إشراقات

هلال الريامي: فهم طبيعة الذاكرة البشرية أسهم في ابتكار منهج القلاع السبع لحفظ القرآن الكريم

30 نوفمبر 2023
انتشر في 15 دولة.. وترجم إلى الإنجليزية والهندية والتايلندية
30 نوفمبر 2023

تتنوع الأساليب والطرق التي تعين على حفظ كتاب الله، وفي هذا العصر مع تطور العلوم المتعلقة بالذاكرة والحفظ استطاع الباحثون إيجاد مناهج يتم تسخيرها لخدمة المقبلين على حفظ القرآن الكريم وفق أسس منهجية مدروسة ومخطط لها، ومن هذه المناهج منهج القلاع السبع لحفظ القرآن الكريم لمؤلفه هلال بن حمود بن سالم الريامي الذي يعمل مديرا مختصا بالمديرية العامة للتخطيط والدراسات بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وقد تم اعتماد هذا المنهج في العديد من مراكز ومدارس تحفيظ القرآن في سلطنة عمان وخارجها، وقد قام مؤلفه بعمل دورات تعريفية بالمنهج في عدة دول منها الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وماليزيا، والكويت، والسودان، وتايلند، والسنغال، والهند، وترجم إلى اللغة الإنجليزية والهندية والتايلندية، ومن أجل معرفة العوامل التي ساهمت في ابتكار هذا المنهج، والمبادئ والأهداف التي قام عليها، وكيف أن هذا المنهج أضاف مفاهيم وأفكارا جديدة في طرق الحفظ، والثمار الملموسة التي حققها،وقد كان لنا مع مؤلفه هذا الحوار..

ما الجهود والأنشطة المتعلقة بمجال تدريس القرآن الكريم وتحفيظه التي تقوم بها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية؟

تقوم وزارة الأوقاف بعدة أمور من بينها: إنشاء مدارس القرآن الكريم في مختلف محافظات سلطنة عمان، بهدف توفير تعليم القرآن الكريم وتحفيظه لمختلف الفئات العمرية. حيث بلغ عدد مدارس القرآن الكريم في عُمان نحو 1700 مدرسة، وتضم أكثر من 200 ألف طالب وطالبة.

وكذلك تطوير مناهج التدريس: بحيث تقوم الوزارة بتطوير مناهج التدريس لمدارس القرآن الكريم، بهدف مواكبة المستجدات العلمية في مجال تعليم القرآن الكريم، وضمان تحقيق الأهداف المرجوة من العملية التعليمية.

بالإضافة إلى تدريب المعلمين في مدارس القرآن الكريم، بهدف رفع كفاءتهم المهنية، وتزويدهم بالمهارات اللازمة لأداء مهامهم على أكمل وجه.

كما تقوم بتنظيم المسابقات القرآنية والمشاركات الدولية، بهدف تشجيع الطلبة على حفظ القرآن الكريم، وتعزيز روح التنافس الشريف بينهم.

وتنشر الوزارة ثقافة القرآن الكريم من خلال مجموعة من الوسائل، مثل إصدار المطبوعات والكتيبات، وإقامة الندوات والمحاضرات، وتنظيم الفعاليات والمسابقات.

وتهدف هذه الجهود والأنشطة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف منها: نشر ثقافة القرآن الكريم بين أفراد المجتمع. وتعزيز مكانة القرآن الكريم في حياة الفرد والمجتمع. وإعداد جيل من المسلمين المتقنين لكتاب الله حفظًا وفهمًا.

وقد حققت هذه الجهود والأنشطة نجاحًا كبيرًا في تحقيق الأهداف المرجوة منها، حيث شهدت السلطنة خلال السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في عدد حفظة القرآن الكريم، وارتفاع مستوى الإقبال على مدارس القرآن الكريم، والفوز في كثير من المسابقات القرآنية الدولية، وحصول سلطنة عمان على جائزة أفضل موقع لخدمة القرآن الكريم على المستوى الدولي بجائزة الكويت الدولية في 2018 م.

هل أسهمت المواد العلمية التي درستها كالفيزياء في ابتكار طرق حديثة معينة على حفظ القرآن الكريم؟ وكيف ذلك؟

نعم ولله الحمد، أسهمت المواد العلمية التي درستها كالفيزياء في ابتكار طرق حديثة معينة على حفظ القرآن الكريم، فقد أتاحت لي دراسة الفيزياء الفهم العميق للطبيعة البشرية، وذلك من خلال دراسة خصائص العقل البشري، وكيفية عمل الذاكرة، وعوامل التعلم والحفظ. وقد ساعدني ذلك في تطوير طرق جديدة لتحفيظ القرآن الكريم وتعليمه التي تستند إلى أسس علمية سليمة، كمنهج القلاع السبع لحفظ القرآن الكريم ومنهج القلاع الخمس لحفظ القرآن الكريم، واحتراف تلاوة القرآن الكريم.

كما استفدت من دراسة الفيزياء في تطبيق التفكير النقدي، من خلال دراسة المبادئ العلمية وتطبيقها على حل المشكلات. وقد ساعدني ذلك في تحليل طبيعة حفظ القرآن الكريم، ووضع طرق دقيقة تستند إلى هذه الطبيعة.

كما أعانتني الفيزياء في القدرة على الابتكار، من خلال دراسة المفاهيم العلمية الجديدة، وتطوير طرق جديدة لحل المشكلات. وقد ساعدني ذلك في ابتكار طرق إدارة مدارس القرآن الكريم التي تتميز بالحداثة والابتكار، كالمدارس القرآنية الوقفية بالولايات.

ما العوامل التي أسهمت في ابتكار منهج القلاع السبع لحفظ القرآن الكريم؟

لقد وفقني الله سبحانه وتعالى إلى ابتكار منهج القلاع السبع لحفظ القرآن الكريم من خلال مجموعة من العوامل، منها المعارف العلمية التي اكتسبتها خلال دراستي الجامعية في المجال العلمي والأدبي والنفسي وجوانب التصميم والمونتاج كجوانب عملية، ساعدتني على فهم طبيعة الذاكرة البشرية، وعوامل التعلم والحفظ. بالإضافة إلى الخبرات العملية التي اكتسبتها من خلال عملي كمحفظ للقرآن الكريم لأكثر من 20 عاما، وقد مكنتني من فهم التحديات التي يواجهها المحفظون في عملية الحفظ وتلاوة القرآن الكريم. كما كانت لدي الرغبة في إيجاد طريقة سهلة وفعالة لحفظ القرآن الكريم، تتناسب مع مختلف الفئات العمرية. وقد بدأت في تطوير فكرة المنهج عام 2010م، وأجريت العديد من التجارب والاختبارات على المنهج، حتى استقر على شكله الحالي في عام 2015 م.

ما أهم المبادئ الأساسية التي تضمنها منهج القلاع السبع لحفظ القرآن الكريم؟

يعتمد منهج القلاع السبع لحفظ القرآن الكريم على مجموعة من المبادئ الأساسية، منها: مبدأ احترام الوقت والالتزام به، فالمنهج يعلم الطالب تقدير قيمة الوقت، والعمل على الاستفادة منه بشكل فعال، والحفاظ عليه من التلف أو الهدر. حيث يطلب منه تخصيص أوقات محددة للحفظ والمراجعة والتثبيت والمراجعة الكلية، والالتزام بهذا الوقت.

وصمم المنهج ليعلم الطالب مبدأ تقسيم الأهداف الكبيرة والصعبة إلى أهداف أصغر وأكثر قابلية للتحقيق. حيث يطلب من الطالب تقسيم حفظ القرآن الكريم إلى أقسام أصغر، كل قسم يحتوي على عدد من صفحات القرآن الكريم.

والمنهج صمم ليراعي الفروق الفردية ويعترف بأن كل فرد يختلف عن الآخر في القدرات والمهارات والاحتياجات، والعمل على مراعاة هذه الفروق في التعامل مع الأفراد. حيث يختار الطالب مقدار الحفظ الذي يرغب في الانتهاء منه في 3 أشهر.

كما أن من يطبق المنهج يجعله صاحب قدرة على اتخاذ القرارات بشكل صحيح، وتحمل المسؤولية عن نتائج هذه القرارات.

ومن يطبق المنهج يجعله قادرا على وضع خطة شاملة ومنظمة لحل المشكلات في المستقبل، تتضمن تحديد المشكلة، وجمع المعلومات عنها، ووضع الحلول الممكنة، واختيار الحل المناسب، وتنفيذه، وتقويم النتائج. حيث يسمح للطالب بوضع خطة متكاملة للقسم المراد حفظه. ويعلم المنهج الطالب بإضافة شيء بسيط من الحفظ إلى شيء آخر موجود، لتقوية الحفظ وتحسينه. ويأخذ المنهج بمبدأ التعزيز والعقاب فيجعل من يطبقه قادرا على تعديل سلوكه، بحيث يؤدي التعزيز إلى زيادة تكرار السلوك المرغوب فيه، ويؤدي العقاب إلى تقليل تكرار السلوك غير المرغوب فيه.

وصمم المنهج بطريقة تجعل من يستخدمه يتفاعل معه بصريا، حيث استخدمت بعض الألوان تجعل الطالب يتفاعل معها مثل اللون الأخضر الفاتح يدل على أن الحفظ ضعيف ومبدئي، أما اللون الأخضر الغامق يدل على قوة الحفظ، وغيرها من الأدوات التفاعلية.

هذه المبادئ تدل على أن منهج القلاع السبع ليس عملية تنظيمية للحفظ والمراجعة فقط بل إنه يضيف مفاهيم وأفكارا أخرى تختلف عن الطرق التقليدية؟

نعم، المنهج صمم وفق مبادئ تجعل من يطبقه يفكر بطريقة علمية حيث تسهم هذه المبادئ في تطوير مهارات الطلبة، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، وجعلهم أكثر قدرة على تحقيق الأهداف، بما في ذلك حفظ القرآن الكريم بصورة متقنة.

وحفظ القرآن الكريم بصورة متقنة هو خطوة مهمة في بناء شخصية الطالب، وجعله أكثر قدرة على البناء وتحقيق الأهداف. وذلك لأن القرآن الكريم يحتوي على العديد من التوجيهات والقيم التي تساعد الطلبة على عيش حياة صالحة، وتحقيق أهدافه في الحياة.

ما الثمار والنتائج التي حققها منهج القلاع السبع لحفظ القرآن الكريم؟

حقق منهج القلاع السبع لحفظ القرآن الكريم- ولله الحمد- العديد من الثمار والنتائج، منها: زيادة نسبة حفظ القرآن الكريم بسلطنة عمان، وتحسين جودة الحفظ، وتطوير مهارات معلمي القرآن الكريم ومعلماته، وتعزيز الثقة بالنفس لدى الطلبة، وبناء شخصية الطلبة والمعلمين، وانتشار المنهج في أكثر من 15 دولة، وترجم المنهج إلى عدة لغات كالهندية والتايلندية، ونشرت بعض الأوراق العلمية المحكمة التي تتحدث عن المنهج، وطبق المنهج في برنامج تعليم القرآن الكريم والذي تشرف عليه وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وهذه الثمار والنتائج تؤكد أن منهج القلاع السبع لحفظ القرآن الكريم منهج فعال في تحفيظ القرآن الكريم.

حدثنا عن موقع تعليم القرآن الكريم بسلطنة عمان الذي يسير وفق منهجية القلاع السبع؟

موقع تعليم القرآن الكريم بسلطنة عمان هو موقع إلكتروني تم إنشاؤه عام 2015 م، يقدم خدمات تعليم القرآن الكريم عن بعد، وفق منهجية القلاع السبع.

ويقدم الموقع خدماته لمختلف الفئات العمرية، من الأطفال والمراهقين والكبار. ويهدف الموقع إلى مساعدة المستفيدين على حفظ القرآن الكريم بصورة متقنة عن طريق التحفيز.

ويعتمد الموقع على مجموعة من الوسائل والأساليب الحديثة في تعليم القرآن الكريم، مثل: الدروس المرئية والمسموعة للقرآن الكريم، لمساعدة المستفيدين على حفظه، ويقدم الموقع اختبارات دورية للمستفيدين، لتقييم مستواهم في الحفظ، كما يمكن للمستفيدين التواصل مع المحفظين عبر الموقع، لتلقي المساعدة والدعم.

وحقق الموقع نجاحًا كبيرًا في سلطنة عمان، حيث اشترك في البرنامج أكثر من 60 ألف مشترك. وفيما يلي بعض مميزات الموقع منها: الاعتماد على منهجية القلاع السبع، وهي منهجية فعالة في حفظ القرآن الكريم، وتقديم خدماته لمختلف الفئات العمرية، واعتماده على مجموعة من الوسائل والأساليب الحديثة في تعليم القرآن الكريم كالتحفيز والحصول على النقاط والشراء من المتجر. وتحقيقه نجاحًا كبيرًا في سلطنة عمان وخارج سلطنة عمان حيث حصل الموقع على أفضل موقع لخدمة القرآن الكريم على المستوى الدولي في جائزة الكويت الدولية في أبريل 2018 م.

ويواجه الموقع بعض التحديات من بينها ضرورة تطوير المحتوى التعليمي باستمرار، بما يتناسب مع المستجدات في مجال تعليم القرآن الكريم، وضرورة توفير الدعم الفني للمستفيدين، خاصة في المناطق البعيدة التي لا توجد بها تغطية لشبكات الاتصال، وكذلك الحاجة إلى توفير الدعم المادي للموقع، بالإضافة إلى ضرورة التنسيق مع المؤسسات التعليمية والتربوية في سلطنة عمان، لنشر ثقافة حفظ القرآن الكريم.

وعلى الرغم من هذه التحديات، إلا أن موقع تعليم القرآن الكريم بسلطنة عمان يعد من ضمن أهم المنصات الإلكترونية التي تقدم خدمات تعليم القرآن الكريم عن بعد.

هل هناك أفكار ومشاريع تطمح إلى تحقيقها متعلقة بالقرآن الكريم؟

نعم، هناك العديد من الأفكار والمشاريع التي أطمح إلى تحقيقها منها تطوير منهج القلاع السبع لحفظ القرآن الكريم، بما يتناسب مع المستجدات في مجال تعليم القرآن الكريم، واستخدام الوسائل والأساليب الحديثة في التعليم. ومن بين الأفكار التي أفكر فيها لتطوير المنهج: إضافة أجزاء جديدة إلى المنهج، مثل أجزاء من علوم القرآن والتفسير، واستخدام الوسائل والأساليب الحديثة في التعليم، مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز، وتقديم المنهج بطرق متعددة، مثل التعلم الذاتي والتعلم الجماعي.

وكذلك أطمح إلى إنشاء منصة إلكترونية شاملة للتعليم القرآني، تقدم خدمات تعليم القرآن الكريم عن بعد، لجميع الفئات العمرية، ومختلف المستويات، بحيث تهدف هذه المنصة إلى: إتاحة الفرصة للجميع لتعلم القرآن الكريم، بغض النظر عن مكانهم، وتقديم التعليم القرآني بطرق حديثة وتفاعلية، وتوفير الدعم والمساندة للمتعلمين.

بالإضافة إلى نشر ثقافة حفظ القرآن الكريم في مختلف المجتمعات، وتقديم الدعم والمساندة للمحفظين. وتهدف هذه الجهود إلى رفع نسبة حفظ القرآن الكريم في المجتمعات الإسلامية، وبناء جيل متمسك بالقرآن الكريم، ويعمل بتوجيهاته، والمساهمة في نشر السلام والخير في العالم.

وأسعى إلى التعاون مع المؤسسات التعليمية والتربوية في مختلف الدول، لنشر ثقافة تعليم القرآن الكريم. وهذه الشراكة تهدف إلى دمج تعليم القرآن الكريم في المناهج الدراسية، وتدريب المعلمين على تعليم القرآن الكريم، وتوفير الدعم اللوجستي للتعليم القرآني، وآمل أن أتمكن من تحقيق هذه الأفكار والمشاريع، وأن أسهم في نشر ثقافة القرآن الكريم في العالم.