منطقة تجارب الذكاء الاصطناعي بالدقم تسهم في تهيئة البنية الأساسية لتطبيق المدن الذكية

نفذت تجربتين لتوصيل الطرود البريدية والأطعمة باستخدام طائرة مسيّرة لمسافة 25 كم

تمكين سلطنة عمان من المنافسة على المستوى الإقليمي والدولي في تقنيات الثورة الصناعية الرابعة عبر مراكز اختبار البرمجيات

إطلاق المنصة الوطنية للمدن الذكية لتقديم خدماتها وتسهل عملية تبادل البيانات في كافة المؤسسات

في إطار الدفع بالتحول نحو الاقتصاد الرقمي وتمكين القطاعات الرئيسية - قطاع الخدمات اللوجستية، والصناعة، والسياحة، والثروة السمكية والزراعية، والتعدين، والطيران والسفر- في تقنيات الثورة الصناعية الرابعة لرفع إنتاجيتها وتنافسيتها وتعزيز مساهمتها في أنشطة الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الدائري واقتصاد المعرفة، خصصت الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة منطقة لتجارب الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيرة، وتطبيقات إنترنت الأشياء، وتجارب السيارات ذاتية القيادة في الدقم بإجمالي مساحة تبلغ 18 كيلومترًا مربعًا وبارتفاع 80 مترًا عن مستوى البحر.

وتسهم وجود مثل هذه المناطق في تحقيق أهداف الخطة الخمسية العاشرة التي تسعى إلى تمكين سلطنة عمان من المنافسة على المستوى الإقليمي والدولي في تقنيات الثورة الصناعية الرابعة من خلال تقديم حوافز لاستقطاب المستثمرين في اقتصاد المعرفة وتقنية المعلومات. كما من المقرر أن تطلق الجهات المختصة مركز ساس لتقنيات الثورة الصناعية الرابعة "بيئة اختبار البرمجيات" وذلك لإنشاء بيئة مرنة خالية من القيود، للمشاركة في تطوير منتجات وحلول جديدة توظف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، كالذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، واختبارها قبل مرحلة اعتمادها في السوق المحلي، بحيث تلبي احتياجات سلطنة عمان في هذا المجال وتتوسع إلى الأسواق الإقليمية والعالمية.

ولتحقيق الأهداف المرجوة من منطقة تجارب الذكاء الاصطناعي بالدقم، تم تشكيل لجنة لمتابعة الأعمال فيها تضم عددًا من المختصين من مختلف الجهات ذات العلاقة، وهي وزارة الدفاع وشرطة عمان السلطانية، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ووزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، وهيئة تنظيم الاتصالات. إذ تتلخص مهام اللجنة في توطين الفرص الاستثمارية في مجال الذكاء الاصطناعي، وتجارب الطائرات المسيرة عن بعد "الدرون"، وتكنولوجيا المستقبل، بالإضافة إلى تهيئة وضمان وجود البنية الأساسية لتطبيق استراتيجية الحكومة الالكترونية والمدن الذكية، وإيجاد فرص بحثية تشرف اللجنة على تطبيقها في المنطقة، والاستفادة منها للاستخدامات العلمية والأكاديمية، وتذليل التحديات والصعاب التي تواجه تطبيق مشاريع الذكاء الاصطناعي في المنطقة.

وأكد أحمد بن صالح الفارسي رئيس اللجنة، في حديثة " لمجلة الدقم الاقتصادية" أن اللجنة قد بدأت فعليًا في جذب الاستثمارات من الشركات المحلية للإقامة أبحاث ومشاريع تجريبية، مشيرًا إلى أنه سيتم تقديم العديد من التسهيلات والإعفاءات للشركات الراغبة في الاستثمار في المنطقة خاصة في مشاريع الذكاء الاصطناعي، والطائرات المسيرة، وتطبيقات إنترنت الأشياء.

وقال: إن خطة اللجنة تتضمن تنفيذ تجربة المسح الجوي لميناء الصيد متعدد الأغراض، وتجربة المسح الجغرافي لأغراض التفتيش وذلك للكشف عن المخلفات غير القانونية والردم العشوائي في المنطقة، وتجربة توصيل الأغراض والطرود البريدية بالتعاون مع بريد عمان.

كما تسعى اللجنة إلى استقطاب مشروعات كبرى في قطاع المدن الذكية بالدقم تتضمن توفير خدمات الاتصالات بالشراكة مع هيئة تنظيم الاتصالات، وتوفير مكاتب للشركات والأفراد الراغبين في إجراء التجارب، وتوفير خدمات الكهرباء والمياه والطرق وشبكة الألياف البصرية في المواقع التي سيتم الاستثمار فيها، الأمر الذي بدوره يعزز من قدرات الأعمال في جميع المجالات، وجذب الاستثمارات الخارجية للارتقاء بها إلى أعلى المستويات كونها الأولى من نوعها.

ويسهم هذا التوجه الذي تقوم به اللجنة في خدمة الخطط والبرامج الاستراتيجية الموضوعة ضمن الخطة الخمسية العاشرة التي تسعى إلى إنشاء مدن ذكية ومستدامة نابضة بالحياة وريف حيوي بجودة عمرانية عالية للمعيشة والعمل الترفيهي. ولذلك تعكف الجهات المختصة حاليًا على إعداد قانون وتشريعات المدن الذكية الذي ينظم كافة الجوانب والأبعاد المتصلة بتطبيق تكنولوجيا المدن الذكية في كافة المجالات، بما يتلاءم مع القوانين ذات الصلة بسلطنة عمان.

كما سيتم إطلاق المنصة الوطنية للمدن الذكية بحيث تقدم خدماتها لكافة المؤسسات بسلطنة عمان، وتسهل عملية التكامل وتبادل البيانات فيما بينها، إضافة إلى إسهامها في تسريع تطبيق تكنولوجيا المدن الذكية لدى كافة المؤسسات، وتقديم الدعم الفني والتدريبي اللازم في هذا المجال.

تجارب "الدرون"

وقد قامت اللجنة بعمل تجارب عديدة في منطقة التجارب بالدقم حتى الآن، أهمها تنفيذ تجربتين لتوصيل الطرود البريدية والأطعمة، فقد تم في أكتوبر الماضي إجراء تجربتين تم تنفيذهما من قبل شركة يو في إل روبوتيكس "UVL Robotics" المتخصصة في مجال التقنيات المتقدمة في الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيرة، ويقع مقرها الرئيسي في الولايات المتحدة الأمريكية؛ بالتعاون مع شركة عزم التقنية وهي إحدى الشركات المحلية العاملة في مجال تقديم خدمات الذكاء الاصطناعي والأنظمة الذاتية.

ففي التجربة الأولى تم توصيل عدد من الطرود والرسائل البريدية من مبنى بريد عمان - فرع الدقم إلى مبنى إدارة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، وقد نجحت التجربة في توصيل البضاعة خلال بضع دقائق فقط، وقد قطعت الطائرة خلالها مسافة تقدر بنحو 11 كيلومترًا. أما التجربة الثانية فقد تم توصيل سلة من الأطعمة والمشروبات من مطعم "911" بحي صاي التجاري إلى مباني قرية النهضة العمالية على مسافة نحو 6 كم، وقد نجحت التجربة في توصيل الأطعمة خلال فترة زمنية قياسية، إذ تم خلال التجربتين استخدام طائرة كهربائية مسيّرة يمكنها الطيران لمسافة 25 كم ونقل حمولة تصل إلى 5 كيلوجرامات.