No Image
الاقتصادية

الطاقة المتجددة .. فرص واعدة للاستثمارات الخضراء وتوطين الصناعات التحويلية

06 أكتوبر 2025
06 أكتوبر 2025

حوار - عبدالحميد القاسمي

تتجه سلطنة عمان نحو بناء منظومة طاقة أكثر تنوعا واستدامة، تجمع بين الكفاءة الاقتصادية والتوجه البيئي، وعلى الرغم من الاعتماد على الغاز الطبيعي كمصدر رئيسي لتوليد الكهرباء وتشغيل القطاعات الصناعية، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تحولا تدريجيًا نحو استثمار الموارد المتجددة للطاقة التي تتمتع بها سلطنة عمان، مما يعزز أمن الطاقة ويقلل من الانبعاثات الكربونية، ويأتي هذا التحول مدعوما بـ «رؤية عمان 2040»، التي تستهدف تعزيز القيمة المحلية المضافة، وجذب الاستثمارات في مشروعات الطاقة النظيفة، وتطوير بنية تحتية مرنة قادرة على استيعاب النسب المتزايدة من الطاقة المتجددة، بما يعزز موقع سلطنة عمان كمركز إقليمي وعالمي واعد في قطاع الطاقة المستدامة.

Image

وقال الدكتور عبدالله بن سليمان العبري نائب رئيس الاستدامة بميناء صحار والمنطقة الحرة إن مزيج الطاقة في سلطنة عمان يعتمد بشكل رئيسي على الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء وتشغيل القطاعات الصناعية إلا أن التوسع في مشروعات الطاقة الشمسية والرياح يسير وفق الخطط المرسومة، ويسهم تدريجياً في تخفيف الضغط على الطلب على الغاز وبناء مزيج طاقة أكثر تنوعاً.

وأوضح أن الواقع الصناعي، بما يشمله من قطاعات المعادن والبتروكيماويات والموانئ، يجعل سلطنة عمان مستهلكا كبيرا ومستقرا للطاقة، وهو عامل جوهري في التخطيط وجذب الاستثمارات والرسالة الأساسية هي أننا نسير بخطى ثابتة نحو الانتقال من نظام يعتمد على الغاز إلى نظام طاقة متنوع تقوده الجدوى الاقتصادية وسلاسل القيمة الصناعية.وأشار الدكتور عبدالله العبري إلى أن مشروعات الطاقة المتجددة تمثل فرصة كبيرة لتعزيز القيمة المحلية المضافة شريطة أن تصمم بما يحقق التكامل مع الاقتصاد الوطني. ويمكن لسلطنة عمان أن تركز على تصنيع سلاسل قيمة مختارة مثل البوليسيليكون والألواح والهياكل والكابلات والمحولات والبطاريات، مع نقل حقيقي للمعرفة وإنشاء مراكز ابتكار لتطوير التقنيات، كما يمكن توسيع القدرات المحلية في التصميم والهندسة والإنشاء والتشغيل والصيانة والتفتيش والاعتماد بما يخلق وظائف نوعية مستدامة تتجاوز مرحلة التركيب ، كما أن إمداد الصناعات بالكهرباء والهيدروجين منخفضي الكربون سيتيح إنتاج منتجات خضراء مثل الحديد والأمونيا والميثانول والألمنيوم منخفض الكربون، ما يمنح الصادرات ميزة تنافسية، ويمكن استثمار ميزة الموانئ العميقة لتكون سلطنة عمان مركزا إقليميا لتجميع وتوزيع معدات الطاقة النظيفة، كما أن برامج تطوير رأس المال البشري المتدرجة، من الفنيين إلى الباحثين، والمرتبطة بمشروعات فعلية، ستبني كوادر وطنية مؤهلة، على أن يتم قياس مؤشرات القيمة المحلية ونشرها بشفافية لضمان تحقيق الأثر الاقتصادي المرجو.

موارد شمسية

وأضاف الدكتور العبري إن سلطنة عمان تتمتع بموارد شمسية وريحية متميزة على مدار العام، إضافة إلى مساحات صناعية مهيئة في صحار والدقم وصلالة، وبنية تحتية متقدمة تشمل موانئ عميقة وشبكات غاز وصناعات كيميائية، كما أن موقعها الاستراتيجي على خطوط التجارة بين آسيا وأوروبا والشراكات الدولية يمنحها ميزة تنافسية في التصدير وثقة تنظيمية على المستوى العالمي وتمثل القاعدة الصناعية القائمة ميزة إضافية من خلال توفير طلب محلي مبدئي على الكهرباء والهيدروجين النظيفين في صناعات مثل الأمونيا والميثانول والتكرير والحديد الأخضر، مما يقلل من الاعتماد على الأسواق الخارجية ويعزز ذلك إطار حوكمة يتطور بسرعة، مع مرونة في تصميم الأطر التجارية مثل اتفاقيات العبور (wheeling)، العقود طويلة الأجل، والتعريفات التحفيزية للصناعات الخضراء ، وبالإضافة إلى ذلك، تملك سلطنة عمان فرصة فريدة لتأسيس صناعات في التقنيات النظيفة يشمل سلاسل القيمة من إنتاج البوليسيليكون إلى الألواح والمحللات الكهربائية والبطاريات، مما يجعلها مركز إقليميا للتقنية والتصنيع وليس مجرد منتج للطاقة.

وحول أثر السياسات والتشريعات على جذب الاستثمارات

في القطاع بين الدكتور عبدالله العبري أن السياسات والتشريعات تعد عاملا محوريا في تحفيز استثمارات القطاع ، إذ يسهم وضوح الأطر التنظيمية وقابليتها للتمويل في تقليل المخاطر أكثر من أي دعم مالي مباشر، مشيرا إلى أن الأولويات تتمثل في تسهيل تخصيص الأراضي وتسريع إجراءات الموافقات، وضمان وصول عادل وشفاف إلى الأسواق، وتوفير يقين تعاقدي طويل الأجل.

وفيما يتعلق بالتحديات المرتبطة بتكلفة التحول للطاقة المتجددة والحلول المقترحة قال يتمثل التحدي الأبرز في ارتفاع النفقات الرأسمالية المطلوبة لتشييد محطات التوليد وشبكات النقل والتخزين، بالإضافة إلى تكلفة التمويل خلال المراحل الأولى للمشروعات، وعلى الرغم من أن تكاليف التشغيل تكون أقل على المدى الطويل، إلا أنه من المهم إدراج القيمة البديلة للغاز في الحسابات الوطنية، إذ يتيح كل ميغاواط-ساعة من الطاقة المتجددة تحرير كميات من الغاز لاستخدامات ذات قيمة أعلى كالصناعات البتروكيماوية أو التصدير، ومن الحلول العملية طرح مزادات متدرجة لخفض التكاليف بمرور الوقت، وتوقيع عقود شراء طويلة الأجل مع القطاعات الصناعية لتثبيت الإيرادات وتقليل مخاطر التمويل ، مشيرا إلى أنه يمكن تسريع وتيرة التحول من خلال تطوير مشروعات متجددة مرتبطة مباشرة بالمجمعات الصناعية إلى جانب كهربة الشبكة الوطنية، بما يعزز القدرة التنافسية للصناعات ويسرع وتيرة خفض الانبعاثات ويجذب استثمارات جديدة، كما يمكن خفض التكاليف تدريجيا عبر توطين تصنيع بعض المكونات الأساسية.وقال نائب رئيس الاستدامة بميناء صحار والمنطقة الحرة إن تنويع مصادر الطاقة بين المشروعات الشمسية والريحية في مناطق مختلفة يقلل من تقلبات الإنتاج، كما أن توفير حلول تخزين متعددة المدد من بطاريات قصيرة الأجل إلى حلول أطول مثل التخزين المائي وإنتاج الهيدروجين المرن والتخزين الحراري للصناعة يعزز مرونة النظام الكهربائي. ويعد إنشاء سوق لخدمات المرونة مع تسعير واضح للسعة والاحتياطي وضبط التردد عاملا أساسي لتحفيز الاستثمارات، إلى جانب تمكين استجابة الطلب الصناعي في قطاعات مثل التحلية وإنتاج الهيدروجين والأحمال الحرارية وتعزيز الشبكة الكهربائية في المحاور الرئيسة مثل عبري صحار وبركاء، وتوسيع الربط الإقليمي، ودعم ذلك بأنظمة تنبؤ متقدمة ووحدات غازية مرنة وجدولة ذكية للأحمال الصناعية.