الاقتصادية

موازين الحسابات الخارجية تميل لصالح سلطنة عمان بدعم من ارتفاع النفط وخطط الضبط المالي

30 نوفمبر 2022
ركيزة مهمة لنجاح جهود الاستدامة
30 نوفمبر 2022

- يظل قطاع السياحة والسفر تحت تأثير عديد من القيود مما يقلص من حجم السياحة المغادرة للخارج

- حجم التحويلات المالية للخارج شهد تراجعا على مدار السنوات الماضية

تشهد موازين الحسابات المالية والتجارية بين سلطنة عمان والعالم تحسنا وميلا متزايدا لصالح سلطنة عمان فيما يعد إحدى الركائز الأساسية التي تعزز استمرار التقدم في جهود الاستدامة المالية والتي تمضي بوتيرة جيدة في ظل الالتزام بالإطار المالي المحدد للإنفاق والميزانية العامة في الخطة الخمسية العاشرة وخطط الضبط والتوازن المالي، وتدعم متغيرات عالمية ومحلية استمرار هذا التحسن في الحسابات الخارجية من أهمها الصعود الكبير في أسعار الطاقة والذي أدى إلى زيادة كبيرة في حجم عائدات تصدير النفط والغاز وكذلك الارتفاع غير المسبوق في حجم الصادرات غير النفطية والتي سجلت مستويات قياسية خلال العام الجاري إضافة إلى النتائج الإيجابية التي تحققها جهود تحفيز الاستثمارات الأجنبية مما يساعد على زيادة التدفقات الاستثمارية لسلطنة عمان مع تشجيع إعادة استثمار جانب من عوائد الاستثمار التي يحققها المستثمرون في داخل سلطنة عمان بدلا عن تحويلها للخارج ودعم سياسات وخطط التنويع الاقتصادي وفق الخطة الخمسية العاشرة والرؤية المستقبلية عمان 2040، كما يعزز تحسن موازين الحسابات الخارجية عوامل متنوعة أخرى منها تراجع حجم التحويلات المالية للخارج نظرا لانخفاض حجم العمال الوافدين في سلطنة عمان والذي كان قد وصل إلى أعلى مستوياته قبيل تفشي الجائحة مسجلا أكثر من مليوني وافد، ومن المتوقع أن يسهم هذا التراجع في الحد من حجم التحويلات المالية من سلطنة عمان إلى الخارج حيث تراجع عدد العمال الوافدين في سلطنة عمان إلى نحو 1.6 مليون بنهاية أكتوبر الماضي، وكانت الإحصائيات الرسمية قد كشفت أن التحويلات المالية إلى خارج السلطنة سجلت أدنى مستوى لها في 5 سنوات خلال عام الجائحة، وواصلت التراجع لتبلغ أدنى مستوى في 6 سنوات خلال العام الماضي حيث هبط حجم التحويلات المالية إلى خارج سلطنة عمان إلى نحو 3.19 مليار ريال عماني في 2021، وكانت الإحصائيات قد رصدت أن تحويلات القوى العاملة الوافدة سجلت 3,3 مليار ريال عماني بنهاية عام 2020 مقارنة مع 3,5 مليار ريال عماني خلال عام 2019م و3,8 مليار ريال عماني في 2018م و3,7 مليار ريال عماني في 2017م ونحو 4 مليارات ريال عماني في عام 2016م.

ووفقا لبيانات أصدرها المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فقد بلغت نسبة تحويلات العاملين الوافدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في سلطنة عمان 9.5 بالمائة في عام 2021م.

من جانب آخر، يظل قطاع السياحة والسفر تحت تأثير عديد من القيود رغم التراجع في تبعات الجائحة مما يقلص من حجم السياحة المغادرة للخارج والتي تعد أحد العوامل المؤثرة على توازن الحسابات الخارجية نظرا لارتفاع حجم الإنفاق السياحي خارج سلطنة عمان مقارنة مع حجم إنفاق السياح الزائرين للسلطنة.

ومن المؤمل أن تؤدي الجهود الجارية لتعزيز نمو قطاع السياحة إلى خفض حجم السياحة المغادرة ودعم حركة السياحة إلى سلطنة عمان، وقد شـهدت حركة السـياحة المغـادرة من السلطنة نمـوا خـلال الفتـرة من 2015 إلى 2019 أي قبل تفشي الجائحة بنسبة 5.2 بالمائة ليرتفع العدد من 5.4 مليـون زائر خلال عام 2015 إلــى 6.6 مليون زائر خـلال عام 2019، وشكّل الـزوار العمانيون ما نسبته 67.9 بالمائة مــن مجموع الزوار المغادرين، كما بلغ معدل النمو فــي إجمالي الإنفاق للزوار المغادرين خلال الفتـرة من 2015-2019 مـا نسـبته 18.2 بالمائة ليقفـز مـن 481.2 مليون ريال عماني خلال عام 2015 إلــى 941.1 مليون ريال عماني خلال عـام 2019. وقـدرت قيمـة الإنفـاق علـى التسـوق بنحو 236.7 مليـون ريال عماني أي ما نسـبته 25.2 بالمائة من إجمالي الإنفاق بينمــا شكّل الإنفـاق على خدمات النقـل الجـوي ما نسـبته 20.3 بالمائة مـن إجمالي الإنفـاق أي مـا يعادل 190.7 مليــون ريال عماني يليه الإنفاق على الطعام والشـراب بنسبة 17.9 بالمائة ثــم الإنفاق على خدمات وسائل الإيواء بنسبة 17.9 بالمائة.

من جانب آخر، تجد الموازين الخارجية لسلطنة عمان دعما من القفزة التي حققها فائض الميزان التجاري لسلطنة عمان خلال العام الجاري نظرا لزيادة ضخمة في قيمة الصادرات السلعية النفطية وغير النفطية منذ بداية العام واتساع حجم الفارق بين إجمالي الصادرات والواردات، وتخطى حجم الفائض التجاري في أول 9 أشهر من العام الجاري الفائض المحقق خلال العام الماضي بأكمله بما يزيد عن ملياري ريال عماني.

وأشارت الإحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن صادرات النفط والغاز زادت بنسبة 79 بالمائة منذ بداية العام حتى نهاية أغسطس مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي وبلغت قيمتها 11.1 مليار ريال عماني بنهاية أغسطس مقابل 6.2 مليار ريال عماني بنهاية أغسطس 2021، كما قفزت قيمة الصادرات غير النفطية بنسبة 48.4 بالمائة خلال الفترة نفسها من العام الجاري مسجلة ما يقرب من 5 مليارات ريال عماني مقارنة مع 3.3 مليار ريال عماني خلال الفترة نفسها من 2021.

ويعد الفائض التجاري هو الفارق ما بين إجمالي الصادرات والواردات لكل دولة، ويسهم فائض الميزان التجاري في زيادة تدفق وارتفاع حجم العملات الأجنبية لدى الدول، وتحقق الدول فائضا تجاريا لصالحها إذا زاد حجم الصادرات مقارنة مع حجم الواردات في حين يحقق الميزان التجاري عجزا إذا زاد حجم الواردات مقارنة مع الصادرات.

وكانت تقارير دولية قد أشادت بالتحسن الهائل الذي سجلته الأرصدة المالية والخارجية في سلطنة عمان بفضل ارتفاع أسعار النفط وجهود الضبط المالي في إطار الخطة المالية متوسطة المدى التي بدأ تنفيذها منذ عام 2020 ضمن جملة من الإجراءات والمبادرات والخطط الاستراتيجية للوصول إلى توازن المركز المالي عبر تنويع مصادر الإيرادات وخفض الدين العام إلى حدود آمنة.

ورصد آخر تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي في ختام مشاورات المادة الرابعة مع سلطنة عمان ارتفاع الرصيد الكلي للحكومة المركزية بمقدار 12,8 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي ليصل العجز إلى 3,2 بالمائة في عام 2021، وهو ما يُعزى أساسا إلى ارتفاع الإيرادات الهيدروكربونية وتقييد الإنفاق وتطبيق ضريبة القيمة المضافة.

وكانت الميزانية العامة لسلطنة عمان قد حققت فائضا يتجاوز مليار ريال عماني منذ بداية العام بعد أن سجلت الإيرادات العامة للدولة ارتفاعًا بنسبة 43.4 بالمائة حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري لتصل إلى 10.5 مليار ريال وبلغ صافي إيرادات النفط 5.361 مليار ريال عماني حتى نهاية سبتمبر الماضي، كما زادت إيرادات الغاز لـتسجل2.741 مليار ريال عماني.

وتوقع صندوق النقد تحقيق سلطنة عمان فوائض مالية وخارجية خلال عام 2022 وعلى المدى المتوسط، مشيرا إلى تراجع الدين إلى 62,9 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021، وتوقع انخفاضه كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى حوالي 44 بالمائة بنهاية العام الجاري.