1891906
1891906
الاقتصادية

كيف تغيرت الوظائف خلال العامين الماضيين.. وكيف ستبدو في المستقبل؟

25 يناير 2022
الزعابية: الذكاء الاصطناعي وتطوير البرمجيات والأمن السيبراني أكثر التخصصات طلبًا إضافة إلى المهارات الناعمة الخنبشية: أعمالي الحرة وصناعة المحتوى ساعدتني في الحصول على العديد من العروض الوظيفية الناعبي: المرحلة المقبلة تتطلب مهارات الإبداع والإبتكار والتفكير الناقد وتكنولوجيا المعلومات والتعامل معها
25 يناير 2022

في الوقت الذي باتت فيه السيارات تقود أنفسها، وتقوم الآلات بالرد على استفساراتنا وقراءة وتحليل بياناتنا الصحية، فإنه من الطبيعي أن نتسائل إن كانت المهارات التي نمتلكها اليوم كافية لمجابهة التغيرات العملاقة التي تخلقها التكنولوجيا في عالم الأعمال. وبعد عاميين قضى خلالها فايروس كورونا على الطريقة التي نقوم بها بأداء وظائفنا، تشكل مشهد جديد ومختلف حول مستقبل الوظائف والطريقة التي يمكن من خلالها كسب المال، حيث اتجه العديد من الناس حول العالم إلى توظيف مهاراتهم في أعمال حرة، وقد أشارت منصة "أب وورك" لربط ملايين الشركات بأصحاب الأعمال الحرة حول العالم بإن أعداد العاملين لحسابهم كان قد ارتفع لأعلى نقطة له منذ عقود، وساهم هؤلاء بمبلغ 1.3 تريليون دولار في جملة الأرباح السنوية للاقتصاد الأمريكي خلال عام 2021.

ومع إدراك الأفراد أهمية المرونة في العمل وكيف يمكن تسخير التكنولوجيا لإيجاد مصادر دخل مربحة خلال العاميين الماضيين، فقد تزايد الاهتمام بتخصصات ومهارات هي الأكثر طلبًا في الوقت الراهن، وفي المستقبل القريب كتخصصات البرمجة وتقنية المعلومات وصناعة المحتوى في مواقع التواصل وغيرها. وقالت منصة "أب وورك" في استطلاعها لعام 2021 بإن 53٪ من جميع العاملين لحسابهم الخاص يمتلكون مهارات متقدمة في برمجة الكمبيوتر والتسويق وتكنولوجيا المعلومات واستشارات الأعمال.

وسلطنة عمان ليست ببعيدة عن المشهد العالمي والتحولات التي ألمت بسوق العمل، حيث استطلعت "عمان" آراء مختصين في مجال التوظيف، والذين أكدوا بدورهم على قدر التغيير السريع والكبير في نوعية الوظائف التي تطلبها الشركات، والإمكانيات الكبيرة التي من الممكن أن يوفرها العمل الحر للأفراد.

التوجهات الحديثة

فمن خلال عملها كحلقة وصل بين المؤسسات والباحثين عن عمل، تقول بثينة الزعابية، مؤسسة منصة "عمان كرير" لعرض الوظائف: نلاحظ في الوقت الراهن بإن أكثر المهارات المطلوبة والتي يبحث عنها أصحاب العمل هي المهارات الناعمة ومهارات القيادة والادارة والتحليل والذكاء العاطفي، وقد شهدنا من خلال وجودنا في سوق العمل بإن طبيعة الوظائف المطلوبة تتغير بشكل كبير في فترة زمنية وجيزة وأرى بإن على الباحثين مواكبة المتطلبات الجديدة والمتغيرة للمؤسسات، وتوسيع نطاق البحث عن وظائف والتسويق لأنفسهم بشكل ذكي مما يضمن زيادة فرصهم الوظيفية.

وعددت الزعابية مجموعة الوظائف التي تتوقع الزعابية أن يزداد الطلب عليها خلال السنوات الخمسة القادمة وهي: اخصائي الذكاء الاصطناعي لدخول هذه التقنية في جميع مجالات الحياة في الوقت الحالي، ووظيفة مطور برمجيات ومتخصصي الأمن السيبراني بسبب الحاجة الملحة لتأمين البيانات وخاصة مع تزايد الهجمات السيبرانية التي تعتبر من أسرع الجرائم انتشارا على مستوى العالم إضافة إلى ضرورة التزود بمهارة التفكير النقدي إذ تبحث الشركات عن توظيف أشخاص يستطيعون التفكير في حلول سريعة للمشكلات والصعوبات التي تواجه الشركة بكفاءة وفاعلية.

وفي حين أن الوظائف لم تعد السبيل الوحيد لتحقيق المدخول المالي، أشارت الزعابية إلى عدد من المهارات التي يمكن للفرد تنميتها للبدء بعمله الخاص كصناعة المحتوى والتسويق الالكتروني وتصميم الجرافيك والموشن جرافيك بالإضافة إلى إدارة مواقع التواصل الاجتماعي التي لاحظت من خلال عملها في إدارة منصة عمان للكرير الحاجة المتزايدة لها من قبل الشركات والمحلات والمطاعم في الآونة الأخيرة. وقالت بإن العمل الحر بات خيارا شائعًا في سوق العمل ينافس الوظائف التقليدية التي تفرض على الموظّفين العمل لساعات محدّدة تصل إلى 40 ساعة أسبوعيًا، ذلك أنّ فرص العمل الحرّ تتيح للعاملين المرونة والحريّة في أداء أعمالهم. كما أنها ميزة سهلت على أرباب العمل إيجاد الأشخاص المناسبين للقيام بالأعمال التي لا تتطلّب التزامًا دائمًا وللعمل الحر مميزات كثيرة منها المرونة في اختيار وقت العمل وكميته وتقليل المصاريف ويمكن للاشخاص أن يبنوا لانفسهك حياة مهنية واستقرار مالي بفضل التقنيات الحديثة والمنصات الالكترونية.

تجربة ناجحة

وتروي زينب الخنبشية، صانعة محتوى تجربتها في الحصول على مصادر دخل متعددة إضافة إلى الكثير من العروض الوظيفية من خلال العمل الحر، وتقول: بدأت بالاهتمام في مجال صناعة المحتوى والتسويق الرقمي منذ عام 2019، وذلك في طريقي للبحث عن طرق ووسائل تساهم في إيجاد مصادر دخل ثانوية وسهلة وبالاعتماد على مهاراتي إلى جانب وظيفتي الرسمية، وبالفعل بدأت بنشر محتوى حول التسويق الرقمي يستهدف فئة الشباب واحتياجاتهم عبر مواقع التواصل وبصورة مستمرة ولم أتوقع كم التفاعل الكبير الذي حصلت عليه، وبعد زيادة الطلب على المعلومات التي كنت أنشرها من خلال المنشورات الصغيرة، تشجعت في إعداد وتقديم ورش عمل الكترونيًا.

تقول زينب أن على الأفراد استغلال مهاراتهم وتنميتها لتكون عونًا لهم في الحصول على مصادر دخل إضافية بكل سهولة مستفيدين في ذلك من سهولة الوصول إلى المعلومات واقتنائها عبر منصات التعلم الذاتية والتدريبية المنتشرة عبر الإنترنت، ومن ثم استغلال هذه المهارات في نشر محتوى متخصص وتثقيفي عبر وسائل التواصل أو المدونات الالكترونية، وبعد بناء الثقة والصلة المتينة مع الجمهور، من الممكن البدء في إعداد دورات أو خدمات استشارية مدفوعة أو بيع منشورات أو كتب إلكترونية.

وبالإضافة إلى العوائد المادية، قالت الخنبشية بإن تنمية مهاراتها في صناعة المحتوى والتسويق والنشر عنها بإستمرار عبر منصات التواصل، وخاصة منصة "لينكد إن" ساعدها في الحصول على 10 عروض وظيفية خلال فترة وجيزة، خاصة بعد مواصلتها في التعمق في تخصصها والنشر عنه لأشهر متواصلة.

الاستعداد للمستقبل

ويرى أحمد بن ناصر بن سليمان الناعبي ، متخصص في بناء القدرات ومهارات المستقبل أنه من المهم ركب موجة التغيير والاستعداد لها، مؤكدًا على أن التقنية ومن خلال تسهيلها للوظائف، وسحبها عن الإنسان في بعض الأحيان ستخلق أنشطة ووظائف جديدة بشكل مباشر في القطاع التقني أو غير مباشر في القطاعات الأخرى المتأثرة بالتقنية، وقال: سنحتاج في الفترة المقبلة لكفاءات متخصصة في الذكاء الإصطناعي وعلوم البرمجة والبيانات والأمن السيبراني. كما ستكون هناك حاجة لمتخصصين في إدراة أنظمة التطبيقات والأنظمة المستخدمة على مستوى القطاعات غير التقنية. كما نلاحظ هناك إزدهار صناعة المحتوى بكل أشكاله كنص وصورة وفيديو وصوت حيث من المتوقع أن تستوعب هذه الصناعة أعداد كبيرة. إضافة إلى اللإقبال على منصات العمل التشاركي التي تقدم خدمات متنوعة أبرزها خدمات التوصيل.

ومحليًا، يقول الناعبي، بإن الإطار الوطني العماني لمهارات المستقبل سلط الضوء على هذه المهارات حيث بٌني هذا الإطار بعد دراسة التوجهات العالمية والمحلية بما يخدم السوق المحلي والعالمي. فقد قسم الإطار المهارات إلى ثلاث تصنيفات الأولى وهي المهارات الأساسية وتضم مهارات اللغة العربية والإنجليزية كتابة وقراءة والمهارات الحسابية. والثانية وهي المهارات التطبيقية (الناعمة) وتضم 8 مهارت وهي: الإبداع والإبتكار، والتفكير الناقد، وحل المشكلات، والتواصل الفعال، والعمل الجماعي والتعاون، والقيادة، والمبادرة، والمرونة والتكيف. والثالثة هي المهارات التقنية تضم : مهارات تكنولوجيا المعلومات، والتعامل مع البيانات والمعلومات، والتعامل مع الوسائط الإعلامية.

وحول كيفية الاستفادة من المنصات التقنية والتعليمية في تسريع الحصول على الوظائف، أو مصادر للدخل، يقول أحمد الناعبي: هناك تحدي كبير فيما يتعلق بعدد الفرص الوظيفية المتاحة في السوق، ومع تفاقم تأثيرات الجائحة على الجوانب الإقتصادية زاد الوضع صعوبة أكثر، لكن يمكن أن نشير إلى بعض المقترحات التي من الممكن أن تضاعف من فرصة حصول الباحث عن عمل على فرص وظيفية بشكل أسرع ومنها الإنتساب لبرامج تدريب مكثفة يؤهل الباحث لسوق العمل، والبحث عن فرص وظيفية بنطام العمل المستقل أو العقود المؤقتة ويفضل أن يكون في مجال التخصص بحيث تمنح الباحث خبرة تعده للفرص الوظيفية الثابتة، وفي حال عدم توفر هذه الفرص بالإمكان للباحث أن يطور مهارته بمهارات خارج نطاق تخصصه بحيث يمكن أن يجني من خلفها موردا ماليا وأيضا يستثمر وقته ويصقل خبراته العملية.

وتتجه اليوم الكثير من المؤسسات والشركات العالمية وفي منطقتنا أيضا إلى الإستفادة من خدمات العمل المستقل المقدمة عبر المستقلين ال (Freelancers). كما ظهرت منصات عالمية وعربية تسهل التواصل بين مقدمي الخدمة والمستفيدين. أبرزها على نطاقنا العربي منصة مستقل وخمسات وسوق فن وغيرها من المنصات. لذا من المهم بمكان أن نتعلم مهارات العمل المستقل سواء للباحثين عن عمل أيضا الموظفين والمتقاعدين. حيث بالإمكان أن تشكل هذه الخدمات مصدر دخل إضافي للفرد أو رئيسي للبعض الآخر حسب نوع الخدمات المقدمة.