنصات إلكترونية تتيح للعملاء إجراء معاملاتهم ومتابعتها إلكترونيًا بكل سهولة وشفافية، إلى جانب اعتماد تحليلات تشغيلية قائمة على الذكاء الاصطناعي لرفع كفاءة تخصيص الموارد وتحسين التخطيط استنادًا إلى أنماط الطلب الفعلية. وأكد أن هذه الجهود تمثل التزام الميناء بتبني أحدث التقنيات العالمية لتحقيق عمليات أكثر ذكاءً واستدامة وتعزيز مكانته ضمن الموانئ الذكية الرائدة عالميًا.

تمكين الكفاءات الوطنية وتعزيز التعمين

وفي جانب الشأن المحلي، أشار محمد المعشني إلى أن نسبة التعمين في ميناء صلالة تجاوزت 80% في الوظائف الإدارية، مع تطور ملحوظ في المناصب القيادية والتخصصية والإشرافية، مؤكدًا أن الشركة تواصل جهودها لتعزيز هذا التوجه عبر برامج تدريبية قيادية متقدمة ومبادرات تطوير وتأهيل تستهدف رفع كفاءة الكوادر العمانية. وأوضح أن الهدف هو تمكين الكفاءات الوطنية وإعداد جيل قادر على قيادة العمليات بكفاءة عالية بما يعزز تنافسية الميناء على المستويين الإقليمي والعالمي.

فرص استثمارية واعدة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة

وفيما يخص الفرص الاستثمارية، أوضح المعشني أن ميناء صلالة يشكل منصة أعمال جاذبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بفضل موقعه الاستراتيجي وارتباطه المباشر بالمناطق الحرة ومطار صلالة، ما يفتح آفاقًا واسعة أمام المشاريع الوطنية في مجالات الخدمات اللوجستية والتخزين والتعبئة والتغليف وخدمات القيمة المضافة. وأشار إلى أن هذه الفرص تتيح للمؤسسات المحلية الاستفادة من التكامل بين الميناء والمناطق الحرة والمطار لتوسيع عملياتها نحو الأسواق الإقليمية والدولية، لتسهيل عمليات التصدير وإعادة التوزيع نحو هذه الاسواق مؤكدًا أن الميناء يقدم حوافز وتسهيلات متعددة تشمل مزايا في الرسوم وتخصيص الأراضي والخدمات الداعمة.

واختتم المعشني حديثه بالتأكيد على أن هذا التكامل يشكل رؤية وطنية متكاملة لبناء منظومة إمداد متقدمة تمكّن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من أن تكون جزءًا فاعلًا في سلاسل الإمداد العالمية، وتعزز مساهمتها في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة.