No Image
الاقتصادية

لماذا يقل المعروض في سوق النفط رغم زيادات كبيرة في إنتاج أوبك بلس؟

07 أغسطس 2025
تحليل
07 أغسطس 2025

لندن «رويترز» : استغل تحالف أوبك بلس ارتفاع الطلب خلال الصيف لبدء أول زيادات في الإنتاج منذ ثلاث سنوات، لكن هذه الأهداف أثبتت صعوبة تحقيقها، مما ترك السوق تعاني نقصا في المعروض على نحو غير متوقع.

والتحالف هو أكبر مجموعة من الدول المنتجة للنفط في العالم ويضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاء بقيادة روسيا.

ونظريا، من المفترض أن يضخ التحالف 2.5 مليون برميل إضافية من النفط يوميا في سبتمبر مقارنة بشهر مارس، لكن البيانات تشير إلى أن هذا الأمر غير مرجح.

ويرجع ذلك إلى عاملين، إذ تجد بعض البلدان صعوبة في ضخ المزيد من النفط، في حين تتلقى بلدان أخرى تعليمات من أوبك بلس بكبح الإنتاج عقابا على تجاوز إنتاجها للحصص المقررة في السابق.

وقال خورخي ليون، المسؤول السابق في أوبك والذي يعمل الآن رئيسا لقسم التحليل الجيوسياسي في ريستاد إنرجي: «يعوض العراق، وبدرجة أقل روسيا، عن الإفراط في الإنتاج في الماضي، وكانت كازاخستان تنتج بالفعل بأقصى طاقتها في مارس». «لذا فإن زيادة الحصص لا تعني بالضرورة زيادة الإنتاج».

وربما كان من المتوقع أن تؤدي زيادة الإنتاج شهرا بعد شهر إلى انخفاض أسعار النفط، إلا أن العقود الآجلة لخام برنت ارتفعت إلى نحو 68 دولارا للبرميل من أدنى مستوى لها في عام 2025 عند 58 دولارا في أبريل .

ومن الجدير بالملاحظة أيضا أن أسعار النفط الفورية أصبحت الآن أعلى من أسعار الأشهر الستة المقبلة.

وقال ريتشارد برايس المحلل في شركة إنرجي أسبكتس إن زيادة الأسعار الحالية مبررة لأن ارتفاع معدلات التكرير بالمصافي والطلب الصيفي من محطات الطاقة في الشرق الأوسط يمتص زيادات أوبك بلس.

وأضاف: «السوق لا تزال تعاني من نقص المعروض في الوقت الحالي».

وجرى تداول عقود برنت الآجلة لشهر أقرب استحقاق في بداية هذا الشهر بعلاوة 2.74 دولار فوق عقود التسليم في غضون ستة أشهر. لكن في أوائل شهر مايو كان يجري تداولها بخصم صغير وعند أدنى مستوى في عام 2025.

وبالإضافة إلى الطلب المتزايد في الشرق الأوسط لتشغيل مكيفات الهواء في الصيف، تعمل الصين على زيادة مخزوناتها.

ووفقا لوكالة الطاقة الدولية، ارتفعت مخزونات النفط الخام في الصين بمقدار 82 مليون برميل أو ما يقرب من 900 ألف برميل يوميا في الربع الثاني.

وقال جيوفاني ستونوفو المحلل في بنك يو.بي.إس: «الطلب الصيني على النفط كان أفضل مما توقعه كثيرون في بداية العام. وأيضا لعب نشاط التخزين الصيني دورا في دعم أسعار النفط الخام».

وتأتي زيادات أوبك بلس أيضا في وقت تنخفض فيه المخزونات لدى الدول المتقدمة الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهو ما حدث نتيجة لتخفيضات أوبك بلس السابقة، وهو اتجاه يدعم الأسعار.

وقال همايون فلكشاهي، المحلل في شركة كبلر: «على مدى السنوات الثلاث الماضية، ظلت مخزونات النفط الخام في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية منخفضة، وخاصة في الولايات المتحدة».

وبحسب بيانات أوبك التي نشرت في يوليو، انخفضت مخزونات النفط الأوروبية بنحو 9% عن متوسطها في خمس سنوات عند 394 مليون برميل في مايو، في حين كانت مخزونات الخام التجارية الأمريكية في يونيو أيضا أقل من متوسطها في 5 سنوات عند 419 مليون برميل.

وأشار مسؤولون في أوبك بلس إلى تلك المستويات المنخفضة باعتبارها دليلا على أن السوق بحاجة إلى زيادة إنتاج التحالف من النفط.

8 دول في أوبك بلس

فرضت أوبك بلس قيودا مختلفة على الإنتاج منذ أن أدت جائحة كورونا إلى تراجع الطلب، مما أجبر المنتجين على خفض إنتاج النفط الذي لا يريده أحد.

وتشمل شريحة التخفيضات التي بدأت المنظمة في تخفيفها في أبريل ثماني دول أعضاء فقط، وهي السعودية وروسيا والعراق والإمارات وكازاخستان والكويت وعُمان والجزائر.

وفي الفترة من أبريل إلى يونيو، تعهدت هذه الدول بزيادة الإنتاج بنحو 960 ألف برميل يوميا، أي ما يعادل 730 ألف برميل يوميا صافيا بما في ذلك التخفيضات المطلوبة، لكن بيانات أوبك تظهر أنها حققت زيادة قدرها 540 ألف برميل يوميا فقط.

وتظهر بيانات الإنتاج أيضا أن السعودية ساهمت وحدها بأكثر من 70 % من الزيادة الصافية.

ووفقا لبيانات من شركة فورتيكسا للتحليلات، ارتفعت الصادرات بنحو 460 ألف برميل يوميا فقط عن مستويات مارس، في حين نما الطلب العالمي بنحو مليون برميل يوميا بحسب ما تقوله وكالة الطاقة الدولية.

وأظهرت بيانات فورتيكسا أن السعودية ساهمت فعليا في جميع هذه الزيادة، إذ ارتفعت صادراتها بمقدار 631 ألف برميل يوميا خلال الفترة من مارس إلى يونيو، بينما تراجعت الشحنات من روسيا والعراق وكازاخستان والكويت وعُمان. وأقرت السعودية بتجاوزها حصتها المقررة لشهر يونيو، لكنها أوضحت أن جزءا كبيرا من هذه الكمية ذهب إلى مخازنها في الداخل والخارج.

وعادة ما تنخفض صادرات المنتجين الخليجيين خلال أشهر الصيف بسبب زيادة الطلب على مكيفات الهواء.

وقال أحد المتعاملين المخضرمين في النفط في حديثه عن أسعار الخام الحالية: «تشير السوق إلى أن المعروض محدود. يجب أن تؤدي إعلانات أوبك إلى زيادة الصادرات، وعندما نرى الصادرات، ستبدأ السوق بالتصحيح».

الأهداف مقابل الواقع

بقدر ما يعكس الفارق الحالي محدودية القدرة الإنتاجية خارج السعودية والإمارات. على سبيل المثال، واجهت روسيا صعوبات أمام الهجمات الأوكرانية على بنيتها التحتية للطاقة.

ومع ذلك، تواصل الدول الأعضاء في أوبك بلس السعي للحصول على حصص أعلى في اجتماعاتها الشهرية لتحديد مستويات الإنتاج، حتى لو كان التسليم الفوري يمثل مشكلة، بحيث يمكنها استغلال هذه الزيادة الإضافية في المستقبل إذا ارتفعت قدرتها الإنتاجية الفعلية أو طلب تحالف أوبك بلس تخفيضات جديدة.

وفي الثالث من أغسطس، اتفق تحالف أوبك بلس على زيادة جديدة لشهر سبتمبر، في حين من المقرر أن تستمر القيود المفروضة على بعض الأعضاء بسبب الإنتاج الزائد في السابق حتى يونيو المقبل، ويتراوح إجمالي حجم هذا الخفض شهريا من نحو 200 ألف إلى 500 ألف برميل يوميا.

وقال ستونوفو من يو.بي.إس: «على غرار الأشهر السابقة، أتوقع أن تأتي الزيادات الفعلية في حجم الإنتاج دون الزيادات في الحصص».

وتستهدف الدول الثماني في أوبك بلس زيادة الإنتاج إلى 32.36 مليون برميل يوميا بحلول سبتمبر مقارنة مع 30.80 مليون برميل يوميا في مارس .