د.مهاب الهنائي
د.مهاب الهنائي
الاقتصادية

رئيس مركز التميز بشركة "بيئة" في حوار لـ"عمان الاقتصادي" : 2.3 مليون طن سنويًا حجم النفايات القابلة لإعادة التدوير في السلطنة وعوائدها قد تصل إلى 530 مليون ريال

11 أكتوبر 2021
11 أكتوبر 2021

577 مليون ريال استثمارات الاقتصاد الدائري وأهمها تحويل النفايات إلى طاقة وإعادة تدوير البطاريات ومخلفات الأسماك -

قطاعات عديدة يمكن أن تزدهر عبر استغلال الفرص المتاحة مثل اللوجستيات العكسية وإعادة التدوير والإنشاءات -

أهم المواد القابلة للتدوير هي المعادن والمخلفات العضوية والورق والبلاستيك والزجاج ومخلفات البناء -

هناك حاجة لتطوير التشريعات والحد من تصدير الموارد المهمة لسد العجز التشغيلي في المصانع بالسلطنة -

تحول الاقتصاد الدائري إلى إحدى أهم السياسات ذات الأولوية على الساحة المحلية والدولية، وهو اقتصاد يهدف إلى تقليل الهدر وخفض استهلاك الطاقة والمواد الخام عن طريق تبسيط العمليات وسلاسل الإمداد، وتركز السلطنة في رؤيتها 2040 وخطتها الخمسية العاشرة على تفعيل هذا النوع من الاقتصاد في المرحلة المقبلة، بحيث تتحول السلطنة من الاعتماد على مبدأ الاقتصاد الخطي (استخراج، تصنيع، تخلص)، لتنتقل إلى نهج دائري للحفاظ على قيمة الموارد وتعظيم القيمة المضافة للاقتصاد الوطني وخلق فرص وظيفية إضافة إلى الحد من المشاكل الصحية والبيئية والتقليل من التلوث.

وفي حوار خاص لـ"عمان الاقتصادي" قال الدكتور مُهاب بن علي بن طالب الهنائي، رئيس مركز التميز البيئي في الشركة العمانية القابضة لخدمات البيئة – "بيئة " إن هناك العديد من القطاعات التي يمكن أن تزدهر في ظل تبني نموذج الاقتصاد الدائري واستغلال الفرص المتاحة في هذا النوع من الاقتصاد منها اللوجستيات العكسية، وإعادة التدوير، وقطاع الإنشاءات، وتعد أهم المواد المهدرة والقابلة للتدوير في السلطنة هي المعادن، والمخلفات العضوية، والورق والبلاستيك، والزجاج ومخلفات الهدم والبناء مشيرًا إلى أن حجم النفايات المنتجة في السلطنة والقابلة لإعادة التدوير نحو 2.3 مليون طن سنويًا، ويمكن تحقيق عوائد بقيمة 530 مليون ريال سنويًا في حال إعادة تدويرها محليًا، ويقدر حجم استثمارات الاقتصاد الدائري في السلطنة بنحو 1.5 مليار دولار أي حوالي 577 مليون ريال، وأكد الهنائي على ضرورة تطوير التشريعات المتعلقة بقطاع إعادة التدوير للحد من التصدير غير المدروس للموارد المهمة والنفايات خارج السلطنة، وهو الأمر الذي يحرم السلطنة والعديد من القطاعات الصناعية من فرص ومدخلات صناعية يمكنها تقديم مساهمة جيدة في تعزيز القيمة المحلية المضافة، وسد العجز التشغيلي الذي تعاني منها المصانع في السلطنة، وإلى تفاصيل الحوار...

- ما هو الاقتصاد الدائري، ومتى كانت بداية ظهور هذا المصطلح في العالم؟

يعد الاقتصاد الدائري المظلة الشاملة التي تحوي في طياتها الكثير من المبادئ والقوانين بهدف تمكين الاستدامة والحفاظ على المنظومات البيئة، والاجتماعية، والاقتصادية من الفساد. ويمكن تعريفه بأنه نموذج اقتصادي يهدف إلى القضاء على الهدر، والاستخدام المستمر للموارد لأطول فترة ممكنة عن طريق إنشاء حلقة مغلقة من تدفق الموارد وإنتاج أقل قدر ممكن من النفايات. ويستهدف الاقتصاد الدائري استبدال الاقتصاد الخطي الذي يعتمد على التخلص من النفايات (منتجات/موارد ذات قيمة اقتصادية)، مع الأخذ في الاعتبار العواقب البيئية والاجتماعية والاقتصادية التي يمكن أن يسببها الاقتصاد الخطي، ويرجع ظهور مصطلح الاقتصاد الدائري إلى عام 1988 من خلال مقال " The Economics of Natural Resources" والذي سلط الضوء على كمية الموارد المحدودة في الطبيعة والمشاكل التي يمكن حدوثها جراء الاستنزاف المفرط للموارد وكيف يمكن معالجتها عن طريق إعادة توجيه تدفق الموارد.

- ما هي أهم السمات التي تميز الاقتصاد الدائري عن الخطي؟

يمكن تلخيص أبرز سمات نموذج الاقتصاد الدائري في عدة محاور أولها استخدام الموارد الثانوية (معاد تدويرها) في الإنتاج وليس موارد أولية (موارد تم استخلاصها من الطبيعة) بهدف الحفاظ على الموارد الطبيعية واستغلال الموارد الثانوية الاستغلال الأمثل. أما المحور الثاني فهو التصميم البيئي الذي يمكن تعريفه على أنه تصميم المنتج وفق معايير تتوافق مع معايير الاقتصاد الدائري مثل تصميم الهواتف الذكية بحيث يسهل إعادة تفكيكها واستغلالها عند نهاية فترة حياتها وسهولة دخولها للمنظومة الاقتصادية بأقل تكلفة ممكنة. بينما المحور الثالث يعتمد على التقليل من الهدر، فعلى سبيل المثال يتم استخدام أكياس يمكن إعادة استخدامها بشكل متكرر والترشيد في استهلاك الماء والكهرباء. والمحور الرابع الوعي هو زيادة وعي المؤسسات والأفراد بإيجابيات تبني نموذج الاقتصاد الدائري. وأخيرًا، استخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها.

- ما أهم النفايات والمخلفات التي يمكن الاستفادة منها وتحويلها إلى مواد جديدة؟

بشكل عام يمكن إعادة تدوير المعادن، المخلفات العضوية، الورق المقوى، الورق، البلاستيك، الزجاج، ومخلفات الهدم والبناء. إذ تختلف القيمة الاقتصادية المخزونة حسب كل نوع من النفايات وحسب طريقة استخلاص القيمة الاقتصادية من كل فئة.

- كيف يساهم الاقتصاد الدائري في نمو الاقتصاد العالمي بشكل عام، مع ذكر تجارب من الدول طبقت مبادئ هذا النوع من الاقتصاد؟

تبني الاقتصاد الدائري يساهم بشكل مباشر في خلق فرص عمل جديدة في كثير من المجالات وفي دعم الابتكار وتطور المجتمعات، إذ أن هناك قطاعات معينة سوف تزدهر في ظل تبني نموذج الاقتصاد الدائري، وهي قطاع البحث والتطوير، وقطاع اللوجستيات العكسية، وقطاعات إعادة التدوير، وقطاع الإنشاءات وغيرها من القطاعات. كما يساهم هذا النوع من الاقتصاد على حفظ الموارد الطبيعية وصون البيئة واستدامة الاقتصاد وانتعاش كافة قطاعات المنقطة، وتشير بعض التقارير إلى أن القيمة العالمية للاقتصاد الدائري ستبلغ 4.5 تريليون دولار في 2030، أما في الاتحاد الأوروبي تحديدًا فقد تقترب من 2.1 تريليون دولار في 2030.

- وفق الخطة الخمسية العاشرة ورؤية 2040، تتجه السلطنة حاليًا إلى الاستفادة من هذا النوع من الاقتصاد.. ما هي الفرص الاستثمارية للسلطنة في هذا المجال؟

هناك عديد من الفرص الاستثمارية للاستفادة من الاقتصاد الدائري في السلطنة، إذ يمكن التقليل من الهدر في الموارد والطاقة، أو الاستفادة من الموارد المهدرة عن طريق استخلاص القيمة الاقتصادية منها، كما هناك فرص استثمارية متاحة في مجالات تحويل النفايات إلى طاقة أو إعادة تدويرها وبيعها كمواد خام، وعند الحديث عن مؤشرات التشغيل الحالية في قطاعات إعادة التدوير، يمكن القول إن الكمية المصدرة من نفايات الألومنيوم تبلغ نحو 50000 طن سنويًا، فيما يصل العجز التشغيلي لقطاع صناعة الألمنيوم إلى 53000 طن سنويا. ولذلك في حالة إعادة تدوير هذه المخلفات محليًا ستحقق السلطنة مردود اقتصادي كبير، مقارنة بتصديرها إلى خارج السلطنة، وتحقيق استفادة هامشية بسيطة منها، والأمر ذاته ينطبق على مخلفات الحديد، إذ يبلغ العجز التشغيلي لهذا القطاع نحو 448000 طن سنويًا فيما يتم تصدير نحو 84000 طن سنويا، ومن الأجدى الاستفادة منها لسد العجز التشغيلي الذي يعاني منه القطاع. وقد يكون الوضع أكثر سوءًا بالنسبة لقطاع النفايات الورقية الذي يعاني من عجز تشغيلي بنحو 175000 طن سنويًا فيما تبلغ كمية النفايات الورقية المصدرة خارج السلطنة 141000 طن سنويًا. كما أن الوضع ينطبق على البطاريات التي تحتوي على حمض الرصاص، حيث يتم تصدير نحو 18000 طن سنويا فيما يبلغ العجز المحلي السنوي 12000 طن.

إضافة إلى ذلك، هناك مؤشرات وفرص استثمار في قطاعات إعادة التدوير، فعلى سبيل المثال، تقدر كمية زيوت الطبخ المستخدمة 11000 طن سنويا، وتقدر قيمتها الاستثمارية في منتجات إعادة التدوير 3.5 مليون ريال عماني. كما تقدر كمية نفايات الخشب المنتجة 50000 طن سنويًا، وتقدر قيمتها الاستثمارية في منتجات إعادة التدوير 60 مليون ريال عماني، وهناك الكثير من الفرص الاستثمارية في قطاعات إعادة التدوير كنفايات البلاستيك، وخردة النحاس، ونفايات زيوت المحركات المستخدمة، مخلفات الأسماك، ومخلفات الزجاج حيث تبلغ القيمة التقديرية لحجم النفايات المنتجة في السلطنة والقابلة لإعادة التدوير نحو 2.3 مليون طن سنويا فيما يمكن تحقيق عوائد بقيمة 530 مليون ريال سنويا في حالة إعادة تدويرها محليا.

- كم يبلغ حجم استثمارات الاقتصاد الدائري في السلطنة، وماهي أبرز المشاريع الحالية؟

تقدر بعض المصادر حجم الفرص المتاحة في سلطنة عمان بنحو 1.5 مليار دولار أي حوالي 577 مليون ريال وهناك عدة مشاريع يمكن الاستفادة من الموارد المهدرة من أهمها محطة بركاء لتحويل النفايات إلى طاقة، حيث يمكن لهذه المحطة تحويل ما يزيد عن 4000 طن من النفايات يوميًا وإنتاج ما يقارب 160 ميغاوات من الكهرباء. كما يقدر حجم الاستثمار في معالجة وإعادة تدوير البطاريات في المنطقة الصناعية بالرسيل 10 مليون ريال عماني بطاقه استيعابية من 6-7 آلاف طن، إضافة إلى إعادة تدوير مخلفات الأسماك في بركاء بحجم استثمار 5 ملايين ريال عماني، وقد استطاع هذا المشروع توفير 200 فرصة عمل.

- ما أهم التحديات التي تواجه السلطنة للاستفادة القصوى من "الاقتصاد الدائري"، وكيف يمكن التغلب عليها؟

يشير الوضع الحالي إلى وجود خلل وتشوهات في السوق تستوجب من جهات الاختصاص العمل على معالجتها ومن أهمها التصدير غير المدروس للنفايات خارج السلطنة وهو الأمر الذي يحرم السلطنة والعديد من القطاعات الصناعية من فرص ومدخلات صناعية يمكن الاستفادة منها لسد النقص الحاصل في مدخلات التصنيع عوضا عن استيرادها من خارج السلطنة، كما يشكل التخلص غير الآمن للعديد من النفايات مثل البطاريات مخاطر بيئية كثيرة على التربة وعلى الموارد الجوفية، وللتغلب على التحديات الحالية التي يعاني منها قطاع إعادة تدوير النفايات لا بد من تكاتف جميع الجهات الفاعلة وتطوير التشريعات للحد من تصدير مثل هذه الموارد الهامة بهدف تعزيز القيمة المحلية المضافة، وسد العجز التشغيلي الذي تعاني منها المصانع في السلطنة.