1830285
1830285
الاقتصادية

أزمة صناعة السيارات بسبب نقص الرقائق قد تمتد حتى 2023

28 نوفمبر 2021
مشاكل سلاسل التوريد تؤثر على كافة القطاعات
28 نوفمبر 2021

في ظل استمرار تفشي الجائحة، أدت المشاكل التي تواجهها سلاسل التوريد العالمية إلى تأثيرات سلبية على الكثير من القطاعات والصناعات بما في ذلك أشباه الموصلات أي الرقائق والتي تعد واحدة من بين أصغر الروابط في سلاسل الإمدادات لكن تداعيات نقصها في الأسواق كانت هائلة إذ أدى إلى تقليص إنتاج المنتجات المتقدمة تقنيا مثل الهواتف الذكية والأجهزة المنزلية والسيارات.

وبعد أن كان يبدو أن صناعة السيارات ستتجه للتعافي بعد أن نجت من إغلاق المصانع في بداية الوباء في عام 2020 جاءت أزمة ندرة أشباه الموصلات، التي تتحكم في كل شيء في السيارات بدءًا من مستشعرات تجنب الاصطدام إلى أنظمة المعلومات والترفيه وفي كل المزايا التكنولوجية في السيارات، لتعرقل إنتاج السيارات مرة أخرى هذا العام مع إغلاق المصانع لأسابيع، وفي بعض الحالات لشهور في كل مرة بسبب نقص الرقائق.

ومع الصعوبات التي تواجه شركات صناعة السيارات العالمية شهد الإنتاج الجديد من السيارات انخفاضا كبيرا، وستكبد هذه الأزمة صناعة السيارات العالمية نحو 210 مليارات دولار من العائدات خلال العام الجاري فقط، وبعد أن كان من المتوقع أن تنتهي بحلول العام المقبل أصبح خبراء الصناعة أكثر ميلا إلى ترجيح عدم انتهاء أزمة الرقائق حتى عام 2023، وأصبح البعض يتساءل عما إذا كانت السيارات الجديدة ستصبح سلعة يصعب الحصول عليها في ظل ارتفاع كبير في الطلب مقارنة بالعرض مع ما قد يرتبط بذلك من ارتفاع في الأسعار؟ وهل يمكن أن تمتد الأزمة لوقت طويل بما يؤدي لأن يقول المستهلكون وداعا لمزايا الرفاهية في السيارات مثل الشاشات باللمس وشاشات الرؤية الخلفية والأنظمة التي تعمل بالكمبيوتر وغير ذلك من الخصائص التي تعتمد على أشباه الموصلات؟

أصبح نقص الرقائق من الأزمات التي تتصدر دائما عناوين الصحف خلال الأشهر الأخيرة، وما زالت الأزمة محل اهتمام المستهلكين والخبراء وشركات السيارات حيث قد يستمر النقص الحالي في رقائق الكمبيوتر لفترة أطول من المتوقع ، مما يطيل أمد النقص في السيارات والشاحنات الجديدة، وبالتالي ارتفاع الأسعار، وبعد أن كان خبراء السيارات يعتقدون أن نقص الرقائق سينتهي في يونيو 2021، قاموا بمد توقعاتهم للازمة حتى نهاية عام 2021 ، ثم التمديد مجددا إلى النصف الأول من عام 2022، والآن ترى التوقعات أن الأمر قد يستغرق العام المقبل وربما بداية 2023 أيضًا قبل أن تتعافى صناعة السيارات العالمية إلى مستويات ما قبل الجائحة.

وفي تقرير نشرته مجلة فوربس نقلت عن جيف شوستر، أحد المتخصصين في صناعة السيارات، أنه مع اقتراب نهاية عام 2021، لم يصل تأثير نقص أشباه الموصلات على صناعة السيارات إلى ذروته بعد، على عكس التوقعات الأولية بحدوث ذلك بنهاية الربع الثاني ويبدو أن الأمل في العودة إلى ظروف ما قبل الجائحة والتعافي الكامل في أوائل عام 2022 قد تبخر تقريبًا». ومن المتوقع الآن أن يكون إنتاج المركبات الخفيفة في جميع أنحاء العالم في عام 2021 «أفضل بشكل هامشي فقط» من عام 2020 ، عندما أدى إغلاق الشركات بسبب جائحة فيروس كورونا إلى قطع خطوط تجميع السيارات.

ويقصد بالمركبات «الخفيفة» سيارات الركاب والشاحنات الخفيفة - أي لا تشمل الشاحنات المتوسطة والثقيلة. ورصدت شركة ال ام سي اوتوموتيف أن إنتاج السيارات الخفيفة عالميا انخفض بمقدار 6 ملايين وحدة ليصل إلى 81 مليون وحدة عالميا حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري، وكانت التوقعات في بداية العام تشير إلى إنتاج نحو 87,5 مليون وحدة على مستوى العالم. كما قلصت شركة ال ام سي اوتوموتيف أيضًا توقعاتها لإنتاج السيارات الخفيفة عالميا في عام 2022 بنسبة 8٪ مما يعني ألا يزيد الإنتاج عن 85 مليون وحدة من السيارات الخفيفة. وبلغت مبيعات السيارات الأمريكية حوالي 1.1 مليون في أغسطس الماضي بنسبة 17.2٪ أقل من أغسطس 2020، وفقًا لشركة موتور انتليجنس.

كما انخفضت مبيعات السيارات الجديدة في الولايات المتحدة بشكل حاد في عام 2020 مع توقف الإنتاج في بداية الجائحة، حيث انخفضت من حوالي 17 مليون سيارة في العام السابق لتصل إلى إلى 14.6 مليون - وهو أدنى إجمالي منذ عام 2012 ، وفقًا لموقع تسويق السيارات ادموندز.

ويدرس الكونجرس الأمريكي تخصيص 52 مليار دولار لتعزيز تصنيع أشباه الموصلات في الولايات المتحدة، مسقط رأس صناعة السيارات التي هاجرت كثير من شركات صناعتها خلال السنوات الماضية بشكل أساسي إلى تايوان ودول أخرى.

وفي تقرير لصحيفة شيكاغو تريبيون الأمريكية أشارت إلى أن نقص أشباه الموصلات أدى إلى تعطيل صناعة السيارات طوال عام 2021، مما أدى إلى توقف الإنتاج وتقليل المخزون ورفع الأسعار، من جانب آخر، بالنسبة للتجار فإن ندرة السيارات الجديدة جعلت الأرباح جيدة للغاية هذا العام حيث يفوق الطلب العرض، وترتفع الأرباح، ونقلت عن جريج ماورو صاحب توكيل لكبرى الشركات العالمية في الضواحي الشمالية لمدينة شيكاغو: «الشيء الجميل هو أننا نبيع السيارات قبل أن تصل إلى الأرض، لقد كان لدينا أشخاص يتابعون حرفيا كل يوم وكل ساعة شاحنات النقل إلى مواقعنا ويقولون» أريد سيارة على الشاحنة .. إنه نوع من الجنون».

لقد أدى النقص في أشباه الموصلات إلى تغيير كلي في عملية شراء السيارات التقليدية. وأصبحت المساومة شيئًا من الماضي، حيث يقوم المشترون بطلب المركبات مسبقًا أو يأخذون ما يمكنهم الحصول عليه، ويسارع التجار للعثور على سيارات - جديدة أو مستعملة - للبيع ، ورغم العدد الأقل من الصفقات ولكنها مربحة بشكل متزايد للتجار، وفي الشهر الماضي، بيعت السيارات الجديدة بمتوسط 513 دولارًا فوق سعر الملصق، وخلال أكتوبر 2019 - قبل الوباء - بيعت السيارات الجديدة بخصم 2673 دولارًا أمريكيًا أقل من سعر التجزئة، ويرى مسوقو السيارات إنه نموذج عمل جديد: «قم ببيع أقل واكسب المزيد».

وفي ألمانيا، قال رئيس مجلس العمال في شركة «دايملر» الألمانية للسيارات، ميشائيل بريشت، بأن النقص العالمي في أشباه الموصلات يؤدي إلى تغييرات أساسية في صناعة السيارات. وأضاف:» سوف يشتري مصنعو السيارات في المستقبل المواد الخام والمكونات الرئيسية بأنفسهم مباشرة من الموردين ولن يعودوا يعتمدون فقط على الموردين الكبار كموردين للنظام. وقال بريشت الذي يتولى أيضا منصب نائب رئيس المجلس الإشرافي بدايملر «نحن ممثلو العمال نتساءل بالفعل؛ تبني صناعة السيارات عددا أقل بكثير من السيارات من قبل الجائحة. إلى أين تتجه الرقائق». وقال إنه خلال عملية الإنتاج أحيانا ما يتم الإعلان عما إذا كان مكون معين متوافرا أم أنه لا يصل في اللحظة الأخيرة، ما يتسبب في ارتباك وإحباط بين العمال. وأضاف أن ملفات الطلبيات كانت ممتلئة عن آخرها ولو كانت المكونات الكافية متوفرة كانت الشركة تعمل بشكل لا ينتهي وكان يمكن أن توظف أشخاصا جددا. غير أنه في أواخر أكتوبر، أعلنت دايملر أن الإنتاج توقف عدة مرات بين يوليو وسبتمبر، ويرجع ذلك في الأساس إلى نقص الرقائق. وبالإضافة لذلك، انتهى العمل تقريبا على الكثير من المركبات في قطاعي السيارات والشاحنات، ولكن لم يتسن إكماله بسبب نقص المكونات.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة دايملر، أولا كالينيوس، إن نقص الرقائق يتسبب في توقف الإنتاج وتأجيلات في الصناعة على مستوى العالم ومن المتوقع أن يستمر هذا الوضع للعام المقبل على الأقل.

وكان الرئيس التنفيذي لشركة فولكس فاجن هربرت ديس قد توقع انه من المحتمل أن تبقى الصناعة في حالة نقص للأشهر أو حتى السنوات القادمة لأن الطلب على أشباه الموصلات مرتفع». وأضاف: «إن إنترنت الأشياء ينمو وسيستغرق تكثيف السعة لتلبية الطلب وقتاً». كما سبق أن أعلنت شركة تويوتا اليابانية أنها خفضت إنتاجها العالمي من السيارات بنسبة 40 في المائة في سبتمبر الماضي، بسبب النقص الذي يشهده العالم في الرقائق الإلكترونية الدقيقة. وأشارت أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم إلى أنها كانت قد خططت لتصنيع ما يقرب من 900 ألف سيارة الشهر المقبل، لكنها خفضت ذلك إلى 540 ألف سيارة. وأدت جائحة كورونا إلى زيادة الطلب على الأجهزة التي تستخدم الرقائق، مثل الهواتف وأجهزة التلفزيون ووحدات التحكم في الألعاب، وهو ما يعد سببا رئيسيا في أزمة الرقائق.