انطلاق أعمال المنتدى الوطني للحوار المشترك بفندق قصر البستان
نظّمت وزارة العمل أعمال المنتدى الوطني للحوار المشترك، بحضور معالي الدكتور محاد بن سعيد باعوين وزير العمل، وبمشاركة ممثلين عن الحكومة وأصحاب الأعمال والعمال، إضافة إلى عدد من المؤسسات والجهات المعنية بسوق العمل والتنمية الاقتصادية. وقد جاء تنظيم هذا المنتدى تأكيدًا على نهج سلطنة عُمان في ترسيخ مبادئ الحوار البنّاء وتعزيز الشراكة الثلاثية، بوصفها إحدى الركائز الأساسية لضمان الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي ودعم جهود التنمية المستدامة.
وقال معالي الدكتور محاد بن سعيد باعوين وزير العمل: إن الحوار المشترك يُعد أحد المرتكزات الأساسية في النهج العُماني، والمتمثل في تعزيز الشراكة البنّاءة بين أطراف الإنتاج الثلاثة، بما يُرسّخ الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي ويدعم مسيرة التنمية المستدامة، وأكد معاليه أن التجربة العُمانية أثبتت عبر السنوات بأن الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل قيمة وطنية راسخة وأداة فعّالة لحل الإشكاليات، وتحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات، وبناء بيئة عمل متماسكة تشجع على الإنتاجية وتكافؤ الفرص.
وأشار معاليه إلى أن الحوار الاجتماعي شهد تطورًا ملحوظًا مع صدور قانون العمل بموجب المرسوم السلطاني رقم (53/2023)، حيث نصّت المادة (141) منه على تشكيل لجنة الحوار الاجتماعي برئاسة وزارة العمل وعضوية ممثلين عن أطراف الإنتاج الثلاثة، بهدف تعزيز التشاور الجماعي وضمان المشاركة الفاعلة في صياغة السياسات العمالية. وبيّن أن هذه المادة أسهمت في إعادة تشكيل لجنة الحوار المشترك، إلى جانب المشاركة الفاعلة لأطراف الإنتاج والشركاء الاجتماعيين في عدد من اللجان المتخصصة، من بينها لجنة تسوية منازعات العمل الجماعية، ولجنة تحكيم منازعات العمل الجماعية، ولجنة السلامة والصحة المهنية.
وأضاف معاليه في معرض كلمته أن نطاق الحوار تم توسيعه ليشمل جميع محافظات سلطنة عُمان عبر اللجان الفرعية، بما يمكّن من مناقشة القضايا العمالية على المستوى المحلي، وتعزيز التواصل الاجتماعي في بيئات العمل.
كما أوضح معاليه أن وزارة العمل تواصل شراكتها مع منظمة العمل الدولية من خلال اللجنة الفنية المعنية بمتابعة تنفيذ البرنامج الوطني للعمل اللائق، استنادًا إلى مذكرة التفاهم الموقعة عام 2010م، والمجددة في عام 2022م، بما يضمن توفير الدعم الفني، وتقديم الاستشارات المتخصصة، وتنفيذ البرامج والمبادرات التي تسهم في تطوير سوق العمل وتعزيز استدامته.
وبيّن معاليه أن اللجان الوطنية ذات التمثيل المتعدد، ومنها اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان واللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، أسهمت في ترسيخ منهجية وطنية متكاملة لتعزيز الامتثال لحقوق الإنسان في العمل، ودعم أطر الحماية والوقاية، وصون الحقوق والحريات، وحماية الفئات الأكثر عرضة للمخاطر.
وأكد معاليه أن المنتدى يهدف إلى إبراز تجربة سلطنة عُمان كنموذج وطني متقدم في ترسيخ مبادئ الحوار الاجتماعي، واستعراض المنجزات المحققة في تحديث التشريعات، ودعم العمل النقابي، وتطوير مهارات العاملين، وتوسيع برامج التدريب، وتعزيز منظومة التفاوض الجماعي، بما يتسق مع "رؤية عُمان 2040" وتطلعاتها نحو اقتصاد تنافسي قائم على المعرفة والابتكار.
وفي ختام كلمته، ثمّن معاليه مشاركة الحضور، مؤكّدًا التزام وزارة العمل بمواصلة العمل جنبًا إلى جنب مع أطراف الإنتاج والشركاء الاجتماعيين، لتعزيز الحوار المشترك، وتطوير بيئة عمل عادلة ومستدامة، والارتقاء بالتنافسية الاقتصادية الوطنية.
من جانبه، قال معالي جيلبرت هونجبو مدير عام منظمة العمل الدولية إن المنتدى يجسّد عزم سلطنة عُمان على بناء سوق عمل متماسك، متطور وعادل، ويعكس إرادة وطنية راسخة لتعزيز التعاون وبناء الثقة بين أطراف سوق العمل. وأشاد بالتقدم الذي أحرزته سلطنة عمان في ترسيخ الحوار الاجتماعي، لاسيما مع صدور قانون العمل لعام 2023 وإنشاء لجنة الحوار المشترك، مؤكدًا أن هذه الخطوات تمثل أساسًا مؤسسيًا متينًا للتشاور الثلاثي.
وأعرب عن تقديره للجهود المشتركة بين الاتحاد العام لعمّال سلطنة عُمان وغرفة تجارة وصناعة عُمان، وما تحقق من تقدم في الاتفاقيات الجماعية على مستوى المنشآت، والخطوات الأولية نحو المفاوضات القطاعية، معتبرًا ذلك مؤشرًا إيجابيًا على تطور ثقافة الحوار وتعزيز الاستقرار والإنتاجية والعدالة الاجتماعية.
وأكد مدير عام منظمة العمل الدولية التزام المنظمة بدعم سلطنة عُمان، معربًا عن استعدادها لمراجعة قانون العمل من منظور معايير العمل الدولية، ودعم حماية ممثلي العمال، وتعزيز الضمانات ضد الفصل التعسفي، وتوفير برامج بناء القدرات لمنظمات أصحاب الأعمال والعمال. كما أشار إلى أهمية التصديق المحتمل على الاتفاقية رقم (144) الخاصة بالمشاورات الثلاثية، لما تمثله من رسالة إيجابية على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية.
وشهد المنتدى تقديم عدد من أوراق العمل، من بينها ورقة حول تجربة وزارة العمل في حل النزاعات من خلال الحوار المشترك، وورقة لغرفة تجارة وصناعة عُمان حول دور أصحاب الأعمال في تعزيز الشراكة، وورقة للاتحاد العام لعمال سلطنة عُمان حول ترسيخ ثقافة الحوار الاجتماعي، إضافة إلى أوراق تناولت دور صندوق الحماية الاجتماعية، وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة، وتجربة سلطنة عُمان في اقتصاد المنصات.
وهدف المنتدى إلى عرض الإنجازات والمشاريع الوطنية في إطار الشراكة الثلاثية، وتوفير مساحة لتبادل الرؤى والخبرات حول سبل تحسين بيئة العمل، ومناقشة التحديات التي يواجهها سوق العمل في ظل المتغيرات الاقتصادية العالمية والمحلية.
