No Image
الاقتصادية

"صور للتراث البحري" يحاكي ذكريات البحر والسفر وإحياء الحرف التقليدية

03 مارس 2024
إقبال واسع للاستمتاع بفعاليات وأمسيات المهرجان
03 مارس 2024

شهدت فعاليات مهرجان التراث البحري بصور، تنوعا في البرامج المقامة بالمواقع الأربعة للمهرجان، حيث أقيمت أمسية موسيقية طربية أحيتها فرقة الأنغام الموسيقية، وكذلك تم تنفيذ أمسية شعرية وإنشادية على مسرح قاعة الشرقية بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية بولاية صور، وشهدت حضورًا جماهيريًا واسعًا من متذوقي الشعر والإنشاد، حيث أحيا الأمسية كوكبة من الشعراء العمانيين الذين ذاع صيتهم على مستوى عالمي مثل الشاعر فيصل الفارسي والشاعر راشد المشرفي والشاعر غيث الغيلاني، كما شارك المنشد السعودي عبدالله ال مخلص ببعض من الشيلات.

وتواصلت الفعاليات بمختلف مواقع المهرجان حيث أقيمت في القرية البحرية فنونا تقليدية من التراث البحري بولاية صور، واستمر معرض التمور والعسل ومعرض رواد الأعمال والأسر المنتجة إضافة إلى الفعاليات الترفيهية والثقافية واستعراض المواهب والشخصيات الكرتونية للأطفال بحصن السنيسلة.

ذكريات البحر والسفر

وعودة للماضي المشرف والسيادة في ريادة البحر وتفاصيل الرحلات البحرية وحياة القرى الساحلية في ولاية صور، سطر خور البطح في ولاية صور مشاهد رائعة في الأيام الماضية من مهرجان التراث البحري، إلى جانب عرض الحرف التقليدية وتفاصيل صناعتها في القرية التراثية في حصن السنيسلة.

وقال ناصر بن محمد - أحد المشاركين في فعاليات خور البطح: "إذا انيزمت النواير وروّحن ليوخ تواصلنئ مع رباعتنئ في شياع والحد وطلبوا وصف الليوخ ولون الكرب وكامل الوصف ومن لجوهن قالوا لجيناهن"، بهذا عبّر ناصر بن محمد عن قيمة مظاهر التعاون بين الصيادين والبحارة في مختلف قرى الولاية والسواحل التابعة لها، حيث يستنجد أصحاب شباك الصيد التائهة بأقرانهم من مختلف القرى الساحلية بحثا عن شباك صيدهم ويقدمون وصفا كاملا لها من حيث اللون والحجم وجميع التفاصيل. وعن تفاصيل الصيد قديما وصناعة شباك الصيد وأنواعها وطريقة استخدامها والمواد المصنوعة منها قال: كان الصيادون هم من يقومون بصنع شباك الصيد بأحجام متفاوتة وفتحات متفاوتة الحجم أيضا حسب نوعية السمك المراد اصطياده، مع اختلاف مواد الصنع حيث كانوا قديما يصنعونها من الليف وكرب النخيل (لقم). ويضيف: كنا نخرج من صور من خور البطح أو مخرمة أو من العيجة باتجاهات مختلفة، فالبعض يصل إلى رأس الحد وغيرها حسب الاتجاه والتجديف.

تجفيف السمك يشاركنا سالم بن محمد الفارسي في الحديث عن مشهد تم تجسيده يمثل طرق تجفيف الأسماك في سفن الصيد المسافرة قديما وكيف يتم استخدامها لاحقا حيث يقول: هنا (القنَّة) مثلما يسميها آباؤنا وأجدادنا، حيث يتم فتح السمكة تماما مثل الدفتر وينثر عليها الملح وتجفف وتوضع الأسماك فوق بعضها، هكذا كانوا يفعلون في سفن الصيد المسافرة، ثم تستخدم للأكل بحسب الطرق المتبعة سابقا. وعن طرق اصطياد مثل هذا النوع من الأسماك يقول: يتم اصطياد أغلبها بواسطة شباك الصيد (الليخ) والبعض منها بطريقة الصيد اليدوية المعروفة. وهذه العملية هي نوع من أنواع حفظ الأسماك وجعلها صالحة للأكل لفترة طويلة، حيث يتم أكلها بطرق عدة منها طريقة استخدام (العوال ) المجفف.

تحميل البضائع على السفن المسافرة

تم خلال موقع محاكاة الحياة القديمة تجسيد مشهد السفر وتحميل البضائع في السفن المسافرة وكذلك مشهد العودة وإنزال البضائع. حيث يقول هاشل بن جمعة العجمي -من ولاية صحار ضمن أحد الفرق المشاركة في المهرجان-: عندما يصل المحمل ويتم تنزيل البضاعة ثم تتم المناداة عليها ويأتي (الكرّاني/ المعوشري)الذي يقوم بالتسجيل، فيتم وزن البضاعة سواء في رحلات السفر أو العودة، وبعد أن يتم بيع البضاعة يتم توزيع مبالغها على أصحابها في بيت النوخذة. ويقول: كان يتم جلب التمور والبهارات من البصرة والهند وخشب الجندل من زنجبار.

ويضيف: أجدادنا كانوا علماء في وقتهم في تسيير الرحلات البحرية ذهابا وإيابا ومعرفتهم باتجاهات الرياح وأوقات "الضربات".

وتشارك سعاد بنت سليم العلوية - من جمعية المرأة العمانية بصور- في القرية التراثية من خلال ركن خياطة الوسائد التقليدية -التكيات- حيث تقول عن خطوات صناعتها: تتنوع أقمشة التكيات القديمة من أقمشة البريسم مثل (الحرقاني- القزراتي- بو الشواهد - الدرياهي..). كانت النساء قديما يقمن بتزيين المنازل بمثل هذه الوسائد القطنية حيث يقمن بخياطة لباس الوسادة ثم يقمن بوضع القطن تحت أشعة الشمس ثم بعد ذلك يقمن بتنجيده وكنزه في اللباس المخصص للوسادة.

تختلف تشكيلة الوسائد التقليدية حسب الطلب وبناء على ذلك تتفاوت الأسعار، وتضيف: يعرف أصحاب الأموال والتجار وميسوري الحال من كمية التفاصيل التي تحتويها الوسادة وحسب عدد (القرضة) فكلما زادت زاد سعر الوسادة وكذلك عدد الوسائد الموجودة في مجالسهم. وتقول سعاد العلوية: إنه وفي السنوات الحالية بدأ الطلب يعود على الوسائد القديمة، حيث يقوم الناس بتزيين مجالسهم بالطابع التقليدي أو استحداث أركان تقليدية في منازلهم.

صناعة السعفيات

ويقوم راشد بن سعيد الصبحي -حرفي سعفيات- بعرض منتجاته في حرفة السعفيات التي ظل يمارسها نحو ما يزيد عن 70 عاما. حيث يصنع أشكالا مختلفة حسب غرض الاستخدام، فهو يعرض الأشكال التقليدية المستخدمة في تقديم الطعام والتمر للضيوف، ويعرض أيضا (القفير)التقليدي وقال: نستخدم قديما سعف النخيل فنقوم بفصلها وتنظيفها ومن ثم غسلها وتجفيفها تمهيدا لاستخدامها. وعلى الرغم من دخول أشكال مماثلة مصنوعة من النايلون إلا أن الطلب مايزال موجودا للمصنوعات من السعف وأنا أجيد صناعة النوعين. ويضيف: نستخدم أشكالا منها للحم الشواء فنحن لسنا بحاجة لشرائها؛ لأننا نصنعها بأنفسنا منزليا حسب احتياجنا.

ويضيف: أبناؤنا اليوم لا يحبذون تعلم مثل هذه الصنعة فهم يفضلون الوظائف الثابتة.

عامر بن سليم الداودي -نسّاج من الستينات- يقول: كنا نصنع الشوادر (تحل محل العباءة) من القطن المصري والباكستاني، أما الآن فالصناعة تكون من خيوط البريسم وتمتاز بارتفاع أسعارها عن القطن، كما نصنع السباعيات من البريسم كذلك بينما نصنع الإزار التقليدي من البلستر، وبعض الأقمشة كنا نصنعها بيضاء ثم تقوم النساء بصبغها بطرق تقليدية من قشرة القرط والرمان. ويضيف: يكثر طلب شادر الطرح من ولاية صور بالإضافة إلى ولايات السويق والمصنعة في محافظة الباطنة وكذلك يزداد الطلب عليه من سناو في شمال الشرقية، بالإضافة إلى مصيرة وجعلان بني بوحسن وجعلان بني بوعلي. كما أننا نصنع العمامة التقليدية أيضا والسباعيات التي يكثر الطلب عليها من جنوب عمان.

ويقول الداودي: هناك نوعان من الأُزُر نوع من البريسم ونوع من البلستر، ويتميز البريسم بلونه الأبيض ويقوم البعض بصبغه -حسب الطلب-، ويضيف: هناك محلات تطلب منا توفير كميات من هذه الصناعات لبيعها.

أما الحرفي سالم بن خميس الشعيبي -متعدد الصناعات- يعرض باخرته الخشبية الحربية المسماة بـقلهات، والتي تتميز باحتوائها على مجسمات مصغرة لطائرات حربية وصواريخ صنعها بواسطة الخشب لتجسد مشهد باخرة حربية. ويقول: أشارك في المعارض عن طريق جمعية المرأة العمانية بصور لعرض صناعاتي في الخشبيات والسعفيات والفخار وكذلك قيادة الفرق التقليدية.