الاقتصادية

المشرع العماني يوسع نطاق الحماية ويكفل حقوق المستهلك من الممارسات الضارة

30 يونيو 2022
ارتفاع حجم التبادل التجاري بين سلطنة عمان والعالم إلى 33.8 مليار ريال في 2021
30 يونيو 2022

«حماية المستهلك» تؤكد محاربتها الغش التجاري وسعيها إلى تحقيق استقرار الأسعار -

2.6 مليون ريال حجم المضبوطات المغشوشة العام الماضي -

جميع التشريعات في الدول المتقدمة اقتصاديا تهتم بتنظيم العلاقة بين المنتجين والمستهلكين -

حق المستهلك فـي كل ما يضمن له صحته وسلامته عند حصوله على أي سلعة أو خدمة -

إلزام المزوّدين بعدم المساس بالقيم الدينية والعادات والتقاليد في المجتمع -

وسع المشرع العماني نطاق الحماية للمستهلك لمكافحة وسائل الغش والخداع للترويج لسلع ذات جودة متدنيّة وغير صالحة للاستخدام الآدمي أو إلى الترويج لسلع مقلّدة بغية تضليل المستهلك وإيهامه بأنها سلع أصلية من حيث المصدر، فمع ارتفاع حجم التبادل التجاري بين سلطنة عمان ودول العالم إلى 33.8 مليار ريال وبنسبة 20.7% في عام 2021، مقارنة بـ 28 مليار ريال في عام 2020، نما حجم المضبوطات المغشوشة والمقلدة إلى أكثر من 2.67 مليون ريال في عام 2021، وبنسبة 61% عن العام 2020. وعمدت هيئة حماية المستهلك على تكثيف الحملات التوعوية لتعزيز ثقافة المستهلكين بحقوقهم، نظرا إلى الأثر السلبي الذي ينتج عن ظاهرة الغش التجاري، على الأمن الاقتصادي والصحي والنفسي والبيئي. وأكدّ قانون حماية المستهلك العماني مجموعةً من الحقوق وكفل القانون حماية ما قد ينشأ في المستقبل من حقوق للمستهلك نتيجة للتقدم التقني والتكنولوجي. ومن الحقوق التي أكدّها القانون العُماني، حق المستهلك في الحصول على المعلومات الصحيحة عن السلعة التي يشتريها، أو يستخدمها، أو الخدمة التي يتلقاها، وحقه في الاختيار الحر عند انتقائه أي سلعة أو خدمة، وحقه فـي ضمان جودة السلعة والخدمة والحصول عليهما بالسعر المعلن، وحقه فـي كل ما يضمن له صحته وسلامته عند حصوله على أي سلعة أو تلقيه أي خدمة، وعدم إلحاق الضرر به عند استعماله العادي لهذه السلعة أو الخدمة، وإلزام القانون للمزودين باحترام القيم الدينية والعادات والتقاليـد للمستهلك عند تزويده بأي سلعة أو تلقيه أي خدمة.

التشريعات والقوانين

وأكد الدكتور صالح بن حمد البراشدي عميد كلية الحقوق بجامعة السلطان قابوس على أن كافة التشريعات في الدول المتقدمة اقتصاديا اهتمت بتنظيم العلاقة بين المنتجين والمستهلكين، ولإدراكهم بأن الدورة الاقتصادية تمر بثلاث مراحل أساسية: الإنتاج والتوزيع ثم المستهلك، وهذه المرحلة الأخيرة مهمة جدا كون أن استهلاك المنتجات يحث المنتجين على توفيرها وتحسين نوعيتها وبالتالي توفير حماية للمستهلك يؤدي إلى تشجيع الإنتاج.

وأضاف البراشدي: إنه رغبةً من سلطنة عمان في تحقيق الاندماج مع الاقتصاد العالمي فقد انضمت لمنظمة التجارة العالمية في نوفمبر 2000، إلاّ أن هذا الانضمام أدى إلى فتح السوق العماني للسلع والخدمات القادمة من دول العالم الأخرى كون أن تقييد حرية انتقال السلع والخدمات أو تحديد كميتها أصبح بشكل عام من المحظورات. على الرغم بأن هذا الانفتاح الخارجي له عدة إيجابيات من ضمنها ضمان توفّر السلع والخدمات الكفيلة بتحقيق رغبات المواطنين والمقيمين، إلاّ أن هذا الانفتاح أدى بدوره إلى قيام العديد من التجّار باستعمال وسائل الغش والخداع للترويج لسلع ذات جودة متدنيّة جدا وغير صالحة للاستخدام الآدمي أو إلى الترويج لسلع مقلّدة بغية تضليل المستهلك وإيهامه بأنها سلع أصلية من حيث المصدر.

وأشار الدكتور صالح البراشدي: إلى أنه سعيا من سلطنة عمان لمكافحة مثل هذه التصرفات ورغبةً منها في توفير حماية خاصة للمستهلك، صدر المرسوم السلطاني رقم 81/2002 باستصدار أول قانون خاص بحماية المستهلك، تبعه المرسوم السلطاني رقم 26/2011 والخاص بإنشاء الهيئة العامة لحماية المستهلك (بعد أن كانت مديرية تابعة لوزارة التجارة والصناعة). ورغبة من المشرّع العماني في توسيع نطاق الحماية صدر قانون آخر لحماية المستهلك في عام 2014 والذي بمقتضاه ألغي القانون السابق، وفي 9 مارس 2017 صدرت اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك الصادر في عام 2014 (وصدر آخر تعديل لها بموجب القرار رقم 1/2022). إلى جانب قانون حماية المستهلك وقوانين أخرى (كقانون العلامات التجارية الموحد لدول مجلس التعاون الخليجي لعام 2017، وقانون الملكية الصناعية لعام 2008، وقانون سلامة الغذاء لعام 2008) تضمّن قانون الجزاء العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 7/2018 فصلا خاصا بتجريم بعض الأفعال المتعلقة بالغش في المعاملات.

حقوق المستهلك

وأكدّ قانون حماية المستهلك العماني على مجموعة من الحقوق التي جاءت على سبيل المثال لا الحصر، وبالتالي كفل القانون حماية ما قد ينشأ في المستقبل من حقوق للمستهلك كنتيجة للتقدم التقني والتكنولوجي. ومن الحقوق التي أكدّ عليها القانون العُماني: حق المستهلك فــــي الحصـــول علـــى المعلومــــــات الصحيحـــــة عـــــن السلعــــــة التــــي يشتريها، أو يستخدمها، أو الخدمة التي يتلقاها، أو ما يطلق عليه «حق المستهلك في الإعلام». وحقه في الحصول على المعلومات الصحيحة يقابله التزام المزوّد القانوني بتزويد المستهلك بمعلومات صحيحة عن السلعة أو الخدمة. كذلك أشار القانون على حق المستهلك في الاختيار الحر حين انتقائه أي سلعة أو خدمة، أي أن المستهلك يتمتع بحق الاختيار الحر بين مختلف السلع المتاحة أو مختلف الخدمات المتوفرة دون إجباره أو اضطراره لشراء سلعة بعينها. ولهذا يحظر على المزوّد التأثير على الاختيار الحر للمستهلك، كأن يلزمه بشراء سلعتين مختلفين في آن واحد، وعدم إتاحة أي منهما للشراء بصورة منفردة، فمثل هذه الأمور تمثل انتهاكا لحق المستهلك في الاختيار الحر حال انتقائه السلعة أو تلقيه الخدمة. كذلك حق المستهلك فـي ضمان جودة السلعة والخدمة والحصول عليهما بالسعر المعلن: وهذا ما أكدت عليه المادة 22 من القانون بقولها: «مع عدم الإخلال بأي ضمانات أخرى قانونية أو اتفاقية تكون لصالح المستهلك، يلتزم المزوّد بضمان السلع والخدمات التي يقدمها للمستهلك من حيث مطابقتها للمواصفات القياسية والشروط المتعلّقة بالصحة العامة والسلامة والبيئية، وفي حال عدم وجود مواصفة قياسية فيتعيّن الالتزام بالمواصفة المتعارف عليها».

كذلك من ضمن الحقوق التي كفلها القانون العماني للمستهلك هو حقه فـي كل ما يضمن له صحته وسلامته عند حصوله على أي سلعة أو تلقيه أي خدمة، وعدم إلحاق الضرر به عند استعماله العادي لهذه السلعة أو الخدمة. وبالتالي فإن أي ضرر يلحق بصحة المستهلك وسلامته ويكون ناتجا عن الاستعمال العادي للسلعة أو الخدمة، يتحمّل تبعته المزوّد كونه عرّض سلامة المستهلك للضرر في حين أن سلامته مكفولة بمقتضى القانون، غير أن ذلك مرهون بألاّ يكون هذا الضرر ناتج عن الاستعمال الخاطئ للسلعة أو الخدمة من قِبل المستهلك، وإلاّ فقد المستهلك الحق الذي كفله له القانون، إذ لا يحق للمخطئ أن يستفيد من خطئه.

وأشار البراشدي: إلى إلزام القانون للمزودين باحترام القيم الدينية والعادات والتقاليد للمستهلك عند تزويده بأي سلعة أو تلقيه أي خدمة. ووفقا لذلك يلتزم المزوّدين بعدم المساس بالقيم الدينية والعادات والتقاليد المترسّخة في المجتمع من خلال وضع صور أو رموز على السلع من شأنها خدش الحياء أو انتهاك حرمة الدين أو من شأنها التقليل من شأن العادات والتقاليد السائدة في المجتمع؛ كون أن ذلك يُعدُّ انتهاكاً لحق المستهلك في احترام قيمه الدينية وعاداته وتقاليده.

غرس الثقة

من جانبها قالت كوثر بنت يحيى الناعبية أخصائية إعلام رقمي بهيئة حماية المستهلك أن الهيئة تعمل بشكل حثيث على غرس الثقة لدى المستهلك في قدرة الهيئة على القيام بحمايته والدفاع عن حقوقه واعتبارها مصدرا للمعرفة الخاصة بتوعية المستهلك وإرشاده.

وأكدت الناعبية أن الهيئة تعمل على حماية المستهلك من تقلبات الأسعار، ومراقبة أسعار السلع والخدمات في الأسواق والحد من ارتفاعها، وضمان تحقيق قواعد حرية المستهلك في الاختيار والمساواة والمعاملة العادلة والأمانة والمصداقية، وتنمية الوعي العام لدى المستهلك واستخدام الوسائل العلمية السلمية لنشرها على أسس صحيحة ومتوازنة لدى جميع فئات المجتمع، وإيجاد حلول سريعة لشكاوى المستهلكين، ومكافحة الغش التجاري والتقليد ومحاربة الاحتكار، وتشجيع إنشاء جمعيات لحماية المستهلك والعمل على دعمها.

وبينت أن الهيئة تسعى إلى تحقيق استقرار الأسعار في الأسواق واتخاذ الإجراءات المناسبة لتحقيق ذلك، وتوعية المستهلك بماهية الإعلانات المضللة ودور الهيئة في محاربتها، وتلقي الشكاوي من المستهلكين والجمعيات والتحقيق فيها، والعمل على إيجاد الحلول المناسبة له، بالإضافة إلى وضع استطلاعات الرأي والاستبانات لتقديم خدمات أفضل، والمتابعة المستمرة للنشاط التجاري ومراقبة حركة السلع والخدمات والتأكد من توافر السلع الأساسية، والعمل على تشجيع المنافسة ومحاربة الغش التجاري والاحتكار المضر بالاقتصاد الوطني، وإعداد البحوث والدراسات المتعلقة بحماية المستهلك، وكذلك العمل على تطبيق القوانين واللوائح المتعلقة بحماية المستهلك.